الشاعر محمد علي سرور نحبَّ فلسطين، يعني أن نتغلغل في يوميّاتها ولحظاتها، دون شروط...
جنوب لبنان من محمد درويش :
الشاعر اللبناني المعروف محمد علي سرور من بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان الأقرب جغرافيا" الى فلسطين له مؤلفات عدة في الشعر والسياسة والأدب والثقافة
تناول في لقاء غني بالافكار والرؤى والتطلعات تجربته ومجموعة من المواقف المضيئة على قضايا في وسط الثقافة والشعر وفلسطين
هنا الأسئلة والأجوبة خلال حوار أجري معه في صور بجنوب لبنان ..
س: أين فلسطين في شعرك؟
ج: لا أعتقد أن شاعرًا تسكنه روح الشاعرية، رهافة الشعر وبعده الإنساني العميق... لا ينتمي إلى فلسطين. مثلما ليس شاعرًا من لا يكتب الحبَّ، ولا تسكنه هالة الحبِّ... فلسطين ليست "علاّقة مفاتيح، ليست عِضة سياسيّة، ولا هي شرعيّة دمٍ نفرح حين يُراقُ في ساحاتها... هي المقياس لقيم الحبّ والعدالة والإنتساب الإنساني، هي الأمّ الثكلى بالنسبة لكلِّ لفاقدِ عزيز أو حبيب. مَنْ لا ينحاز ويذوب طوعًا في معادلة فلسطينالقائمة على أساسوجود عدوِّ ظالم، وإنسانٍ مقهور؟
أن نحبَّ فلسطين، يعني أن نتغلغل في يوميّاتها ولحظاتها، دون شروط... دون "لكن" المُحيِّرة والمفرمِلة لانتماءٍ لا يحتملالغبارَ عليه ولا الشك فيه. لذلك لا يمكن أن تغيب فلسطين عن ذاكرتي وعن مشاعري... فلسطين لمن يملك حسًا واضحًا وصادقًا تمثّل الهويّة. لأنها اختصار حقيقي وراسخ لانفعالاتي... هي اختصار لمعاني القيم السامية التي تمثل مبادىءَ وجغرافيا شعبٍ يختصرُ العذابات الكونيّة في العصر الحديث.كيفما وأينما استنطقت ذاكرتك عن التضحية تجد الفلسطيني. كيفما استنطقتها عن الظلم تجد المظلوم الفلسطيني. كيفما استنطقتها عن الحب، تجد الفلسطيني... كيفما استنطقتها عن الشعور بالمرارةِ... وبالنبل تجده. وعندما تسأل عن الثورة في الإنسان: تجد الفلسطيني.... لأنه خلقَ وكيفما اتجه لا يمكن أن لا يكون ثائرًا.
ببساطة فلسطين ليست لدي في الشعر والسياسة والنص الأدبي فقط... هي في كياني، في أنفاسي... هي عطرُ قلمي ومبسمي ومشاعري.ورغم ذلك أشعر بالتقصير، بعذاب الضمير الذي يطارني دائمًا... نفسي تسألني دائمًا: هل انتسبت إلى فلسطين بالقدر الذي يليق بسموّ قضيّتها؟ رغم كل ما سبق وقلته: كلنا مقصّرون... بدءًا مني... لأنّها لا تحتمل أنصاف الحبِّ والإنتماء... أكرر: هي الهويّة لكل حرٍّ في الكون.
حين أذهب إلى مساحة المصير، مصير شعوبنا ومسار أمانيه وتطلعاته، وما شهدته وتشهده منطقتنا وأمتنا من ويلاتٍ ومصائب وبلاءاتٍ لا تحصى، أجد أن وجود الكيان الصهيوني هو السبب... لا سبب آخر سواه.
س: لماذا اخترت الإعلام الفلسطيني مكانًا لنضالك؟
ج: ومَنْ لا يفتخر بوسامٍ بهذه القيمة التي قلّما تُدرَكُ أبعادُها؟ ذلك شرفٌ لي، أعتبرُه تكريمًا لي وامتيازًا نادرًا لأمثالي. أنا هناك أشعر بقيمتي... وبأهمّية وجودي. كل من يقترب من فلسطين ويتشرّف بالإنتساب إليها: يكبر....
لديّ شعور بالرضا، براحة الضمير وبقيمتي الإنساني، قد لا أجد من يماثلني بها. ليس الإعلام وحده المقياس لدي، بل كل فعل يقرّبني من فلسطين... ويجعلني ضمن فعاليات أهلها- همومهم وتطلعاتهم يشعرني بالفرح ويمنحني قدرًا أعلى لنفسي. لذلك أعيش مع الإعلام كخندق... ومع الخندق كانتساب... ومع الإنحياز إلى هذا الشعب كبطاقةِ عبور إلى إنسانيتي.
الإعلام يمنحني المساحة التي تتجاوز السياسة، وتتجاوز الأحداث، وتتجاوز التماس مع ممثلي القوى والأعلام البارزة فيها... إنه يمنحني الغوص في تفاصيل وفي تفاصيل تفاصيل هذا الشعب وقضيته. من خلال هذا الإنتساب أيضًا: أعرفُ عدوّي أكثر، فاكون مع فلسطين أكثر وأكثر.
س: ما هي نصيحتك ورسالتك لأدباء وشعراء فلسطين الشباب، وما رسالتك إليهم كشاعر مخضرم؟
ج: أولا يا صديقي كلنا تلامذة في عالم النص والقصيدة والتجربة الشعرية، سوف أبقى أتعلم من تجاربي وتجارب الآخرين ما حييت.
ثانيًا: لقد قلتها مرارًا وأقولها الآن، إن شعبًا لديه أمثال محمود درويش وسميح القاسم والأخوان طوقان وتوفيق زياد... وسلسلة من الأسماء الكبيرة التي لا تحصى في الأدب والشعر والثقافة، كيف لا يكون هذا الشعب شاعرًا وأديبا؟ فالفلسطيني ونتيجة لواقعة- مآسيه وعذاباته وانتظاراته وأسفاره التي تنتهي، لديه طاقة خلاقة على التخيّل والإبداع والتوثيق الإنساني لملحمة بدأت منذ أكثر من قرن ولما تنتهي بعد.
أخاف أن أتكلم بصيغة المعلمين والمرشدين والمتشاطرين من خارج الحدود الجغرافية والنضالية... ما أكثرهم في عالمنا اليوم. لكن أتمنى على الجيل الشاب الذي أثق بانتمائه وبقدرته على شق طريق الإبداع والتحليق عاليًا، أن يهتمّوا أكثر بالإنسان، بالولوج إلى الأعماق وتجاوز القشرة... الكتابة بطريقة لمّاحةٍ مدهشةٍ وبعيدة عن رتابة الخطابة. الحبّ- الطبيعة- السيرورة... وقبل أي شيء، قبل الكتابة بكل ألوانها وطرقها عليهم قراءة التجارب والبحث عن الذات وعن المناسب من الأساليب لكل منهم... فعندما يخرج النص من يد كاتبه يصبح هوية... لذلك عليهم وعلينا جميعًا عدم الإنبهار بالمنابر والضجيج الصادر عن التصفيق والتلويح بالأيدي المعجبة. عليهم التحلي بروح المثابرة والنحت المجدي والفعّال في إيصال الفكرة وإشباعها دون استغراق يحط من قيمتها الشعرية والأدبية... أي الجملة المقتضبة والمكتملة في آن واحد. للشباب وجيل المستقبل... ولكم: التحية ومحبتي.
بطاقة هوية :
محمد على سرور:
كاتب وعلامي.
مدير المكتب الإعلامي للدراسات والتوثيق في لبنان .
له: يوميّات الوجع الفلسطيني/ مرايا جائعة ...نشوة الغبار والصيدُ في العتمة.
كاتب رواية أرض لاعتراش الهويّات... ثنائية مع الإعلامية والناقدة المغربية ناهد الزيدي.
كتب العديد من الأعمال المسرحية، وله الكثير من المقالات السياسية والأدبية.
مشارك دائم في المنتديات والأنشطة الثقافية.
شارك في مهرجان مراكش الدولي للشعر 2013 وفي مهرجان الربيع بالدانمارك 2015.
آخر ما كتبت، نص يحاكي الرئيس الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات أبو عمار في ذكراه الثانية عشر بعنوان: نحن قاتلو آبائهم.
جنوب لبنان من محمد درويش :
الشاعر اللبناني المعروف محمد علي سرور من بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان الأقرب جغرافيا" الى فلسطين له مؤلفات عدة في الشعر والسياسة والأدب والثقافة
تناول في لقاء غني بالافكار والرؤى والتطلعات تجربته ومجموعة من المواقف المضيئة على قضايا في وسط الثقافة والشعر وفلسطين
هنا الأسئلة والأجوبة خلال حوار أجري معه في صور بجنوب لبنان ..
س: أين فلسطين في شعرك؟
ج: لا أعتقد أن شاعرًا تسكنه روح الشاعرية، رهافة الشعر وبعده الإنساني العميق... لا ينتمي إلى فلسطين. مثلما ليس شاعرًا من لا يكتب الحبَّ، ولا تسكنه هالة الحبِّ... فلسطين ليست "علاّقة مفاتيح، ليست عِضة سياسيّة، ولا هي شرعيّة دمٍ نفرح حين يُراقُ في ساحاتها... هي المقياس لقيم الحبّ والعدالة والإنتساب الإنساني، هي الأمّ الثكلى بالنسبة لكلِّ لفاقدِ عزيز أو حبيب. مَنْ لا ينحاز ويذوب طوعًا في معادلة فلسطينالقائمة على أساسوجود عدوِّ ظالم، وإنسانٍ مقهور؟
أن نحبَّ فلسطين، يعني أن نتغلغل في يوميّاتها ولحظاتها، دون شروط... دون "لكن" المُحيِّرة والمفرمِلة لانتماءٍ لا يحتملالغبارَ عليه ولا الشك فيه. لذلك لا يمكن أن تغيب فلسطين عن ذاكرتي وعن مشاعري... فلسطين لمن يملك حسًا واضحًا وصادقًا تمثّل الهويّة. لأنها اختصار حقيقي وراسخ لانفعالاتي... هي اختصار لمعاني القيم السامية التي تمثل مبادىءَ وجغرافيا شعبٍ يختصرُ العذابات الكونيّة في العصر الحديث.كيفما وأينما استنطقت ذاكرتك عن التضحية تجد الفلسطيني. كيفما استنطقتها عن الظلم تجد المظلوم الفلسطيني. كيفما استنطقتها عن الحب، تجد الفلسطيني... كيفما استنطقتها عن الشعور بالمرارةِ... وبالنبل تجده. وعندما تسأل عن الثورة في الإنسان: تجد الفلسطيني.... لأنه خلقَ وكيفما اتجه لا يمكن أن لا يكون ثائرًا.
ببساطة فلسطين ليست لدي في الشعر والسياسة والنص الأدبي فقط... هي في كياني، في أنفاسي... هي عطرُ قلمي ومبسمي ومشاعري.ورغم ذلك أشعر بالتقصير، بعذاب الضمير الذي يطارني دائمًا... نفسي تسألني دائمًا: هل انتسبت إلى فلسطين بالقدر الذي يليق بسموّ قضيّتها؟ رغم كل ما سبق وقلته: كلنا مقصّرون... بدءًا مني... لأنّها لا تحتمل أنصاف الحبِّ والإنتماء... أكرر: هي الهويّة لكل حرٍّ في الكون.
حين أذهب إلى مساحة المصير، مصير شعوبنا ومسار أمانيه وتطلعاته، وما شهدته وتشهده منطقتنا وأمتنا من ويلاتٍ ومصائب وبلاءاتٍ لا تحصى، أجد أن وجود الكيان الصهيوني هو السبب... لا سبب آخر سواه.
س: لماذا اخترت الإعلام الفلسطيني مكانًا لنضالك؟
ج: ومَنْ لا يفتخر بوسامٍ بهذه القيمة التي قلّما تُدرَكُ أبعادُها؟ ذلك شرفٌ لي، أعتبرُه تكريمًا لي وامتيازًا نادرًا لأمثالي. أنا هناك أشعر بقيمتي... وبأهمّية وجودي. كل من يقترب من فلسطين ويتشرّف بالإنتساب إليها: يكبر....
لديّ شعور بالرضا، براحة الضمير وبقيمتي الإنساني، قد لا أجد من يماثلني بها. ليس الإعلام وحده المقياس لدي، بل كل فعل يقرّبني من فلسطين... ويجعلني ضمن فعاليات أهلها- همومهم وتطلعاتهم يشعرني بالفرح ويمنحني قدرًا أعلى لنفسي. لذلك أعيش مع الإعلام كخندق... ومع الخندق كانتساب... ومع الإنحياز إلى هذا الشعب كبطاقةِ عبور إلى إنسانيتي.
الإعلام يمنحني المساحة التي تتجاوز السياسة، وتتجاوز الأحداث، وتتجاوز التماس مع ممثلي القوى والأعلام البارزة فيها... إنه يمنحني الغوص في تفاصيل وفي تفاصيل تفاصيل هذا الشعب وقضيته. من خلال هذا الإنتساب أيضًا: أعرفُ عدوّي أكثر، فاكون مع فلسطين أكثر وأكثر.
س: ما هي نصيحتك ورسالتك لأدباء وشعراء فلسطين الشباب، وما رسالتك إليهم كشاعر مخضرم؟
ج: أولا يا صديقي كلنا تلامذة في عالم النص والقصيدة والتجربة الشعرية، سوف أبقى أتعلم من تجاربي وتجارب الآخرين ما حييت.
ثانيًا: لقد قلتها مرارًا وأقولها الآن، إن شعبًا لديه أمثال محمود درويش وسميح القاسم والأخوان طوقان وتوفيق زياد... وسلسلة من الأسماء الكبيرة التي لا تحصى في الأدب والشعر والثقافة، كيف لا يكون هذا الشعب شاعرًا وأديبا؟ فالفلسطيني ونتيجة لواقعة- مآسيه وعذاباته وانتظاراته وأسفاره التي تنتهي، لديه طاقة خلاقة على التخيّل والإبداع والتوثيق الإنساني لملحمة بدأت منذ أكثر من قرن ولما تنتهي بعد.
أخاف أن أتكلم بصيغة المعلمين والمرشدين والمتشاطرين من خارج الحدود الجغرافية والنضالية... ما أكثرهم في عالمنا اليوم. لكن أتمنى على الجيل الشاب الذي أثق بانتمائه وبقدرته على شق طريق الإبداع والتحليق عاليًا، أن يهتمّوا أكثر بالإنسان، بالولوج إلى الأعماق وتجاوز القشرة... الكتابة بطريقة لمّاحةٍ مدهشةٍ وبعيدة عن رتابة الخطابة. الحبّ- الطبيعة- السيرورة... وقبل أي شيء، قبل الكتابة بكل ألوانها وطرقها عليهم قراءة التجارب والبحث عن الذات وعن المناسب من الأساليب لكل منهم... فعندما يخرج النص من يد كاتبه يصبح هوية... لذلك عليهم وعلينا جميعًا عدم الإنبهار بالمنابر والضجيج الصادر عن التصفيق والتلويح بالأيدي المعجبة. عليهم التحلي بروح المثابرة والنحت المجدي والفعّال في إيصال الفكرة وإشباعها دون استغراق يحط من قيمتها الشعرية والأدبية... أي الجملة المقتضبة والمكتملة في آن واحد. للشباب وجيل المستقبل... ولكم: التحية ومحبتي.
بطاقة هوية :
محمد على سرور:
كاتب وعلامي.
مدير المكتب الإعلامي للدراسات والتوثيق في لبنان .
له: يوميّات الوجع الفلسطيني/ مرايا جائعة ...نشوة الغبار والصيدُ في العتمة.
كاتب رواية أرض لاعتراش الهويّات... ثنائية مع الإعلامية والناقدة المغربية ناهد الزيدي.
كتب العديد من الأعمال المسرحية، وله الكثير من المقالات السياسية والأدبية.
مشارك دائم في المنتديات والأنشطة الثقافية.
شارك في مهرجان مراكش الدولي للشعر 2013 وفي مهرجان الربيع بالدانمارك 2015.
آخر ما كتبت، نص يحاكي الرئيس الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات أبو عمار في ذكراه الثانية عشر بعنوان: نحن قاتلو آبائهم.