محاسبة
أغمضت عينيَّ على دمعة حرّى كي لا تسقط على وجنتيَّ فتفضحني أمام أبنائي الذين كانوا يسألونني عن أشياء من الواجب أن يعرفونها عن وطنهم وأرضهم وتاريخهم ونضال آبائهم وأجدادهم .. فكنت أجيب عن أشياء وأتهرب من الغالبية منها .. وكيف أجيب عن أسئلة لو أجبت على حقيقتها لقلبت الموازين .. فقد تجرعوها شهداً وما هي إلاّ علقماً ..!!
أخذتني سنةٌ من النوم.. وقليلٌ ما أنام بالنهار .. وإذا بي أرى في منامي أني أقبض على حفنة من تراب الأرض التي أجلس أو أنام فوقها وأقلبها بين أصابعي وأحدثها كما يحدث الصديق صديقه ..!! كيف لا وهي مسقط رأسي وملعب صباي .. ومرباي ؟؟! فقلت لهذه الحفنة :
- كم أنا عاتب عليك يا تربتي المباركة ؟
- وفيم العتب يا هذا ؟!
- لقد مضت سنوات طويلة حُرمنا خلالها من بركات خيراتك كنا نتفاخر بك وبترابك المبارك .. ومحاصيلك التي كان خيرها يزيد عن الفقير والغني .. فَلِمَ هذا الجحود ؟!!
- أأبلهٌ أنت أم مأفون ؟
- أنا ؟!!
- نعم أنت .. ماذا قدمت لي حتى تطلب مني وتطالبني ؟؟!
- ما كان يقدمه آبائي وأجدادي من قبلي ..لا تذكر آباءك وأجدادك .. إنهم منك ومن أمثالك براء .
- على رِسْلِك يا أغلى ما نملك ..
- أغلى ما تملك ؟!! منذ متى ؟ .. لقد داسني الأنذال وسكت .. وبصق عليَّ المنافقون وصمت , وأهانني أشباه الرجال ولم تحرك ساكناً .. و باعني السماسرة والمرتشون ولم تهتز لك كرامة أو تتحرك عندك نخوة .
- ماذا تقولين ؟
- لقد أصبحت عندك سلعة تافهة تباع وتشترى وعند غيرك كذلك .. أصبحت لا أساوي في نظركم إلاّ حفنة من الدولارات أو الدنانير .. وتريد من أن أعطي .. تريد أن أعيد لك خيراتي وبركاتي ..
- وما ذنب الأشراف والرجال الحقيقيين الذين ضحوا بدمائهم الزكية وبكل ما يملكون ؟!
- لقد جاءوني واحتضنتهم بكل حنان كما تحتضن الأم ابنها البار .
- لكن .. منهم لا زالوا أحياء .
- أولئك سكتوا أخيراً .. لقد أصبحوا شياطيناً خرساً أيها المأفون .
- حنانيك يا أماه .. يا تربتي المباركة .. إنك تظلمين أناساً كثيرين منا ..
- سأترك الجميع وأكلمك أنت .. أنت بالذات أيها الضال ألم تفكر في بيعي أكثر من مرَّة .. وقبلها ألم تهجرني وتذهب إلى بلاد بعيدة غيري .. ألم تفكر باستبدالي لتقيم على بديلتي مشاريعك التجارية ؟؟ .. ألم تقسمني إلى قطع لتبني على كل قطعة عمارات شاهقة تحيط بها آبار المجاري لقد أصبحت أخجل من انتمائكم لي من كثرة ما زرعتم بداخلي من هذه الآبار .. أصبحت لا أطيق نفسي .
- ....
- لماذا سكتَ ؟! أجب .. هل تأكدت الآن أنك منافق كبير ..؟ أرأيت كيف كان العقوق .. وتقول لي يا تربتي المباركة .. لقد كذَّبت على أولادك كثيراً .. لست وحدك .. اتركني من أصابعك .. لقد أصبحت أصبحت أشعر بالاشمئزاز عندما تدس أصابعك داخلي لقد أصبحت أكرهك أنت وأمثالك عندما تمشون فوقي .. لقد أصبحت أكرهك وأمثالك .. فهل تريد مني خيراً ؟ هل تفكر في بركاتي وخيراتي وتقول لي آبائي وأجدادي ..؟!!
- لقد كانوا يكرمونني فأكرمهم .. يحافظون عليَّ فأحفظ لهم صنيعهم .. يعتنون بي ويتفانون في خدمتي فأخجل منهم .. أما أنت وأمثالك فتعساً لكم .. وواخجلاه مما تصنعون !!.. إنكم لا تستحقون أن تكون لكم أرض حتى ولو كانت مقابر ..انهض .. إنك لا تستحق أن تستريح فوقي .. قم !!
قمت من نومي فزعاً .. فرأيت أولادي يتشاجرون !! ومن هم أولادي إنهم لبنة صغيرة في بنيان المجتمع الكبير الذي يكره بعضه بعضاً .. ويحقد الفقير على الغني .
ويتعالى الغني على الفقير .. إنهم سمك اليابسة يأكل كبيره صغيره .. بلا رحمة ولا وازع من ضمير .. ولا حتى مرشد يرشدهم إلى الطريق السوي .!!
بقلم / بكر مهدي الفرا
أغمضت عينيَّ على دمعة حرّى كي لا تسقط على وجنتيَّ فتفضحني أمام أبنائي الذين كانوا يسألونني عن أشياء من الواجب أن يعرفونها عن وطنهم وأرضهم وتاريخهم ونضال آبائهم وأجدادهم .. فكنت أجيب عن أشياء وأتهرب من الغالبية منها .. وكيف أجيب عن أسئلة لو أجبت على حقيقتها لقلبت الموازين .. فقد تجرعوها شهداً وما هي إلاّ علقماً ..!!
أخذتني سنةٌ من النوم.. وقليلٌ ما أنام بالنهار .. وإذا بي أرى في منامي أني أقبض على حفنة من تراب الأرض التي أجلس أو أنام فوقها وأقلبها بين أصابعي وأحدثها كما يحدث الصديق صديقه ..!! كيف لا وهي مسقط رأسي وملعب صباي .. ومرباي ؟؟! فقلت لهذه الحفنة :
- كم أنا عاتب عليك يا تربتي المباركة ؟
- وفيم العتب يا هذا ؟!
- لقد مضت سنوات طويلة حُرمنا خلالها من بركات خيراتك كنا نتفاخر بك وبترابك المبارك .. ومحاصيلك التي كان خيرها يزيد عن الفقير والغني .. فَلِمَ هذا الجحود ؟!!
- أأبلهٌ أنت أم مأفون ؟
- أنا ؟!!
- نعم أنت .. ماذا قدمت لي حتى تطلب مني وتطالبني ؟؟!
- ما كان يقدمه آبائي وأجدادي من قبلي ..لا تذكر آباءك وأجدادك .. إنهم منك ومن أمثالك براء .
- على رِسْلِك يا أغلى ما نملك ..
- أغلى ما تملك ؟!! منذ متى ؟ .. لقد داسني الأنذال وسكت .. وبصق عليَّ المنافقون وصمت , وأهانني أشباه الرجال ولم تحرك ساكناً .. و باعني السماسرة والمرتشون ولم تهتز لك كرامة أو تتحرك عندك نخوة .
- ماذا تقولين ؟
- لقد أصبحت عندك سلعة تافهة تباع وتشترى وعند غيرك كذلك .. أصبحت لا أساوي في نظركم إلاّ حفنة من الدولارات أو الدنانير .. وتريد من أن أعطي .. تريد أن أعيد لك خيراتي وبركاتي ..
- وما ذنب الأشراف والرجال الحقيقيين الذين ضحوا بدمائهم الزكية وبكل ما يملكون ؟!
- لقد جاءوني واحتضنتهم بكل حنان كما تحتضن الأم ابنها البار .
- لكن .. منهم لا زالوا أحياء .
- أولئك سكتوا أخيراً .. لقد أصبحوا شياطيناً خرساً أيها المأفون .
- حنانيك يا أماه .. يا تربتي المباركة .. إنك تظلمين أناساً كثيرين منا ..
- سأترك الجميع وأكلمك أنت .. أنت بالذات أيها الضال ألم تفكر في بيعي أكثر من مرَّة .. وقبلها ألم تهجرني وتذهب إلى بلاد بعيدة غيري .. ألم تفكر باستبدالي لتقيم على بديلتي مشاريعك التجارية ؟؟ .. ألم تقسمني إلى قطع لتبني على كل قطعة عمارات شاهقة تحيط بها آبار المجاري لقد أصبحت أخجل من انتمائكم لي من كثرة ما زرعتم بداخلي من هذه الآبار .. أصبحت لا أطيق نفسي .
- ....
- لماذا سكتَ ؟! أجب .. هل تأكدت الآن أنك منافق كبير ..؟ أرأيت كيف كان العقوق .. وتقول لي يا تربتي المباركة .. لقد كذَّبت على أولادك كثيراً .. لست وحدك .. اتركني من أصابعك .. لقد أصبحت أصبحت أشعر بالاشمئزاز عندما تدس أصابعك داخلي لقد أصبحت أكرهك أنت وأمثالك عندما تمشون فوقي .. لقد أصبحت أكرهك وأمثالك .. فهل تريد مني خيراً ؟ هل تفكر في بركاتي وخيراتي وتقول لي آبائي وأجدادي ..؟!!
- لقد كانوا يكرمونني فأكرمهم .. يحافظون عليَّ فأحفظ لهم صنيعهم .. يعتنون بي ويتفانون في خدمتي فأخجل منهم .. أما أنت وأمثالك فتعساً لكم .. وواخجلاه مما تصنعون !!.. إنكم لا تستحقون أن تكون لكم أرض حتى ولو كانت مقابر ..انهض .. إنك لا تستحق أن تستريح فوقي .. قم !!
قمت من نومي فزعاً .. فرأيت أولادي يتشاجرون !! ومن هم أولادي إنهم لبنة صغيرة في بنيان المجتمع الكبير الذي يكره بعضه بعضاً .. ويحقد الفقير على الغني .
ويتعالى الغني على الفقير .. إنهم سمك اليابسة يأكل كبيره صغيره .. بلا رحمة ولا وازع من ضمير .. ولا حتى مرشد يرشدهم إلى الطريق السوي .!!
بقلم / بكر مهدي الفرا