الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الإعلام لا يعني التواصل بقلم: سامح عسكر

تاريخ النشر : 2016-12-07
الإعلام لا يعني التواصل بقلم: سامح عسكر
في كتاب .."الإعلام ليس تواصلا"..للكاتب الفرنسي دومينيك ولتون

قال أن التواصل يعني التفاهم والتعايش، والعالم الآن غير متعايش وتكثر فيه الصراعات رغم غزارة الإعلام، والنظرية التي استنتجها أن .."الإعلام شئ والتواصل شئ آخر"..تعني أن الإعلام في طبيعته شئ سلبي لكن ما يجعله إيجابيا هو التواصل.

أشبه ذلك بمعلم يهودي يدرس لتلاميذه أن اليهودية حق، في المقابل معلم مسلم يدرس لتلاميذه أن الإسلام حق، هذا مدرس وهذا مدرس، وهذا إعلام وهذا إعلام...والمعلومات التي يستقيها التلاميذ في الطرفين تؤدي نفس الغرض وهو إعلاء الذات وتبرير المعتقدات، لكن في النهاية لا يوجد.."تفاوض"..أو.."تفاهم"..بين المسلم واليهودي..

وهذا يضع مفهوم.."مواقع التواصل الاجتماعي"..محل شك كبير، فالمواقع تتيح نقل المعلومة لكن لا تحقق التواصل بطبيعتها، والدليل أن صفحات مليونية تعارضها صفحات مليونية أخرى،بل ليست معارضة طبيعية إنما تصل أحيانا لدرجة العداء، وتزداد معها حدة الصراع وتكثر المشاكل وتشيع الكراهية، وكأن عزلة ما قبل عصر التكنولوجيا لا زالت موجودة..بل استفحل خطرها بالمشاكسات والتزوير المتعمد الذي يصبح طبيعيا في تلك الأجواء.

الإعلام يعني حضور المعلومة في ذهن المتلقي، بينما توجد شروط لقبول تلك المعلومة في رأيي أن تُعرض بشكل هادئ ومتزن، وأن تُطرح بشكل موضوعي سلس، وأن تكون مُبسّطة قدر الإمكان، فور تحقق هذه الشروط ستنتقل المعلومة وتنتشر مهما كانت خاطئة أو مغرضة..وهذا تفسير ما قد يحدث من انتشار الفكر الإرهابي، فالقائمين على نشره حققوا تلك الشروط رغم فداحة الفكرة وخطورتها على البشرية.

من ينسى تلك الصورة الهادئة والمتزنة التي ظهر بها زعيم داعش أبو بكر البغدادي؟ أو ينسى لغته الواثقة وتعبيرات وجهه الصارمة، بل من ينسى جلبابه ولحيته التي تتسق في العُرف العربي والإسلامي مع الوقار والهيبة، بينما في المقابل يوجد بعض التنويريين ودعاة النقد الذاتي متسرعين وأصواتهم عالية، فبرغم قوة أفكارهم ومتانة أذهانهم ورحابة مخيلاتهم وتوسع موضوعاتهم إلا أنهم لم يحققوا نفس الشعبية التي اكتسبها البغدادي بين أنصاره..للحد الذي قد يَقتل فيه البغدادي بعض أنصاره بدعوى التولي يوم الزحف وهم مطمئنين..!

يضيف دومينيك ولتون في كتابه.."لم يعد كافيا أن نسرّع من وتيرة إنتاج وتوزيع المعلومات من أجل تحقيق تواصل أكبر، لا بل من شأن ذلك تضخيم النزاعات، ولأول مرة في التاريخ يحدث مثل هذا الفكاك"..صـ 21 ويبدو قلق الكاتب من المستقبل الذي أصبح فيه الإعلام مصدر تفكك وانشقاق وبالتالي تهديد كبير، والواقع الآن يصدق رؤيته ، فكم مرة حذر قادرة العالم من نشوب حرب عالمية ثالثة، أو حرب إقليمية كبرى في الخليج، أو حرب على مصادر المياه والبترول، أو حتى حرب من النوع الطبقي يثور فيه العالم الفقير على عوالم الأغنياء..

ما الحل إذن لتجنب ذلك؟..هل ميثاق شرف إعلامي؟..ومن سيلتزم به وما الضامن على التزامه، بل ما الضامن على اتفاقهم حول مضمونه أو بعض التفاصيل؟؟..وهل الحل أيضا في مؤسسات عالمية كبرى تُجبر جميع القوى على التفاهم والتعايش؟..وما مصدر قوتها وكيف سيتفق العالم على دعمها؟؟

كثر التوقع بعد نهاية الحرب العالمية الثانية أو بعد الحرب الباردة أن العالم سيعيش في أمان على الأقل خلال قرن من الزمان، ما الذي يحدث بعد 20 عاما قد جعل العالم خطيرا لهذه الدرجة؟

في مقالات وشذرات قديمة قلت: أن الحروب العالمية والإقليمية الكبرى بعيدة جدا لأسباب تتعلق ببنية النظام الدولي، حيث توجد مؤسسات ومجالس تحقق (بضعا) من هذا التواصل المفتقد في الإعلام، حيث يوجد مجلس الأمن والأمم المتحدة، وقانون دولي راسخ تمت صياغته في أعقاب هزيمة النازية وتقاسم الكرة الأرضية بين معسكرين، والعالم بالقوانين يدرك أن تشريع القانون في ظل اقتسام سلطة أو تكافؤ في القوى يحقق العدل بشكل كبير، لذلك فقوانين العالم الآن تحقق كثير من هذا العدل المفقود..ولكن العبرة دائماً بالتطبيق

نعم..آليات التواصل موجودة سياسيا لكن ليست موجودة إعلاميا، وموقف أوروبا من قناة روسيا اليوم دليل على عزلة متصاعدة يفعلها الساسة، بل موقف قنوات الخليج العدواني من إيران، بل موقف الشعب المصري من تلك القنوات وحصرها في خانة دعم الإرهاب..هذا كله يؤثر على الثقافة واتجاه الرأي العام، وبدوره يؤثر على السياسة، التي كما قلنا أن القانون الدولي لا زال يحقق شئ من هذا التواصل المفقود، وفي تقديري لو استسلم القادة والزعماء لإعلامهم لنشبت الحروب الكبرى والمدمرة منذ سنوات..

أرى أن قلق ولتون في محله، فالإعلام فعلا هو ما أشعل حربي سوريا والعراق، وهو ما أشعل الوضع في اليمن، وهو الذي جعل ليبيا مرتعاً للإرهاب والجماعات وخلق منها دولة مفككة ضعيفة جدا لم تحدث منذ عشرات السنين، حتى في عهد الاستعمار الإيطالي لم تكن ليبيا بهذا الشكل..

نحن بحاجة ليس فقط لميثاق شرف إعلامي، ولا لقوة قاهرة تفرض خيار السلام والتعايش على الجميع، ولا حتى وثيقة مبادئ تكن سيفا على كل عضو من أعضاء المجتمع الدولي..نحن بحاجة إلى اتجاه أصعب بكثير..وهو بناء منظومة فكرية جديدة تحاكي إنسان ما بعد بعد الحداثة، تحاكي بشر يعيشون في عصر التكنولوجيا، تحاكي عالم مادي صرف حتى النخاع..تبحث في الأسباب التي أدت لنمو التطرف الديني واجتياحه للعالم، فالإرهاب من خلفية إسلامية لم يكن له أن يكون سوى بقوى متعددة –إقليمية ودولية- تدعمه حتى ولو بالإعلام.

هل نحن فعلا بحاجة إلى محاصرة منابع الفكر المتشدد؟..هل نحن بحاجة للثورة على الإعلام لصالح التواصل؟..هل تحقيق التفاهم والتعايش الآن بحاجة إلى دكتاتور يعيد سلام الشجعان؟..وكيف سنحصل على هذا الدكتاتور في عالم مادي معياره المصلحة؟..ومن الذي له حق تأويل النصوص والقوانين؟..ومن الذي سينتصر وتكون له الغلبة؟

يبدو أن أزمة التواصل والإعلام أزلية منذ العصر الحجري، والصراع البشري كما بدأ يستمر الآن، فسائر النزعات والتوجهات الشريرة باقية، لم ينته الطمع ولن ينته التفرد وحب الملكية، وأظننا بحاجة إلى ثقافة روحانية أكثر تعيدنا إلى طبيعتنا ونحن أطفال
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف