الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حوار مع الباحث المغربي محمد سعيد حول رواية "عزازيل "

حوار مع الباحث المغربي محمد سعيد حول رواية "عزازيل "
تاريخ النشر : 2016-12-04
 يعتبر محمد سعيد أحد الباحثين الشباب المتحمسين لطرحهم الأكاديمي، فهذا الكاتب المتخصص في نقد الأديان، والذي قدم إسهامات لاقت ترحيبا من طرف جمهور النقاد، نقف معه في هذا الحوار الذي نخصصه بالكامل لما أثارته رواية الكاتب المصري يوسف زيدان من سجَلات ومطارحات، نحاول استجلاء خلاصات أساسية خاصة أنها تطرق بابا قدم فيه الباحث دراسات مستفيضة،

   محمد سعيد : رواية عزازيل عمل أدبي زيف التاريخ المسيحي

         حاوره عبد الواحد مفتاح

لماذا في منظورك كامل هذا النقاش الذي أثير حول رواية عزازيل، حتى عدت الرواية العربية الأكثر جدلا؟

إسمح لي أولاً،أن أقول شيئاً بخصوص نقذنا لهذه الرواية التي طرحت جدلاً واسعا بمصر عند صدورها سنة 2009،مع العلم أن مقدمتها وضعت سنة 2004،إن نقدنا لهاته الرواية ليس نقداً أدبياً أو لغوياً،لكن نقدنا لها هو نقد بخصوص المنزلقات الإيديولوجية و التحامل المجاني على الرسالة المسيحية،فنحن هنا نقوم بقراءة للخطاب و تحليله و من تم نقده قدر الإمكان،فهذه الرواية أتت كرؤية إيديولوجية بالرغم من قدرتها التخيلية والأدبية بشد قارئيها،و من الطبيعي أن تأخذ الرواية هذا اللغط لأنها مست بمعتقدات و خلفيات المسيحيين و خصوصاً بمصر الشقيقة،إذ تحكي عن كنيسة الإسكندرية في أواخر القرن الرابع و بداية القرن الخامس.

تتحدث الرواية عن فترة حرجة من تاريخ الكنيسة، بين القرنين الرابع والخامس للميلاد - زمن انشقاق كنيستي أنطاكيا والإسكندرية، وعقد مجمع أفسس الذي ناقش انشقاق نسطور أسقف القسطنطينية وحرمانه، هل وجدت أنها كانت وفية للمعطيات التاريخية التي أدرجتها أم كانت عملا أدبيا صرفا؟

 - تتميز هذه الرواية من حيث سردها لأحداث تاريخية،في الفترة الزمنية الممتدة من زمن البطريرك الثالث و العشرون ثاوفيلوس (385 - 412 م) و البطريريك كيرلس الملقب بعمود الدين الرابع و العشرون (412 - 444 م) من سلسلة بطاركة الإسكندرية،لكن ما نعترض عنه هو وسًم مسيحيي تلك الفترة بالجراد الذي يأتي على الأخضر و اليابس،و بالقتلة المُجرمين،متغاضيا عن التاريخ المسيحي الذي تكلم عن معانات المسيحيين خلال الأربعة قرون الأولى،و التي أستشهد فيها الألاف من المؤمنين،حيث أن القديس ترتليانوس قال بهذا الخصوص أن "دماء المسيحيين هي بذار المسيحية.."،أما من الناحية الأدبية فليس لنا اعتراض،فهذه الرواية من الناحية التاريخية شبيهة برواية الكاتب و العالم الإنجليزي تشارلز كنجزلي charles kingsley (1819 - 1875 م) بعنوان "هايبيشيا" التي نشرتها دار الشرق و الغرب في ستينات القرن الماضي،و التي ترجمها الدكتور عزت زكي،و تتكون شخصياتها من راهب من وادي النطرون يسمى فيلمون،و البابا كيرلس عمود الدين بطريرك الإسكندرية الرابع و العشرون (412 - 444 م)،و الفيلسوفة المصرية ذات الأصول اليونانية هيباتيا،و تدور أحداثها و شخصياتها حول أحداث العنف التي سادت النصف الأول من القرن الخامس الميلادي،و هي الفترة التي تلت إعلان المسيحية كديانة (رسالة) الإمبراطورية الرومانية الرسمية سنة (391 م) و التي كان فيها البابا كيرلس عمود الدين بطريركاً للإسكندرية،و هي نفس فكرة يوسف زيدان سواء من جهة الأشخاص الرئيسيين،الراهب و البطريريك و الفيلسوفة هيباتيا،و تتكلم عن نفس الأحداث،و لكن كل بحسب توجهه و أسلوبه،أي أن يوسف زيدان قرأ هذه الرواية و استعان بها،و كانت وحيه الأول و إلهمه في كتابة روايته،فأخذ عنها فكرتها الجوهرية و نفس أبطالها الرئيسيين،و لكن ليس بحسب التاريخ الحقيقي و الوقائع الموثقة،بل بحسب فكلره هو المتأثر بالثقافة الإسلامية.

كتبت أكثر من مقال في انتقاد الرواية ما دوافع ذلك؟

- هاته المقالات التي كتبتها كانت من أجل وضع لبنة من لبنات الفهم التاريخي لبداية المسيحية كما فعل ذلك باحثون سابقون،و تصحيح بعض الأمور التي بدت من وجهة نظري و نظر باحثين متخصصين في تاريخ الكنيسة القبطية مثال،عبد المسيح بسيط و غيره،فهناك دوافع عديدة جعلتني أهتم بنقد هاته الرواية،أولاً - صياغة مقدمتها التي أتارث في نفسي شيء من الفضول،إذ أبانت عن إيديولوجية صاحبها المبيتة تجاه الأخر (المسيحي)،إذ يقول المؤلف "أن هيبا الكاهن دون وقائع تاريخية كنسية" (عزازيل - ص19)،و هذه الوقائع التي يتكلم عنها ذلك الراهب الذي أتت به مُخيلة يوسف زيدان،ليس لها أساس من الصحة،و الذي يقول أنه وجده بمخطوطاته،لكن لا وجود لهذه الشخصية بالمخطوطات و الكتابات المسيحية القبطية القديمة،و السؤال الذي نسأله هنا - أين هي مخطوطات زيدان إذا وجدت كما يدعي ؟ و لماذا لم تذكر بالمصادر الكنسية في تاريخها،ثانياً - حاول الكاتب أن يوهمنا بأن هاته المخطوطات قد راجعها الأب الجليلي "وليم كازاري" بقبرص،بدون أن يعطي الدليل لذلك،لكن مخافة للسؤال عن من راجع هاته المخطوطات التي حاول أن يوهمنا بها،أشار يوسف زيدان بنوع من الذهاء إلى أن الأب وليم كازاري،قد توفي في (ماي 1997)،و لك أن تستشف شيئاً ما،إذا علمت أن الرواية تم نشرها سنة (2009) و أيضاً هناك سبب ثالث - بخصوص إعتراضنا على هاته الرواية،فقد أتى أيضاً في مقدمتها "أن هناك راهب عربي كتب حواشي لهاته المخطوطات دون أن يشير لإسمه.."،و هذا من أجل أن يمهد المؤلف لخدعة ذكية أسماها فيما بعد باللاهوت العربي،الذي حاول الدفاع عنه،بدون أن يحدد من هو ذلك الراهب النسطوري العربي المجهول حسب زعمه.

لدى البحث عن كلمة عزازيل في محركات البحث لغاية اليوم سنحصل على ما يزيد عن أربعين ألف صفحة علماً أن كلمة عزازيل لم تُذكر إلا في كتاب واحد للحلاج واسمه " الطواسين "كيف استقبلت ذلك؟

 - مفردة "عزازيل" لم تأتي في ديوان الطواسين للحلاج فقط،بل أتت أيضاً في الكتابات الأبوكريفية و الكتاب المقدس،و هي في الأصل كلمة أرامية قديمة،و هي إسم علم للروح الشرير الذي يسكن في البرية (سفر إشعياء 21 : 13 - 14 إنجيل متى 12 : 43)،و أيضاً أتت بسفر اللاويين رمزاً للتيس،الذي توضع عليه قرعة من أجل إطلاق سراحه بالبرية،و يسمى بقرعة "عزازيل"(لاويين 16 : 5 - 10) و معنى إسم "عزً إيل"،أي "قوًة الله"،و يوصف في الميثولوجيا و الفلكلور الفليسطينيً القديم ب"رئيس أبناء الألهة"،و يُذكر في المغارة الرابعة بقمران عادةً برئيس الملائكة،كما يعني أيضاً الشيطان و الجن في الصحاري و البراري أو الملاك الساقط.

الشرارة التي أشعلت الحرب على الرواية بعد أشهر من إصدارها هي مقالة كتبها الكاتب المصري المرموق د. يحيى الجمل( وزير سابق) عندما كتب في نهاية تلك المقالة الجملة الآتية" ويل لهيبا وليوسف زيدان لو أن المؤسسات الدينية الرسمية قرأت ما خطته يمينه "هل يمكن توصيف كامل النقد الذي تعرض له يوسف زيدان، ب اللإضطهاد الديني؟

لا يمكن وصف ما تعرضت له الرواية و صاحبها في خانة الإضهاد الديني،و كمثال على ذلك ما كتبه الوزير يحي الجمل الذي أشرت له في سؤالك،لكن يمكننا وصف ما حدث بالنقد الموضوعي لهاته الرواية من حيث تحاملها على المسيحية و المسيحيين،فالنقد حق يبقى في هذا الإطار،و لا يمكننا وصف هؤلاء الذين إنتقدوا الرواية عند صدورها سنة (2009) أنهم مارسوا إضطهاد ديني أو رقابة على صاحبها.

الرواية أثارت جدلًا واسعًا؛ لأنها تناولت الخلافات اللاهوتية المسيحية القديمة حول طبيعة المسيح ووضع السيدة العذراء، والاضطهاد الذي قام به المسيحيون ضد الوثنيين المصريين في الفترات التي أضحت فيها المسيحية ديانة الأغلبية المصرية؟ لماذا لم تُقرأ الرواية في إطارها الأدبي كعمل جمالي فقط خارج عن أي توصيف فكري أو إطار ديني؟

- ركزت الرواية على ثلاثة محاور رئيسية هي : كنيسة الإسكندرية. – الراهب هيبا – الفيلسوفة هيباتيا،و ليس هناك إشارة لمريم و وضعها الإعتباري في المسيحية،فقد كتب يوسف زيدان أصلاً هاته الرواية لتشويه صورة الكنيسة الأسكندرانية بمصر القديمة،و وصفها بالقسوة والتخلف والظلامية،إذ قال الكاتب أنها “الكنيسة التي أظلمت العالم” كما قلنا في مقالاتنا بهذا الخصوص،و قال أيضاً في روايته مثلاً،"أن نسطور أنكر لاهوت المسيح"،و هذا ليس صحيحاً لمن قرأ و عرف تعاليم نسطور،فنسطور و النساطرة الذين هم على مذهبه،كانوا من أكثر الذين دافعوا عن لاهوت المسيح في العصر الإسلامي،و المناظرات التي أجروها في حضور الخلفاء و الولاة المسلمين تشهد بذلك،و إنما إختلفوا في التعبير عن تجسد المسيح،و قالوا بالمصاحبة و ليس الإتحاد،و يمكنك الرجوع للحوار اللاهوتي بين البابا كيرلس عمود الدين و نسطور لتأكيد ما قلناه عن نسطور أو نسطوريوس،ثم من جهة أخرى،فهناك خلاف بين نسطور و أفكار أريوس التي حاول المؤلف أن يربط بينهما،مع العلم أن ليست هناك علاقة بين ما أتى به الإتنان معاً،فقد خرج فكر نسطور أولاً من منطلق رفضه للأريوسية و مقاومته لها،و هذا عكس ما زعمه و ادعاه و كرره يوسف زيدان طوال الرواية،فقد نادى أريوس،بأن المسيح لم يتخذ الطبيعة الإنسانية كاملة بل أخذ جسدا بلا روح و حل فيه اللاهوت،الكلمة،فالإبن محل الروح الإنسانية،و جاء بعده شخص يدعى أبوليناريوس،قال أن الإبن من ذات الأب و واحد معه في الجوهر،و لكنه قال مثل أريوس،أنه إتخذ جسدا بلا روح إنسانية و حل لاهوت الإبن فيه محل الروح،و أن الكلمة هو حياة الجسد،و هناك الكثير من المسائل اللاهوتية التي ذكرتها الرواية لا تجعلنا نقرأها في إطارها الأدبي و الفني،و قد يقول البعض "أنكم مُخطئون في ذلك"،خصوصا الذين لا يمسهم ما جاء في الرواية بشيء،بل و التي جاءت على هواهم و يقولون لنا :"إن هذا إبداع فني و الإبداع حر،و هو أن تكتب كما تشاء،و الكاتب لم يقل شيئاً بل أبطال الرواية هم الذين تكلموا و قالوا"،و نقول لهم هنا،بالرغم ما أفصحوا به من تهجم و أكاذيب ضد المسيحية - هل الإبداع الفني يشوه الحقيقة و يزيف التاريخ ؟ و هل أبطال الرواية من كوكب أخر يتكلمون عما لم نعلمه،أو عن أحداث حدثت في كوكب أخر غير الأرض ؟ أم أنهم من عالمنا و يتكلمون عن أحداث حدثت بالفعل ؟ لا تضحكوا علينا و على أنفسكم،فالرواية من تأليف الكاتب،و الأشخاص و حتى إن كانوا قد وجدوا في التاريخ،فالكاتب لم ينقل ما كتب في كتب التاريخ المعاصر لهذه الأحداث و الشخصيات،و ينقل كلامهم كما هو موثق،فبطل الرواية "هيبا" هو من إبداعه،و هو حاول أن يجعل منه إسم مذكر قريب لإسم الفيلسوفة "هيباتيا" ليوهمنا بوجود هذا الإسم،و ما وضعه على لسانه فهو فكره و خياله و رؤيته للأمور،و من هنا يحق لنا أن نناقشه و نرد على ما كتب،و نوضح الحقائق للجميع،و نكشف ما لفقه و فرضه على التاريخ و ما زيفه و صوغه للقاريء على أنه حقائق،و هي أبعد بعداً تماماً عن الحقيقة بعد المشرق عن المغرب.

من هنا أريد سؤالك، هل تتفق مع من ذهب أن يوسف زيدان أساء للمسيحية ؟

 - نعم أتفق مع من يقول أن يوسف زيدان أساء للمسيحية بروايته هاته،كما أساء المفكر المصري محمد عمارة للمسيحية بكتابه "المسيحية ديانة فاشلة"،و الذي وزع مجانياً من طرف الأزهر. سنة 2014.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف