الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

بائعة المناديل بقلم: أ.د.كامل خالد الشامي

تاريخ النشر : 2016-12-07
بائعة المناديل بقلم: أ.د.كامل خالد الشامي
قصة قصيرة/بائعة المناديل
بقلم: أ.د.كامل خالد الشامي
في وسط زحام المدينة وما تخبئه بين ثناياها من حزن وفقر وبطالة وحصار وضغط نفسي, يفقد الإنسان جزءا من إنسانيته وأحاسيسه الإنسانية, فتصبح القضايا الإنسانية مهما كانت قاسية قضايا عامة , لا تتحفز لها المشاعر الآدمية ,وفي غفلة من الزمن بين لسعات البرد وقطرات المطر الممزوجة بسحب الدخان والضجيج تضيع قصص عميقة الجرح وحكايات من نوع آخر يكبر فيها الألم كيفما يكبر الطفل, تنتهي بالهروب الي الهاوية أو السقوط فيها, وهذا هو الجزء المظلم من حياة الناس في المدينة.
في مركز المدينة عندما يأخذ الزحام في التنامي,تقف بائعة المناديل علي الإشارة الضوئية, تنتظر حتى تصبح حمراء, تقترب من السيارات وتعرض علي السائقين بضاعتها للبيع مقابل نقود قليلة, وغالبا لا يلتفت الناس, الكل علي عجالة من أمره وبانتظار الإشارة حتى تصبح صفراء وخضراء ليواصلوا السير.
وفي نهاية اليوم عندما يكون الليل قد أرخي سدوله وطوي بين طياته أحزان يوم كئيب, تبدد أضواء السيارات قليلا من وحشة الظلام المخيم عليها بسبب انقطاع التيار الكهربائي فيها, وتعود بائعة المناديل ذات العشرة أعوام أدراجها منهكة ومتعبة الي مقبرة الحي حيث تعيش مع أسرتها في احدي زوايا المقبرة, يستقبلها والدها المدمن واضعة بين يديه ما جنته من بيع المناديل, ثم تنكفئ في احدي زوايا القبو غارقة في سبات عميق حتى صباح اليوم التالي.
في مكب النفايات في الطريق الي مركز المدينة تلتقط بقايا معطف مهتريء وقطعة كرتون تحتفظ بها في مكان قريب من المكان الذي تقف فيه, تنادي وتقرع زجاج السيارات تطلب من سائقيها أن يبتاعوا منها المناديل, وفي مرة توقفت احدي السيارات علي الإشارة الضوئية , فتح طفل الشباك الخلفي في حركة عفوية وناولها قطعة حلوي, وكأنه شعر بالتضامن معها ,فلم يكن باستطاعتها أن تشتري وجبة طعام أو حتى قطعة حلوي خشية من عقاب والدها , فتظل جائعة كل اليوم.
عندما تشعر بائعة المناديل بالتعب ولا تستطيع أن تواصل تفترش قطعة الكرتون وتلتحف بالمعطف المهتري بجانب احدي زوايا المسجد القريب,الهادئة, فتغفوا قليلا وتعود وقت الذروة لمواصلة معاناتها.
حاولت بائعة المناديل اللجوء الي جدتها قبل أن تتوفي في تساعدها بالعودة الي المدرسة وترك بيع المناديل, ولكن جدتها فشلت في هذه المهمة أمام والدها الذي ابدي إصرارا علي مواصلة ابنته لبيع المناديل.
كانت الجدة تخفف من آلام بائعة المناديل فتحتضنها وتحدثها بعضا من قصص الأطفال التي تعرفها حتى تغفوا وتنام, ففقد كانت بمثابة والدتها التي توفيت قبل عدة أعوام.
في يوم من أيام الشتاء الباردة والرطبة حيث تقل حركة السيارات والمارة شعرت بائعة المناديل بقسوة الطقس فأخذت ترتعد من شدة البرد والجوع, ولم يعيرها المارة أي انتباه, فقررت العودة الي المقبرة , وفي الطريق الي هناك آخذت معها قطعة الكرتون والمعطف المهتريء ولكنها لم تتوجه الي القبو حيث أسرتها خشية من عقاب والدها, ففي هذا اليوم لم تتمكن من بيع المناديل.
تحسست بائعة المناديل الطريق الي قبر جدتها في الظلام , افترشت قطعة الكرتون والتحفت المعطف المهتريء,وتحوصلت في حركة حلزونية لكي تشعر بالدفء ولكنها سرعان ما غطت في سبات عميق.
استيقظت بائعة المناديل علي صوت جدتها وهي تحتضنها وتقبلها ودار بينهما هذا الحديث:
الجدة : كيف حالك يا ابنتي اشتقت إليك كثيرا
بائعة المناديل : متعبة يا جدتي وأريد أن تأخذيني معك,أنا احبك يا جدتي
الجدة : وأنا أحبك يا ابنتي
بائعة المناديل : هيا بنا يا جدتي نطير علي ظهر الحصان ونذهب بعيدا من هنا
نلعب ونلهو, وتواصل: إنا لا أريد أن أبيع المناديل وأريد العودة الي مدرستي
الجدة : سوف آخذك معي يا حبيبتي
وفي صباح اليوم التالي عثر علي بائعة المناديل ميتة علي قبر جدتها
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف