كَي لا نُصابَ بالفَوقيّة الثَّقافية .! بقلم: مُهنّد ذويبْ
يَعتقد الألمانُ بفوقيّة الجنس الآري على الأجناس البَشَريّة، ومثلَهم اعتَقَدَ الكَثيرعلى مَرّ العصور، وما زالَت النّظريّة الفوقيّة العنصريّة تَضربُ جذورها في عُمق الفكر البَشَريّ، تَحت أسماء ومدلولات وأقنعة عدّة.
ربما أصبحَ من السّهل أن تكونَ مثقفاً، فَما عَليكَ سوى أنْ تأخُذَ تأشيرة الدّخول إلى عالم غاية في الرّهافة، لم يَطلب يوماً تأشيرةً من أحد، لكنّ النّاطقينَ بإسمها - كَما الناطقونَ باسم الرّب - يُصرونَ على ذلك، فثمّة طقوسٌ قشريّة تؤدّى في معابد اللامَكان، تبدأ من الهذيان بلا مَعنى، وتَصل الى صُكوك الغُفرانْ، وتخلقُ مرّة أخرى أكليروس جديد.
عَلينا أن ندركَ جيداً أنّ الثقافة من لَوازم الإنسانيّة، لكنّها تَتَراوح نسبيّاً من شَخص لآخَر، فكل إنسان عَليه أن يمتلك الحَد الأدنى من الثّقافة، وعليه فإنَّ التفاضُل في المقدار وليسَ في الإمتلاك، لذا لا تُعتَبر كلمة مُثقف في حَدّ ذاتها مَدحاً، أو صفة استثنائيّة.
إنّ ما نشهده اليوم من عَملية حَصر وفصل للطبقة الأكثر ثقافة أدى الى ظهور مُشكلة كَبيرة في المُجتمع، وهي محاولة الجَميع الدّخول الى هذه الطبقة بأسرع طريق، فيَقرأ أحدهم عدّة كُتب، ويَحتَسي القَهوة، ويلحد أو يَتَشدد، ويتشَدّق في الكَلام، ويتعالى على الجَميع، ويناقش في كُل أمر وقضية فَهمها أو لم يفهَمها، ويعتَبر نفسه دخل الطَبقة المُميزة، فلا يُجالس إلا من يراهُم أمثالَه، ويفقدُ بَساطة الإنسان بتكلّفه، وهذا يُسببُ نقمةً شَديدة على الأدب والأدباء وعلى كُل من يَمتلك مستوىً ثقافياً عالياً نوعاً ما، وَيسبب مُشكلة أخرى أكثَرَ فتكاً وهي رَفدُ الأدب بإنتاج أدبي ضَعيف وَضَحل جداً، لأن المُتثاقف يَظُنّ أنّه وَصَل قمة الأدب والعلم، فيبدأ بالكتابة بلا هُدىًّ، في شَتّى المَجالات المُمكنة، وهذا ما تَتَحمّل وزرَهُ دورُ النّشر بشكل كَبير.
عليّ أن أشير أيضاً أن عَملية حَصر الثّقافة والمُثقف في كُتب محددة أو كُتاب مُعيّنين هو أمر سيء، فمثلاً تَجد شَخصا لم يقرأ لغسان ولا درويش ولا لجبران ولا هَمنغواي لكنّه يمتلك درجة عالية من الثقافة والوَعي، وهذا ما لا يُدركه المُتثاقفون، فأحدهم نَعَت شخصاً لم يقرأ لغسانْ بالأميّ .!
يُقالُ إن معرفة الدّاء هو نصف العلاج، وهذا الدّاء الذي استَشرى يَحتاجُ الى تَظافر الجُهود، كَي لا نَصابَ جَميعاً بالفَوقيّة الثقافيّة، وأنا لستُ ممن يَمتلك مستوىً ثقافياً عالياً - رَغم قراءَتي ما يزيدُ عَن 500 كتابْ - لكنّني أواجه فوقيّة ثقافية ممن هم أقلّ قراءَةً، وأقلُّ وعياً بلوازم التّميز الثّقافي، لهذا فإنّني أعتَقد جازماً أنّ التكبرَ على المُتكبر فَضيلة واجبة.
يَعتقد الألمانُ بفوقيّة الجنس الآري على الأجناس البَشَريّة، ومثلَهم اعتَقَدَ الكَثيرعلى مَرّ العصور، وما زالَت النّظريّة الفوقيّة العنصريّة تَضربُ جذورها في عُمق الفكر البَشَريّ، تَحت أسماء ومدلولات وأقنعة عدّة.
ربما أصبحَ من السّهل أن تكونَ مثقفاً، فَما عَليكَ سوى أنْ تأخُذَ تأشيرة الدّخول إلى عالم غاية في الرّهافة، لم يَطلب يوماً تأشيرةً من أحد، لكنّ النّاطقينَ بإسمها - كَما الناطقونَ باسم الرّب - يُصرونَ على ذلك، فثمّة طقوسٌ قشريّة تؤدّى في معابد اللامَكان، تبدأ من الهذيان بلا مَعنى، وتَصل الى صُكوك الغُفرانْ، وتخلقُ مرّة أخرى أكليروس جديد.
عَلينا أن ندركَ جيداً أنّ الثقافة من لَوازم الإنسانيّة، لكنّها تَتَراوح نسبيّاً من شَخص لآخَر، فكل إنسان عَليه أن يمتلك الحَد الأدنى من الثّقافة، وعليه فإنَّ التفاضُل في المقدار وليسَ في الإمتلاك، لذا لا تُعتَبر كلمة مُثقف في حَدّ ذاتها مَدحاً، أو صفة استثنائيّة.
إنّ ما نشهده اليوم من عَملية حَصر وفصل للطبقة الأكثر ثقافة أدى الى ظهور مُشكلة كَبيرة في المُجتمع، وهي محاولة الجَميع الدّخول الى هذه الطبقة بأسرع طريق، فيَقرأ أحدهم عدّة كُتب، ويَحتَسي القَهوة، ويلحد أو يَتَشدد، ويتشَدّق في الكَلام، ويتعالى على الجَميع، ويناقش في كُل أمر وقضية فَهمها أو لم يفهَمها، ويعتَبر نفسه دخل الطَبقة المُميزة، فلا يُجالس إلا من يراهُم أمثالَه، ويفقدُ بَساطة الإنسان بتكلّفه، وهذا يُسببُ نقمةً شَديدة على الأدب والأدباء وعلى كُل من يَمتلك مستوىً ثقافياً عالياً نوعاً ما، وَيسبب مُشكلة أخرى أكثَرَ فتكاً وهي رَفدُ الأدب بإنتاج أدبي ضَعيف وَضَحل جداً، لأن المُتثاقف يَظُنّ أنّه وَصَل قمة الأدب والعلم، فيبدأ بالكتابة بلا هُدىًّ، في شَتّى المَجالات المُمكنة، وهذا ما تَتَحمّل وزرَهُ دورُ النّشر بشكل كَبير.
عليّ أن أشير أيضاً أن عَملية حَصر الثّقافة والمُثقف في كُتب محددة أو كُتاب مُعيّنين هو أمر سيء، فمثلاً تَجد شَخصا لم يقرأ لغسان ولا درويش ولا لجبران ولا هَمنغواي لكنّه يمتلك درجة عالية من الثقافة والوَعي، وهذا ما لا يُدركه المُتثاقفون، فأحدهم نَعَت شخصاً لم يقرأ لغسانْ بالأميّ .!
يُقالُ إن معرفة الدّاء هو نصف العلاج، وهذا الدّاء الذي استَشرى يَحتاجُ الى تَظافر الجُهود، كَي لا نَصابَ جَميعاً بالفَوقيّة الثقافيّة، وأنا لستُ ممن يَمتلك مستوىً ثقافياً عالياً - رَغم قراءَتي ما يزيدُ عَن 500 كتابْ - لكنّني أواجه فوقيّة ثقافية ممن هم أقلّ قراءَةً، وأقلُّ وعياً بلوازم التّميز الثّقافي، لهذا فإنّني أعتَقد جازماً أنّ التكبرَ على المُتكبر فَضيلة واجبة.