---------
نحن قاتلو آبائهم
إلى ياسر عرفات في ذكراه
قصيدة للشاعر اللبناني محمد علي سرور
اعذرْنا يا ذا الغرَّةِ المُدمّاة
قد فاتنا قطارُ اللحظةِ
نحن الذين أخطأنا دربَكَ القاني
فضِعنا في تضاريسِ الأهوالِ العمياء.
اعذرْنا...
لأننا نحن الغائبون
وأنتَ الحاضرُ عاليًا في سمائِنا
تنازلُ الغيمةَ الدهماء.
قرأنا سِفرَ المتاهةِ
فقامرنا بأجيالِ قمح وزيتون
ولم ندركْ أننا:
أوقعناكَ في الجُبِّ ورحنا نسأل عنك.
نحن قاتلو آبائِهم الذين
نصَّبنا في كلّ حارة فرعونًا
وأتينا النبوءةَ من صدوع الخطايا
وزرعنا قنًا برّيًا في حدائقنا
فانتشى قراصنةُ العتباتِ
عندما توهَّمنا الدفءَ يأتي
من ثقبٍ
في جدارِ الفناء.
أذكرُ أننا بكيناكَ
وأقمنا العزاءَ على رحيلك
كم تجرّأ الالتباسُ علينا
نحن الذين ارتحلنا عنك...
فأنتَ أنت...
لم تزلْ في عرينكَ ثابتًا
نحن الذين لم نحفظ إلا
أبجديّة النسيان.
توارتْ عن مداكَ أبصارُنا
فاتّسعت أحداقُ المُرتشينَ بسبايا النبوءات
وأمطرَ غيمُ الشتائمِ عطشًا على أكفّنا
وتنازعْنا الوعودَ المقفرة
وبتنا ملءَ حناجرِنا نصلّي
كي تلبسنا آلهة الرملٍ
عباءاتٍ من سَراب.
ونحن نبحث عن نسخةٍ عنكَ
تُعيدُنا إلى زمنِ الغضبِ العميق
أضعنا وجهَ زمانِكَ
وتكدَّستْ صخورُ الخَدَرِ فينا
فتماهينا مع الغبارِ الجاهلي
وجعلناكَ أمنية
لا قلبَ لها ينبض.
لا جفون تحرُسُنا من جحافلِ الصقيع
نحن المحزونون من ثاراتِ قبائلِنا
المخذولونَ من الذين وهبوا للرماحِ صدورَها
والغاضبون من أقاربِنا الذين
يحملونَ للمذبحِ هدايا نسيانِنا.
لا تلمْ تذمرَنا
نحن الذين أدمنّا الكلامَ
وبذَّرنا هممَنا في أعلى نواصي الأحلامِ
قاعدونَ كأطفالٍ مترفين... نريدُ:
الطعامَ
والكساءَ
والأمانَ...
نريدُ الوطنَ... والثورة
على طبقٍ من دلال.
حتى حاملِ أمانتكَ
شاركنا الذين تطاولوا عليه
وصفَّقنا للذين تفنَّنوا بشتمهِ.
أتدري يا الغرَّةِ المدمّاةِ... لماذا؟
لأننا لم نعرفك من قبل
ومنك نتعلّمْ معنى القيادة
وألمَ السير على الشوكِ حفاة.
لم ندركْ أن السَّحَرَة
يبالغونَ في تجويدِ اللغوِ
وفي ذرِّ رمادِ الأساطيرِ على فتوّتنا العاتية.
لم ندركْ أن الصعودَ يلزمُه أكتافَ رجالٍ
وأقداما لا تتعثَّرُ في الطريق.
لقد تشاطرنا عليكَ كثيرًا...
إذ حسِبناكَ طودًا فوقَ عالمِنا
فرميناكَ بلهيبِ شهَواتِنا الكثيرةِ...
الكثيرة.
لا شيءَ يُعجبنا
ولا ندري ماذا نريدُ
ألأننا اتَّكلنا طويلا على بسالتكَ
وآمنّا بأنّكَ الوالدُ الذي لا يموت؟
بالمناسبة يا ذا الكوفيَّةِ العالية:
لا تنسَ ذكرَنا...
نحنُ الذين قتلنا والدَنا
دون أن ندري...
ولم نزل نبحث عنه.
محمد علي سرور
جنوب لبنان
شاعر واعلامي
نحن قاتلو آبائهم
إلى ياسر عرفات في ذكراه
قصيدة للشاعر اللبناني محمد علي سرور
اعذرْنا يا ذا الغرَّةِ المُدمّاة
قد فاتنا قطارُ اللحظةِ
نحن الذين أخطأنا دربَكَ القاني
فضِعنا في تضاريسِ الأهوالِ العمياء.
اعذرْنا...
لأننا نحن الغائبون
وأنتَ الحاضرُ عاليًا في سمائِنا
تنازلُ الغيمةَ الدهماء.
قرأنا سِفرَ المتاهةِ
فقامرنا بأجيالِ قمح وزيتون
ولم ندركْ أننا:
أوقعناكَ في الجُبِّ ورحنا نسأل عنك.
نحن قاتلو آبائِهم الذين
نصَّبنا في كلّ حارة فرعونًا
وأتينا النبوءةَ من صدوع الخطايا
وزرعنا قنًا برّيًا في حدائقنا
فانتشى قراصنةُ العتباتِ
عندما توهَّمنا الدفءَ يأتي
من ثقبٍ
في جدارِ الفناء.
أذكرُ أننا بكيناكَ
وأقمنا العزاءَ على رحيلك
كم تجرّأ الالتباسُ علينا
نحن الذين ارتحلنا عنك...
فأنتَ أنت...
لم تزلْ في عرينكَ ثابتًا
نحن الذين لم نحفظ إلا
أبجديّة النسيان.
توارتْ عن مداكَ أبصارُنا
فاتّسعت أحداقُ المُرتشينَ بسبايا النبوءات
وأمطرَ غيمُ الشتائمِ عطشًا على أكفّنا
وتنازعْنا الوعودَ المقفرة
وبتنا ملءَ حناجرِنا نصلّي
كي تلبسنا آلهة الرملٍ
عباءاتٍ من سَراب.
ونحن نبحث عن نسخةٍ عنكَ
تُعيدُنا إلى زمنِ الغضبِ العميق
أضعنا وجهَ زمانِكَ
وتكدَّستْ صخورُ الخَدَرِ فينا
فتماهينا مع الغبارِ الجاهلي
وجعلناكَ أمنية
لا قلبَ لها ينبض.
لا جفون تحرُسُنا من جحافلِ الصقيع
نحن المحزونون من ثاراتِ قبائلِنا
المخذولونَ من الذين وهبوا للرماحِ صدورَها
والغاضبون من أقاربِنا الذين
يحملونَ للمذبحِ هدايا نسيانِنا.
لا تلمْ تذمرَنا
نحن الذين أدمنّا الكلامَ
وبذَّرنا هممَنا في أعلى نواصي الأحلامِ
قاعدونَ كأطفالٍ مترفين... نريدُ:
الطعامَ
والكساءَ
والأمانَ...
نريدُ الوطنَ... والثورة
على طبقٍ من دلال.
حتى حاملِ أمانتكَ
شاركنا الذين تطاولوا عليه
وصفَّقنا للذين تفنَّنوا بشتمهِ.
أتدري يا الغرَّةِ المدمّاةِ... لماذا؟
لأننا لم نعرفك من قبل
ومنك نتعلّمْ معنى القيادة
وألمَ السير على الشوكِ حفاة.
لم ندركْ أن السَّحَرَة
يبالغونَ في تجويدِ اللغوِ
وفي ذرِّ رمادِ الأساطيرِ على فتوّتنا العاتية.
لم ندركْ أن الصعودَ يلزمُه أكتافَ رجالٍ
وأقداما لا تتعثَّرُ في الطريق.
لقد تشاطرنا عليكَ كثيرًا...
إذ حسِبناكَ طودًا فوقَ عالمِنا
فرميناكَ بلهيبِ شهَواتِنا الكثيرةِ...
الكثيرة.
لا شيءَ يُعجبنا
ولا ندري ماذا نريدُ
ألأننا اتَّكلنا طويلا على بسالتكَ
وآمنّا بأنّكَ الوالدُ الذي لا يموت؟
بالمناسبة يا ذا الكوفيَّةِ العالية:
لا تنسَ ذكرَنا...
نحنُ الذين قتلنا والدَنا
دون أن ندري...
ولم نزل نبحث عنه.
محمد علي سرور
جنوب لبنان
شاعر واعلامي