الأخبار
17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

يا شقاقي .. فلسطين لم تعد القضية المركزية هنا وهناك بقلم: عامر أبو شباب

تاريخ النشر : 2016-10-22
يا شقاقي .. فلسطين لم تعد القضية المركزية هنا وهناك بقلم: عامر أبو شباب
يا شقاقي .. فلسطين لم تعد القضية المركزية هنا وهناك

بقلم: عامر أبو شباب

يتفق الأغلبية من متتبعي تاريخ الحركات الفلسطينية أن الشهيد د. فتحي الشقاقي أول من تبنى شعار ومنهج فلسطين القضية المركزية للأمتين العربية والاسلامية كتصحيح لمسار الحركات الاسلامية التي كانت تقيم الصلاة في عدة اتجاهات ليس بينها قبلة المسجد الأقصى، وهي نفس الحركات التي تعاود نفس التجربة وتكرر شتات الولاءات حاليا بعد الفوضى الخلاقة باتجاهات متعددة، وتجعل فلسطين مطية أو ملف مؤجل ما دمت اسرائيل مطلوبة لكل التحالفات الجديدة عربيا وتركيا وايرانيا.

الشهيد الشقاقي من خلال طرح فلسطين القضية المركزية أراد ترتيب الأولويات العربية والاسلامية بمنطق أن اسرائيل هي الغريب الوحيد على تراب المنطقة، كيان يرفض منطق الحدود ولو على حساب العرب والمسلمين من خلال المبادرة العربية التي تمنح الاحتلال فرصة للتعايش على 78% من أرضنا ويقبل الفلسطينيون بـ22% من وطنهم، لكن اسرائيل ترفض أن تجعل لها حدود سوى الخطين الازرقين في العلم العبري، لذلك أعلن الشهيد الشقاقي ضرورة توجيه المعركة بكل أدواتها نحو تحجيم اسرائيل وحصارها، لكن الفوضى الخلاقة شلت المنطقة وأزاغت البصر والبصيرة، وتمتعت اسرائيل بغنائم الحروب الدموية من بغداد الى صعدة، وانصهرت الجيوش والجماعات في معركة الدفاع عن اسرائيل والنفط وخطوط الغاز.

الشهيد الشقاقي قدم أنداك إجابته الفلسطينية كإسلامي ولد في المخيم مسكون بالهجرة من مسقط رأس أبيه، اسلامي أدرك انحراف وجهة الجماعات الاسلامية التي قاتلت في كابول وتركت القدس، ووضع في معادلته معنى إنهار وسقط لدى الجميع حاليا أن فلسطين مركزية القضايا يدور في فلكها الجميع ولا تدور هي في فلك أحد، بمنطق وطني شديد الأهمية، واليوم يرى الجميع أن كل الأطراف تريد من القضية أن تصبح ورقة رابحة للمساومة تدور في فلك الأجندات والقبائل مقابل فتات الدولارات القادمة من مخلفات النفط، وسال لها لعاب الكثير من وطنيين واسلاميين أرهقهم العمر وشعروا باليأس وأرادوا توفير فرص عمل لأبنائهم وأعجبتهم الرواتب والسيارات في أرذل العمر ليطيعوا عجزهم ويصبح ارضاء العواصم تجارة وجمعيات، وتحولت الجماعة الى بقرة السامري، والحزب الى صنم يعبد ليل نهار ويختصر الله في خمسة مواعيد فضفاضة وسريعة، ويصبح باقي النهار حالة استعباد دون عقد سياسي أو ولاء أخلاقي بين من يُوحى لهم ومن يوحى إليهم.

لو كتب الله للشقاقي العمر لترك كثير من الجُمل السياسية، كما ترك مفاهيم جماعة الاخوان المسلمين، كمجتهد سياسي وديني وثقافي قدم اجابته لزمنه انطلاقا من فلسطين، لكن الزمن اليوم انكشف على كثير من الحقائق في المعادلة الاقليمية، والحسابات الداخلية تحت سقف متجرين فلسطينيين كبيرين يتبعان متاجر عربية وأعجمية، ويدور في فلكهما دكاكين صغيرة ولا مانع من قليل من التمايز الفموي وبعض السلاح والأقنعة.

أعتقد أن الشقاقي الذي أدرك أن المقاومة هي الذبابة التي تلطم الفيل وخاض التجربة باستهداف الجنود والمستوطنين ورجال المخابرات الاسرائيلية لن يقبل اليوم بحالة التجييش للمقاومة لتصبح شبه جيش نظامي يعيد خطأ التجربة في حرب بيروت 1982، لأنه يعلم ان التجييش هو مدخل التوظيف الذي يرغم الكل على الدوران في فلك العواصم وليس العكس، وهو يدرك أن التنقل بين طهران وطرابلس فاتورة معادلته لينال الشهادة في توقيت حساس دافعا ضريبة مركزية فلسطين ومركزية المخيم الذي تعبس المدن الكبيرة عندما تراه يبتسم وفق التوصيف الرائع للراحل محمود درويش.

رحيل الشقاقي في توقيت أرادته اسرائيل لا يلغي فكرة ديمومة الاجتهاد التي حملها لأن النص الوحيد محل العصمة هو القران الكريم فقط، وكل القراءات السياسية قابلة للتعديل والتغيير على قاعدة ثبات مركزية فلسطين في جوهر الصراع المختلط في المنطقة الأن، موقف يؤكد ضرورة الاتفاق مع كل من يرفض الوصاية على القضية وفق أدوات المساومة أو الاكراه، الوصاية على فلسطين فقط من خلال معاقبة الاحتلال ومقاطعته وحصاره في كل محفل كأضعف الايمان ودعم فلسطين وليس تمويل الجماعات والسلطات، لأن القدس مشترك عربي اسلامي والطائرات الرابضة في بئر السبع تبصر كل العواصم المكشوفة، والدبابات في الجولان تنظر إلى ما بعد دمشق، وقوة تل أبيب مقابل ضعف بغداد والقاهرة ودمشق هو الاختلال الاستراتيجي الأبرز في معادلة الصراع.

فكرة الشهيد الشقاقي التي قامت على "الوعي" أسست للاجتهاد الدائم، والفهم لتركيبة الواقع بوعي ممتد وشامل يغوص في عمق الصراع وارتباطاته، وكل تغييب للوعي سينتج انجرار وخدمة لمستقبل مشروع الاحتلال، هذا "الوعي" في شعار الشقاقي أسس لمنهج "الثورة"، بمعناها الواسع كقيمة رفض للخطأ أينما كان موقعه ووجهته، و"الثورة" اجتهاد دائم وعملية تصحيح مستمرة داخليا وخارجيا، لأن انجازات الاحتلال والمشروع الصهيوني قائمة على أخطأ خصومه، لذك أمن "ايمان" مطلق بثنائية "الوعي والثورة"، لإحداث استنهاض دائم لفكرة "مركزية فلسطين".

رحم الله الشقاقي.. وعظم الله أجرنا بوفاة مركزية فلسطين في قلوب التائهين والجماعات المُروضة، ولكننا ندرك أن فلسطين قادرة على التجدد كقضية مركزية لا يشبهها في ذلك إلا رحلة سيدنا يوسف عليه السلام المتفق عليه في الديانات الثلاث.

الشقاقي رحل عنا وهو يردد: هنا فلسطين.. هنا القدس.. هنا الأغنياء بفقرهم.. الكرام بحريتهم واستقلال عقلهم من أجل مستقبل شعب ولد ليحيى. 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف