الذي أطلق الرصاصات الاربع او الخمس على رأس الكاتب والصحافي والناشط السياسي ناهض حتر يوم الأحد 25 سبتمبر الجاري، لم يتخذ قراره بنفسه، ولم يعبر عن رأيه كشخص فقط، فهو لم يقم بهذا الفعل الإرهابي المشين فقط لأنه كان إمام مسجد ووجد نفسه على قارعة الطريق وبأنه مهووس بتكفير من يخالفه الرأي، بل إن الجريمة هي تعبير عن فكر إقصائي يترجمه نهج الفرقة الناجية التي لا ترى أحدا غيرها يستحق الحياة. هذه الفرقة لا تقتصر على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، بل تتعداها لتصل إلى أعماق النهج الرسمي في النظام السياسي العربي. أقصد سياسة الإقصاء والتهميش والتمييز وفرض الأمر الواقع بقوة الهراوات التي تطوع بها كل القوانين لتكون عمليات التعذيب والقتل خارج القانون مقنّنة، والكفّ الذي يتلقاه أحدهم في الشارع أو يتلقى رصاصة قاتلة فإنه كف "مدستر" جاء تسبيبه من الدستور العتيد والقوانين المنظمة.
ناهض حتر قتل على عتبات قصر العدل وهو يهم بدخول جلسة محاكمته على خلفية نشره رسمًا كاريكاتوريا، ليس من صنعه، على حسابه في "الفيس بوك"، وتسبب هذا الرسم في اثارة ضجة في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بأكثر من 200 تهديد لحتر ولعائلته، لم تكن كافية لتوفير حماية أمنية له أو مساءلة مطلقي التهديدات، فجاءت النهاية مفجعة لعائلة ناهض وللشعب الأردني الشقيق الذي يواجه تحديات كبرى بسبب موقع الاردن الجغرافي. تم القبض على القاتل الذي سرعان ما نفى انتماءه لأي تنظيم ارهابي، وهذه الاجوبة قد تعودت عليها اجهزة الامن في البلدان العربية، ولا تعتد بها. لكن حتر وبالوثائق التي سودت وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تلقى تهديدات من جهات عدة بينهم أساتذة جامعيون ورؤساء ومسئولون في جمعيات مهنية، ما يؤكد ما ذهبنا إليه أن العمل لم يكن ردّة فعل فردية بقدر ما هي جريمة منظمة.
في الوهلة الأولى يعتقد البعض أن السبب في عملية الاغتيال جاءت بسبب نشر الكاريكاتير المثير للجدل، لكن التمعّن في الموضوع أن هذا التفسير ليس أكثر من سطحي لا يمتّ للحقيقة بصِلة وأن السبب الجوهري يتمثل في مواقف ناهض حتر من الصراع في المنطقة ومن تجاوزه التفكير على أنه أردني فقط، بمعنى أنه لم يعترف بحدود 1916 التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو، بل كان عروبيًا ومناضلاً قوميًا، بغض النظر عن مدى الاتفاق والاختلاف معه في وجهات نظره من هذه القضية أو تلك. ألم يكن شكري بلعيد مناضلًا تونسيًا عروبيًا يضع القضية القومية للأمة، القضية الفلسطينية على رأس أولوياته، ومع ذلك تم اغتياله أمام منزله في 6 فبراير 2013، وكان قتلته يريدون اشعال تونس واغراقها في الدماء لولا يقظة ابنائها ونخبها السياسية التي وضعت البلاد ومكتسبات ثورة الياسمين على سلم الاولويات. وكأي مناضل، خبر ناهض حتر السجون والمنافي والتهديد وتعرّض إلى محاولة اغتيال في 1998، وأجبرته الظروف للعيش في لبنان لفترة. وكما نفذ مطاردو شكري بلعيد من ثغرة عدم وجود الحماية الأمنية له، فقد نفذ قتلة ناهض حتر من نفس الثغرة فأردوه بالرصاص امام قصر العدل بالعاصمة عمان.
من يتحمل مسئولية اغتيال ناهض حتر؟ وهل هي حالة أردنية صرفة؟
ليست الجماعات الإرهابية فقط هي المسئولة عن اغتيال مواطن أردني على أبواب المحاكم ينتظر حكمًا تعتقد النيابة أنه أساء للنسيج المجتمعي بنشره رسما كاريكاتوريا. فما يجري في المنطقة من احترابات يوسّع مسئولية الجريمة إلى المنطقة العربية المسكونة بالقتل خارج القانون بسبب فشل كل سياسات التنمية حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من اقتتال على الهوية وعلى الفكر، لكن من يحاول تقزيم المسئولية في قتل حتر على أنه أساء بنشر رسم كاريكاتوري في حسابه الإلكتروني فإنه واهم؛ ذلك ان عملية التحريض وبثّ الكراهية على الرأي الآخر المختلف مع السائد هو المسئول الأول عن اغتيال ناهض حتر وليس ذلك البائس الذي تم غسل دماغه واستلم مسدساً وجّه فوهته إلى رأس حتر على عتبات المحكمة.
إن غياب الحريات العامة وسياسة الإقصاء وتهميش الآخر وفرض الرأي الأوحد هي ثقافة رسمية تمارسها النظم العربية. كما أن الفكر الإرهابي ليس له دين وليس له وطن، وسياسة الإقصاء أصبحت معمّمة في أرجاء الوطن العربي، وهي سياسة ونهج سارت عليهما النظم العربية حتى تحولت البلدان العربية إلى سجون متلاصقة لا يغرد فيها إلا الرأي السائد.
غن اغتيال ناهض حتر هو جريمة بكل المقاييس وهو ايضا محاولة لاغتيال الرأي والثقافة والفكر وحرية التعبير، وهذه ايضا جريمة مدانة على كل المستويات.
الرحمة والمغفرة للكاتب ناهض حتر، والصبر والسلوان لعائلته وللشعب الاردني الشقيق.
ناهض حتر قتل على عتبات قصر العدل وهو يهم بدخول جلسة محاكمته على خلفية نشره رسمًا كاريكاتوريا، ليس من صنعه، على حسابه في "الفيس بوك"، وتسبب هذا الرسم في اثارة ضجة في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بأكثر من 200 تهديد لحتر ولعائلته، لم تكن كافية لتوفير حماية أمنية له أو مساءلة مطلقي التهديدات، فجاءت النهاية مفجعة لعائلة ناهض وللشعب الأردني الشقيق الذي يواجه تحديات كبرى بسبب موقع الاردن الجغرافي. تم القبض على القاتل الذي سرعان ما نفى انتماءه لأي تنظيم ارهابي، وهذه الاجوبة قد تعودت عليها اجهزة الامن في البلدان العربية، ولا تعتد بها. لكن حتر وبالوثائق التي سودت وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تلقى تهديدات من جهات عدة بينهم أساتذة جامعيون ورؤساء ومسئولون في جمعيات مهنية، ما يؤكد ما ذهبنا إليه أن العمل لم يكن ردّة فعل فردية بقدر ما هي جريمة منظمة.
في الوهلة الأولى يعتقد البعض أن السبب في عملية الاغتيال جاءت بسبب نشر الكاريكاتير المثير للجدل، لكن التمعّن في الموضوع أن هذا التفسير ليس أكثر من سطحي لا يمتّ للحقيقة بصِلة وأن السبب الجوهري يتمثل في مواقف ناهض حتر من الصراع في المنطقة ومن تجاوزه التفكير على أنه أردني فقط، بمعنى أنه لم يعترف بحدود 1916 التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو، بل كان عروبيًا ومناضلاً قوميًا، بغض النظر عن مدى الاتفاق والاختلاف معه في وجهات نظره من هذه القضية أو تلك. ألم يكن شكري بلعيد مناضلًا تونسيًا عروبيًا يضع القضية القومية للأمة، القضية الفلسطينية على رأس أولوياته، ومع ذلك تم اغتياله أمام منزله في 6 فبراير 2013، وكان قتلته يريدون اشعال تونس واغراقها في الدماء لولا يقظة ابنائها ونخبها السياسية التي وضعت البلاد ومكتسبات ثورة الياسمين على سلم الاولويات. وكأي مناضل، خبر ناهض حتر السجون والمنافي والتهديد وتعرّض إلى محاولة اغتيال في 1998، وأجبرته الظروف للعيش في لبنان لفترة. وكما نفذ مطاردو شكري بلعيد من ثغرة عدم وجود الحماية الأمنية له، فقد نفذ قتلة ناهض حتر من نفس الثغرة فأردوه بالرصاص امام قصر العدل بالعاصمة عمان.
من يتحمل مسئولية اغتيال ناهض حتر؟ وهل هي حالة أردنية صرفة؟
ليست الجماعات الإرهابية فقط هي المسئولة عن اغتيال مواطن أردني على أبواب المحاكم ينتظر حكمًا تعتقد النيابة أنه أساء للنسيج المجتمعي بنشره رسما كاريكاتوريا. فما يجري في المنطقة من احترابات يوسّع مسئولية الجريمة إلى المنطقة العربية المسكونة بالقتل خارج القانون بسبب فشل كل سياسات التنمية حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من اقتتال على الهوية وعلى الفكر، لكن من يحاول تقزيم المسئولية في قتل حتر على أنه أساء بنشر رسم كاريكاتوري في حسابه الإلكتروني فإنه واهم؛ ذلك ان عملية التحريض وبثّ الكراهية على الرأي الآخر المختلف مع السائد هو المسئول الأول عن اغتيال ناهض حتر وليس ذلك البائس الذي تم غسل دماغه واستلم مسدساً وجّه فوهته إلى رأس حتر على عتبات المحكمة.
إن غياب الحريات العامة وسياسة الإقصاء وتهميش الآخر وفرض الرأي الأوحد هي ثقافة رسمية تمارسها النظم العربية. كما أن الفكر الإرهابي ليس له دين وليس له وطن، وسياسة الإقصاء أصبحت معمّمة في أرجاء الوطن العربي، وهي سياسة ونهج سارت عليهما النظم العربية حتى تحولت البلدان العربية إلى سجون متلاصقة لا يغرد فيها إلا الرأي السائد.
غن اغتيال ناهض حتر هو جريمة بكل المقاييس وهو ايضا محاولة لاغتيال الرأي والثقافة والفكر وحرية التعبير، وهذه ايضا جريمة مدانة على كل المستويات.
الرحمة والمغفرة للكاتب ناهض حتر، والصبر والسلوان لعائلته وللشعب الاردني الشقيق.