الأخبار
(حماس): قدمنا رداً إيجابياً وجاهزون للدخول فوراً في مفاوضات حول آلية التنفيذلماذا على حماس أن توافق لا أن تناور؟(أونروا): الناس يسقطون مغشياً عليهم في غزة من شدة الجوعفلسفة المصلحةقناة إسرائيلية: جدال كبير بين نتنياهو وقيادة الجيش حول استمرار العمليات العسكرية في غزةغزة: 138 شهيداً و452 جريحاً غالبيتهم من طالبي المساعدات في آخر 24 ساعة(رويترز): مصرفان عالميان يرفضان فتح حسابات لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهمقتل جنديين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة في معارك قطاع غزة20 شهيداً في غارات للاحتلال على مواصي خانيونس وحي الصبرة بمدينة غزةغوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسط
2025/7/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

نحن العرب عشّاق لعار التاريخ بقلم:د. كاظم ناصر

تاريخ النشر : 2017-02-07
نحن العرب عشّاق لعار التاريخ بقلم:د. كاظم ناصر
التاريخ هو ذاكرة الأمّة التي تحفظ انتصاراتها وهزائمها ، ونجاحها وفشلها ، وحروبها وسلامها ، وقراراتها الصائبة والخاطئة ، وإنجازات قادتها العظماء ، وتضحيات شعبها في بناء الوطن وحمايته ، وإبداعات البررة من أبنائها الذين ساهموا في تقدّم معارفها وتعليمها وتثقيف أبنائها . أي إنّه من المفروض أن ينصف الجميع ولا يهمل أحدا ، ولكنه لا يفعل هذا دائما لأسباب متعدّدة من أهمّها إنه دائما يمجّد ويعلي شأن القوي المنتصر ويحطّ من قدر الضعيف المهزوم .
ولهذا يمكن القول إن التاريخ يكتبه صنّاعه من الأقوياء المنتصرين ، وتطمس فيه بطولات وتضحيات خصومهم من المهزومين والفاشلين . المنتصر يمجّد نفسه ويخلّدها ولو إلى حين ، ويعظّم قدراته العقليّة ، ويبرّر بطشه بعدوّه ، ويفرض على المهزوم ما يريد ، ويسنّ القوانين التي تخدم أهدافه وتلائمه ، ويفسّرها ويفلسفها كما يشاء دون أن يعترض على ذلك أحد .
تاريخ العالم صنعته المنافسة والصراعات والحروب بين الحضارات الإنسانيّة التي وظّفت السياسة ، والدين ، والجغرافيا ، والإقتصاد ، والأطماع الشخصية لزيادة نفوذها وتحقيق أهدافها ، وأخفت نواياها المصلحيّة وادّعت أن ما أرادت تحقيقه هو خدمة الإنسانية ، ونصرة الضعيف ، وحماية المظلوم ، وإقامة العدل والمساواة ، وتحقيق إرادة الله والدفاع عن دينه ، وغير ذلك من تبريرات لا علاقة لها بالأهداف الحقيقية لمعظم تلك النزاعات والحروب التي غيّرت مجرى التاريخ الإنساني .
حضارات ودول كانت عظمى منها البابليّة ، والإغريقيّة ، والرومانيّة ، والفارسيّة ، والآسيويّة ، والمسيحيّة ، والاسلاميّة ، وبريطانيا العظمى التي كانت لا تغيب عنها الشمس ، وفرنسا وغيرها ساهمت مساهمة كبيرة في صنع التاريخ الانساني فبنت وعمّرت ، وقتلت ودمّرت ، وعدلت وظلمت ، ووحّدت وشتّت ، وأوقعت شعوبا تحت احتلالها ونهبت ثرواتهم واستعبدتهم .
هذه الحضارات سادت ثم بادت ، أو على الأقل فقدت دورها القيادي الدولي في زمنها وتقزّمت وتخلّصت من اجترار التاريخ والعيش على ذكراه والّلطم على أمجاده الضائعة . لقد رضيت بوجودها كدول مستقلة محدودة التأثير العالمي وانشغلت في حل مشاكل شعوبها المعاصرة ، وقبلت العالم كما هو الآن ، وتعاملت معه على أساس المصالح المشتركة ، وليس على أساس أمجاد التاريخ الذي مضى وانقضى .. كما نفعل نحن العرب !
نحن العرب ... أمّة ماضوية ... ما زلت تعيش على إجترار أمجادها التاريخيّة . حقيقة انّنا كنا قبائل متناحرة وحّدها الإسلام ، وإن التوسّع الإسلامي الذي حدث في مائة عام كان إنجازا ضخما للمسلمين في ذلك الوقت وغيّر المعادلة السياسية في العالم . لكن هذا إنتهى قبل 800 عام ونحن الآن ... من أفشل أمم الأرض ... وعلى الرغم من تمجيدنا لتاريخنا واظهارنا لبطولاته وانجازاته ، فإنّه لم يكن صفحة بيضاء ناصعة ، ولم تكن الدول والمجتمعات الإسلامية السابقة فاضلة كما نقول .
لقد كان تاريخا مزدحما بالأحداث والوقائع ، خيرها وشرّها ، مثل أي تاريخ لأي أمّة أخرى ، أي تاريخ تظهر فيه النزاعات الشخصيّة والماديّة والصراع على النفوذ والسلطة واضحة جلية ، وتتجلّى في شخوصه ومكوّناته السمات الانسانيّة بكل تعقيداتها وصراعاتها ، وتطغى على مجتمعاته كل التناقضات الاجتماعيّة والطبقيّة والسياسيّة .
تاريخنا كما ذكرت يسهب في التفاصيل ... البهيّة ... ويهمل تفاصيل الكثير من الأحداث الكبرى التي لعبت دورا هاما في حياة الأمّة الاسلاميّة . ومثالنا على ذلك هو أننا ما زلنا لا نعرف الكثيرعن الخلافات الاسلامية الأولى بعد موت الرسول ، ولا عن أسباب وتفاصيل حصار عثمان بن عفّان ، ومعركة الجمل ، والخوارج ، وكربلاء ، وبطش وإعدامات الحجاج ، ومؤامرات القصور ، ومذابح السفاح ، والقرامطة ، واضطهاد العلماء الذين لم يرضى عنهم الخلفاء .
لقد قتل ثلاثة من الخلفاء الراشدين هم عمر ، وعثمان ، وعلى . الخلافة الأموية إستمرت 89 عاما من 661 م – 750 م حكم خلالها 14 خليفة قتل منهم خمسة في مؤامرات وصراع على السلطة . والخلافة العباسية في العراق إستمرت 530 عاما من 750 م – 1258 م حكم خلالها 37 خليفة قتل منهم 18 في مؤامرات وصراع على السلطة . من الواضح أن الدماء سالت بغزارة في تاريخنا كما سالت في تواريخ الأمم القويّة الأخرى ولا نستطيع لا نحن ولا هم إنكار ذلك .
تاريخنا الحديث ، وتحديدا منذ بداية القرن العشرين وحتى الآن ، مزدحم بأحداث محرّفة ومزوّرة . إنه يمجّد حركات فاشلة أضرّت بمستقبل الأمة ويعتبرها ثورات عظيمة ، ويحوّل موآمرات وإتفاقيات دفعت الأمة ثمنها غاليا إلى إنجازات سياسية مهمّة ، ... ويخلّد ويعظّم حكّاما ... خونة إستعبدوا شعوبنا ودمّروا أوطاننا وشرذموها وحرموها من كل أسباب التقدم ، ويحوّل هزائمنا إلى إنتصارات كاذبة .
هزيمة حرب الأيام الستّة عام 1967 كانت أكبر كارثة مخزية لنا في تاريخنا الحديث . إسرائيل التي لم يمض على وجودها سوى تسعة عشر عاما في ذلك الوقت ، هزمت العالم العربي ممثّلا في الجيوش المصريّة ، والسوريّة ، والاردنيّة ، والعراقيّة في سته أيام ، واحتلت الضفة الغربية وسيناء والجولان " ما يعادل أربع أضعاف مساحتها " ، وكالعادة أنكرنا وكذبنا وسمّينا هزيمتنا التي صدمت العالم " نكسة ."
كان من المفروض أن يحاسب الحكّام وقادة الجيوش المهزومة على تقصيرهم وسوء إدارتهم للمعركة ، ولكنّنا كعادتنا ألّفنا ونشرنا مئات الكتب والمعلّقات الشعريّة وآلاف المقالات التي تشيد ببطولات قادة جيوشنا المهزومة ، وتثني على حكمة وعظمة حكّامنا ، ... ومنعنا إجراء الدراسات النزيهة المعمّقة ... التي تكشف جوانب ضعفنا وتحدّد الأخطاء والتجاوزات التي أدّت إلى هزيمتنا لأنّنا نرفض أن نعترف بالحقائق كما هي .
حرب عام 1973 مع إسرائيل ، والحرب العراقية الايرانية ، وحرب الخليج ، واحتلال لبنان عام 1982 ، وحروب اليمن وسوريا وليبيا أمثلة أخرى على تشويهنا للحقائق وتزويرنا للتاريخ . إن مؤأمراتنا وهزائمنا في هذه الحروب واضحة كالشمس ولا لبس فيها . وعلى الرغم من ذلك ، فإن تاريخنا سيحوّلها إلى ملاحم ، ويمجّد فيها الحكام وبطولاتهم ، ويسجّلها على أنها كانت إنتصارات عنتريّة ، ونجبر نحن والأجيال القادمة على إجترارها كحقائق تاريخيّة .
كل دولة تحترم تاريخها ، وتدرسه وتستفيد من تجاربه ، وتدرّسه لمواطنيها في مدارسها وجامعاتها بحرّية وحياد ، وتوثّق إيجابيّاته وسلبيّاته ، وتوضّح انتصاراته وهزائمه ، وتعطي كل ذو حق حقه ، وتبرز حسنات وسيئات وإخفاقات وانتصارات قادتها العظام بأسلوب علميّ حياديّ هدفه إظهار الحقائق ونشرها وتداولها بحرّية ليطّلع عليها المواطن ولتنتفع منها الأجيال القادمة .
أما نحن فإننا نجتر تاريخا لا شوائب فيه . كلّه بطولات وعدل ومساواة ، وجميع قادته ملائكة ، ونحرّم كتابته ودراسته إلا بالطريقة التي ترضينا ، ونكفّر ونجرّم منتقديه ، ونتهمهم بابشع التهم ، ونقصيهم وننفيهم كما فعلنا مع عدد كبير من المفكرين ... الأوائل والمحدثين ... الذين حاولوا إظهار الحقيقة وانتهوا في القبور والسجون والمنافي . من المهم جدّا أن نعرف حقائق تاريخنا ، وننقّيه من الأكاذيب والشوائب لنجعله ذو مصداقية ، ونعلّمه لأجيالنا لتعرفه على حقيقته وتنتفع منه .
نحن نعادي الحقيقة ونرفضها ، ونحارب الناطقين بها والمدافعين عنها ، ... لأننا أمّة جاهلة مهزومة ... تخاف من التغيير ، وتغطي عوراتها بأردية ممزّقة بالية لا تستر منها شيئا . إنّنا أمة لا أمل لها ما دامت ترفض الحداثة ، ..... وتعيش على عشق عار التاريخ .....!
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف