الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الأباء والبنات لا يقولون وداعا.. أبداً بقلم:عمار جمهور

تاريخ النشر : 2016-10-20
الأباء والبنات لا يقولون وداعا.. أبداً 

فيلم الآباء والبنات "Fathers and Daughters"، 2015، فيلم درامي أميركي أخرجه غابرييل موكينو، وقام بدور البطولة راسل كرو وأماندا سيفريد، والطفلة الموهوبة كيلي روجرز. وتتمحور قصة الفيلم حول رجل فقد زوجته في حادث سير، بينما نجا برفقة ابنته من الموت، ليعاني مشاكل صعبة جراء ما حدث له من مشاكل عصبية ونفسية، ما دفعه لدخول مستشفى للأمراض العقلية، آملاً منه في الشفاء وتربية ابنته بطريقة نموذجية.  

تبدأ أحداث الفيلم الدرامي الاجتماعي بالتصاعد نحو ذروته ابتداء من لحظة ترك ابنته لدى خالتها، ليتمكن من تمضية فترة علاجة في المستشفى، ليتفاجأ لدى عودته بطلب خالتها، تبنّي ابنته بسبب حالته العصبية والعقلية، بالإضافة الى تحميله مسؤولية قتل اختها "زوجته"، ليجد ذاته أمام معضلة حقيقية تتمثل بدعوى قضائية من "الخالة"، تهدف لسحب حضانة ابنته منه بسبب وضعه الصحي "العقلي"، ما دفعه لمواصلة الليل بالنهار في الكتابة التي تعتبر مصدر رزقه.  

يجد راسل كرو نفسه منهمكا في الكتابة مستغرقاً ساعات وأياماً، لينتج في نهاية المطاف أفضل رواية حازت على شهرة واسعة بين أوساط الأميركيين، حيث كتبها لابنته، التي تتذكر أيام الطفولة مع والدها، لتسترجع أفضل لحظات سعادتها، بعد أن وجدت ذاتها وحيدة دون عائلة أو أصدقاء، عاجزة أن تكون جزءاً من شيء سواء كان مجتمعاً أو أسرة. ونجح الفيلم في تسليط الضوء على معاناة أب في الدفاع عن حقه في تربية ابنته باستماتة، بالإضافة إلى إمكانية التحايل على القوانين الاجتماعية بما يضمن قلب الحقائق رأساً على عقب. قبل أن يسقط أرضاً جراء نوبة صرع مميتة، تاركا ابنته تواجه مصيرها المجهول.   

تميز الفيلم بنوع راق من أساليب التحرير السينمائي، التي خدمت حبكة الفيلم وقصته بطريقة مميزة، وكان لها أحيانا دور أهم من الحوار او السيناريو، فقد تضمن الفيلم منظومة مميزة ما بين "الدال" و"المدلول" معتمدا بذلك على الانواع المختلفة من لقطات الكاميرا وحركاتها، التي تمثل إشارات معينة لإخبار الجمهور المتلقي، بما يجب التفكير أو الاحساس به، استنادا إلى جملة من الرموز الجمالية التي تلتصق بذاكرة ومخيلة الجمهور، الذي قد يجد ذاته جزءاً من الفيلم، وكأنه عنصر اساسي في بنيته شكلاً ومضموناً.  

ففي أكثر من سياق مشهدي داخل بنية الفيلم تم إنشاء أكثر لقطة، في نظرة عامة ومقطع تصويري مطول الى حد ما، لإظهار المكان ورونقه وجماليته، خالقاً بذلك أجواء اجتماعية في سياقات ونطاقات مختلفة، حاملة معها معاني متعددة، ابتداء بحضوره وابنته لإحدى الحفلات الراقية المميزة، مروراً باحتفاليات توقيع كتبه، وصولاً الى تشييع جثمانه وحفل تأبينه، حتى في لحظات وداعه.  

كما مزج الفيلم عنصري اللون والإضاءة باللون الأصفر كعنصر ارتكاز أساسي، فالإضاءة جاءت لتتماشى مع درامية الفيلم تماماً، وغموضه نسبياً، فقد دل اللون الأصفر على البهجة والمرح، والتفاؤل، بالإضافة إلى الدلالة على الإبداع والفضول، التي تعتبر عناصر مهمة في بينية الفيلم وقصته. واذا ما تمت مشاهدة الفيلم بطريقة متأنية، يمكن بسهولة التعرف على هذه العناصر ودورها المحوري والدلالي في ثنايا المشاهد السينمائية. ابتداءً من لون شعر الطفلة، وأزيائها، التي حملت مشتقات اللون ذاته حتى لون حذائها خلال ركوبها الدراجة الهوائية، مروراً بإضاءة المنزل، وانعكاس الاضواء على وجوه الممثلين، لا سيما الأب وابنته، وتسلل خيوط الشمس الذهبية وهي تعبر النوافذ لتتجلى على الستائر المنزلية، بالإضافة إلى الأثاث الخشبي المعتق بما فيها مكتبه المنزلي، بالإضافة إلى فخامة القاعات وانعكاسات الألوان الذهبية فيها، عبر الألوان المستخدمة في الصور والمجسمات والتماثيل المعلقة.  

الموسيقى التصويرية، والأغاني الجمالية، عكست ما أرادت الإضاءة والألوان إيصاله، فتحدثت الأغنية عن ضوء القمر وأشعة الشمس في السماء وهو ما تم تصويره وإظهاره في أكثر من مشهد داخل بنية العمل السينمائي، لتجتمع مع بعضها البعض وتكوّن دلالات ورمزية متألقة ومتلائمة من ناحية الإيقاع واللحن مع الكلمات المغناة، التي تتماشى مع حبكة الفيلم الأساسية، لإيصال أهداف محددة نجح المخرج باقتدار ايصالها لجمهوره، وخاصة في الأغنيتين Fathers and Daughters Never Say Good Bay” "، والاغنية "”Close to You، اللتين أداهما فنان الروك العالمي والناشط الاجتماعي "مايكل بولتون".  

العمل السينمائي بعناصره المختلفة تمكن من التأثير في المشاهد عبر خلق ارتباط عاطفي بين ما يعرض سينمائيا وما يؤثر عاطفياً لدى المتلقي، مؤسساً بذلك مزاجا عاطفيا يربط الصورة بالصوت والمعنى المبتغى إيصاله، حيث كونت النصوص "السمع-بصرية" دورا تكاملياً لانجاح ذلك، وفي الوقت ذاته، فقد شكلت طبيعة السرديات السينمائية محوراً خطياً يعرف بـما يسمى "سينتاغماتيك"، عبر الاعتماد على التتابع الزمني للأحداث والمجريات داخل العمل الفني.  

قد لا يبدو الفيلم مهماً للجميع، ولكنّ ميزته الخاصة تتمثل في تناوله موضوعا مختلفاً نسبيا عن الغالبية العظمى للأفلام الأميركية -ان جاز التعبير-، بالإضافة الى ما حمله من معانٍ إنسانية قمة في الرقي، فسلط الضوء على أقدس إحساس إنساني يمكن  للأب ان يشعر به؛ ومحاورته بكل عناصر الإبداع السينمائي لعلاقة انسانية ما بين أب وطفلته، مكرّساً حياته من أجلها رغم المعاناة التي عايشها، وما سببّه فراقها له من مشاكل غاية في الصعوبة والتعقيد، حتى تصبح أخصائية نفسية تعجز عن حل مشاكلها رغم قدرتها على حلّ مشاكل مماثلة لآخرين.  
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف