الأخبار
جندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلال
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سيّد ترامب، روح خيّط بغير هالمسلّة !بقلم الأب جورج مسّوح

تاريخ النشر : 2017-01-31
سيّد ترامب، روح خيّط بغير هالمسلّة !

الأب جورج مسّوح

30  كانون الثاني 2017

لا يعنينا من قرار السيّد دونالد #ترامب رئيس الولايات المتّحدة الأميركيّة بمنع استقبال مواطني بعض الدول، ومنها الوطن السوريّ، سوى تمييزه، في قراره، ما بين المسلمين والمسيحيّين. قراره شأنٌ أميركيّ سياديّ محض، ليس لسوى الأميركيّين الحقّ بمناقشة رئيسهم ومساءلته في صوابيّة قراره أم عدمها. ما يعنينا، إذًا، هو تأثير هذا القرار على العلاقات ما بين المسيحيّين والمسلمين في بلادنا.

حين يستثني ترامب من قراره المسيحيّين، إنّما يعتبرهم "أقلّيّات" في حالة الخطر. هو يؤدّي دور حامي الأقلّيّات المضطَهدة، وفي الآن عينه يريد بناء جدار للفصل مع المكسيك "المسيحيّة". لماذا الغيرة على المسيحيّين السوريّين من جهة، وطرد المسيحيّين المكسيكيّين؟ إذًا، ما يعني ترامب ليس مستقبل المسيحيّة والمسيحيّين في الشرق، بل المصالح الأميركيّة. وهذا حقّه، إذ هو رئيس الولايات المتّحدة الأميركيّة، وليس بابا رومية، أو بطريرك القسطنطينيّة.

المسيحيّون السوريّون معظمهم لا يريدون اعتبارهم من الأقلّيّات. هم أهل البلد، كانوا قبل الإسلام، وبقوا فيها، بلا منّة من أحد. علاقاتهم بالمسلمين تفاوتت ما بين حقبة وأخرى وفق أمزجة الحكّام والولاة والغزاة... غير أنّهم أثبتوا أنّهم أحد مكوّنات البلد الأساسيّة، حضورهم يمتدّ من أقصى الشمال، من حلب واللاذقيّة والحسكة، إلى أقصى الجنوب، إلى حوران و"ولاية العربيّة"، مرورًا بحماه وحمص وطرطوس ووادي النصارى ودمشق. لذلك لا يمكن التمييز ما بين المسيحيّين السوريّين وغيرهم من السوريّين.

المسيحيّون السوريّون لا يريدون من السيّد ترامب أن يعاملهم بصفتهم "مسيحيّين سوريّين"، بل بصفتهم "مواطنين سوريّين". أن يمنع استقبال السوريّين في بلاده، حسنٌ. لكن أن يستثني المسيحيّين، فغير حسن. ثمّ إنّ القرار يوحي بأنّ ثمّة أزمة ما بين المسلمين والمسيحيّين، وبأنّ المسيحيّين مضطَهدون من المسلمين، وبأنّ مستقبلهم في المنطقة مهدَّد... وهذا غير صحيح. فأزمة المسيحيّين والمسلمين بدأت قبل ظهور الجماعات الإسلاميّة المتطرّفة، بدأت مع الاستبداد الذي مارسه النظام القائم. أزمة المسيحيّين الشرقيّين، إذًا، هي نفسها أزمة المسلمين، ولا حلّ لإحداهما من دون حلّ الأخرى. المصيران متلازمان، ولا يمكن عزل أحدهما عن الآخر، وعبثًاً نبحث خارج هذا الإطار.

لا ريب في أنّ قرار السيّد ترامب يساهم في صبّ الزيت على نار العنصريّة والحقد والكراهية التي تأكل العالم بأسره. لكنّ القرار يخدم أيضًا مَن تزعم الولايات المتّحدة وروسيا محاربته، أعني داعش والنصرة وأمثالهما من الجماعات الإرهابيّة. فكيف يمكن محاربة التشدّد الإسلاميّ انطلاقًا من اعتبار المسلمين جميعًا خطراً على المجتمع الدوليّ؟ أليس منع مسلم من السفر إلى الولايات المتّحدة هو بمثابة اتّهام له بأنّه إرهابيّ لمجرّد كونه مسلمًا؟ ثمّ كيف يتناسى السيّد ترامب أنّ داعش لا يميّز ما بين المسلم السوريّ والمسيحيّ السوريّ في عمليّاته الإرهابيّة؟ في هذا الأمر، حصريًّا، يبدو داعش أفضل من ترامب، إذ إنّه لا يمارس التمييز العنصريّ، ولا الدينيّ!

هذا النفاق الذي يمارسه السيّد ترامب في تناوله لوضع المسيحيّين في المشرق العربيّ ليس جديدًا. فماذا فعلت الولايات المتّحدة من أجل بقاء مسيحيّي فلسطين أو العراق في ديارهم؟ أو ماذا فعل الغرب بعامّة لمنع المجازر الأرمنيّة، أو لصدّ الأتراك، مع انهيار الدولة العثمانيّة، عن طرد اليونانيّين من غربي تركيا، وتهجير السريان من ماردين وديار بكر، وتهجير الروم من أنطاكيّة؟

لن يرضى المسيحيّون أن يكونوا بيادق في أيدي الموتورين العنصريّين. هم سادة مصيرهم. مرّت عليهم سنون وقرون عجاف أكثر من هذه الأيام، ولم يُقضَ عليهم. هم هنا، وسيبقون هنا، هذه بلادهم، وستبقى بلادهم. أمّا للسيّد ترامب فنقول: "روح خيّط بغير هالمسلّة".

المصدر: "النهار"
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف