مقال/ طوابير
ظهر مُسمى الطابور الخامس إبان الحرب الأهلية الإسبانية "1936 - 1939"، وذلك حينما سُئِل الجنرال "ايميلو مولا احد قادة القوات الوطنية أنذاك" عن تشكيلات الجيش الوطني فقال: هناك أربعة طوابير زحفت تجاه مدريد، وهناك طابور خامس داخل مدريد ينتظر تقدم الطوابيرالأخرى، ليكمل ما بدأ به من زعزعة للوضع الداخلي، واثباط للهمم.
وبعد ذلك خلال الحرب العالمية الثانية استخدمت كل من المانيا وايطاليا أيضاً الطابور الخامس، من خلال زرع عملائهم من نفس الدول الأوربية في المؤسسات السياسية، والعلمية، والصحافية، وفي الشارع نفسه، ولكن واجهت كل من بريطانيا وفرنسا هذه الطوابير بشتى الطرق حتى كشفتهم وقضت عليهم.
منذ سنوات عديدة، واصبح جلياً بعد ما يُسمى بـ"الربيع العربي" الذي نال من كل وطننا العربي، أن هناك طابور خامس جديد وهو "وسائل التواصل الاجتماعي "، طابور خامس لا يعرف حدود، ويتوغل دون تأشيرة دخول، وينفث سمومه دون أي مجهود، ويتنفسها المواطن ضيق الأفق والحال، الذي تمكن منه اليأس والضجر، ويجلس معظم وقته اسيراً لهاتفه المحمول، أو جهاز حاسبه الآلي، يتفاعل مع كل ما يقرأ، ويشاهد، ويسمع، وينقله إلى محيطه، الذي يتفاعل معه بعد ذلك في كل جلساته، سواء في الأماكن العامة، أو الخاصة، ويُعيد أيضاً نقله على وسائل التواصل الإجتماعي ولكن باسلوبه.
الأخطر من المواطن العادي الذي يتناول هذه المعلومات المغلوطة هو الإعلامي، الذي يتناولها مع الإشاعات، والأخبار المزيفة دون تحري دقتها وتحليلها، معلومات تنال من وحدة الصف الوطني، وتُفتت نسيجه، وتقضي على البنية التحتية للوطن والمواطن، ويكون بذلك بوق مدفوع الأجر كفيف، أو بوق لا يعي ما يقول، وكل ما يسعى إليه فقط هو الضوء الذي يُسلط عليه، ولا يعطي أي اعتبار إلى أي مفهوم وطني أكبر واشمل من طموحه، ومن اسم وطموح المؤسسة التي يعمل لها.
هناك أيضاً بعض النخب الذين لا يتطلعون إلا لمصحلتهم وشأنهم الخاص، براغماتيتهم طاغية ولا يعيرون إي اهتمام إلى الأرض التي ترعرعوا عليها، واعطتهم كما اعطتهم أسرهم بل وأكثر.
الأخطر منهم جميعاً المؤسسات المشبوهة التي يدعمها الغرب، الذي يسعى للسيطرة على بعض دول المنطقة حتى يستفيد من خيراتها بعد ذلك، من خلال دفع فواتير التدخل العسكري الذي يقومون به سواء بوجود فعلي مباشر أو وجود غير مباشر، والمقابل معروف، واصبحنا نراه بأم اعيننا في الوقت الراهن، وهو إما مقابل مادي، أو نفطي، أو تواجد عسكري على شكل قواعد، أو سيطرة أمنية على هذه الدول تحت مسمى التعاون الأمني.
بجانب مؤسسات الدولة الوطنية، على الوطنيين الذي من المفترض أنهم أكثر الناس حرصاً على وحدة أراضيهم وشعوبهم، أن يصطفوا جنباً إلى جنب والشعوب الواعية ضد هذه الطوابير ويُساندوا أنظمتهم، وإن لم يعجبهم أي ممارسات من هذه الأنظمة فمن الممكن أن يوجهوا رسائلهم دون نشرها على الملأ، ولا داعي للتشهير، حتى تستعيد هذه الأوطان المنهكة منذ سنوات عافيتها، ووحدة بنيتها الداخلية، ونكون أمام وطن عربي قوي كما كان، يُضرب به المثل في وحدة الصف والكلمة.
على الكل العربي أن يفكر ويتفكر، فالجرح بدأ يتعفن، وتمكنت الغرغرينا من بعضٍ من جسدنا العربي، ونريد علاجه حتى لا يُبتر أي جزء منه ونبكي دماً.
أمير المقوسي
20/10/2016
[email protected]
ظهر مُسمى الطابور الخامس إبان الحرب الأهلية الإسبانية "1936 - 1939"، وذلك حينما سُئِل الجنرال "ايميلو مولا احد قادة القوات الوطنية أنذاك" عن تشكيلات الجيش الوطني فقال: هناك أربعة طوابير زحفت تجاه مدريد، وهناك طابور خامس داخل مدريد ينتظر تقدم الطوابيرالأخرى، ليكمل ما بدأ به من زعزعة للوضع الداخلي، واثباط للهمم.
وبعد ذلك خلال الحرب العالمية الثانية استخدمت كل من المانيا وايطاليا أيضاً الطابور الخامس، من خلال زرع عملائهم من نفس الدول الأوربية في المؤسسات السياسية، والعلمية، والصحافية، وفي الشارع نفسه، ولكن واجهت كل من بريطانيا وفرنسا هذه الطوابير بشتى الطرق حتى كشفتهم وقضت عليهم.
منذ سنوات عديدة، واصبح جلياً بعد ما يُسمى بـ"الربيع العربي" الذي نال من كل وطننا العربي، أن هناك طابور خامس جديد وهو "وسائل التواصل الاجتماعي "، طابور خامس لا يعرف حدود، ويتوغل دون تأشيرة دخول، وينفث سمومه دون أي مجهود، ويتنفسها المواطن ضيق الأفق والحال، الذي تمكن منه اليأس والضجر، ويجلس معظم وقته اسيراً لهاتفه المحمول، أو جهاز حاسبه الآلي، يتفاعل مع كل ما يقرأ، ويشاهد، ويسمع، وينقله إلى محيطه، الذي يتفاعل معه بعد ذلك في كل جلساته، سواء في الأماكن العامة، أو الخاصة، ويُعيد أيضاً نقله على وسائل التواصل الإجتماعي ولكن باسلوبه.
الأخطر من المواطن العادي الذي يتناول هذه المعلومات المغلوطة هو الإعلامي، الذي يتناولها مع الإشاعات، والأخبار المزيفة دون تحري دقتها وتحليلها، معلومات تنال من وحدة الصف الوطني، وتُفتت نسيجه، وتقضي على البنية التحتية للوطن والمواطن، ويكون بذلك بوق مدفوع الأجر كفيف، أو بوق لا يعي ما يقول، وكل ما يسعى إليه فقط هو الضوء الذي يُسلط عليه، ولا يعطي أي اعتبار إلى أي مفهوم وطني أكبر واشمل من طموحه، ومن اسم وطموح المؤسسة التي يعمل لها.
هناك أيضاً بعض النخب الذين لا يتطلعون إلا لمصحلتهم وشأنهم الخاص، براغماتيتهم طاغية ولا يعيرون إي اهتمام إلى الأرض التي ترعرعوا عليها، واعطتهم كما اعطتهم أسرهم بل وأكثر.
الأخطر منهم جميعاً المؤسسات المشبوهة التي يدعمها الغرب، الذي يسعى للسيطرة على بعض دول المنطقة حتى يستفيد من خيراتها بعد ذلك، من خلال دفع فواتير التدخل العسكري الذي يقومون به سواء بوجود فعلي مباشر أو وجود غير مباشر، والمقابل معروف، واصبحنا نراه بأم اعيننا في الوقت الراهن، وهو إما مقابل مادي، أو نفطي، أو تواجد عسكري على شكل قواعد، أو سيطرة أمنية على هذه الدول تحت مسمى التعاون الأمني.
بجانب مؤسسات الدولة الوطنية، على الوطنيين الذي من المفترض أنهم أكثر الناس حرصاً على وحدة أراضيهم وشعوبهم، أن يصطفوا جنباً إلى جنب والشعوب الواعية ضد هذه الطوابير ويُساندوا أنظمتهم، وإن لم يعجبهم أي ممارسات من هذه الأنظمة فمن الممكن أن يوجهوا رسائلهم دون نشرها على الملأ، ولا داعي للتشهير، حتى تستعيد هذه الأوطان المنهكة منذ سنوات عافيتها، ووحدة بنيتها الداخلية، ونكون أمام وطن عربي قوي كما كان، يُضرب به المثل في وحدة الصف والكلمة.
على الكل العربي أن يفكر ويتفكر، فالجرح بدأ يتعفن، وتمكنت الغرغرينا من بعضٍ من جسدنا العربي، ونريد علاجه حتى لا يُبتر أي جزء منه ونبكي دماً.
أمير المقوسي
20/10/2016
[email protected]