الأخبار
(حماس): قدمنا رداً إيجابياً وجاهزون للدخول فوراً في مفاوضات حول آلية التنفيذلماذا على حماس أن توافق لا أن تناور؟(أونروا): الناس يسقطون مغشياً عليهم في غزة من شدة الجوعفلسفة المصلحةقناة إسرائيلية: جدال كبير بين نتنياهو وقيادة الجيش حول استمرار العمليات العسكرية في غزةغزة: 138 شهيداً و452 جريحاً غالبيتهم من طالبي المساعدات في آخر 24 ساعة(رويترز): مصرفان عالميان يرفضان فتح حسابات لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهمقتل جنديين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة في معارك قطاع غزة20 شهيداً في غارات للاحتلال على مواصي خانيونس وحي الصبرة بمدينة غزةغوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسط
2025/7/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

امرأة لم تولد بعد بقلم:سهر العامري

تاريخ النشر : 2017-02-11
امرأة لم تولد بعد  بقلم:سهر العامري
امرأة لم تولد بعد

كان ملك بابل ، نبوخذنصر الثاني ، يظن أن مدينته سيشهد ولادة امرأة لا تضاهيها امرأة أخرى في هذا الكون غنجا ودلا وجمالا ، ولهذا أراد هو أن يعرف تاريخ ولادة تلك الفتاة ، وفي أية سنة من السنوات سيقع تاريخ تلك الولادة . ولأجل ذلك قرر أن يجمع المنجمين في مدينته كي يعلم منهم إطلالة تلك الساعة التي صارت تلازمه في يقظته وفي منامه ، فقد كان يرى هو تلك المرأة الباهرة الجمال في كل يوم وليلة ، تارة تقف أمامه ، وأخرى ترسل له ابتسامة عذبة تسلب اللب منه ، ولكنه حين يقترب منها تفر مسرعة من بين يديه ، ويظل هو يلاحقها ببصره ، بينما تقف هي تحت ظل شجرة من جنائنه المعلقة التي ابتناها لزوجته أميديا الميدية ، وأحيانا يشاهدها كاشفة عن ساقيها الممتلئين تحت شلال ماء صهريج متدفق من أعلى مكان في تلك الحدائق ، ولطالما أشرقت هي مثل نجمة مشعة حين يهبط الليل ويضم بأجنحته مدينة بابل العصية .

لقد صار هو يبحر في قلق دائم ، يتسرب شيء من الخوف لنفسه ، هذا رغم أنه قاد الجيوش الجرارة ، وخاض معارك ضارية ، واستولى على بلدان بعيدة ، فهو الذي قاتل في حران والجزيرة ، مثلما قاتل في فلسطين ومصر ، ووقف على شواطئ قورينا ، واغتسل بمياه البحر المتوسط ، واستنشق نسيم البحار ، واستاف عطر زهور الجبال .

هو نبوخذنصر ، ملك بابل العظيم ، الحاكم العزيز المفضل لدى الإله مردوخ محبوب الإله نابو صاحب الفطنة والذكاء ، هو الأبن البكر لنبوبلاصر الذي جعل مردوخ رأسه شامخا وأعطاه حكم الناس القاطنين في الأقاليم القصية ، ولذلك فهو يتردد من أجل الإله مردوخ على معابد نابو ، أبن مردوخ ، وريثه الشرعي ، ويتحدث بما يسرهما ، كما انه شيد معبدا لمردوخ في بابل ، وقد جلب له مواد البناء من خشب الأرز والصنوبر اللبناني وصفائح النحاس الفينيقي ، حتى صار معبداً علويا نظيفا ، ومخدعاً للآلهة ، ثم بعد أن أكمل بناء المعبد كان هو اول من صلى به قائلا : سيدي مردوخ ! يا عظيم الآلهة ، يا جبار ! تنفيذا لأمركم الإلهي بنيت مدينة الآلهة ، وشيدت الجدران ، جددت المخدع ، وأكملت المعبد ، وبناءا على أمرك السامي الذي لا يخالف وصلت أنا الأوتاد الخشبية بيدي ، كل ذلك من أجل أن يبقى قائما خالدا على مر العصور.

حين خطا نحو باب المعبد عائدا الى قصره ظهرت له تلك المرأة ، ولهذا تراجع هو الى الوراء قليلا ، ثم وضع يده على صدره صاحبت ذلك انحناءة واضحة شاهدها مرافقوه المدججون بالحراب والسيوف ، وهذا ما أثار استغرابهم ، فكيف لملك عظيم مثله ينحي بتواضع لا يعرفون سببا له ؟ وهذا ما اضطر أكبر مستشاريه أن يطرح عليه سؤالا عن ذلك حال دخوله الى القصر الجنوبي الذي أعاد هو بناءه من جديد ، وجعله من أكبر وفخم قصور الدنيا قاطبة ، يضاهي بفخامته بوابة عشتار التي أشادها بهندسة بناء رائعة ، لم تعرف الدنيا لها مثيلا ، ثم وبطريقة اللصوص المحترفين من العثمانيين والألمان انتقلت هذه البوابة الرائعة الى برلين العاصمة الألمانية ، وبأمر من القصير الألماني الذي كان يحب الجاه والعظمة التي سرقها من نبوخذنصر الثاني ملك بابل العظيم .

طرح المستشار الكبير سؤاله على الملك ، وقد خامرته سورة من الخوف ، وكان هو يخشى أن نبوخذنصر سينهره ، ولن يجيبه عن سؤال يتعلق بشأن شخصي يتعلق به وحده ، ولا يهم أحدا غيره ، لكنه وجد شيئا من الارتياح قد غزا وجه الملك ، طاف فيه انشراح واضح مبين ، وهذا ما جعل المستشار الكبير في موقف محرج ، ولكن الملك بادره قائلا :

- ربما أنت لا تعلم ايها المستشار أنني أعيش في محنة كبيرة منذ سنوات ، وذلك حدث لي بعد أن تزوجت أنا من الفتاة الميدية بنت أحد قادة الجيش الإيراني .

- أمل أن تقول لي أيها الملك العظيم شيئا مما حل بك ، فلربما أشرت أنا عليك ببعض الأفكار التي قد تساهم في تقديم حلا للمحنة التي تعيش فيها أنت ، مثلما تقول .

- رد الملك العظيم دون تردد إني ومنذ سنوات أطارد صورة امرأة قاسمت جميع نساء الدنيا بجمالها ، فهي حلوة المبسم ، لها شفتان رفيعتان رقيقتان يزدان بهما وجهها الباسم ، مثلما يزدان بعينيها الساحرتين حين تتدلى عليها خصلات من شعرها الحريري . وليكن في علمك أيها المستشار أنني سأظل ألاحقها في أي مكان كانت هي ، ولن أهدأ الى أن أظفر بها في يوم من الأيام .

لاذ المستشار الكبير بالصمت ، وراح يقلب بيديه ، ثم يلتفت يمينا وشمال ، يبحث عن كلمات يرد بها على الملك العظيم ، أو عن سؤال يزيل جوابه الغموض الذي يلف أمر هذه المرأة التي استولت على مشاعر الملك ، وهو الذي استولى على الممالك الكثيرة ، وحطم أسوارها . ولكن نطق أخيرا سائلا :

- من تكون هذه المرأة ؟ ومن أي مدينة هي ؟

- أنا لا أعرفها ، لكنها بابلية ، تظهر لي دائما مبتسمة ، وأحيانا من دون أية ابتسامة ،  أراها  واقفة في شارع الموكب صباحا ، وبالقرب من بوابة عشتار مساءا ، وفي أوقات بالقرب من الزقورة ، وهذا يعني أنها من بابل ، وقد تكون هي قد انتقلت من مكان آخر ، فأنا لا أعرف شيئا عنها سوى جمالها الساحر الذي استولت به على مشاعري ، حتى أنني توجهت مرات عدة الى المعبد ، ودعوت الإله مردوخ أن يحقق منيتي بلقائها ، وفي أي مكان من هذا العالم الفسيح . فأنني أريد أن أحدق في عينيها الخضراوين ، مثلما أريد أن أنظر الى شفتيها ، وهي تلفظ الكلمات برقة متناهية .

كان ذكر الإله مردوخ من قبل الملك العظيم قد جعل من اليسر على المستشار الكبير أن يقدم اقتراحا مقبولا يمكن للملك أن يأخذ به ، فهو يعرف أن المعبد الكبير الذي ابتناه الملك للإله مردوخ يتعبد فيه الكثير من الكاهنات والكهان ، مثلما يتعبد به المنجمون والمنجمات ، فهؤلاء يتخذون من معابد المملكة أماكن تجارية يبيعون فيها تجارتهم على المتعبدين من سكان مدينة بابل خاصة في مواسم حصاد الغلة ، وجني ثمر النخيل ، فالكثير من العاملين في الزراعة يتوجهون صوب المعابد يطلبون النصح والإرشاد من المشعوذين الذين يوهمونهم بأنهم على معرفة بكل ما يريده سكان بابل من أجوبة على أسئلة تتعلق بصحة أجسادهم ، أو تتعلق بما تخبئ لهم الأيام .

- يطيب لي أن أقترح على ملك بابل العظيم الذي قاد الجيوش ، وأذل الملوك أن يسأل عن تلك المرأة كبيرة كاهنات المعبد ، وليس كبير الكهنة ، فالنساء يعرفن بعضهن البعض أكثر من الرجال الذين قد يجهلون ما يدور في عقول النساء في الكثير من الأحيان ، ولهذا هم يرتكبون الكثير من الأخطاء في تعاملهم معهن .

في صباح اليوم الثاني احتشد المنجمون والكهنة والكاهنات في المعبد الكبير ، فقد علموا أن الملك العظيم قد طلب منهم الحضور الى المعبد الذي سيزوره لأمر خطير وهام ، لا يعلم به أحد سواه ، وربما علم به بعض من المقربين له ، ولهذا ظل الجميع يضرب الأخماس بالأسداس ، يسأل كل واحد منهم الآخر عن الهدف الحقيقي من وراء زيارة الملك المزمعة ، وعن دعوتهم للحضور فيه .

البعض منهم اعتقد أن الملك يعد العدة للقيام بحملة عسكرية يؤدب فيها ملكا من ملوك الممالك المجاورة لمملكة بابل ، والذي تمرد عليه في الآونة الأخيرة ، وامتنع عن دفع الجزية له ، مثلما جرت عليه العادة ، بينما اعتقد آخرون أن الملك العظيم يريد أن يشق قناة عظيمة من نهر الفرات حيث الأراضي التي تقع على الضفة الغربية منه ، كما ظن آخرون أنه يريد أن يشيد قصرا جديدا ، أو ربما جنائن معلقة أخرى ، لكن البعض منهم قطع هذه الظنون عليهم ، وطلب منهم الانتظار ، فما هي إلا ساعات وينجلي الأمر بحضور الملك بنفسه الى المعبد ، وسيصرح هو بما يريده منهم .

مرت ساعة على ذلك حتى ظهرت من بعيد طلائع موكب الملك العظيم ، حيث كان يعتلى صهوة حصان قوي الشكيمة ، تحف بها الفرسان يمينا ويسارا ، بينما احتشد بعض من سكان مدينة بابل على طوال جانبي شارع الموكب مرحبين بقدوم الملك ، فلطالما وقفوا به هم حين تشهد المدينة احتفالات في أعيادها الدينية ، أو حين تنزل بها أخبار انتصارات جيوشها المظفرة بقيادة الملك العظيم، نبوخذنصر الثاني .

صمت الجميع حال أن وطأت أقدام الملك عتبة باب المعبد ، وصارت عيون الجميع معلقة به ، مثلما كانت النفوس تتلهف لسماع ما يريد قوله ، حتى أن البعض ظن أن الملك لا يلقي بتصريح إلا بعض مشاورات يجريها مع بعض من مرافقيه ، ولكن هذا لم يحدث فسرعان ما طلب هو من الجميع أن يصغوا له جيدا .

- على جميع المشعوذين والمنجمين الخروج من المعبد حالا ، ومن يتخلف منهم سيكون مصيره الموت بسيوف الجند القاطعة .

فر جميع المشعوذين والمنجمين ، ولم يبق أحد منهم ، وصار الواحد منهم يسقط فوق الآخر من شدة تزاحمهم على أبواب المعبد ، وفي هذه الأثناء شاهد الملك العظيم كبيرة الكاهنات وهي تسر بخبر لكبير الكهنة ، وهذا ما دفع بالملك العظيم أن يطلب منه الوقوف قائلا له بصوت حاد :

- قلْ ، أيها الكاهن الكبير ، ماذا قالت لك كبيرة الكاهنات ؟ وعن أي أمر حدثتك ؟

- رد وهو يرتجف قالت لي الكاهنة ، أنها تعرف ما يريده الملك العظيم منا .

على الفور وبصوت مخيف طلب الملك من كبيرة الكاهنات أن تقول ما تعرف هي عن غاية حضوره الى المعبد ، وبشيء من الخوف والرهبة وقفت هي ، ولكنها قالت دونما ترد :

- لن تستطيع الظفر بأنوار البابلية يا ملك بابل العظيم ، وهذه أمنية ستموت دون أن تحققها أنت أبدا ، فالوصول الى أنوار البابلية مستحيل ثم مستحيل !

ثارت ثورة الملك ، وأراد قطع لسان هذه الكاهنة ، فهو قد اعتقد أنها استهانت بقدرته على الظفر بأنوار البابلية الجميلة التي ملأت عليه عقله وكيانه بعينها الساحرتين ، وقوامها الرائع ، ولكنه قرر في نهاية الأمر أن يستعرض قوته أمام الجميع .

- تعلمين أنت أيتها الكاهنة الغبية أنني من قاتل الميديين الفرس الإيرانيين ، وسقتهم أسرى كالأغنام الى بابل العظيمة ، والآن يسيرون أذلاء في شارع الموكب أمام عينيك ، وأمام عين الجميع ، وهم الآن عبيد عند أهل بابل ، وهذا العبد الذي يقف في خدمتك هو واحد منهم ، ثم أنك تعلمين أنا نبوخذنصر ، أنا ملك بابل العظيم ، أنا الملقب بمقيم المدن ، فكم من مدينة فتحتها ، وكم من ملك خضع صاغرا لي ، أنا الذي هزمت الفراعنة بمعركة كركميش حين قادهم ملكهم نخاو الثاني فيها ، ووقت أن استنجد به الآشوريون ، أنا الذي بسطت سيطرتي على سوريا وفينقيا ، أنا الذي هد أسوار مملكة عسقلان وسبيت بعضا من سكانها ، وذلك حين عصت أمري ، أنا الذي اقتحم مدينة اورشليم ملكها مسبيا مع الكثير من مواطنيها ، ثم قمت بتنصب ابنه " صدقيا " ملكا عليها بدلا عنه ، ولكنه حين عصاني ، ورفض دفع الجزية لمملكة بابل سبيته هو وحشدا من سكانها ، وهم الآن مثلما تلاحظين صاروا عبيدا في بابل ، لا يختلفون عن الايرانيين العبيد الذين سبيتهم من قبل.

عليك أن تسألي نفسك من بنى الزقورة ، ومن أشاد الجنائن المعلق ، ورفع الماء الى سطوحها لتنعم سيدات البلاط بظلال الشجر ، وبرود النسيم حين يحل الصيف على بابل العظيمة ، أنا الذي رصع باب عشتار بالبلاط الأزرق ، ذلك الباب الذي سيزين مدينة برلين بعد أن يسطو عليه لصوص الغرب ، وينقلونه من بلاد الرافدين الى بلاد الألمان ، مثلما يقول دنيال مفسر الاحلام اليوم .

بعد كل هذا وغيره كيف تريدينني لا أصل الى أنوار البابلية ؟ هل عميت بصيرتك ، وخف عقلك ، أيتها الكاهنة الغبية ! عليك أن تثقي أن أنوار ستكون هنا في بابل ، وستعيش في بابل ، ولن يستطيع أحد أن يحرمها من رؤية عظمة مدينة بابل ، ومن رؤيتي كذلك ، فأنا وهي ، على أكثر الظن ، ولدنا في هذه المدينة ، وتعانقت روحي وروحها في سماء العشق الأبدي.

- أيها الملك العظيم ! يا مقيم المدن ! لم أقصد الحط من قيمة انجازاتك العظيمة ، ولم أرد أن أصفك بالعجز ، ولكن مقصدي هو أن أنوار البابلية لم تولد بعد ، وتفصلك عنها مسافة زمنية مقدارها أكثر من ألفين وستمئة سنة ، ولو كانت هذه مسافة أرضية لما توانيت أنت عن قطعها ، ومن ثمة الظفر بأنوار الجميلة التي ستنير بجمالها مدينة بابل ، مدينتك هذه العظيمة ، ولكنها ستكون في بابل حين تعود هي أطلالا ، لا يقطنها بشر ، ولا يحيط بها سور تجري عليها العربات ، مثلما يفعل سكانها اليوم ، ستكون بابل مدينة لا يهابها أحد ، ولا يخشى سطوتها حاكم ، أو ملك ، سيعبث جنود أمريكان بأسوارها ، وسيدوسون على بلاطك العظيم بأقدامهم القذرة ، وهو البلاط الذي لم يدس عليه فاتح في زمنك وزمن أجدادك ، هؤلاء وحوش المال سيصلون لها من بلاد قصية ، ويعبرون في طريقهم إليها بحارا ومحيطات ، وقت أن يخذلك أهلها ويخذلونها ، وحين يرقص البعض منهم فرحا ساعة احتلالها ، وأعلم أيها الملك العظيم أن هناك رجل كبير من بينهم يأمر بعدم مقاومة المحتلين الغاصبين ، كل هذا سيحدث يا ملك بابل العظيم ، كل هذا الذي يحز بالنفس ، ويدمي القلب ستشهده مملكتك ، وبلادك التي سيحكمها الإيرانيون العبيد ممن يدورون في طرقات بابل اليوم ، سيكون هؤلاء العبيد هم من ينصب الحكام أمثال رجل يدعى المالكي كما تقول لي النجوم ، وينصبون من بعده رجلا آخر يدعى العبادي ، وهناك آخرون  من عبيد المال والمناصب يجرون خلفهما ، أنا أعرف أن حديثي هذا سيهز مشاعرك ، ويثير غضبك ، خاصة حين تكون حبيبتك أنوار البابلية تعيش في فترة حكمهم المظلمة ، أنا أعرف أن ذلك سيصعب عليك ، سيقض مضاجعك ، ويزيد همك ، حين أقول لك مثلما تقول لي النجوم إن حبيبتك أنوار رأت الظلم بعينها ، حرموها لذة العيش ، وعرضوها لسوء معاملة ، أسقطت على إثرها حملها وهو في شهوره الأخيرة ، ستقول لي إنك ستبني لها أربعا من الجنائن المعلقة ، وبعدد فصول السنة ، مثلما بنيت لزوجتك أميديا الميدية الجنائن الحالية ، ولكن هذا سيكون عليك جد متعذر ، ولا يمكنك تحقيقه لها ، صحيح أنك ترى أنوار البابلية بيقظتك ومنامك ، ولكنك لن تصل لها ، فهي لا تزال في رحم الزمان ، وفي القادم من الأيام ، ولم تلد إلا حين يحل الخراب جنائنك المعلقة التي ستعد من عجائب الدنيا السبعة ، ووقت أن تدوس عليها عجلات الأعداء ، وتحوم عليها غربان الأمريكان ، وساعة أن تضام فيها أنوار البابلية الحبيبة التي لم تولد بعد !  

- يا ويلتاه ! ياويلتاه ! يا ويلتاه ! صرخ ملك بابل العظيم ، ووراءه رددت جدران بابل العصية صوته المدوي ، وهي ذات الصرخة التي أطلقها من قبل جلجامش ، ملك سومر العظيم في مدينة أورك ، حين رأى الدود يتساقط من أنف صديقه أنيكيدو في اليوم السابع من وفاته ، حيث عز على جلجامش دفنه .

 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف