اليسار المغربي.. إلى أين؟
عطا الله شاهين
في شهر تشرين أول أكتوبر من العام الماضي جرت انتخابات برلمانية في مملكة المغرب، ولم يتمكن اليسار المغربي حينها، والذي يتكون من ثلاثة أحزاب هي الاشتراكي الموحد، والمؤتمر الوطني الاتحادي، وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي من تحقيق نسبة جيدة في تلك الانتخابات التشريعية، مع العلم بأن اليسار المغربي كان يراهن على هذه المحطة الانتخابية لفرض نفسه كبديل في المشهد السياسي المغربي والمنقسم كما نعرف بين ثنائية حزبَي العدالة والتنمية المحافظ وحزب الأصالة، لكننا شهدنا في أوساط النخب والمثقفين والأكاديميين ووسائل التواصل الاجتماعي بأن هناك حجماً كبيراً من التعاطف والتضامن لاقته حملة فيدرالية اليسار الديمقراطي الانتخابية، كما أن قيادة اليسار المغربي يمكن القول بأنها قد أفرطت في التفاؤل، وهي تعلن عن طموحاتها قبيل الحملة الانتخابية، لأنها أعلنت بأن هدفها هو الحصول على مجموعة برلمانية، وهو مطلب خيالي بالنسبة إلى قوة سياسية هاوية إلى حدّ ما، لكننا كما نعلم بأن أحزاب اليسار الثلاثة تحالفت في العام 2014، وذلك اعتمادا إلى أيديولوجيا مشتركة، ولم تتحالف بسبب برنامج انتخابي، أو حتى اتفاق حول القضايا المطروحة، فتلك الأحزاب اليسارية دخلت كخيار ثالث، لكن هذا الطرح بقي يكتنفه الغموض، ولم يستطع المدافعون عنه من بلورة تصور أو رؤية جليّة عن كيفية تنزيله في سياق الانتخابات، لا سيما أن برنامج اليسار المغربي تضمن العديد من الوعود الرومانسية من قبيل بناء اقتصاد تضامني، وإعادة النظر في التدبير المفوض، ومراجعة سياسة الانفتاح في مجال التبادل الحر، والإصلاح الدستوري، لكن يمكننا القول هنا بأن قادة فيدرالية اليسار الديمقراطي ربما لم يحسنوا استغلال معطى وجود طرف سياسي، هو حزب العدالة والتنمية، اختبر لأول مرة تجربة الاشتغال من داخل النظام، وخرج زعيمه عبد الإله بنكيران ليقرّ بشكل صريح وغير مسبوق بمحدودية هامش تحرك المؤسسات المنتخبة، لكن يمكن اإشارة إلى أن الإخفاق الانتخابي الراهن لا يحجب أن فيدرالية اليسار الديمقراطي قد نجحت ولو نسبيا في تنصيب نفسها في موقع القوة اليسارية الأولى على المستوى العملي، إذ يمكن أن نقول بأن عدد أصوات فيدرالية اليسار تجاوز مجموع أصوات حزب الاتحاد الاشتراكي في أكثر من عشر مدن كبرى، ومن هنا يمكن أن نشير بأن الإخفاق وراؤه عراقيل بنيوية، كشيخوخة الزعامات، والعجز عن إنتاج نخب جديدة، وازدياد البيروقراطية التنظيمية الشديدة، كما لا ننسى بأن هناك الاختلافات في الرؤى بين الأحزاب الثلاثة، وهذا هو المعيق الذي أدى إلى إخفاق اليسار المغربي..
عطا الله شاهين
في شهر تشرين أول أكتوبر من العام الماضي جرت انتخابات برلمانية في مملكة المغرب، ولم يتمكن اليسار المغربي حينها، والذي يتكون من ثلاثة أحزاب هي الاشتراكي الموحد، والمؤتمر الوطني الاتحادي، وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي من تحقيق نسبة جيدة في تلك الانتخابات التشريعية، مع العلم بأن اليسار المغربي كان يراهن على هذه المحطة الانتخابية لفرض نفسه كبديل في المشهد السياسي المغربي والمنقسم كما نعرف بين ثنائية حزبَي العدالة والتنمية المحافظ وحزب الأصالة، لكننا شهدنا في أوساط النخب والمثقفين والأكاديميين ووسائل التواصل الاجتماعي بأن هناك حجماً كبيراً من التعاطف والتضامن لاقته حملة فيدرالية اليسار الديمقراطي الانتخابية، كما أن قيادة اليسار المغربي يمكن القول بأنها قد أفرطت في التفاؤل، وهي تعلن عن طموحاتها قبيل الحملة الانتخابية، لأنها أعلنت بأن هدفها هو الحصول على مجموعة برلمانية، وهو مطلب خيالي بالنسبة إلى قوة سياسية هاوية إلى حدّ ما، لكننا كما نعلم بأن أحزاب اليسار الثلاثة تحالفت في العام 2014، وذلك اعتمادا إلى أيديولوجيا مشتركة، ولم تتحالف بسبب برنامج انتخابي، أو حتى اتفاق حول القضايا المطروحة، فتلك الأحزاب اليسارية دخلت كخيار ثالث، لكن هذا الطرح بقي يكتنفه الغموض، ولم يستطع المدافعون عنه من بلورة تصور أو رؤية جليّة عن كيفية تنزيله في سياق الانتخابات، لا سيما أن برنامج اليسار المغربي تضمن العديد من الوعود الرومانسية من قبيل بناء اقتصاد تضامني، وإعادة النظر في التدبير المفوض، ومراجعة سياسة الانفتاح في مجال التبادل الحر، والإصلاح الدستوري، لكن يمكننا القول هنا بأن قادة فيدرالية اليسار الديمقراطي ربما لم يحسنوا استغلال معطى وجود طرف سياسي، هو حزب العدالة والتنمية، اختبر لأول مرة تجربة الاشتغال من داخل النظام، وخرج زعيمه عبد الإله بنكيران ليقرّ بشكل صريح وغير مسبوق بمحدودية هامش تحرك المؤسسات المنتخبة، لكن يمكن اإشارة إلى أن الإخفاق الانتخابي الراهن لا يحجب أن فيدرالية اليسار الديمقراطي قد نجحت ولو نسبيا في تنصيب نفسها في موقع القوة اليسارية الأولى على المستوى العملي، إذ يمكن أن نقول بأن عدد أصوات فيدرالية اليسار تجاوز مجموع أصوات حزب الاتحاد الاشتراكي في أكثر من عشر مدن كبرى، ومن هنا يمكن أن نشير بأن الإخفاق وراؤه عراقيل بنيوية، كشيخوخة الزعامات، والعجز عن إنتاج نخب جديدة، وازدياد البيروقراطية التنظيمية الشديدة، كما لا ننسى بأن هناك الاختلافات في الرؤى بين الأحزاب الثلاثة، وهذا هو المعيق الذي أدى إلى إخفاق اليسار المغربي..