الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قانون جاستا بين "الابن الضال" و " البيض المقدس " بقلم عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2016-10-08
قانون جاستا  بين "الابن الضال" و " البيض المقدس " بقلم عادل بن مليح الأنصاري
قانون جاستا
بين "الابن الضال" و " البيض المقدس "
لعادل بن مليح الأنصاري

حتى خطباء الجمعة تحدثوا عن قانون جاستا , لا ضير في ذلك , هناك مقولة تكررت بعدة وجيه , ومنها قال أحدهم : لماذا ركبت ظهري ؟ , فقيل له : ولماذا حنيت ظهرك ! .
سؤال : هل تستطيع أمريكا (الكافرة) أن تفرض قانونا بقوة جاستا على روسيا أو بريطانيا أو فرنسا أو المانيا أو الصين أو اليابان ؟
جواب بديهي : لا تستطيع .
دعونا من إيضاح السبب , فهو خوض فيما لا طائل منه .
أمريكا (الكافرة) حاشاها من الخطأ أو قصد الإساءة لأي بلد وخاصة الحلفاء منهم , أمريكا ببساطة مخلوق حسن الهندام مشوه الطباع والأخلاق يبحث عن مصلحته , ليس مهما أن تؤدي مصالحه لتدمير دول وقتل وتشريد شعوب وهدم حضارات وتجويع بشر واستعباد آخرين .
وهل تتوقعون أن (بعضنا) لا يدرك ذلك , أبدا الكثير من مثقفينا الصامتين يعرفون ذلك , و(المثرثرين) لا يجرؤون على الحديث عن هذا , نحن كمن اشترى ببهرجة الحاضر والاندفاع نحو الرفاهية السريعة الزائلة والسلع والخدمات الجاهزة للاستيراد , ببناء تلك المتطلبات الاستراتيجية على المدى الطويل والآمِن .
وأمريكا (الكافرة) أدركت ذلك فقدمت للبعض كل التسهيلات الخرافية لوصول تلك المتطلبات ولو بمجرد اتصال هاتفي أو زيارة عابرة .
أمريكا خنقتنا وأغرقتنا بكل ما نحتاج من أخطر متطلبين للبشر (الأمن والسلاح) , ولا نهمل الوعود التاريخية بعلاقات أزلية حتى تقوم الساعة مؤطرة بحماية شاملة تجعلنا ننام قريري العين ونغرق في أحلام العذارى .
كما قلت سابقا , العرب بلداء في دروس التاريخ , فكم من دول وممالك قامت ثم بادت , وكم من جبابرة جاؤوا ثم رحلوا , وكم من حضارات سادت ثم بادت , ولم يتركوا على صفحات التاريخ غير حروف تحكي عن أيامهم التي ولت ولم يبق منها إلا العِبر والدروس , نحن نقرأ تلك الأحداث وكأنها كلمات اغنية لأم كلثوم أو أبيات شعر للمتنبي لا نتجاوز سقف الحروف في معانيها , لم نقف يوما على عِبرة وموعظة واستنتاج لحدث ربما بدأ صغيرا حتى أودى بتاريخ دول وحضارات , ألا تكفينا نظرة أبا عبدالله الصغير عندما وقف ينظر لغرناطة أخر المعاقل العربية نظرة أخيرة , فحفظ لنا التاريخ ذات المكان باسم ( زفرة العربي الأخيرة ) , فقالت له أمه : ( ابكِ مثل النساء ملكاَ مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال ) .
ربما من أكبر عيوبنا كعرب أن نحسن الظن حتى بأعدائنا , فنرى في وعودهم وفاء السموأل , وكرم حاتم , وشجاعة عنترة وحلم الأحنف , هل هذا ممكن في السياسة ؟
لا يرى هذا ممكنا إلا " هبنقة " للأسف .
أمريكا (الكافرة) لم تنجب "جاستا" , بل هو ولدٌ حملناه سفاحا وانجبناه خفيةً , عندما (سلمنا القط مفتاح الكرار) , وعندما وضعنا كل البيض في السلة الأمريكية .
بريطانيا عندما قررت الانسحاب من الاتحاد الأوربي ضربت بعرض الحائط كل مصالح أوربا مقابل مصالحها , ولم تخش منهم قانونا تختنق به ذات يوم , وضحت بالبيضة أو البيضتين التي وضعتها في سلتهم , فبيضها معظمه في سلتها والقليل فقط وضعته هنا أو هناك لمصالح أكبر من حجم البيضة .
ليس قانون جاستا إلا إهمال في درس التاريخ , وبغض النظر عن تبعياته مستقبلا , وهل سنكبح جماح مساوئه أم لا , وهل سنبكي منه زمنا طويلا أم لا , وهل سنتلافى نتائجه أم لا , وهل سنخرج منه بدرسٍ جديد نفهمه أو ربما لا نفهمه كعادتنا أم لا , ولكن السؤال المبكي المضحك كم عدد البيض الذي وضعناه في السلة الصينية ؟
أنا أسكن في منزل وكل ما حولي وتحتي وأمامي , وكل ما خفي من ملابسي وملابس زوجتي وبناتي , وكل صحن أو كاسة أو لعبة أو دفتر وقلم وكمبيوتر وحتى النظارة التي لا أستطيع الكتابة بدونها هي عبارة عن بيضة مركونة في السلة الصينية !
ماذا لو قررت الصين ذات يوم كسر سلة البيض التي نملكها , أتصورنا نمشي حفاة عراة بدائيين نبحث عن سلة بديل لبيضنا المقدس .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف