الأخبار
رابطة الدوري الإسباني تعلن مواعيد الجولة الأولى من الموسم الجديدكم بلغت أرباح الهلال بعد وداع مونديال الأندية؟نجوم الرياضة يودعون ديوغو جوتا في مراسم مهيبة وأجواء حزينةلماذا تظهر الآن بوادر صفقة بين حماس وإسرائيل؟ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.338الرئيس الأمريكي.. وتحدي القضاء الإسرائيليتأثير العوامل النفسية على البشرةالاحتلال يقتحم عناتا وضاحية السلام ويخرب منازل وممتلكات المواطنينبرنامج الأغذية العالمي: سكان غزة يواجهون مستويات حادة من الجوعإعلام بريطاني: ماكرون سيضغط على ستارمر للاعتراف بدولة فلسطينالرئاسة التركية تنفي مزاعم تصدير بضائع لإسرائيل بقيمة 393.7 مليون دولارالأمم المتحدة: مقتل 613 شخصاً قرب مراكز الإغاثة في غزة خلال شهراستشهاد مواطن وإصابة ثلاثة آخرين في قصف الاحتلال جنوب لبنان(كابينت) الاحتلال يجتمع مساء اليوم لبحث تطورات صفقة التبادل المُرتقبةترامب: إيران لم توافق على التفتيش والتخلي عن تخصيب اليورانيوم
2025/7/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

من سلسلة إعادة نظر 19 بقلم الشيخ عبد الغني العمري الحسني

تاريخ النشر : 2017-02-06
من سلسلة إعادة نظر 19 بقلم الشيخ عبد الغني العمري الحسني
إعادة نظر -19-
بقلم الشيخ عبد الغني العمري الحسني.

الإسلام السياسي وانحرافه
 
       الإسلام السياسي هو تغليب مراعاة جانب الحكم، على كل جوانب الدين الأخرى. وهذا لا يعني أن الجانب السياسي يكون موافقا لأحكام الشرع عند "الإسلاميين" دائما؛ وإنما اتضح أن بعض المتظاهرين بالدين، وظّفوا المقولات الدينية، من أجل الوصول إلى الحكم فحسب؛ من مثل "تحكيم الشريعة"، و"جعل الدولة في خدمة الدين". ولسنا هنا بمعرض تفصيل زيف الادعاءات، بقدر ما نحن نريد إدراك التحريف الإدراكي المبدئي، الذي حُملت عليه المزاعم.

       وأول ما وقع الإخلال به، هو كون الدين منظومة متكاملة، لا يمكن أن تتحقق الغايات منه، إلا عند اعتبار كل جوانبه وأجزائه. وهؤلاء الذين ينشُدون العدل بحسب زعمهم، لا يمكن أن يتم لهم ذلك، إلا إن اعتبروا العدل على عمومه؛ بما في ذلك عدلهم في أنفسهم. فمن لا يعدل في نفسه، لا يمكن أن يكون عادلا إذا ولي منصب الحكم فيما بعد!.. والإسلاميون عندما رفعوا شعار العدل بين الناس، أهملوا ما نذكره هنا؛ فكان ذلك سبب إخفاقهم الذي لا يشك منصف فيه.

       ثم إن الدين لا يمكن أن تُعتبر فيه الدنيا بمعزل عن الآخرة البتة؛ وإلا انقلب أيديولوجيا سياسية أو اجتماعية كسائر ما عرفت البشرية من أيديولوجيات. ولسنا نعني هنا بالآخرة، الإيمان الباعث على العمل لها، كما يفهم ذلك كثير من المستغفلين؛ وإنما نعني أن الحرص على الغايات الدنيوية يضعف، عندما يكون المرء معتبرا للآخرة اعتبارا حقيقيا. وهذا يجعل العدل المنشود في الدنيا، متداركا في الآخرة، إن تحقق الصدق. هذا لا يعني أن المؤمنين ينبغي أن يُؤجّلوا كل مطالبهم إلى الآخرة؛ كما لا يعني أن المؤمن يقاتل على نصيبه في الدنيا. هذا هو الفرق بين المؤمن الصادق، وذاك الذي يتخذ الدين مطية إلى الدنيا.

       إن ظهور الجماعات السياسية التي تعتمد الخطاب الديني في الأزمنة المتأخرة، قد توجد له مسوغات معتبرة إذا نظرنا إلى النيات الأولى لأصحابها، ورجائهم السمو بأمتهم مما تعانيه من تخلف وجهل، يكونان بيئة خصبة لكل صنوف الظلم؛ ولكن النيات قد تتبدل، والعزائم قد تضعف؛ فإذا بالتوجه ينعكس، وبالغايات يُتنكّر لها. إن ما أصاب الإسلاميين من ابتلاءات عرّت حقيقتهم، ليس إلا سببا لاستنقاذ الدين الذي قدموه فداء، في سبيل تحقيق مآربهم الدنيوية. لو كانوا يؤمنون حقيقة، لعلموا أن واضع الدين (الله)، لن يتركهم يتلاعبون به إلى الأبد؛ ولكن ضعف إيمانهم جعلهم يقعون تحت تلبيسات إبليس بسهولة.

       إن انتهاج طريق الدين على الوجه المسنون ظاهرا وباطنا، لا يستطيعه إلا أفراد معدودون في العالم؛ على عكس ما يظنه عوام الناس. ولولا تضخيم الجزئيات الذي يعتمده المتدينون في سد الفراغات في تدينهم، والذي يُعميهم عن مشاهدة صورتهم على حقيقتها، لظهر القصور من أول نظرة؛ ولكن وقوع الناس تحت تحكم الوهم، قد يصل بهم إلى ما هو أعجب من هذا، بلا شك.

       لو عدنا إلى العدل، ونظرنا إليه من كونه جزاء، لا حقا، لتبدى لنا أن من يرتكب المخالفات الدينية، والتي منها ظلم الغير، لا بد أن يُعاقب على قدر ما خالف. ولو أن الإسلاميين كانوا على تدين سليم، لعادوا إلى أنفسهم يتفقدون مدى موافقتها للأوامر الإلهية، حتى يعلموا مقدار استحقاقهم -إن صح لنا القول- لما يرجون. والواقع يدل على أنهم قد صرفوا كل همهم إلى الجهة الحاكمة فيهم (رئيسا أو تيارا مخالفا)، وكأنها وحدها تجسيد الشر في بلدانهم. وهذا ظلم بيّن، ينطوي على إخلال جلي بالعمل بمقتضى المنطق الديني نفسه.

       إن ما وصل إليه الإسلاميون اليوم، صار الاستمرار فيه استمرارا في الانحدار، الذي قد يفوق في التهاوي، مستوى الناس العاديين الذين لم يوهموا أنفسهم بـ"لعب أدوار بطولات" هي فوق نيل هممهم من غير شك. إن أفضل ما يمكن أن يقوم به الإسلاميون اليوم، هو العودة إلى مرأب التربية الصحيحة، يعيدون فيه تركيب تصوراتهم، ويعيدون ترتيب الأمور. وأول ما ينبغي منعه إما بالقانون وإما بالتواطؤ العرفي: أن يتكلم متكلم فيما هو فوق طوره!.. كأن يتكلم من لا يُحسن الوضوء، في شأن الخلافة مثلا. إن عدم المحاسبة القانونية للسفهاء، يمكن أن يوصل شعوبا بأكملها إلى الفوضى العامة بسهولة ومن أقصر الطرق.

       وفي أحيان كثيرة، كانت الحكومات بسبب جهلها بالدين، مشجعا للمتلاعبين المتهورين ولو من غير قصد؛ لأنها أعطتهم المشروعية المبدئية لخطابهم، في مقابل استهتارها. وهذا إن لم يُتدارك، فإنه يكون معينا على بلوغ القاع بأسرع مما كان يُتقى!..

       وعلى العموم، فإن تضخيم وجه من وجوه الدين على حساب المجموع، سيكون مانعا عن تحقق معرفة الوجود. وإذا صار مانعا، فإنه سينقلب عن حقيقته المبنية على القراءة المذكورة في قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]. وهذا هو الغالب عبر التاريخ، لو نظرنا نظرة إنصاف!..
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف