الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مداخلة محمد البندوري في الخط المغربي

تاريخ النشر : 2016-10-26
مداخلة محمد البندوري في الخط المغربي
مداخلة محمد البندوري في الخط المغربي

بمركز الدراسات والبحوث الانسانية والاجتماعية بمدينة وجدة

من تنظيم مركز ذنون لفن الخط العربي

  بُنيت مداخلة الدكتور محمد البندوري على ما سبق تقديمه من ورشات لمجموعة من المتدخلين، فأبدى بعض الملاحظات فيما يخص التركيب والمساحة والنقطة، وفي هذا الإطار تحدث محمد البندوري عن أهمية هذه العناصر الثلاث في المنظومة الحروفية المغربية، باعتبار أن دقة التركيب تصنع الجمال في الخط العربي عموما، وأن تركيب الخط العربي هو استثناء من بين كل الخطوط على الأرض، لذلك أعجز الخط العربي كل المتتبعين والمتذوقين في الأمم الأخرى. وأشار إلى أن المساحة لها دور كبير في التطور وفي بعث الجمال وذلك عن طريق اختزالها وتثبيت الخط في حيز منها ليشكل الباقي رمزا مكملا لمعنى التركيب الخطي. أما النقطة فهي رمز في أي عمل حروفي ما دامت توضع بشكل دقيق في مكان معين داخل العمل، وتزيد رمزيتها عندما تتداخل مع اللون وتتخذ حجما معينا. وكل هذه المعطيات تدخل في نطاق التطور الذي يعرفه الخط العربي من المجال الكلاسيكي الى المجال الحروفي إلى المجال التشكيلي، وهنا يجب التمييز  بين الخطاط والحروفي والتشكيلي، فالخطاط هو الذي ينجز عملا خطيا فوق السطر بنوع معين من أنواع الخطوط، أو ينجز عملا خطيا مركبا منضبطا مع القواعد المتعارف عليها. والحروفي هو الذي يتجاوز ذلك الى اختزال المساحة واعتماد رمزية الحرف والاشتغال على الكتل الخطية.. بينما الخطاط التشكيلي هو الذي يعتمد تجريدية الحرف ويخفيه داخل الألوان أو يشكله علاماتيا بالألوان. فالخط العربي عموما انتقل من مجال نفعي إلى مجال كلاسيكي إلى مجال حروفي إلى مجال تجريدي ثم تجريدي معاصر، وهنا يمكن الحديث عن تجربة المبدع وماذا أنتجت وفي أي مسار اتجه. أما الملاحظة الثانية فرامت ضبط عملية التركيب بمقاييس ونسب محددة، وقد استشهد محمد البندوري بنص لأبي حيان التوحيدي وأحالهم على مصدره المتمثل في رسالة في علم الكتابة. وقد جاء النص كالتالي: والكاتب يحتاج إلى سبعة معان: الخط المجرد بالتحقيــــــق، والمحلى بالتحذيــــــق، والمجمل بالتحويــــق، والمزيــن بالتخريـق، والمحسن بالتشقيق، والمجاد بالتدقيق، والمميز بالتفريق." وقدم بعض الشروحات فيما يخص التوازن في العمل الخطي. أما الملاحظة الثالثة فخصت بعض المصطلحات الدخيلة على المنظومة الخطية مثل: الترتيش، وهي معربة عن Retouche فأكد على أن يلتزم الخطاطون الأجلاء جزاهم الله خيرا باستعمال المصطلحات العربية مثل التقويم أو التحقق أو .. بدلا من التعريب المفرنس. باعتبار أن المنظومة الخطية مقدسة ومجللة بقدسية اللغة العربية التي ينتمي إليها الخط العربي وإلى حرمة النصوص التي يتفاعل معها.

وشكلت الملاحظة الرابعة إضافة معلومة بخصوص أحد المداخلات حول ديداكتيكية تدريس الخط، فقد أشار محمد البندوري إلى كتاب جديد للكاتبة زكية مساط بعنوان: مشاكل الخط  قدمت فيه الكاتبة تجربة خطية تراعي قيم الجمال، وتسعى التحرر من تردي الخط، وساعدت بتكوينها العلمي والثقافي من وضع الأصبع على الخلل والتفاعل معه ديداكتيكيا وفق معايير معرفية وعلمية واجتماعية ولغوية وتربوية، فجعلته مفتوحا على عوالم أخرى للباحثين والدارسين.

وقد قدم في الملاحظة الموالية الشكر لكل المتدخلين الذين قاموا بمداخلاتهم القيمة ولامسوا الجوانب التقنية لأن المشكل الرئيسي حسب محمد البندوري في العملية الخطية يكمن في الابتعاد عن الوسائل التقنية، وهو ما يضع الخط المغربي في مأزق. فالأسلاف استعملوا كل ما وجدوه لديهم، وأبدعوا وسائل أخرى جديدة فاقت عمليات تحضير الأمدة، وفي هذا الإطار قال محمد البندوري إن تحضير الأمدة كان يخضع لمعايير وإلى ثقافة خاصة، حيث ارتبطت المحابر بالبلاط المغربي، فهناك الدواة الجميلة الرائعة للخليفة أبي الحسن المريني وهناك دواة الخليفة المنصور الذهبي، والقائمة طويلة.. إن الدواة كانت تخضع لطقوس خاصة، وقد تنوعت بين النحاسية والزجاجية والمذهبة وذات الشكل المدور والمعين والمربع.. وقد ارتبط التجويد فيها بالخلفاء وبالخطاطين، علما أن عددا كبيرا من الخلفاء المغاربة كانوا خطاطين بارعين منهم الخليفة المهدي بن تومرت والخليفة عمر المرتضى، كما أن أبناء الخليفة عبد المومن الموحدي الإثني عشر كانوا خطاطين مجيدين لفنون الخط المشرقي والمغربي، والخليفة أبو الحسن المريني، والخليفة المنصور الذهبي الذي اخترع خطا خاصا به.. وهذا أجمل ما في المنظومة الخطية المغربية أنهم كانوا إما ملوكا خطاطين أو أن بعضهم كانوا ملوكا يحبون الخط ويسهرون على تعليمه.  وقد سار أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله على هذا النهج الميمون حيث تم إحداث جائزة محمد السادس للخط المغربي بكل ما تتضمنه من معطيات ثقافية وفنية تخدم الخط المغربي والخطاطين المغاربة. وهناك وسائل أخرى كثيرة كانت تستعمل، يقول محمد البندوري : ولنا إسوة في الورشات السابقة التي بيّنت تطبيقيا بأن التغيير والإبداع في التقنيات وفي الوسائل ينتج عنه إبداع جديد في المنتوج.. ويضيف، فالأسلاف استعملوا محلول السواك واستعملوا اللجين واستعملوا ماء الذهب واستعملوا الزنجفر وهو مادة لتلميع الخط، وكان الخطاطون المشارقة يأتون من المشرق إلى المغرب لاقتنائها .. واستعملوا من الخامات الرق والحرير والورق والخشب .. ومن بين أهم الاجتهادات التي قام بها الأسلاف مزج الحرير بالورق الملون واستعمال الدقة في وضع الألوان بوعي منهم بما ينتجه من دلالات، يستعملون مثلا الأخضر وماء الذهب واللجين بوعي منهم لعمليات التوضيب المحكم في سياقات دلالية محضة.

وذكر محمد البندوري أنه كان سيقف عند بلاغة الخط وجمالية الخط باعتبار أن القرآن معجز بالخط وليس بالسمع فقط باعتبار أن الكلمة تنطق وتكتب، وجمال الكلمة العربية سمعا يوازيه جمال الكلمة العربية بصرا ، ولكن شدته مجموعة من العوالم في الورشات والمداخلات السابقة فعرج بمداخلته نحو هذا الاتجاه الذي هو بصدده اليوم.

وفي حديثه عن الأقلام، وضح محمد البندوري أنها تنوعت إلى حد كبير وأشار إلى أن القلم يعني الخط في المنظومة الخطية، فعندما نقول قلم الرقعة فإننا نعني خط الرقعة، وذكر من الأقلام مثلا الطومار والجليل والرقاع والمحقق والثلث والنسخ والمنثور وجليل المحقق والريحاني والرياسي والمرصع والخط الديواني والخط المغربي... وذكر في معرض حديثه عن الأقلام بأن قلم النحاس المغربي تعددت قطعاته حسب الظروف التاريخية، علما أن قطعة قلم النحاس أو غيره لها أهمية كبرى في المنظومة الخطية المغربية، فهي الخط المغربي بعينه في أصله، وإلا خرجنا عن إطار الخط المغربي، فالتحويل من الخط المشرقي إلى المغربي حكمته عدة خصوصيات منها: قطعة القلم، ثم عمليات التحريف أثناء البري، حيث يجب مراعاة نسب التحريف ونسب الإمالة في التقدير والمقاس والشكل، ثم التدقيق في عملية البري، وتثبيت القطة على نحو جيد حتى يسمع صوتها، قالوا قديما: إذا قال القلم قط فأبشر بحسن الخط.

ووضح محمد البندوري أن من خصوصيات الخط المغربي كذلك: سيكولوجية الإنسان المغربي وطرائق الكتابة التي يتميز بها المغاربة كالسرعة في الكتابة ( احداث خط المسند والخط المجوهر)  ثم الوسائل والتقنيات المختلفة كقصب الخطارات والسواقي وعود شجر الزيتون وعود شجر الأركان وطريقة القطع، مشيرا إلى التأثير الطبيعي والاجتماعي والثقافي والسياسي والنفسي، ساهمت كل هذه المؤثرات في صنع خط مغربي صرف. فالطبيعي يتمثل في: القصب المغربي وعود شجر الزيتون وشجر الأركان. والتقني يتمثل في: طريقة القطع والمحبرات والأمدة  والخامات ... والسياسي يتمثل في: مساهمة الملوك المغاربة في العمليات الخطية من تجويد وإحداث الوسائل الجديدة وتثبيت الأسلوب المغربي في الرسائل  والظهائر السلطانية، وفي المؤلفات وإحداث مشيخة الخطاطين ومشيخة النساخين وإعطاء دفعة قوية لمسار الخط المغربي من خلال التحفيز بالجوائز التشجيعية للخطاطين .. والاجتماعي يروم ارتباط الخط المغربي بقضايا معينة مرتبطة بطقوس وعادات وتقاليد مغربية مرتبطة بالتوجه الروحي والديني. والثقافي يتمثل في: استقلالية الأفكار والتصورات الخطية المغربية ارتباطا بالنسيج الثقافي المغربي.. وبذلك فقد عرفت المنظومة الخطية بالمغرب ترتيبا محكما في التنظيم على مستوى مراتب الخطاطين والتنظيم على مستوى عناوين الكتب والنصوص فأضحى كل خط ميسر لمجال معين، لتؤول النتيجة إلى تكوين جهاز مفاهيمي خطي مغربي صرف.

وفي سياق آخر قارن محمد البندوري بين الأمس واليوم في عمليات التنظير والتخطيط وشدد على أن هناك رؤى وتصورات وهناك تنظيرات لكن هناك شتات وتفرقة، فعوض أن تتوحد الرؤى والجهود فإنها تزداد شتاتا يوما بعد يوم وشهرا بعد شهر وسنة بعد سنة.. هناك اجتهادات لدى مجموعات كبيرة من الخطاطين، بل يمكن القول بأن هناك مدارس حقيقية للخط المغربي بالمغرب: مدرسة تطوان ومدرسة الرباط ومدرسة الدار البيضاء ومدرسة وجدة ومدرسة فاس ومدرسة مراكش .. وكل مدرسة لها ثقافة وخاصيات ومميزات معينة، ولها توجهات وتصورات محددة. فلو توحدت كل هذه الجهود وتوحدت المعايير وفق ما في المخطوطات المغربية المتنوعة حسب المناطق وحسب الحقب التاريخية، فإنه سيتم الخروج بمعيار مغربي شامل وصرف.

وقد ختم البندوري مداخلته بقولة في غاية الأهمية: إننا نحتاج في منظومتنا الخطية المغربية إلى  أمرين:

1-  نحتاج إلى من يخدم الخط المغربي بصدق ومسؤولية وحرفية بعيدا عن الأحقاد والتشنجات والخلافات الضيقة، حتى يسود الوئام والحب والتآزر في العمل الخطي بين مختلف المكونات.

2-  نحتاج إلى خطاطين موهوبين وإلى خطاطين مثقفين وباحثين.

 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف