ماذا يعني أن يقدم أسير على طعن سجانه
لا تظن أن الأسير أقدم على خطوته هذه إلا بعد أن أصبحت حياته جحيما لا يطاق. من واقع التجربة التي مررت بها ومر بها جل الأسرى فهذا يعني أن تتمنى الموت ولا تناله، فالأسير الفدائي سيضرب ويضرب ويضرب حتى يشارف على الموت، ثم يلقى بداخل زنزانة دون علاج يعاني آلام جسده المحطم ممزوجة ببرد الزنزانة الإنفرادية ورطوبتها وقوانينها غير الإنسانية التي تجعل حتى من دخول المرحاض مناسبة لتلقي الإهانات والإذلال وقيود اليدين والرجلين، ومحروما من كل شيء تقريبا إلا ما يبقيه على حافة الحياة. ويستمر هذا الحال حتى يبدأ جسمه بالتماثل للشفاء بفعل الزمن ومقاومة الجسم دون تلقي أي نوع من العلاج، بعدها تبدأ رحلته مع العزل الذي يستمر سنوات مترافقا مع منع أهله من زيارته، فالأهل لا بد أن ينالهم نصيب من العقوبة، ثم يوضع اسمه على قائمة الخطرين ليلق المعاملة السيئة طوال فترة سجنه حتى لو كان محكوما بالمؤبد. وليس هذا فقط، فالأسرى الذين صدف تواجدهم في قسمه وعادة يبلغ عددهم 120 أسيرا سيلقون من العذاب والعقاب الكثير، وهنا سأتحدث عن تجربتي بعد أن قام أحد الأسرى من القسم الذي أتواجد فيه مع ثلاثة من إخوتي، بطعن سجانين اثنين في سجن النقب، بداية عملية القمع الأولى وهي رش الغاز وقد نجونا منها يومها كون الأسير قام بطعن الجنديين خارج القسم، ثم تأتي بعدها مباشرة عملية اقتحام القسم، ولم ننج منها، وتشمل أولا تقييد جميع الأسرى بالأصفاد البلاستيكية التي تكون مشدودة بشكل كبير، فيقع الأسير هنا بين ورطة السكوت والتي تعني تحمل ألم شديد مع احتمالية خسارة أعصاب إحدى يديه للأبد، وبين الاحتجاج في ظل وجود جنود مستفزين إلى أبعد حد وينتظرون أتفه الأسباب كأن تقول كلمة ( حزاك ) لينهالوا عليك بالضرب المبرح، تستمر معاناة الأسرى المئة والعشرين مع قيودهم البلاستيكية في العراء أو في الزازين - حسب حظ كل منهم- طوال ساعات تدمير ( تفتيش ) القسم، ليعودوا بعدها لقسمهم ويبدؤوا بترميم ما يستطيعون مؤقتا كي يستطيعوا النوم. في فجر اليوم التالي يتم اختياري وأحد إخوتي ضمن 30 أسيرا لنقلنا للعزل بسجن ريمون في قسم لا تتوفر فيه أي أدوات كهربائية وبكمية محدودة من الملابس ويحكم علينا بالمكوث فيه مدة شهر. أما التسعون أسيرا الباقون، ومن بينهم أخواي، فقد تم تشتيتهم خلال عدة أيام على مختلف السجون، اذ كانوا فجر كل يوم ينقلون أربعة أو خمسة، وبهذه الطريقة يفقد من بقي في القسم الإستقرار والأمان، وأذكر هنا أن أحد أخوي نقل لسجن شطة في الشمال فيما بقي الثاني يعاني داخل القسم حوالي 10 أيام اذ بقي مع ثلاثة أسرى أو أربعة فقط منتظرين نقلهم إلا أن تم نقل أخي ولكن ليس لأحد الأقسام في السجن بل أحضروه إلينا في العزل، فكان العزل بالنسبة إليه فرجا. إذا فالأسير قبل أن يقدم على خطوة الطعن يعلم أنه سيلقى عذابا عظيما، وأن حياته داخل السجن لن تعود عادية، وأن أهله سينالهم نصيب كبير من العقوبة، وأن زملاءه الأسرى سيخسرون ما أنجزوه خلال أعوام، ولذلك لا تظن أن الأسير أقدم على خطوته هذه إلا بعد أن أصبحت حياته جحيما لا يطاق
لا تظن أن الأسير أقدم على خطوته هذه إلا بعد أن أصبحت حياته جحيما لا يطاق. من واقع التجربة التي مررت بها ومر بها جل الأسرى فهذا يعني أن تتمنى الموت ولا تناله، فالأسير الفدائي سيضرب ويضرب ويضرب حتى يشارف على الموت، ثم يلقى بداخل زنزانة دون علاج يعاني آلام جسده المحطم ممزوجة ببرد الزنزانة الإنفرادية ورطوبتها وقوانينها غير الإنسانية التي تجعل حتى من دخول المرحاض مناسبة لتلقي الإهانات والإذلال وقيود اليدين والرجلين، ومحروما من كل شيء تقريبا إلا ما يبقيه على حافة الحياة. ويستمر هذا الحال حتى يبدأ جسمه بالتماثل للشفاء بفعل الزمن ومقاومة الجسم دون تلقي أي نوع من العلاج، بعدها تبدأ رحلته مع العزل الذي يستمر سنوات مترافقا مع منع أهله من زيارته، فالأهل لا بد أن ينالهم نصيب من العقوبة، ثم يوضع اسمه على قائمة الخطرين ليلق المعاملة السيئة طوال فترة سجنه حتى لو كان محكوما بالمؤبد. وليس هذا فقط، فالأسرى الذين صدف تواجدهم في قسمه وعادة يبلغ عددهم 120 أسيرا سيلقون من العذاب والعقاب الكثير، وهنا سأتحدث عن تجربتي بعد أن قام أحد الأسرى من القسم الذي أتواجد فيه مع ثلاثة من إخوتي، بطعن سجانين اثنين في سجن النقب، بداية عملية القمع الأولى وهي رش الغاز وقد نجونا منها يومها كون الأسير قام بطعن الجنديين خارج القسم، ثم تأتي بعدها مباشرة عملية اقتحام القسم، ولم ننج منها، وتشمل أولا تقييد جميع الأسرى بالأصفاد البلاستيكية التي تكون مشدودة بشكل كبير، فيقع الأسير هنا بين ورطة السكوت والتي تعني تحمل ألم شديد مع احتمالية خسارة أعصاب إحدى يديه للأبد، وبين الاحتجاج في ظل وجود جنود مستفزين إلى أبعد حد وينتظرون أتفه الأسباب كأن تقول كلمة ( حزاك ) لينهالوا عليك بالضرب المبرح، تستمر معاناة الأسرى المئة والعشرين مع قيودهم البلاستيكية في العراء أو في الزازين - حسب حظ كل منهم- طوال ساعات تدمير ( تفتيش ) القسم، ليعودوا بعدها لقسمهم ويبدؤوا بترميم ما يستطيعون مؤقتا كي يستطيعوا النوم. في فجر اليوم التالي يتم اختياري وأحد إخوتي ضمن 30 أسيرا لنقلنا للعزل بسجن ريمون في قسم لا تتوفر فيه أي أدوات كهربائية وبكمية محدودة من الملابس ويحكم علينا بالمكوث فيه مدة شهر. أما التسعون أسيرا الباقون، ومن بينهم أخواي، فقد تم تشتيتهم خلال عدة أيام على مختلف السجون، اذ كانوا فجر كل يوم ينقلون أربعة أو خمسة، وبهذه الطريقة يفقد من بقي في القسم الإستقرار والأمان، وأذكر هنا أن أحد أخوي نقل لسجن شطة في الشمال فيما بقي الثاني يعاني داخل القسم حوالي 10 أيام اذ بقي مع ثلاثة أسرى أو أربعة فقط منتظرين نقلهم إلا أن تم نقل أخي ولكن ليس لأحد الأقسام في السجن بل أحضروه إلينا في العزل، فكان العزل بالنسبة إليه فرجا. إذا فالأسير قبل أن يقدم على خطوة الطعن يعلم أنه سيلقى عذابا عظيما، وأن حياته داخل السجن لن تعود عادية، وأن أهله سينالهم نصيب كبير من العقوبة، وأن زملاءه الأسرى سيخسرون ما أنجزوه خلال أعوام، ولذلك لا تظن أن الأسير أقدم على خطوته هذه إلا بعد أن أصبحت حياته جحيما لا يطاق