الثقافة الممنهجة وفق المسكوك تحدث التخلف وتكرس الجهل
حوار صحفي أجراه الإعلامي والصحفي المصطفى المصدوقي مع مالكة عسال .
1 - تغيير الثقافة مدخل أساسي لإحداث تغيير حقيقي في المجتمعات العربية ، ما رأيك أستاذة مالكة عسال ؟
الثقافة هي كل مايخلفه الإنسان من منجزات حِرفية أو فنية أو أدبية فحين تكون الثقافة نتاجات حرة من وعي صارم للحياة والكون في بعديهما الإنساني والطبيعي ،تحمل بين طياتها قِيَما إنسانية نبيلة ، تهدف إلى تنمية الإنسان وبناء الوطن بحرية تامة ،استنادا على مبدأ الرأي والرأي الآخر دون قيد أو شرط ،أو خوف من قوة ضاغطة ،متملصة من أية إديولوجية سائدة ،ثقافة تؤمن بالحوار والرقي في الأفكار وتقدمها ،متجاوزة الهندسات التقليدية المبنية على أفكار ضلالية متردية ،تؤمن بالمطلق والقطب الأوحد في أي قرار ..طبعا تحدث تغييرا حقيقيا بكل ثقة في النفس ،وسلوك طيب وتعامل هادف ،حيث تسمو بالمعاملات بكل ماتعنيه الكلمة من احترام الحقوق واعتبار للكرامة دون محاباة أو مقابل، رافعة لواء التحدي والتضحية والنضال في وجه أي سوط يحاول جلدها أو تدميرها ..ويتجلى أثرها طبعا في كل مناحي الحياة التجارية والصناعية والتعليم والصحة وحتى الثقافة نفسها ،لأن الفكر المتقدم يغير الواقع والواقع يغير الفكرعملية جدلية مستمرة إلى مالانهاية ..
وإذا كانت الثقافة ممنهجة وفق المسكوك ،والجاهز من الخطط والهندسات ،محددة بإطار عقلية ما ،لها اهتمامها بمصالحها الخاصة ،فلن تحدث إلا التخلف وتكريس الجهل ،
2 - نظرا لما للفكر من اهمية في التحولات التاريخية ، خاصة تلك التي تتعلق بالثورات، من وجهة نظرك كشاعرة و قاصة ما الملامح الفكرية العامة للثورات العربية المعاصرة ؟
أولا لنقف عند مفهوم الثورة ؟ماهي الثورة ؟وماأهدافها ؟؟ الثورة هي التمرد على سياسة معينة لاتخدم مصلحة الشعب ،واستبدالها بأخرى تحقق نوعا من التوازن الحقوقي بكل ماتعنيه الديمقراطية والعيش الكريم ، كما حدث في الدول الأوربية ،حين استشرى الظلم في المجتمعات ،وساد القهر وهيمنت الديكتاتوريات ،انتفضت الشعوب ضد أنظمتها بجعبة من الأفكار وجملة من الأهداف ،مفادها تحقيق الديمقراطية والعيش بكافة الحقوق، كمبادئ عامة يؤمن بها أغلبية الشعب لخدمة الصالح العام ،وتحقق ذلك في فرنسا وجزيرة صقلية وغيرهما ...غير أن الثورات العربية باستثناء تونس لم تنهض على أسس متينة ،ومبادئ محددة ،وأفكار موحدة من أجل تغيير الأنظمة السياسية كمعضلة بهدف القضاء على أنماط الحكم المعتمدة على مظاهر الهيمنة والفساد ،وبناء منظومة أخرى جديدة شعارها الحرية والمواطنة واحترام الحقوق ،بل كانت عبارة عن فتن وتظاهرات لاتأطير لها ولامنهج ولاآليات ولاأهداف نصب أعينها من أجل الشعوب ...
3 - ،هل أنتجت الثورات العربية ثقافتها و مجتمعها و منظومة قيمها ؟
لم تنتج إلا حروبا ضارية بين التيارات الفكرية كل واحدة منها شاهرة سيف إلغاء الأخرى،فالإسلامي يحارب العلماني والمتحرر يعرقله المنغلق وهلم جرى ...وأضيف أنه مازالت موروثات مهترئة عالقة بأذهان البعض، ترى في أية حركة متطورة إلحادا تاما ،أو تشبثا بتوجهات الغرب ،أو خروجا عن مبادئ الإسلام ..كما هناك سلوكات أنانية تهدف إلى بناء مصلحتها الخاصة على حساب مصالح الشعب ..وهذه الكوارث في عدم الاتفاق تحت لواء البناء الوطني والإنساني الشامل ،وهيمنة التأخر في العقليات والأنفس، وعدم الوعي بما يجري تهدم أي توجه بنّاء يخدم الشعب ..وكما تلاحظ لقد بدأت الثورات في العالم العربي، كقاسم مشترك بين جميع التيارات والتوجهات السياسية ، بمرجعياتها الدينية والإسلامية والعلمانية والمتطرفة، من أجل بناء مرحلة جديدة ترتفع فيها أرصدة التنمية ،ويسود الحوار السياسي على مبدأ الحرية والإيمان بالاختلاف، وتطبيق الأفكار المتنورة من أجل التغيير والبِناء ..لكنها أُجهِضت في مهدها جنينيا وتفرقت أطرافا ..الفريق يواجه الفريق ،حتى أصبح العدو من الصديق ،والغريب من الشقيق ،ولم تترك تلك الثورات إلا نارا في الهشيم ،تتناطح في ما بينها بالجهل وتدمير الإنسان والذبح والقتل بكل الوسائل والطرق ،كل تيار يريد فرض نفسه وإلغاء الآخر ،وغابت تماما فكرة التغيير من أجل الكل / الصالح العام..ليصبح الكل أخيرا في نفق مظلم يعشش فيه التأخر والتردي ...
4 - طرح تصدرهم الإسلاميين المشهد السياسي في عدة بلدان عربية عقب ثورات الربيع العربي ،(طرح) تخوفات بخصوص حرية الفكر و الابداع و الفن. إلى حد يتفق الشاعرة مالكة او تختلف مع هذه التخوفات ؟
متى كان الإسلام يلغي الآخر ؟؟؟ فالإسلام دين السلم والرحمة والتعايش والتسامح تؤكدها قولة الرسول ((ص)) (( بعثت دين الحنفية ))وقولته (( إياكم والغلو في الدين ..)) إلى متم الحديث الشريف ،.. ودين الوسطية والاعتدال ،دين الأخلاق السمحة الحميدة ،دين التعايش الذي لاضيق فيه ولاتعصب .دين الحرية والحق في الاختلاف ،إذا حين نرى هذه الميزات كلها في الإسلام ،لمَ يتخوف المسلمون من الإبداع الفكري الفني كعلوم وثقافة تنفذ في أقطار الكون ،للكشف ،والتعرف على مناطقه المجهول،وتسخيرها للإنسان ؟؟..ألم يحث القرآن الكريم على التفكير في ملكوت السماوات والأرض ؟؟حين يقول في كتابه العزيز ﴿ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾ [الأنعام: 148..
هؤلاء المسلمون الذين يغلقون المنافذ على ملكَات الإبداع ،ويوقفون أمامها نصُبا من العراقيل ،إنما يسيرون بالفكر نحو طريق مسدود ..وماأظن مسلما متشبعا بالثقافة مدركا لمبادئ الدين على أسسه الحقة ،متشربا لأهدافه في خدمة الإنسان ،أن يتشبث برأي يهدم الإبداع الفكري في أي مجال كان ..
تحية كريمة أخي المصطفى المصدوقي وشكرا جزيلا على الاهتمام
بتاريخ 21/01/2017
حوار صحفي أجراه الإعلامي والصحفي المصطفى المصدوقي مع مالكة عسال .
1 - تغيير الثقافة مدخل أساسي لإحداث تغيير حقيقي في المجتمعات العربية ، ما رأيك أستاذة مالكة عسال ؟
الثقافة هي كل مايخلفه الإنسان من منجزات حِرفية أو فنية أو أدبية فحين تكون الثقافة نتاجات حرة من وعي صارم للحياة والكون في بعديهما الإنساني والطبيعي ،تحمل بين طياتها قِيَما إنسانية نبيلة ، تهدف إلى تنمية الإنسان وبناء الوطن بحرية تامة ،استنادا على مبدأ الرأي والرأي الآخر دون قيد أو شرط ،أو خوف من قوة ضاغطة ،متملصة من أية إديولوجية سائدة ،ثقافة تؤمن بالحوار والرقي في الأفكار وتقدمها ،متجاوزة الهندسات التقليدية المبنية على أفكار ضلالية متردية ،تؤمن بالمطلق والقطب الأوحد في أي قرار ..طبعا تحدث تغييرا حقيقيا بكل ثقة في النفس ،وسلوك طيب وتعامل هادف ،حيث تسمو بالمعاملات بكل ماتعنيه الكلمة من احترام الحقوق واعتبار للكرامة دون محاباة أو مقابل، رافعة لواء التحدي والتضحية والنضال في وجه أي سوط يحاول جلدها أو تدميرها ..ويتجلى أثرها طبعا في كل مناحي الحياة التجارية والصناعية والتعليم والصحة وحتى الثقافة نفسها ،لأن الفكر المتقدم يغير الواقع والواقع يغير الفكرعملية جدلية مستمرة إلى مالانهاية ..
وإذا كانت الثقافة ممنهجة وفق المسكوك ،والجاهز من الخطط والهندسات ،محددة بإطار عقلية ما ،لها اهتمامها بمصالحها الخاصة ،فلن تحدث إلا التخلف وتكريس الجهل ،
2 - نظرا لما للفكر من اهمية في التحولات التاريخية ، خاصة تلك التي تتعلق بالثورات، من وجهة نظرك كشاعرة و قاصة ما الملامح الفكرية العامة للثورات العربية المعاصرة ؟
أولا لنقف عند مفهوم الثورة ؟ماهي الثورة ؟وماأهدافها ؟؟ الثورة هي التمرد على سياسة معينة لاتخدم مصلحة الشعب ،واستبدالها بأخرى تحقق نوعا من التوازن الحقوقي بكل ماتعنيه الديمقراطية والعيش الكريم ، كما حدث في الدول الأوربية ،حين استشرى الظلم في المجتمعات ،وساد القهر وهيمنت الديكتاتوريات ،انتفضت الشعوب ضد أنظمتها بجعبة من الأفكار وجملة من الأهداف ،مفادها تحقيق الديمقراطية والعيش بكافة الحقوق، كمبادئ عامة يؤمن بها أغلبية الشعب لخدمة الصالح العام ،وتحقق ذلك في فرنسا وجزيرة صقلية وغيرهما ...غير أن الثورات العربية باستثناء تونس لم تنهض على أسس متينة ،ومبادئ محددة ،وأفكار موحدة من أجل تغيير الأنظمة السياسية كمعضلة بهدف القضاء على أنماط الحكم المعتمدة على مظاهر الهيمنة والفساد ،وبناء منظومة أخرى جديدة شعارها الحرية والمواطنة واحترام الحقوق ،بل كانت عبارة عن فتن وتظاهرات لاتأطير لها ولامنهج ولاآليات ولاأهداف نصب أعينها من أجل الشعوب ...
3 - ،هل أنتجت الثورات العربية ثقافتها و مجتمعها و منظومة قيمها ؟
لم تنتج إلا حروبا ضارية بين التيارات الفكرية كل واحدة منها شاهرة سيف إلغاء الأخرى،فالإسلامي يحارب العلماني والمتحرر يعرقله المنغلق وهلم جرى ...وأضيف أنه مازالت موروثات مهترئة عالقة بأذهان البعض، ترى في أية حركة متطورة إلحادا تاما ،أو تشبثا بتوجهات الغرب ،أو خروجا عن مبادئ الإسلام ..كما هناك سلوكات أنانية تهدف إلى بناء مصلحتها الخاصة على حساب مصالح الشعب ..وهذه الكوارث في عدم الاتفاق تحت لواء البناء الوطني والإنساني الشامل ،وهيمنة التأخر في العقليات والأنفس، وعدم الوعي بما يجري تهدم أي توجه بنّاء يخدم الشعب ..وكما تلاحظ لقد بدأت الثورات في العالم العربي، كقاسم مشترك بين جميع التيارات والتوجهات السياسية ، بمرجعياتها الدينية والإسلامية والعلمانية والمتطرفة، من أجل بناء مرحلة جديدة ترتفع فيها أرصدة التنمية ،ويسود الحوار السياسي على مبدأ الحرية والإيمان بالاختلاف، وتطبيق الأفكار المتنورة من أجل التغيير والبِناء ..لكنها أُجهِضت في مهدها جنينيا وتفرقت أطرافا ..الفريق يواجه الفريق ،حتى أصبح العدو من الصديق ،والغريب من الشقيق ،ولم تترك تلك الثورات إلا نارا في الهشيم ،تتناطح في ما بينها بالجهل وتدمير الإنسان والذبح والقتل بكل الوسائل والطرق ،كل تيار يريد فرض نفسه وإلغاء الآخر ،وغابت تماما فكرة التغيير من أجل الكل / الصالح العام..ليصبح الكل أخيرا في نفق مظلم يعشش فيه التأخر والتردي ...
4 - طرح تصدرهم الإسلاميين المشهد السياسي في عدة بلدان عربية عقب ثورات الربيع العربي ،(طرح) تخوفات بخصوص حرية الفكر و الابداع و الفن. إلى حد يتفق الشاعرة مالكة او تختلف مع هذه التخوفات ؟
متى كان الإسلام يلغي الآخر ؟؟؟ فالإسلام دين السلم والرحمة والتعايش والتسامح تؤكدها قولة الرسول ((ص)) (( بعثت دين الحنفية ))وقولته (( إياكم والغلو في الدين ..)) إلى متم الحديث الشريف ،.. ودين الوسطية والاعتدال ،دين الأخلاق السمحة الحميدة ،دين التعايش الذي لاضيق فيه ولاتعصب .دين الحرية والحق في الاختلاف ،إذا حين نرى هذه الميزات كلها في الإسلام ،لمَ يتخوف المسلمون من الإبداع الفكري الفني كعلوم وثقافة تنفذ في أقطار الكون ،للكشف ،والتعرف على مناطقه المجهول،وتسخيرها للإنسان ؟؟..ألم يحث القرآن الكريم على التفكير في ملكوت السماوات والأرض ؟؟حين يقول في كتابه العزيز ﴿ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾ [الأنعام: 148..
هؤلاء المسلمون الذين يغلقون المنافذ على ملكَات الإبداع ،ويوقفون أمامها نصُبا من العراقيل ،إنما يسيرون بالفكر نحو طريق مسدود ..وماأظن مسلما متشبعا بالثقافة مدركا لمبادئ الدين على أسسه الحقة ،متشربا لأهدافه في خدمة الإنسان ،أن يتشبث برأي يهدم الإبداع الفكري في أي مجال كان ..
تحية كريمة أخي المصطفى المصدوقي وشكرا جزيلا على الاهتمام
بتاريخ 21/01/2017