
لم أتفاجأ علي أي نحو من الأنحاء بموقف الإخوان من مباريات مصر في بطولة الأمم الأفريقية لكرة القدم . فالكرة من وجهة نظري ، رغم أنها أصبحت سلعة يروج لها علي نطاق واسع ، ويعمل في قطاعاتها المختلفة العديد من الأفراد ، علي سبيل التخصص والإحتراف ، ولها اتحادات ، وأموال متدفقة دخولاً وخروجاً ، ويضخ فيها استثمارات بالملايين ، هي في النهاية مجرد لعبة . وكما يقول الشيخ الشعراوي ـ رحمه الله ـ أن آفتنا أننا قد نقلنا قوانين الجد للعب ، وقوانين اللعب للجد . أما وقد حدث ، أن أصبح الجد لعباً ، واللعب جد ، فقد انقسم الناس حوله إلي قسمين . القسم الأول ـ وهو القسم الذي لايهتم بهذه اللعبة ، ولا يكترث بها ، ولا ينشغل بأحداثها . والقسم الثاني ـ وهو القسم الذي يهتم لهذه اللعبة ، وينشغل بها ، وينتمي نفسياً إلي أحد الأندية الممارسة لها ، يشجعه دون بقية الفرق المتنافسة ، وتزداد حدة الإنتماء وتخفت بحسب الظروف النفسية والإجتماعية والإقتصادية المحيطة بكل فرد ، ويتناسب التشجيع طردياً مع مستوي الإنتماء . وهناك أندية يغلب عليها الطابع القومي ، وأخري يغلب عليها الطابع الإقليمي ، وثالثة يغلب عليها الطابع الخاص . وتنقسم جماهير البلد حول تشجيع الأندية القومية ، مع الإحتفاظ بانتماء وولاء للأندية الإقليمية أو الخاصة . ويظل المرء علي تشجيعه لفرق الأندية ذات الطابع القومي ، حتي تكون المواجهة بين أحد هذه الأندية وبين ناديه الإقليمي ، فتجده قد تحول بولاءه وانتماءه إلي ناديه الإقليمي . وهذا هو ما يتسق مع طبائع الأمور ، ويتماشي مع متطلبات النفس السوية . فإذا كان المنتخب هو الذي يلعب ، ذابت كل الولاءات والإنتماءات ، وانصهرت في انتماء واحد ، وولاء واحد ، هو الإنتماء القومي للجميع ، وأضحي الكل في واحد . فإن كانت المباراة قارية ، أو تلعب ضمن مسابقة ما يطلق عليه كأس العالم ، فلا ريب في الميل ولاءًا وانتماءاً للبلد أو الدولة المنتمية للقارة التي ينتمي إليها . وهكذا .
هذا إذا كانت الأمور تسير في خطها الطبيعي الذي يتسق مع الطبيعة البشرية ، والفطرة التي فطر الله الناس عليها . ولعلنا نجد في سورة الروم مثيلاً لهذا الخط الذي نتحدث عنه . فقد كانت هناك معركة بين الروم والفرس في عهد النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ وانتهت هذه المعركة بانتصار الفرس علي الروم . وقد كان الفرس من عبدة النار ، وكان الروم من أهل الكتاب . فألم الحزن برسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ لهذه النتيجة . والسر في ذلك هو انتصار عبدة النار من دون الله ، علي الروم الذين يؤمنون بوجود خط اتصال بين أهل السماء وأهل الأرض ، ويؤمنون بالله ، وإن اختلفنا معهم في العقيدة . وفي ذلك يقول المولي عز وجل في كتابه العزيز : " غُلِبَتِ الرُّومُ ﴿2﴾ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ﴿3﴾فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴿4﴾ " . إذن فالفرح والحزن ، مؤشران لهما دلالة تنبيء عما يعتمل في الصدور ، وما يترتب علي ذلك ، من أفكار ومسالك ومواقف .
إذن فحب الوطن من أرض وطين ، وهواء وماء ، وزروع وغذاء ، هو حب لسبب من أسباب استمرار الوجود . فمنه نبتت الأجساد ، ونمت ، وترعرعت . وبذا يكون ذلك المكان من أحب الأماكن إلي القلب ، بعد الأماكن المقدسة . فإن لم ننشغل بذلك ، استناداً إلي اعتباره من وجهة نظر البعض حفنة من التراب العفن ، فلا أقل من حب الناس الذين نشأ المرء في كنفهم ، وتربي في أحضانهم ، ابتداءًا بالأهل والأقارب ، وانتهاءًا بالمعارف والأحباب ، ورفقاء الدراسة ، وجماعة اللعب . وزملاء العمل ، والجيران ذوي القربي ، والجار الجنب ، والصاحب بالجنب .
فإذا كان الحب هو نبتة الخير داخل الإنسان ، فمن لا يحب وطنه ، ولا يحب ناسه ، فلا خير فيه لا لوطنه ، ولا لناسه . ولا يرجي من وراءه خير يبتغي .
وموقف جماعة الإخوان ، ومن لف لفها ، ودار حول محورها ، من المنتخب المصري لكرة القدم ، أثناء مشاركاته ، في كأس الأمم الأفريقية ، ينبيء بما لا يدع مجالاً للشك ، عما بداخل أعضاء هذه الجماعة ، من حقد ، وغل ، وسواد ، وكآبة ، حيال الوطن ، وحيال المجتمع . وقد بدا ذلك واضحاً ، في تغريدات اللجان الإلكترونية لتلك الجماعة المشئومة ، من شتائم ، وسباب ، ولعن ، وتشجيع للفرق المنافسة ، إلي حد إعلان انتمائهم لدولها ، من دون وطنهم الأم . ثم مظاهر الفرح والشماتة الطافحة حال انهزام المنتخب ، أمام فريق الكاميرون ، في المباراة النهائية ، لا لشيء سوي الإختلاف مع النظام السياسي القائم .
المسألة ليست مجرد مباراة كرة قدم ـ لعبة ـ وإنما خطأ في الجينات الوراثية ، وشذوذ فكري ونفسي ، وانحطاط في منظومة القيم ، وأساليب التربية ، لا نظير لها . فقط ارتدت مسوح الدين ، وتمسحت بقشوره ، ثم نصبت نفسها الناطق الحصري باسمه . إنهم قوم في حاجة إلي النزول في مصحات نفسية ، قبل أن يندمجوا بأمراضهم في المجتمع ، فيصيبونه بما أصيبوا به .
حــســـــــن زايــــــــــــــد
هذا إذا كانت الأمور تسير في خطها الطبيعي الذي يتسق مع الطبيعة البشرية ، والفطرة التي فطر الله الناس عليها . ولعلنا نجد في سورة الروم مثيلاً لهذا الخط الذي نتحدث عنه . فقد كانت هناك معركة بين الروم والفرس في عهد النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ وانتهت هذه المعركة بانتصار الفرس علي الروم . وقد كان الفرس من عبدة النار ، وكان الروم من أهل الكتاب . فألم الحزن برسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ لهذه النتيجة . والسر في ذلك هو انتصار عبدة النار من دون الله ، علي الروم الذين يؤمنون بوجود خط اتصال بين أهل السماء وأهل الأرض ، ويؤمنون بالله ، وإن اختلفنا معهم في العقيدة . وفي ذلك يقول المولي عز وجل في كتابه العزيز : " غُلِبَتِ الرُّومُ ﴿2﴾ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ﴿3﴾فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴿4﴾ " . إذن فالفرح والحزن ، مؤشران لهما دلالة تنبيء عما يعتمل في الصدور ، وما يترتب علي ذلك ، من أفكار ومسالك ومواقف .
إذن فحب الوطن من أرض وطين ، وهواء وماء ، وزروع وغذاء ، هو حب لسبب من أسباب استمرار الوجود . فمنه نبتت الأجساد ، ونمت ، وترعرعت . وبذا يكون ذلك المكان من أحب الأماكن إلي القلب ، بعد الأماكن المقدسة . فإن لم ننشغل بذلك ، استناداً إلي اعتباره من وجهة نظر البعض حفنة من التراب العفن ، فلا أقل من حب الناس الذين نشأ المرء في كنفهم ، وتربي في أحضانهم ، ابتداءًا بالأهل والأقارب ، وانتهاءًا بالمعارف والأحباب ، ورفقاء الدراسة ، وجماعة اللعب . وزملاء العمل ، والجيران ذوي القربي ، والجار الجنب ، والصاحب بالجنب .
فإذا كان الحب هو نبتة الخير داخل الإنسان ، فمن لا يحب وطنه ، ولا يحب ناسه ، فلا خير فيه لا لوطنه ، ولا لناسه . ولا يرجي من وراءه خير يبتغي .
وموقف جماعة الإخوان ، ومن لف لفها ، ودار حول محورها ، من المنتخب المصري لكرة القدم ، أثناء مشاركاته ، في كأس الأمم الأفريقية ، ينبيء بما لا يدع مجالاً للشك ، عما بداخل أعضاء هذه الجماعة ، من حقد ، وغل ، وسواد ، وكآبة ، حيال الوطن ، وحيال المجتمع . وقد بدا ذلك واضحاً ، في تغريدات اللجان الإلكترونية لتلك الجماعة المشئومة ، من شتائم ، وسباب ، ولعن ، وتشجيع للفرق المنافسة ، إلي حد إعلان انتمائهم لدولها ، من دون وطنهم الأم . ثم مظاهر الفرح والشماتة الطافحة حال انهزام المنتخب ، أمام فريق الكاميرون ، في المباراة النهائية ، لا لشيء سوي الإختلاف مع النظام السياسي القائم .
المسألة ليست مجرد مباراة كرة قدم ـ لعبة ـ وإنما خطأ في الجينات الوراثية ، وشذوذ فكري ونفسي ، وانحطاط في منظومة القيم ، وأساليب التربية ، لا نظير لها . فقط ارتدت مسوح الدين ، وتمسحت بقشوره ، ثم نصبت نفسها الناطق الحصري باسمه . إنهم قوم في حاجة إلي النزول في مصحات نفسية ، قبل أن يندمجوا بأمراضهم في المجتمع ، فيصيبونه بما أصيبوا به .
حــســـــــن زايــــــــــــــد