الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أفكار متصارعة..بقلم د. سلمى عراف – بيكر

تاريخ النشر : 2016-12-05
أفكار متصارعة..بقلم د. سلمى عراف – بيكر
أفكار متصارعة...

بقلم د. سلمى عراف – بيكر

5/12/2016

كانت على موعد معها، لم تكن صديقتها، لم تكن غريبة عنها، ولكنها تصرفت معها وكأنها كذلك... كانت المسؤولة عليها في عملها...

دقت الباب فلم تجد ردا…

دقت الباب مرة أخرى ولم تسمع من يجيب...

حاولت أن تتمسك بقواعد اللياقة، وأن تبقي على سلوكها المهذب… فدقت للمرة الثالثة وانتظرت للحظة، ولكن لا حراك في الداخل...

ما الخطب؟ هل طرقت الباب الخطأ؟ - راحت تفكر- أم أن ثمة شيئا ما غير مرغوب به قد حصل…

ابتعد بها الخيال وتصارعت في رأسها الهواجس… وكأنها سفينة تتأرجح في عرض البحر... تمالكت أعصابها، فأخذت تشق الباب ببطء وهدوء… جالت عيناها داخل الغرفة بحذر...

رأتها وراء مكتبها... كانت جامدة، يد على الطاولة وأخرى تسند رأسها. فجأة تحركت وراحت تقوم بتصنيف أوراق هنا وهناك وكأنها لم تسمع شيئا ولم تر أحدا...التقطت أنفاسها وشعرت بالارتياح، فالمشهد مشهد حياة وليس كما خيلت لها الهواجس...

القت عليها التحية بصوت طري ودود- وإن كان يتخلله بعض الخوف- فلم ترد التحية، ولكنها نظرت اليها وقالت:

ـ أنت هنا.... منذ متى؟ أليس من الواجب أن تطرقي الباب أولا!!

ـ لقد فعلت ثلاث مرات ولكنك لم تجيبي!!

- ربما لم أسمع فانا مشغولة جدا ورأسي يدور بي، هل كان بيننا موعد؟ أم أنك أتيت طوعا للتحدث عن شيء ما؟ هل هناك ما يزعجك، هل هناك مشكلة؟ فكما ترين ليس لدي الوقت الكافي ولا أستطيع تضييعه في الكلام اليوم مع هذا وذاك، اختصري من فضلك!

- يا لها من امرأة قاسية... قلت في نفسي،لا تسكت ابدا ولا تعلن عن هدنة بالكلام او التصرف كأنها مدفع فضفاض الفم لا تنضب قذائفه... يا لها من امرأة متعجرفة، لا تعتذر، تنظر الى كل من دونها مرتبة وكأنه خادمها...لا تدع المجال لأي لفظة او حتى نفس... تحاول ان تخرسك قبل ان تتفوه بكلمة، لا بل انها تلحظ نفسك فتكمه قبل ان ينطلق...تنقض عليك كالباشق فتتحول الى ضحية خلال بضع ثوانٍ...لا أفهم شخصيتها ... لا أفهم كيف تفكر ... حاولت كثيرا أن أحلل تصرفها ولكن عبثا... إنها صعبة ...

هل هذه الصورة الطيبة التي تحاول ان ترسمها لنفسها قبل ان تغادر هذا المكان يوما ما!! هل تحاول أن تترك ذكريات لا تنسى فعلا لتخلد نفسها في كتاب أساطير هذا المكتب؟ يا لها من امرأة غريبة...!!

تصارعت الأفكار في ذهني، فأصبحت أفكر بصوتين: سمعت الأول يقول "تمهلي، لماذا كل هذه الأفكار؟ لمَ المبالغة؟ لربما كانت صادقة، لربما ما قالته كان فعلا ما كان يدور في واقعها، او ربما في خيالها الذي اعتقدت انه حقيقة في تلك اللحظة ...".

وما انتهيت من هذه الأفكار، حتى باغتني الصوت الثاني برده المتجهم: وكيف لي ان أعلم؟ وما ذنبي لتعاملني بهذه الطريقة؟ ولماذا يجب أن أجد لها أعذاراً! فهي تستحق التقريع... وفي نهاية الأمر لماذا أنا منهمكة بكل ذلك؟ فهي لا تهمني على كل حال ...

لربما أفضل ان أصمت للحظة ... والصبر مفتاح الفرج ... لا أريد الحكم عليها، رغم أني قد فعلت ذلك في قرارة نفسي ... الويل لي! ...

أسرعت في تأنيب نفسي، كان عليأن أفهم أن أمرا ما ليس طبيعيا، او ربما طبيعيا بالنسبة لها ... لا أدري، لا أعرف ماذا أقول وكيف أتصرف ... ولكنها بالحقيقة شخصية صعبة المراس، شديدة الشكيمة، طبعها حاد، لا تلين ولا تتروض ... وعلي ان أوصل هذه الرسالة اليها تماما كما أشعر بها... ولكن كيف؟ وبأي وسيلة؟

إن تكلمت، قد تخرج كلمة جارحة في لحظات القهر والغضب مهما كانت صادقة... وإن آثرت السكوت قد يدل ذلك على الرضوخ والاستسلام، وهذه إهانة لا أقبلها لنفسي... إنها مسألة كرامة واحترام؟ الاحترام واجب، ولكن الكرامة وكيف نفسرها، هنا المشكلة...

هناك فرق بين الكرامة والكبرياء....

لم أقم بفعل شيء يقلل من كرامتي. بل على العكس، أنا التي من تصرفت بأدب ولياقة، هي التي لم تحترم الموقف... هي من تهتز صورتها ومكانتها بتصرفها هذا... هي من تنقص كرامتها بالنهاية ...أنا التي ...وهي التي ... ملامة لا تنتهي ...

مهلا مرة أخرى! ما كل هذه الفلسفة الآن؟ أليس من الممكن ان يكون قد بدأ نهارها بشكل مزعج وأثر على نفسيتها فحملت مزاجها المتعكر الى مكان عملها؟ او لربما تعاني من مشكلة صحية، لربما ... لربما

الهورمونات مثلا ...يا للهورمونات ماذا تفعل بالنساء!... ألعّل من يقدّر! إنها امرأة وفي جيل قد يقودها الى مثل هذا الوضع: عدم التركيز، ضعف في الذاكرة، مزاج حاد الآن وآخر هادئ بعد حين ... كل هذا يحدث ... فلماذا لا نأخذ بالحسبان؟ كان على أن أكون أكثر تفهما لحالها، فلو كنت مكانها لربما تصرفت مثلها... ماذا؟ مثلها!! ... لا لا لا... أبدا... انا لست هكذا... ولن أكون مثلها... إنها امرأة خيالية في صعوبتها...هي من اختارت أن تكون صعبة ومتعجرفة ... نعم أنه خيارها... فلماذا أخلق أعذارا لها وأهوّن عليها...

ولكن أليس هذا بحد ذاته كبرياء؟ فبالنهاية كلنا بشر ونتعرض لظروف مختلفة، ونقوم أيضا بخلق ظروف نفرضها على غيرنا بدون أي ذنب... فأحيانا نقابل الخير بالشر، وأحيانا نقابل الشر بصبر وتروي، نخضع،نسامح، نبتسم، فتتغير الأجواء ... أليس هذا ما يفعله كل واحد منا؟ ... نعم ...ربما... وليس دائما...

نعم،أحيانا، وهذا ما سيحدث الآن بالضبط .... بالضبط، يا لها من كلمة مفتاح تقودني إلى الانضباط!علي ان أتوقف عن هذه الأفكار حالا وأبتسم، وإلا سأضيع في متاهات فلسفتي ... فلسفتي التي لا حدود لها... تحلل وتربط بنات أفكاري في لحظات قياسية، تلمع هنا، وتبوخ هناك، تارة تقوى، وتارة تضعف، ولا أحد يدري بها ولا يعلم كيف تتصارع...يا إلهي ما هذا كله؟أين أنا؟ وإلى اين أريد ان أصل؟

لا بد أن أعود الى الواقع... رغم أنني أعيش هذا الواقع الآن وهو مستمر... فلماذا أعود؟ لم اذهب إلى أي مكان آخر لأعود على كل حال، لم أترك المكان ... ما زلت هنا ... نعم ما زلت هنا، فأنا لا أحلم، والدليل أنني أراها تتحرك خلف مكتبها ... وها هو صوتها يعلو من جديد ...

- هل تسمعينني؟ لقد سألتك فيما لو كان بيننا موعد، ولكني ما زلت أنتظر الجواب.

ـ أسفه لم انتبه!

- لا يوجد عندي جواب... قلت بصوت مرتفع...

وما أن انتهيت وإذ بصوتها يرد من ركن الغرفة:

- لا جواب لديك... إذا عودي الى مكان عملك، فليس لدي وقت اضيعه في الانتظار... ثمة ما هو أهم من انتظار لينزل الوحي عليك حتى تتكلمين. ما هذا التصرف! تأتين إلى ولا تعرفين لماذا أتيت... أحيانا أسأل نفسي فيما لو كان على ان احضر طبيبا نفسيا لكم عله يخفف عني...

* وماذا عنك، قلت لنفسي، لربما انت من يحتاجه أولا عله يروضك ويكسر كبرياءك ... كنت على وشك ان أفجر هذه القنبلة قبل ان اغادر مكتبها ولكني سرحت في أفكاري مرة أخرى للحظة وكم كانت هذه اللحظة منهكة. شعرت وكأني هذه المرة في حلم لا ينتهي انطلق بي إلى عالم آخر؛ عالم يفكر فيه العقل بحرية مطلقة دون أن يلام او يتهم ...إلا من الشخص الذي يملك هذا العقل. عالم يتجسد فيه مد وجزر فكري، عالم التناقض والصراع بين الصح والخطأ، وبين المقبول والمرفوض، والمسموح والممنوع، والعجلة والتردد، والإدانة والتبرير، عالم تنهال فيه أسئلة وأجوبة لا متناهية، عالم يسحرك فتعيش فيه بين الحقيقة والخيال، ينهك قواك ويجددها في نفس الوقت. يا هل ترى هل نعرف فعلا ماذا يجري من حولنا، أم أننا نظن ذلك؟ هل نفهم أنفسنا، من نحن، وكيف نتصرف ولماذا؟
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف