الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحنين للوطن بقلم:ب. فاروق مواسي

تاريخ النشر : 2017-01-21
الحنين للوطن بقلم:ب. فاروق مواسي
مع الحنين إلى الوطن


حفظنا وأعجبنا بأبيات القصيدة الفائية البَحْدلية التي تظهر الحنين إلى الوطن، وتفضله على كل ترف أو بُلَـهنية عيش في سواه، ومنها:

لَبيتٌ تخفق الأرواح فيه *** أحبُّ إليَّ من قصر منيف
وأصواتُ الرياح بكل فَجّ ... أحب إلي من نقر الدُّفوف
ولُبسُ عباءةٍ وتقرَّ عيني *** أحبُّ إلي من لبس الشُّفوف

وخِرقٌ من بني عمّي نحيفٌ ***  أحب إلي من عِلج عليف
خشونةُ عيشتي في البدو أشهى *** إلى نفسي من العيش الطريفِ
فما أبغي سوى وطني بديلاً *** فحسبي ذاك من وطن شريفِ
إلخ
(البغدادي- خزانة الأدب، ج8، ص 504)- تحقيق عبد السلام هارون



 في اللغة:
انتبه إلى معنى (الأرواح) فهي جمع الريح- كالرياح، وأما (العَليف) فهو المعلوف السمين، وانتبه أيضًا إلى نصب (تقرَّ) منصوبة بأن مضمرة مقدرة، وهي من الشواهد اللغوية.

...

الشاعرة هي مَيسون بنت بَحْدَل زوج معاوية بن أبي سفيان، وقد قالت الشعر لما أن برّح بها الشوق لموطنها في البادية؛ فلما سمع معاوية هذه الأبيات قال:
 "ما رضيتِ والله يا ابنة بحدل حتى جعلتِني عِلجا عليفًا، فالحقي بأهلك! فطلقها وألحقها بأهلها، وقال لها: كنتِ فبِنتِ!
فقالت: والله ما سررنا إذ كنّا، ولا أسفنا إذ بِنّـا".
(البغدادي: خزانة الأدب، ج8، ص 506)

..



"الحنين إلى الأوطان" رسالة خطّها الجاحظ- (رسائل الجاحظ، ج1، ص 388- 412- تحقيق عبد السلام هارون). وقد ذكر فيها أنّ الحنين إلى الأوطان أمر تشترك فيه جميع الأُمم والشعوب. فقد قال الفرس: من علامة الرُّشد أن تكون النفس إلى مولدها مشتاقة، وإلى مسقط رأسها توَّاقة. وقال الهنود: حرمة بلدك عليك كحرمة أبويك لأنّ غذاءك منهما وأنت جنين، وغذاءهما منه.

..

في موضوع الحنين ورد ذكر امرأة من بني ضَبّة اسمها زينب أم حسّانة، وقد سئلت وهي إلى جانب بركة بين الرياحين والأزهار: كيف حالك هنا؟
أجابت: ليس أطيب من البادية، ثم أنشدت:

أقول لأدنى صاحبَيَّ أسرُّه ***  وللعين دمع يحدِرُ الكحلَ ساكبُه
لَعمري لَنهرٌ باللِّوى نازحُ القَذى *** بعيدُ النواحي غيرُ طرقٍ مشاربُه
أحبُّ إلينا من صهاريجَ مُلِّـئت ***  للِعبٍ، ولم تملُحْ لديَّ ملاعبًه
فيا حبذا نجدٌ وطيبُ ترابه ***  إذا هضبَـتْه بالعَشِيِّ هواضبه
وريحُ صَبا نجدٍ إذا ما تنسّمت ***  ضحًى، أو سَرتْ جُنْحَ الظلامِ  جنائبُه
وأُقسِمُ لا أنساه ما دمتُ حيةً ***  وما دام ليلٌ من نهار يعاقبُه
ولا زال هذا القطرُ يُسفر لوعةُ ***  بذكراه حتى يتركَ الماءَ شاربُـه
....
تعجبني في هذا السياق أبيات ابن الرومي في حبه لوطنه:

ولي وطن آليت أن لا أبيعَه *** وألا أرى غيري له الدهرَ مالكا
[...]
وحبّب أوطانَ الرجال إليهم *** مآربُ قضّاها الشباب هنالكا
إذا ذكروا أوطانَهمْ ذكَّرتهمُ ***  عهودُ الصِّبا فيها فحنّوا لذلكا
...

..
ما أجمل أن نعرف:

كان من عادة العرب إذا غزت أو سافرت حملت معها من تراب بلدها فتنشقه عند نزلة أو صداع. (رسائل الجاحظ، ج1،  ص 392).
ومما روي كذلك:
لما أُسِر سابور ببلد الروم ومرض قالت له بنت الملك وقد عشقته:
 ما تشتهي؟ قال: شربة من ماء دجلة وشمّة من تراب اصطخر.
فلما حقّقتهما له شُفي.

حتى المتنبي الذي كان يجوب ويجول يحن إلى أهله في موطنهم:

أحنّ إلى أهلي وأهوى لقاءهم  ***  وأين من المشتاق عنقاء مغرب

ومن جميل الشعر كذلك ما قاله الشاعر الجاهلي مُعَقِّر البارقي:
فألقت عصاها واستقرّ بها النوى *** كما قرَّ عينًا في الإيابِ المسافرُ

(يُضرب مثلاً لكل من وافقه شيء فأقام عليه)

ولا ننس بيت أبي تمّام المشهور الذي ناقشناه سابقًا في موضوع (الحب الأول أم الأخير؟):
كم منزل في الأرض يألفه الفتى *** وحنينه أبدًا لأول منزل

...

يبدو أن مترددة (موتيف) الحنين لدى الصِّـمَّـة بن عبد الله القُشيري بارزة في قصائده، ومنها ما هو الحنين لحبيبته حيث تقيم، وللصمة شعر رقيق أذكر منه:

قِفا ودِّعا نجدًا ومن حلَّ بالحمَى ***  وقلَّ لنجدٍ عندنا أن يُودَّعا
و ليست عشيات الحمى برواجع *** عليك ولكن خلِّ عينيكَ تدمَعَا
بكتْ عينيَ اليُسرَى فلمَّا زجرتُها *** عن الجهلِ بعد الحلْمِ أسبَلَتا معَا
وأذكر أيام الحمى ثم أنثني *** على كبدي من خَشية أن تصدَّعا
..

تمتعْ من شميم عرارِ نجد ... فما بعد العشية من عَرار
ألا يا حبذا نفحاتُ نجد *** ورَيَّا رَوْضِهِ غِبَّ القِطَارِ

وَأهْلُكَ إذْ يَحُلُّ الحَيُّ نَجْدًا *** وأنت على زمانك غير زار

...

وأختم بقول شوقي في قصيدته للأطفال- "عصفورتان في الحجاز":
هب جنة الخُلدِ اليمن *** لا شيء يعدل الوطن
ولا بدع في ذلك وهو القائل:

وطني لو شُغلتُ بالخُلد عنه ***  نازعتني إليه في الخُلد نفسي
..

في العصر الحديث كثر القول والتغني بالوطن في أدبنا، كما كثر في الأغاني، هذا الوطن الذي يوجب الوفاء له وخدمته، ومحبة أهله، وأرضه بكل ما فيها من جمال وعطاء. 
..
 
ملاحظة عابرة:  لي مجموعة شعرية سميتها (يا وطني)- كفر قاسم- 1977.

 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف