الاستثمار في الأبناء
بقلم د. أكرم ابراهيم حماد
اعتدت المرور يومياً وأنا عائد من صلاة المغرب من طريق كثيراً ما أشاهد فيها شاباً واقفاً على ناصية من الطريق وهو يحدق بكل وجدانه في جهاز المحمول بين يديه ، وأستشعر أصابعه تعبث بشاشة الجهاز، ويستمر على هذا الحال ساعات ، وعندما استفسرت عن سر وقفته في هذا المكان كانت الإجابة بأنه في هذا المكان يستطيع التقاط موجات أو ترددات الاتصالات اللاسلكية لبعض المشتركين بشبكات الانترنت من الساكنين بالجوار، وأن لديه القدرة على استغلال هذه الشبكات للتواصل ولتصفح الانترنت على جهازه ،
وعرفت السبب وزال عجبي من سر وقفته في المكان، ولكن هذا لم يدم طويلاً وعاد ليّ الاستغراب من جديد عندما وجدت طفلاً أيضاً بدأ يقف في المكان بجوار الشاب ويبدو أنه يستفسر منه عن طريقة التقاط ترددات الاشتراكات لشبكات الانترنت ، ولم يمضي وقت طويل بل فقط عدة أيام حتى صار هذا الطفل الذي ربما لا يتجاوز العاشرة من عمره يجلس على ناصية أخرى من ذات الطريق ويحملق بعينيه ويعبث بأصابعه في جهاز محمول لديه ، ويستمر على هذا الحال وقت لم أرقب مداه .
إن استغراق الطفل بهذا الأسلوب بعيداً عن متابعة الوالدين ظاهرة خطيرة تستحق الاهتمام ولا عذر للوالدين أمام نفسيهما بأن العمل ومسؤوليات الحياة وكثرة الالتزامات هي السبب وراء انشغالهما عن الأبناء، ولا يدركان حجم المسؤولية التي من المفترض أن يوليانها لمن هم في أشد الحاجة لهما، ويعتقدان بأن ما تسمى بـ (الأجهزة الذكية) هي أفضل خيار ليكون الطفل أمام ناظريهما دون الخوف من خروجه من المنزل، فما بالك وحالة طفلنا هذا.
فإذا ما أمعنت النظر في طفلك بداخل البيت وهو في حالة استغراق (يفرك) أصابعه بحركاتٍ لا إراديةٍ متكررةٍ من تأثير الإدمان على مثل هذه الأجهزة وما تحتويها من ألعاب، ولا تكاد تمرّ بضع دقائق إلا وتسمع له صرخةً من جراء خسارته لعبةً ما أو ما شابه ذلك، حين تراقبه تجده يعيش عالماً افتراضياً غير عالمنا ويتصرّف بعيداً عن واقعه المحيط فيه.
يا سادة إن هذه الأجهزة التي أصبح تعلق أبناءنا بها لا حدود له تشكل خطراً محدقاً بالأبناء لا يستشعره الكثيرون بعد، بل إني رأيت بعض الآباء والأمهات يعتبرونها الحل الأمثل لحل مشكلة وقت فراغ الأبناء حتى وإن طال استخدامها لعدة ساعات ووصلت مرحلة الإدمان (اللامعقول).
هذا المثال هو صورةٌ حقيقيةٌ لما ابتُلي فيه مجتمعنا خلال السنوات القليلة الماضية وأصبح (يستفحل) بطرقٍ مخيفة، حيث لا تكاد تجد بيتاً إلا ويعاني من هكذا مشكلة، حتى أمسينا نسمع عن انتشار الأمراض العصبية والنفسية بين الأطفال بشكلٍ متزايد.
جميعنا يدرك بأن شبكات الانترنت تحوى من البرامج المختلفة والمتنوعة الكثير منها المفيد ومنها السيئ، كما نعلم جميعاً بأن استخدامها في حدود المعقول من الوقت، واستغلالها فيما هو مفيد للأبناء وتحت إشراف الوالدين أو أحدهما، يعتبر إيجابياً ومساعداً ومكمّلاً أيضاً في طرق التربية والتعليم المختلفة، ما لم يتجاوز الهدف والغاية التي من المفترض أن يرسمها ولي الأمر، وحتى لا يصبح أطفالنا ضحايا لهذا النوع الجديد من الإدمان .
يا سادة إن الاستثمار في الأطفال هو أغلى استثمار عرفته وستبقى تعرفه البشرية في الماضي والحاضر والمستقبل، فعلينا أن نحسن استثمار هذا الغرس لعل الله ينفع به هذه الأمة الجريحة ، وينقذ بهم هذه الأوطان المنكوبة ، ويكتب لنا بحسن استثمارهم الأجر والثواب .
بقلم د. أكرم ابراهيم حماد
اعتدت المرور يومياً وأنا عائد من صلاة المغرب من طريق كثيراً ما أشاهد فيها شاباً واقفاً على ناصية من الطريق وهو يحدق بكل وجدانه في جهاز المحمول بين يديه ، وأستشعر أصابعه تعبث بشاشة الجهاز، ويستمر على هذا الحال ساعات ، وعندما استفسرت عن سر وقفته في هذا المكان كانت الإجابة بأنه في هذا المكان يستطيع التقاط موجات أو ترددات الاتصالات اللاسلكية لبعض المشتركين بشبكات الانترنت من الساكنين بالجوار، وأن لديه القدرة على استغلال هذه الشبكات للتواصل ولتصفح الانترنت على جهازه ،
وعرفت السبب وزال عجبي من سر وقفته في المكان، ولكن هذا لم يدم طويلاً وعاد ليّ الاستغراب من جديد عندما وجدت طفلاً أيضاً بدأ يقف في المكان بجوار الشاب ويبدو أنه يستفسر منه عن طريقة التقاط ترددات الاشتراكات لشبكات الانترنت ، ولم يمضي وقت طويل بل فقط عدة أيام حتى صار هذا الطفل الذي ربما لا يتجاوز العاشرة من عمره يجلس على ناصية أخرى من ذات الطريق ويحملق بعينيه ويعبث بأصابعه في جهاز محمول لديه ، ويستمر على هذا الحال وقت لم أرقب مداه .
إن استغراق الطفل بهذا الأسلوب بعيداً عن متابعة الوالدين ظاهرة خطيرة تستحق الاهتمام ولا عذر للوالدين أمام نفسيهما بأن العمل ومسؤوليات الحياة وكثرة الالتزامات هي السبب وراء انشغالهما عن الأبناء، ولا يدركان حجم المسؤولية التي من المفترض أن يوليانها لمن هم في أشد الحاجة لهما، ويعتقدان بأن ما تسمى بـ (الأجهزة الذكية) هي أفضل خيار ليكون الطفل أمام ناظريهما دون الخوف من خروجه من المنزل، فما بالك وحالة طفلنا هذا.
فإذا ما أمعنت النظر في طفلك بداخل البيت وهو في حالة استغراق (يفرك) أصابعه بحركاتٍ لا إراديةٍ متكررةٍ من تأثير الإدمان على مثل هذه الأجهزة وما تحتويها من ألعاب، ولا تكاد تمرّ بضع دقائق إلا وتسمع له صرخةً من جراء خسارته لعبةً ما أو ما شابه ذلك، حين تراقبه تجده يعيش عالماً افتراضياً غير عالمنا ويتصرّف بعيداً عن واقعه المحيط فيه.
يا سادة إن هذه الأجهزة التي أصبح تعلق أبناءنا بها لا حدود له تشكل خطراً محدقاً بالأبناء لا يستشعره الكثيرون بعد، بل إني رأيت بعض الآباء والأمهات يعتبرونها الحل الأمثل لحل مشكلة وقت فراغ الأبناء حتى وإن طال استخدامها لعدة ساعات ووصلت مرحلة الإدمان (اللامعقول).
هذا المثال هو صورةٌ حقيقيةٌ لما ابتُلي فيه مجتمعنا خلال السنوات القليلة الماضية وأصبح (يستفحل) بطرقٍ مخيفة، حيث لا تكاد تجد بيتاً إلا ويعاني من هكذا مشكلة، حتى أمسينا نسمع عن انتشار الأمراض العصبية والنفسية بين الأطفال بشكلٍ متزايد.
جميعنا يدرك بأن شبكات الانترنت تحوى من البرامج المختلفة والمتنوعة الكثير منها المفيد ومنها السيئ، كما نعلم جميعاً بأن استخدامها في حدود المعقول من الوقت، واستغلالها فيما هو مفيد للأبناء وتحت إشراف الوالدين أو أحدهما، يعتبر إيجابياً ومساعداً ومكمّلاً أيضاً في طرق التربية والتعليم المختلفة، ما لم يتجاوز الهدف والغاية التي من المفترض أن يرسمها ولي الأمر، وحتى لا يصبح أطفالنا ضحايا لهذا النوع الجديد من الإدمان .
يا سادة إن الاستثمار في الأطفال هو أغلى استثمار عرفته وستبقى تعرفه البشرية في الماضي والحاضر والمستقبل، فعلينا أن نحسن استثمار هذا الغرس لعل الله ينفع به هذه الأمة الجريحة ، وينقذ بهم هذه الأوطان المنكوبة ، ويكتب لنا بحسن استثمارهم الأجر والثواب .