الأخبار
ما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيلإسرائيل ترفض طلباً لتركيا وقطر لتنفيذ إنزالات جوية للمساعدات بغزةشاهد: المقاومة اللبنانية تقصف مستوطنتي (شتولا) و(كريات شمونة)الصحة: حصيلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 32 ألفا و490 شهيداًبن غافير يهاجم بايدن ويتهمه بـ"الاصطفاف مع أعداء إسرائيل"الصحة: خمسة شهداء بمدن الضفة الغربيةخالد مشعل: ندير معركة شرسة في الميدان وفي المفاوضاتمفوض عام (أونروا): أموالنا تكفي لشهرين فقط
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

د.عزالدين عناية:المسلمون والانسداد التاريخي: لا عاصم اليوم إلا العقل

د.عزالدين عناية:المسلمون والانسداد التاريخي: لا عاصم اليوم إلا العقل
تاريخ النشر : 2016-10-16
المسلمون والانسداد التاريخي: لا عاصم اليوم إلا العقل

حوار مع المفكر عزالدين عناية

أجرى الحوار: الكاتب المهدي مستقيم من مجلة "يتفكرون" المغربية


منذ أن دشن الراحل محمد أركون مشروع نقد العقل الإسلامي في سبعينات القرن العشرين وهو يؤكد ويردد بأن الأمر يتعلق بمشروع كبير يحتاج إلى فتح عدة أوراش من أجل مباشرة عمليات الحفر والتنقيب في تلك الطبقات المتراكمة عبر عصور طويلة من تاريخ العرب والمسلمين. ورغم إدراكه لصعوبة المشروع فقد كان مقتنعا بأنه سيأتي الوقت الذي سينهض المثقفون العرب والمسلمون للقيام بهذه المهمة، فذلك هو السبيل الوحيد للخروج من مرحلة الانسداد التاريخي التي تعيشها الشعوب العربية الإسلامية في العصور الحالية.

وبالفعل ظهر جيل من الباحثين والمفكرين أخذوا على عاتقهم حمل المشعل والمضي في الطريق من أجل تحقيق الهدف. الأمر يتعلق بمجموعة من الباحثين تخرجوا من جامعة الزيتونة وعزموا على التخصص في الفلسفة و التاريخ وسوسيولوجيا الأديان من بينهم الأساتذة: عدنان المقراني وحسن سعيد جالو وعامر الحافي ومحسن العوني وعز الدين عناية، لكنهم وجدوا أنفسهم محاصرين ومحرومين –كما توقع ذلك أركون- من الدعم الكافي لممارسة عملهم بل أكثر من ذلك حرموا من الحصول على وظيفة تمكنهم من الإستمرار في العيش فكان أن غادروا البلد ولجأوا إلى بلدان مختلفة .

وهذا الحوار سنخصصه لباحث من هؤلاء  هاجر إلى الديار الإيطالية وحصل على الجنسية الإيطالية وأصبح مدرسا في جامعة روما لاسابيينسا. ألا وهو الدكتور عز الدين عناية.

كرس عزالدين عناية حياته العلمية لدراسة الظاهرة الدينية من خلال ترجمة بعض الأعمال وتأليف مصنفات أخرى تصب كلها في تيار نقد الفكر الديني نقدا علميا موضوعيا. حيث ترجم كتاب "علم الأديان: مساهمة في التأسيس" للعالم الأنتروبولجي الفرنسي "ميشال مسلان" (المركز الثقافي العربي2009). وكان هدفه من هذا العمل هو ملء حالة الفراغ العلمي في مجال الدراسات الدينية حيث يغيب علم الاجتماع الديني والأنتروبلوجيا الدينية وتاريخ الأديان وعلم النفس الديني وعلم الأديان المقارن، لتحل محلها العلوم الشرعية والفقهية التي تجعل من العقل غارقا بين أمواج  الملل فتستمر الانقسامات ذات الطابع المذهبي بين الفرق والمذاهب وليس بين الآراء والأفكار. إن هذه العلوم الجديدة  التي أصبحت اليوم ضرورية لفهم مجتمعاتنا التي يلعب فيها المقدس دورا كبيرا في حياة الناس ورغم أن الكتاب المترجم  يعتبر من كلاسيكيات هذه البحوث فإنه ساهم بشكل كبير في بلورة المنهج الشامل لعلم الأديان الذي يتطلع للإحاطة بالتجربة الدينية للإنسان.

في كتاب "الاستهواد العربي في مقاربة التراث العبري" (دار الجمل 2006) يحلل عزالدين عناية الإنتاج الفكري العربي الحديث عن اليهود واليهودية ويطلق عليه نعت "الاستهواد" مبينا بأن العلاقة الوطيدة بين النص القرآني والنص التوراتي في مجالات العقيدة والتشريع، بالإضافة إلى علاقة المسلمين واليهود في الجزيرة العربية، شكلت مصدرا غنيا للفكر الإسلامي الكلاسيكي والفكر الغربي الحديث في معالجة الظاهرة اليهودية. كما اهتم الفكر العربي الحديث باليهودية بعد قيام الدولة العبرية في فلسطين وهي الدولة التي تستلهم وجودها من النص التوراتي حيث اختلط البعد الإيديولوجي بالعلمي والبعد الديني بالسياسي . بعد جرده للدراسات العربية حول اليهود منذ كتابات عباس محمود العقاد إلى أبحاث السيد محمود القمني قام المؤلف بقراءة تحليلية لهذه الإنتاجات من منظور نقدي مصححا في نفس الوقت بعض التصورات والمغالطات التي نشأت من التعامل غير الموضوعي وغير العلمي مع التراث العبري اليهودي متطرقا كذلك للشخصية اليهودية محاولا النظر إليها نظرة جديدة فهي ليست شخصية جامدة أو ثابتة على مدار التاريخ، ولذا ينبغي التعامل معها ضمن التبدلات الاجتماعية ومتغيراتها مع ملاحظة التراث اليهودي وأثره في تركيب الشخصية اليهودية وتوجيهها.

أما  كتاب "نحن والمسيحية في العالم العربي وفي العالم" (دار توبقال 2010) فهو عبارة عن إعادة قراءة المسيحية في تجلياتها المعاصرة وماتمثله من تحد للفكر العربي المعاصر، فالمسيحية لايمكن اختزالها في رسالة روحية ينقصها الجانب الدنيوي في غفلة عن التطورات الحاصلة في المجتمع كما هو شائع في أذهان عامة الناس وبعض المثقفين ، بل هي ديانة حية ونشيطة وحاضرة بشكل قوي في الخيارات المجتمعية والسياسية لكثير من البلدان.

وعموما فإن هذين الكتابين حول اليهودية والمسيحية وموقف الفكر العربي الحديث منهما يدخلان في إطار الدعوة إلى انفتاح الباحثين العرب على البحث العلمي الجاد النقدي والهادئ لمقاربة الظاهرة الدينية بصفة عامة من خلال هذين النموذجين وتنبيه العقل العربي والإسلامي إلى ضرورة التسلح بالمناهج الجديدة والفتوحات المعرفية الجديدة  التي من شأنها أن تفتح الباب أمام فهم جدي للدور الذي يلعبه الدين في الحياة الاجتماعية بعيدا عن التجييش الأصولي وعن التناول البسيط للظاهرة الدينية في الثقافة العربية المعاصرة.

وفي كتاب آخر بعنوان: "العقل الإسلامي: عوائق التحرر وتحديات الانبعاث" (دار الطليعة 2011) جدد عزالدين عناية الدعوة إلى تأسيس سوسيولوجيا لفهم الديني في المجتمعات العربية الإسلامية حيث يتصارع قطبان متضادان على احتكار الدين وتوظيفه لخدمة مصالحه وإيديولوجيته وهما : الإسلام السلطوي والإسلام الأصولي. حيث يلتقيان في رفضهما أية تأويلية مغايرة لرؤية كل منهما، وتحمى معركة احتكار ثروة المخيال الديني والروحي للجماهير باسم الشرعية والتمثيل الرسمي. فيبدو الإسلام الشعبي الجماهيري يتيما بين الإسلام السلطوي المدعوم بقوة السلطة وجهازها القمعي، والإسلام الأصولي المختزن لهياج متفجر، كل يريد أن يركب حصان الجماهير، وتوجيهها حسب مبتغاه، لما تستبطنه من طاقة ومشروعية. ولذلك يراهن الإسلام الأصولي على الفاكرة الشعبية المسكونة بالأحلام والطوباويات المتشكلة مع الإسلام التأسيسي، ويراود تلك المخيلة عله يسندها، ويتحاشى أن يعرض نفسه على الانتلجنسيا التي تمحص الأشياء معرفيا، لما يحمله في فكره من تناقضات. فتجده يتوجه إلى كتل العامة، التي بالكاد تخطت عتبة الأمية، وما امتلكت رؤى نظرية وفكرية تسمح لها بتمحيص المفاهيم، وحتى إن توجه إلى الجماعات المتعلمة تعليما راقيا، فغالبا مايجنح إلى تلك المنحدرة من التخصصات العلمية الصحيحة، الهندسية والطبية، التي يعرضها بكونها الكوادر المثقفة، وهي بالحقيقة كوادر مهنية لاثقافية.

•المهدي مستقيم: كيف تقدم نفسك للقارئ العربي؟

•عز الدين عناية: لعلّه ينطبق عليّ قول كارل غوستاف يونغ "أفكاري تدور حول الله كما تدور الكواكب حول الشمس"، فأنا "كائن متدين" متحرر من الباراديغمات، أجد في نفسي قدرة هائلة للتعايش مع كافة أشكال الإيمان واللاإيمان، فضلا عما لديّ من شغف بقضايا التديّن واللاتدين، أسعى من ورائها لاكتشاف سُنن الدين وتبدلاته، وإن بدا الأمر خارج الضبط. وأحمد الله على أني ابن ثقافتين إسلامية ومسيحية خلّفتا لدي قدرة على رؤية الظواهر والوقائع بمنظورين مختلفين قلّ أن يُتاحا للمرء.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف