الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حكاية قلب لا يصدأ بقلم:أشرف أبوخصيوان

تاريخ النشر : 2017-01-20
حكاية قلب لا يصدأ بقلم:أشرف أبوخصيوان
حكاية قلب لا يصدأ
أشرف أبوخصيوان " *"
كاتب وصحفي فلسطيني

بعد أن خرج من السجنِ التفت ميمنةً ثم ميسرةً وأطلق العنانَ إلي قدميه للسيرِ عبر "حلابات " معبر إيرز بيت حانون الفاصل بين قطاعِ غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، فلم يجدْ قلبَ محبوبتة في انتظارِه كما وعدته قبل عشرين عاما في أولِ زيارةٍ له عندما حُكم بالسجن 20 عاما قضاها العامَ تلو الأخر.
ولكنه لم يجدْها، بل وجد راياتٍ مزركشاتٍ وألواناً وأحزاباً ومكبراتِ صوتٍ وسياراتٍ وزماميرَ وشخصياتٍ يعرفُها ولا يعرفُها، حملوه على الأكتافِ "بالروح بالدم نفديك يا أسير"، سار المركبُ المهيب يشقُ أطرافَ المخيم، والمسلحين مدججين يطلقون النارَ في الهواءِ فرحين مهللين ، "نموتُ وتحيا يا أسير"، يا الله أهذا حلمٌ أم حقيقة؟
في أرضِنا الفلسطينية حكاياتُ عشقٍ لا تكونُ فقط بين البشرِ، ولكن في واقعِنا الفلسطيني تجد حكاياتِ عشقٍ غريبة وعجيبة، ليس بفعلِ مرضٍ نفسي أو اضطرابٍ عقلي بقدرِ ما هو تجاوبٌ وتجاذبٌ وتفاكر ما بين الحبِّ ومحبوبتة، فلا عقل يستطيعُ أن يُحبَّ السجين باب السجان وأضلاعه ومركباته، إني أشاهدُ وأراقبُ الصدأَ يأكلُ أطرافَ البابِ يوما بعد الآخر، الحديدُ يصدأُ وقلبُ الفلسطيني لا يصدأُ ينبضُ فكرا ينبضُ حُبا يتنفسُ صبرا يتأملُ دهرا لا يقهرُ، عاش للموتِ والموتُ بعيدُ المنالِ عنه مات السجانُ وجاء ابنُه وأيضا مات الآخر، ولم تقفْ عجلةُ الحياةِ على أبوابِ ذلك السجن.
أقتبسُ من كلامِ المحررِ من الأسرِ المبعد إلي غزة منصور ريان " أن تكونَ محكوماً مدى الحياة.... ومعتقلاً لمدةِ 20 عاماً في سجون الاحتلال ....وأن تعاني التعذيبَ والشبحَ والضربَ والعنفَ الجسدي والنفسي ....وتعاني الموتَ البطيءَ كلَّ يومٍ من هذه السنواتِ العشرين ...وتكون محروما من كلِّ شيءٍ ومن أبسطِ الحقوقِ الإنسانية ...وتحلم بالحرية ِكلَّ يومٍ و كل ليلةٍ وكل لحظةٍ وكل دقيقةٍ وتستيقظ على أصفادِ السجان ويتبخر الحلم ..ويبدأ اليومُ الثاني بحلمٍ جديدٍ ويتبخر الحلم بسماعِ أصفادِ السجان ...ويبدأ اليوم الثالث بحلمٍ جديدٍ ويتبخر الحلمُ بسماعِ أصفاد السجان ...وينتهي العامُ الأول بانتهاء 365 حلما ويبدأ العام الثاني ب365 حلما جديدا بالحريةِ ويبدأُ العام الثالث وينتهي والعام الرابع وينتهي والعام الخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرون ب87.600 يوم وفي كلِّ يومٍ حلمٌ بالحريةِ ويتبخر 87.600 حلم عندما تستيقظُ على أصفادِ السجانِ كلَّ صباح ...
ما زال خلفَ القضبانِ معتقلون محكومون لمدى الحياةٍ ويحلمون كلَّ يومٍ منذ 20 عاماً و25 عاماً و30 عاماً و35 عاماً بالحريةِ كلَّ صباحٍ وتتبخر أحلامُهم عندما يستيقظون على صوتِ أصفادِ السجان ...
في هذا اليومِ وأنا أحملُ ابني البِكر عبيدة وهو يبتسمُ ببراءةٍ أتذكرُ هؤلاءِ الأسرى الذين بقوا خلفنا يعانون ويموتون ببطيءٍ كلَّ لحظةٍ الأسير محمود عيسى من القدس والأسير عمار الزبن من نابلس والأسير كريم يونس من الداخل والأسير نائل البرغوثي من رام الله والأسير معمر الشحروي من طولكرم والأسير جمال الهور من الخليل والاسير عباس السيد من طولكرم والأسير حسن سلامة من غزة والأسير إبراهيم البيادسة من الداخل والأسير جمعة ادم من أريحا وغيرهم الكثيرون ما زالوا هناك هناك خلفَ الشمسِ في سجونِ جلبوع ونفحة ورامون وايشل وشطة والدامونش وهشارون وتلموند ونفحة وعسقلان والنقب ما زالوا يحلمون بالحريةِ كلَّ يومٍ ويستيقظون على صوتِ أصفادِ السجان" .
انتهى الاقتباسُ ولم تنتهي معاناة 7 آلاف أسيرٍ فلسطيني ما زالوا خلف أسوارِ وقضبان ِالسجان الإسرائيلي، تلك الأرواحُ التي تنتظرُ يومَ ولادتِها من جديدٍ، في ظلِّ حالةٍ فلسطينيةٍ توحدُها تلك الأرواحُ داخل السجنِ وتسهرُ على راحتها وهي تتألمُ ومن همٍ بالخارجِ بعضهم أو اغلبهم لا يكلفون أنفسهم بالذهابِ إلي الاعتصامِ الأسبوعي في مقراتِ الصليب الأحمر المنتشرة في ربوعِ الوطن.
7 آلافِ قلب ينبضُ في وقتٍ واحدٍ يصرخُ بنفسِ الصوت يتحملُ طريقَ الألم يسيرُ إلي ما وراءَ الشمس وخلفَ القمر، لا يعرفون من الأيامِ إلا يومَ يشمون فيه رائحةَ نسيمِ الحرية.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف