ما أثر العلاقة القانونية بين الساحب والمستفيد على سحب الشيك ؟ وما هي القيمة القانونية لمعارضة الساحب وما تأثيرها على مقابل الوفاء ؟ .
تعتبر العلاقة القانونية التي من أجلها حرر الساحب الشيك لمصلحة المستفيد سبب الألتزام في الشيك ، وقد تكون هذه العلاقة مشروعة أو غير مشروعة .
المبدأ العام يقضي بأن : الشيك عمل قانوني مجرد، سببه يكمن في ذاته ، وبالتالي فهو مستقل عن العلاقة القانونية السابقة لتحريره أو التي اريد من أصداره تسويتها . هذا المبدأ يعني أن بطلان أو عدم مشروعية العلاقة القانونية أو السبب في سحب الشيك لا أثر لها على مسؤولية الساحب الجنائية عن جريمة أصدار شيك بدون رصيد . وان كانت تبطله من الناحية المدنية .
العلة في ذلك : هي ان الشيك قد يظهر ويتم تداوله بين أشخاص طبيعيين أو معنويين ولا تربطهم بساحبه أى علاقة سابقة ، وهؤلاء يجهلون سبب تحرير الشيك – ان كان مشروعاً أو غير مشروع - فلا يجوز حرمان هؤلاء من الحماية الجناية في حالة كانت العلاقة غير مشروعة بين الساحب والمستفيد الأول . والا أختلت ثقة الناس بالشيك كأداة وفاء تحل محل النقود وتقوم مقامها ، وامتنعوا عن قبوله في المعاملات خشية أن يفاجأوا ببطلان العلاقة القانونية التي تربط الساحب بالمستفيد الأول .
معظم الفقه والقضاء أستقروا على هذا المبدأ . فقد قضت محكمة النقض المصرية في قراراها رقم 6927 المؤرخ في 9/1/1990 "لا عبرة – بعد ذلك- بالأسباب التي دعت صاحب الشيك الى أصداره لأنها دوافع لا أثر لها على المسؤولية الجنائية".
يستخلص من هذا المبدأ ان العلاقة القانونية مستقلة عن جريمة اصدار شيك بدون رصيد . وعليه اذا قام الساحب بتحرير شيك تحت تأثير جرم النصب والاحتيال أو من أجل تسوية قمار ، أو مقابل رشوة ، فلا يجوز له معارضة سحب الشيك . لأن العلاقة القانونية الغير مشروعة بين الساحب والمستفيد لا أثر لها على المسؤولية الجنائية للساحب التي تظل قائمة خاصة اذا قام المستفيد الأول بتظهير الشيك الى المستفيد الثاني الأولى بالحماية الجنائية من الساحب . قد يتبادر الى الأذهان للوهلة الأولى ان الحالة لا تتوافق ومنطق العدالة ، فليس من المعقول ان يسأل الساحب عن جرم اصدار شيك بدون رصيد وهو واقع تحت جرم النصب والاحتيال
هذه الحالة كان لديوان الخاص بتفسير القوانين في المملكة الاردنية راى مغاير . فقد قضى في قراراه رقم (4) لسنة 1990 في تفسير المادة (249) في الفقرتين (2+3) من قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966التي تنص "ولا تقبل معارضة الساحب على وفائه الا في حالة ضياعه أو تفليس حامله . فاذا عارض الساحب على الرغم من هذا الحظر لأسباب أخرى وجب على المحكمة بناءً على طلب الحامل ان تأمر برفع المعارضة ولو في حالة قيام دعوى أصلية " بما يلي :-
((يستفاد من هذا النص ان الشيك المبحوث والمقصود في حكم هذه المادة والذي لا تجوز معارضة الساحب في وفائه ، هو الشيك الصحيح والسليم من كافة العيوب . اما الشيك المعيب فلا شك ان معارضة الساحب في وفائه هي معارضة مشروعة سواء اكان العيب في البينات الالزامية والتي يترتب على خلوه منها فقدانه لصفة الشيك كشرط المادتيين (228 و229) من قانون التجارة او كان العيب في ارادة الساحب لسبب من شأنه ان يعدم رضاه في اصدار الشيك للمستفيد او كان العيب في بطلان العلاقة بين الساحب والمستفيد والتي بني عليها الشيك بالاضافة الى الحالات التي يحصل فيها المستفيد على الشيك بفعل جرمي كالسرقة او النصب او التزوير وعلى ذلك فان معارضة الساحب على وفاء الشيك لسبب من هذه الاسباب هي معارضة مشروعة وتستند الى حق قانوني للساحب )) . هذا التفسير له قوة القانون .
شراح القانون الاردنيون قالوا ان هذا التفسير مخالف لقواعد التفسير ، اذ ان التفسير لا يقع الا على نصوصاً متعارضة أو نصوصاً غامضة ، ولا يجوز تفسير النصوص الواضحة .
بغض النظر عن قانونية التفسير نحن مهتمون بالدرجة الاولى بالمنطق القانوني الذي أنطوى عليه التفسير .
لكن اضاف شراح القانون في تعليقهم على هذا التفسير فقالوا "ان المادة 249 من قانون التجارة حددت بشكل واضح لا لبس فيه ما هي الحالات التي تجيز المعارضة للساحب وهما : 1- ضياع الشيك 2- افلاس حامله . واعتبروا ان حالة الضياع تشمل السرقة والاحتيال . اما بطلان العلاقة القانونية بين الساحب والمستفيد فانها لا تؤثر في المسؤولية الجنائية.
محكمة التمييز الاردنية في قرارها رقم 224/98 كانت بارعة وصاحبة الباع الطويل في معالجة هذه المسألة فاقت بها القضاء الفرنسي والمصري فقالت في قرار حكمها (نجد وفقا لما استقر عليه الفقه والقضاء تطبيقا للنصوص القانونية ذات العلاقة ان الشيك عمل قانوني مجرد يتضمن في ذاته سببه الامر الذي ينبني عليه عدم جواز البحث عن سببه في علاقة قانونية سابقة على اصداره او في واقعة اى كانت مادية او قانونية مستقلة عنه بل على العكس يجب البحث عن شروط صحته في ذاته وعدم جواز البحث عنها في خارجه .
وينبني على ما تقدم ايضا انه اذا شاب العلاقة بين اطرافها بسبب البطلان فلا يجوز ان ينعكس ذلك السبب على صحة الشيك الذي يظل صحيحاً على الرغم من ذلك ).
محكمة التمييز الاردنية بهذا القرار لم تستند الى القرار رقم 4 الصادر عن ديوان تفسير القوانين الاردني بل استمدت رايها من الفقه والقضاء .
لو تمعنا في الحالات التي تثير الاشكال المتعلق بمعارضة الساحب نجدها ما يلي :
1- حالة العيب في البينات الالزامية
2- حالة سرقة الشيك
3- حالة ضياع (فقدان) الشيك
4- حالة الاحتيال والنصب في الشيك .
5- حالة بطلان العلاقة القانونية في الشيك : كأن يكون الشيك دين قمار او مقابل رشوة او ثمن مخدرات .
نحن نقف الى جانب التعليل والتسبيب الذي افصحت عنه محكمة التمييز الاردنية لما قالت (((يجب البحث عن شروط صحته الشيك في ذاته وعدم جواز البحث عنها في خارجه))) .
هذا الرأى يعني ان الحالة الاولى وهي حالة العيب في البيانات الالزامية هي التي تعطي حق المعارضة للساحب لانها تتعلق بذات الشيك فاى هدر لأحد البيانات الالزامية يعدم الشيك كأداة وفاء تقوم مقام النقود وتحل محلها .
اما الحالة الثالثة وهي ضياع الشيك فقد اجازت المادة 249 حق المعارضة للساحب
اما بقية الحالات الأخرى فالشيك يظل اداة وفاء لا يملك فيها الساحب اى حق من حقوق المعارضة .
في هذه الحالات الاولى والثانية اذا عارض الساحب سحب الشيك فما على المسحوب عليه البنك الا ان يوقف الصرف . وعلى المتضرر اللجوء للقضاء .
في باقي الحالات لا تصح معارضة الساحب ولا يجوز للمسحوب عليه البنك التصرف في مقابل الوفاء ولا يجوز له اعادة الشيك للساحب بل كل ما يستطيع فعله حجز الشيك ومقابل الوفاء متى توافر حكما قضائياً او امراً قضائي يأذن له التصرف بمقابل الوفاء او التصرف في الشيك . على اعتبار ان المحاكم هي المرجع في فض المنازعات .
بقلم : محرز عطاية
تعتبر العلاقة القانونية التي من أجلها حرر الساحب الشيك لمصلحة المستفيد سبب الألتزام في الشيك ، وقد تكون هذه العلاقة مشروعة أو غير مشروعة .
المبدأ العام يقضي بأن : الشيك عمل قانوني مجرد، سببه يكمن في ذاته ، وبالتالي فهو مستقل عن العلاقة القانونية السابقة لتحريره أو التي اريد من أصداره تسويتها . هذا المبدأ يعني أن بطلان أو عدم مشروعية العلاقة القانونية أو السبب في سحب الشيك لا أثر لها على مسؤولية الساحب الجنائية عن جريمة أصدار شيك بدون رصيد . وان كانت تبطله من الناحية المدنية .
العلة في ذلك : هي ان الشيك قد يظهر ويتم تداوله بين أشخاص طبيعيين أو معنويين ولا تربطهم بساحبه أى علاقة سابقة ، وهؤلاء يجهلون سبب تحرير الشيك – ان كان مشروعاً أو غير مشروع - فلا يجوز حرمان هؤلاء من الحماية الجناية في حالة كانت العلاقة غير مشروعة بين الساحب والمستفيد الأول . والا أختلت ثقة الناس بالشيك كأداة وفاء تحل محل النقود وتقوم مقامها ، وامتنعوا عن قبوله في المعاملات خشية أن يفاجأوا ببطلان العلاقة القانونية التي تربط الساحب بالمستفيد الأول .
معظم الفقه والقضاء أستقروا على هذا المبدأ . فقد قضت محكمة النقض المصرية في قراراها رقم 6927 المؤرخ في 9/1/1990 "لا عبرة – بعد ذلك- بالأسباب التي دعت صاحب الشيك الى أصداره لأنها دوافع لا أثر لها على المسؤولية الجنائية".
يستخلص من هذا المبدأ ان العلاقة القانونية مستقلة عن جريمة اصدار شيك بدون رصيد . وعليه اذا قام الساحب بتحرير شيك تحت تأثير جرم النصب والاحتيال أو من أجل تسوية قمار ، أو مقابل رشوة ، فلا يجوز له معارضة سحب الشيك . لأن العلاقة القانونية الغير مشروعة بين الساحب والمستفيد لا أثر لها على المسؤولية الجنائية للساحب التي تظل قائمة خاصة اذا قام المستفيد الأول بتظهير الشيك الى المستفيد الثاني الأولى بالحماية الجنائية من الساحب . قد يتبادر الى الأذهان للوهلة الأولى ان الحالة لا تتوافق ومنطق العدالة ، فليس من المعقول ان يسأل الساحب عن جرم اصدار شيك بدون رصيد وهو واقع تحت جرم النصب والاحتيال
هذه الحالة كان لديوان الخاص بتفسير القوانين في المملكة الاردنية راى مغاير . فقد قضى في قراراه رقم (4) لسنة 1990 في تفسير المادة (249) في الفقرتين (2+3) من قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966التي تنص "ولا تقبل معارضة الساحب على وفائه الا في حالة ضياعه أو تفليس حامله . فاذا عارض الساحب على الرغم من هذا الحظر لأسباب أخرى وجب على المحكمة بناءً على طلب الحامل ان تأمر برفع المعارضة ولو في حالة قيام دعوى أصلية " بما يلي :-
((يستفاد من هذا النص ان الشيك المبحوث والمقصود في حكم هذه المادة والذي لا تجوز معارضة الساحب في وفائه ، هو الشيك الصحيح والسليم من كافة العيوب . اما الشيك المعيب فلا شك ان معارضة الساحب في وفائه هي معارضة مشروعة سواء اكان العيب في البينات الالزامية والتي يترتب على خلوه منها فقدانه لصفة الشيك كشرط المادتيين (228 و229) من قانون التجارة او كان العيب في ارادة الساحب لسبب من شأنه ان يعدم رضاه في اصدار الشيك للمستفيد او كان العيب في بطلان العلاقة بين الساحب والمستفيد والتي بني عليها الشيك بالاضافة الى الحالات التي يحصل فيها المستفيد على الشيك بفعل جرمي كالسرقة او النصب او التزوير وعلى ذلك فان معارضة الساحب على وفاء الشيك لسبب من هذه الاسباب هي معارضة مشروعة وتستند الى حق قانوني للساحب )) . هذا التفسير له قوة القانون .
شراح القانون الاردنيون قالوا ان هذا التفسير مخالف لقواعد التفسير ، اذ ان التفسير لا يقع الا على نصوصاً متعارضة أو نصوصاً غامضة ، ولا يجوز تفسير النصوص الواضحة .
بغض النظر عن قانونية التفسير نحن مهتمون بالدرجة الاولى بالمنطق القانوني الذي أنطوى عليه التفسير .
لكن اضاف شراح القانون في تعليقهم على هذا التفسير فقالوا "ان المادة 249 من قانون التجارة حددت بشكل واضح لا لبس فيه ما هي الحالات التي تجيز المعارضة للساحب وهما : 1- ضياع الشيك 2- افلاس حامله . واعتبروا ان حالة الضياع تشمل السرقة والاحتيال . اما بطلان العلاقة القانونية بين الساحب والمستفيد فانها لا تؤثر في المسؤولية الجنائية.
محكمة التمييز الاردنية في قرارها رقم 224/98 كانت بارعة وصاحبة الباع الطويل في معالجة هذه المسألة فاقت بها القضاء الفرنسي والمصري فقالت في قرار حكمها (نجد وفقا لما استقر عليه الفقه والقضاء تطبيقا للنصوص القانونية ذات العلاقة ان الشيك عمل قانوني مجرد يتضمن في ذاته سببه الامر الذي ينبني عليه عدم جواز البحث عن سببه في علاقة قانونية سابقة على اصداره او في واقعة اى كانت مادية او قانونية مستقلة عنه بل على العكس يجب البحث عن شروط صحته في ذاته وعدم جواز البحث عنها في خارجه .
وينبني على ما تقدم ايضا انه اذا شاب العلاقة بين اطرافها بسبب البطلان فلا يجوز ان ينعكس ذلك السبب على صحة الشيك الذي يظل صحيحاً على الرغم من ذلك ).
محكمة التمييز الاردنية بهذا القرار لم تستند الى القرار رقم 4 الصادر عن ديوان تفسير القوانين الاردني بل استمدت رايها من الفقه والقضاء .
لو تمعنا في الحالات التي تثير الاشكال المتعلق بمعارضة الساحب نجدها ما يلي :
1- حالة العيب في البينات الالزامية
2- حالة سرقة الشيك
3- حالة ضياع (فقدان) الشيك
4- حالة الاحتيال والنصب في الشيك .
5- حالة بطلان العلاقة القانونية في الشيك : كأن يكون الشيك دين قمار او مقابل رشوة او ثمن مخدرات .
نحن نقف الى جانب التعليل والتسبيب الذي افصحت عنه محكمة التمييز الاردنية لما قالت (((يجب البحث عن شروط صحته الشيك في ذاته وعدم جواز البحث عنها في خارجه))) .
هذا الرأى يعني ان الحالة الاولى وهي حالة العيب في البيانات الالزامية هي التي تعطي حق المعارضة للساحب لانها تتعلق بذات الشيك فاى هدر لأحد البيانات الالزامية يعدم الشيك كأداة وفاء تقوم مقام النقود وتحل محلها .
اما الحالة الثالثة وهي ضياع الشيك فقد اجازت المادة 249 حق المعارضة للساحب
اما بقية الحالات الأخرى فالشيك يظل اداة وفاء لا يملك فيها الساحب اى حق من حقوق المعارضة .
في هذه الحالات الاولى والثانية اذا عارض الساحب سحب الشيك فما على المسحوب عليه البنك الا ان يوقف الصرف . وعلى المتضرر اللجوء للقضاء .
في باقي الحالات لا تصح معارضة الساحب ولا يجوز للمسحوب عليه البنك التصرف في مقابل الوفاء ولا يجوز له اعادة الشيك للساحب بل كل ما يستطيع فعله حجز الشيك ومقابل الوفاء متى توافر حكما قضائياً او امراً قضائي يأذن له التصرف بمقابل الوفاء او التصرف في الشيك . على اعتبار ان المحاكم هي المرجع في فض المنازعات .
بقلم : محرز عطاية