لماذا غزة ..؟ بقلم ياسمين أصرف
أذكر يوم كنت فى الصف السادس الإبتدائي أثناء الإنتفاضة الثانية , كنا قد حُرمنا من الرحلات المدرسية جيل لا يعرف معنى الترفيه وقتها , ثقافتنا كانت سياسية بحتة فكنا نفهم معنى "مسيرة" "انتفاضة" "حرب" "اسرائيل" "القدس" "شهيد" "رصاص" .. كلمات رسخت منذ طفولتنا عاشت وتعايشنا معها فباتت أمر واقعي ومر لا مفر منه , فلا مفر من حصارنا , ولا مفر من جهادنا .
ما أذكره فى ذلك العمر عندما انتهى دوام مدرستي جازفت وذهبت مع صديقاتي لمنطقة "حى التفاح" تلك التى اغتصبت بناياتها على يد رصاص الإحتلال , المنطقة التى كانت ساحة لمعركة الأبطال الكبار والصغار , التى شهدت عشرات من الجرحى والشهداء وحالات من الإغماء اثر الغاز المسيل للدموع , أصبحنا نهتف بعلو صوتنا "ع القدس رايحيين شهداء بالملايين " "يا يهودي يا مرة رجع جبك لورا " كنت أصرخ بعلو صوتى وكأننى بطل ملثم يختنق بعلمه كي ينجو الوطن , كان تعبيري أكبر منى ومن عمرى , حتى رُمينا بالرصاص عن بعد وسالت دموعي من الغاز الذي رمي علينا كالحجارة .
أذكر تلك العجوز التى كانت تفتح بيتها لمن يختنق وتعطي الماء للمارين على الطريق وللنازفين , أكتب تلك الكلمات وكأننى أختنق بذلك الغاز الذي سمم إنسانيتي حينها ووضعني على أول سؤال .. لماذا غزة ؟.
مر وقت وإذا بعربة من جهاز "الأمن الوطني" ضحكت حين عرفت من بداخلها كان السائق "غسان" وكان والدي بجواره لم يضربني ولم يشتمنى كأي أب غضبه يسبق خوفه على أبنائه , أخذني معه ووصاني ألا أكررها لأن هذا المكان خطر جدا على وأنا ما زلت صغيرة جدا على ذلك , وأصبح يسألنى ماذا كنتم تهتفون إجعلى غسان يسمعك , كان يؤمن أن ابنته سيكون لها سلاح في يوم , وأنا سلاحى الآن قلمي الذي منعني أن أكمل قصة والدي , الذي كنت سأفقده في ذلك العام بعد استشهاد مديره "أبو حميد " ,و لأمور أقوى منه قدم استقالته وبات بدون عمل ولم يأخذ أى من حقوقه حتى اللحظة .. بعد مرور سنوات سألته عرفت كل شيء والظلم الذي وقع عليه وتحملته أكتافنا حتى اليوم , سألت أسرتي .. هنا كررت السؤال لماذا غزة ؟
أصبحت فى الثانوية العامة , كنت أقدم إمتحاناتى في مدرسة فى مدينتي الحزينة "خان يونس" , كان وقتها وقت الحسم كان اقتتال داخلى ابن فتح وابن حماس كانوا يوقفوا النيران ويلوح لى بالمرور حينها .. كان الخوف يطارد زميلاتى حينها إلا أننى كنت أمشي ببطىء أنظر لتلك العيون الملثمة كيف خافت علينا من الطريق .. برغم كل شيء تسكننا العزة .
الآن نحن بين أطراف حصارين , حصار نعرف ما هو , والحصار الآخر ليس حصار سياسي داخل أسرتى فى غزة والضفة , بل حصار فكرى , لأنه لم يتبق فى الخريطة شيء لم يتم تقسيمه .
لا أحبذ الدخول فى تفاصيل سياسية ولكن أتمنى لو أن يرجع بنا الزمان عندما كانت البيوت تُفتح لغريب أو مقاوم , أتمنى أن نحترم فصائلنا أى كانت شخصياتنا السياسية سواء أبو مازن أو دحلان أو هنية أو .. قلتها مرة :" لم يعطيني أحدهم رغيف خبز أو مصلحة لى أو لعائلتى " لكن الإحترام كان واجب حتى فى ألفاظنا اتجاههم , حماس لم تكن نقمة على الشعب بقدر أفواهنا .
مررت عبر سنوات عند كل سطر فى ذلك المقال , وما زلت أسأل لماذا غزة ..؟
أذكر يوم كنت فى الصف السادس الإبتدائي أثناء الإنتفاضة الثانية , كنا قد حُرمنا من الرحلات المدرسية جيل لا يعرف معنى الترفيه وقتها , ثقافتنا كانت سياسية بحتة فكنا نفهم معنى "مسيرة" "انتفاضة" "حرب" "اسرائيل" "القدس" "شهيد" "رصاص" .. كلمات رسخت منذ طفولتنا عاشت وتعايشنا معها فباتت أمر واقعي ومر لا مفر منه , فلا مفر من حصارنا , ولا مفر من جهادنا .
ما أذكره فى ذلك العمر عندما انتهى دوام مدرستي جازفت وذهبت مع صديقاتي لمنطقة "حى التفاح" تلك التى اغتصبت بناياتها على يد رصاص الإحتلال , المنطقة التى كانت ساحة لمعركة الأبطال الكبار والصغار , التى شهدت عشرات من الجرحى والشهداء وحالات من الإغماء اثر الغاز المسيل للدموع , أصبحنا نهتف بعلو صوتنا "ع القدس رايحيين شهداء بالملايين " "يا يهودي يا مرة رجع جبك لورا " كنت أصرخ بعلو صوتى وكأننى بطل ملثم يختنق بعلمه كي ينجو الوطن , كان تعبيري أكبر منى ومن عمرى , حتى رُمينا بالرصاص عن بعد وسالت دموعي من الغاز الذي رمي علينا كالحجارة .
أذكر تلك العجوز التى كانت تفتح بيتها لمن يختنق وتعطي الماء للمارين على الطريق وللنازفين , أكتب تلك الكلمات وكأننى أختنق بذلك الغاز الذي سمم إنسانيتي حينها ووضعني على أول سؤال .. لماذا غزة ؟.
مر وقت وإذا بعربة من جهاز "الأمن الوطني" ضحكت حين عرفت من بداخلها كان السائق "غسان" وكان والدي بجواره لم يضربني ولم يشتمنى كأي أب غضبه يسبق خوفه على أبنائه , أخذني معه ووصاني ألا أكررها لأن هذا المكان خطر جدا على وأنا ما زلت صغيرة جدا على ذلك , وأصبح يسألنى ماذا كنتم تهتفون إجعلى غسان يسمعك , كان يؤمن أن ابنته سيكون لها سلاح في يوم , وأنا سلاحى الآن قلمي الذي منعني أن أكمل قصة والدي , الذي كنت سأفقده في ذلك العام بعد استشهاد مديره "أبو حميد " ,و لأمور أقوى منه قدم استقالته وبات بدون عمل ولم يأخذ أى من حقوقه حتى اللحظة .. بعد مرور سنوات سألته عرفت كل شيء والظلم الذي وقع عليه وتحملته أكتافنا حتى اليوم , سألت أسرتي .. هنا كررت السؤال لماذا غزة ؟
أصبحت فى الثانوية العامة , كنت أقدم إمتحاناتى في مدرسة فى مدينتي الحزينة "خان يونس" , كان وقتها وقت الحسم كان اقتتال داخلى ابن فتح وابن حماس كانوا يوقفوا النيران ويلوح لى بالمرور حينها .. كان الخوف يطارد زميلاتى حينها إلا أننى كنت أمشي ببطىء أنظر لتلك العيون الملثمة كيف خافت علينا من الطريق .. برغم كل شيء تسكننا العزة .
الآن نحن بين أطراف حصارين , حصار نعرف ما هو , والحصار الآخر ليس حصار سياسي داخل أسرتى فى غزة والضفة , بل حصار فكرى , لأنه لم يتبق فى الخريطة شيء لم يتم تقسيمه .
لا أحبذ الدخول فى تفاصيل سياسية ولكن أتمنى لو أن يرجع بنا الزمان عندما كانت البيوت تُفتح لغريب أو مقاوم , أتمنى أن نحترم فصائلنا أى كانت شخصياتنا السياسية سواء أبو مازن أو دحلان أو هنية أو .. قلتها مرة :" لم يعطيني أحدهم رغيف خبز أو مصلحة لى أو لعائلتى " لكن الإحترام كان واجب حتى فى ألفاظنا اتجاههم , حماس لم تكن نقمة على الشعب بقدر أفواهنا .
مررت عبر سنوات عند كل سطر فى ذلك المقال , وما زلت أسأل لماذا غزة ..؟