قصيدة للشاعر محمد علي سرور أيها العابر
أنا في الجبِّ أيها العابر
غارقٌ في العطش...
أسمعُ أنينَ الماءِ تحت قدمي.
هوذا صوتي... كمالي واكتمالي
وهديلُ الترحالِ في قمحي...
خذني أيها العابرُ...
إنّي... أجملُ التائهينَ في نهاراتِ الزمان.
أهديكَ نفسي...
فلا تترفَّعْ... عن اغتنامي
ماتتْ سنابلُ كفي
ومدائِني... هَلكَ الزيتُ في قناديلها
والأجسادُ الجائعة... لحَستْ مِلحَ أبدانِها...
والأعناقُ في مدائني
أعارتْ للرَّحى أحلامَها.
أنا سليلُ المَتاهةِ في شجرتي
كنعانُ...
نذرَني كي أسوسَ فرسَه الدهماء
وأروِّضَ خطايَ على التخفّي.
أنا المملوكُ لفطنةِ التاجرِ في حواسِّك
ارفعني قليلاً
كي ينهضَ الماءُ
وأكونَ لك السّاقي.
يهيم النداء أيُّها العابرُ
بين خلجانِ الرملِ وقوافلِ الغبار.
والفتى السَّماوي... في متاهتهِ
يكتبُ على كفِّ التغريبةِ وصاياه
كأنَّ السلاسلَ في غربتِه اكتمال.
ما أرقى العبودية... قال الفتى
واستمرَّ يُهجّي دروبَ القمح...
زوايا الصمتِ...
خلواتِ الريح المعطوبةِ من سيقانها
وقميصُه المقدودُ...
أتاحَ للسكاكين كي ترسمَ النذرَ جراحاً...
للبياضِ الكفيفِ... فوحُ السؤال ...
للشرخ في نشيدِ القافلة
نزفُ الأمان.
وأصعدُ المجيءَ رويداً...
أنا سيِّدُ الجُبِّ المسروقُ من القافلةِ
كأنَّ في قدميّ سَلاسِلَ.
يشدُّني الجُبُّ
يلتقطُني
كي أجُفَّ قبل نجاتي.
لا يغتسلُ العبدُ إلا بأمر مَولاه
أنا مولاك المائيّ... قال الجبُّ
وثمَّة مولى من رملٍ...
وآخرُ من قمحٍ وتمرٍ...
فاحجبْ ناظريك عن قامة الأفق...
عن القمح والتمر
وسرْ ملءَ خطاك
إلى كوخِكَ المشموس بليلِ غيابِك الأبيض.
ما أحزَنني الجفاءُ
ولا هزمتْ فلولُ الجمرِ قدمي
لكني سليلُ قبائل الإنتظار
لا أطيقُ السَّفرَ دون أغلال.
ولأني أعرْتُ للخِلاّن عنقي
سبقتني القوافلُ سيّدي
على قارعةِ الجُبِّ
أراودُ الماءَ عن صورتي
عن دروبِ التيه التي أضاعتني
عن الجفاءِ في مراعي الصقيع .
تكاسَلَ غدي أيها الدربُ المسلولُ على غربتي
وأنهكتِ الوشاياتُ بقايا بدرٍ على وجهي
منْ يكتبُ خاتمة تليقُ بتائه؟
حيث خبَّأني الجبُّ
لا فصول تخبرْني عن دَهشةِ الماء...
لا غيوم تصفحُ عن يباسي.
كلُّ البراءاتِ جرَّبتني
صعدتْ بي أعالي النذورَ ورمتْني...
في الجُبِّ.
أين أخوتي أيها الظامىءُ للحاناتِ في مدائن الضوء؟
منْ يُنطِقُ الخدَرَ في صمتي
ويعيدُ لي قميصًا... لم تمزّقه يدُ الغواية؟
انتشلني أيُّها العابرُ...
إنّي أجمل التائهين في نهاراتِ الزمان.
الشاعر محمد علي سرور
لبنان
أنا في الجبِّ أيها العابر
غارقٌ في العطش...
أسمعُ أنينَ الماءِ تحت قدمي.
هوذا صوتي... كمالي واكتمالي
وهديلُ الترحالِ في قمحي...
خذني أيها العابرُ...
إنّي... أجملُ التائهينَ في نهاراتِ الزمان.
أهديكَ نفسي...
فلا تترفَّعْ... عن اغتنامي
ماتتْ سنابلُ كفي
ومدائِني... هَلكَ الزيتُ في قناديلها
والأجسادُ الجائعة... لحَستْ مِلحَ أبدانِها...
والأعناقُ في مدائني
أعارتْ للرَّحى أحلامَها.
أنا سليلُ المَتاهةِ في شجرتي
كنعانُ...
نذرَني كي أسوسَ فرسَه الدهماء
وأروِّضَ خطايَ على التخفّي.
أنا المملوكُ لفطنةِ التاجرِ في حواسِّك
ارفعني قليلاً
كي ينهضَ الماءُ
وأكونَ لك السّاقي.
يهيم النداء أيُّها العابرُ
بين خلجانِ الرملِ وقوافلِ الغبار.
والفتى السَّماوي... في متاهتهِ
يكتبُ على كفِّ التغريبةِ وصاياه
كأنَّ السلاسلَ في غربتِه اكتمال.
ما أرقى العبودية... قال الفتى
واستمرَّ يُهجّي دروبَ القمح...
زوايا الصمتِ...
خلواتِ الريح المعطوبةِ من سيقانها
وقميصُه المقدودُ...
أتاحَ للسكاكين كي ترسمَ النذرَ جراحاً...
للبياضِ الكفيفِ... فوحُ السؤال ...
للشرخ في نشيدِ القافلة
نزفُ الأمان.
وأصعدُ المجيءَ رويداً...
أنا سيِّدُ الجُبِّ المسروقُ من القافلةِ
كأنَّ في قدميّ سَلاسِلَ.
يشدُّني الجُبُّ
يلتقطُني
كي أجُفَّ قبل نجاتي.
لا يغتسلُ العبدُ إلا بأمر مَولاه
أنا مولاك المائيّ... قال الجبُّ
وثمَّة مولى من رملٍ...
وآخرُ من قمحٍ وتمرٍ...
فاحجبْ ناظريك عن قامة الأفق...
عن القمح والتمر
وسرْ ملءَ خطاك
إلى كوخِكَ المشموس بليلِ غيابِك الأبيض.
ما أحزَنني الجفاءُ
ولا هزمتْ فلولُ الجمرِ قدمي
لكني سليلُ قبائل الإنتظار
لا أطيقُ السَّفرَ دون أغلال.
ولأني أعرْتُ للخِلاّن عنقي
سبقتني القوافلُ سيّدي
على قارعةِ الجُبِّ
أراودُ الماءَ عن صورتي
عن دروبِ التيه التي أضاعتني
عن الجفاءِ في مراعي الصقيع .
تكاسَلَ غدي أيها الدربُ المسلولُ على غربتي
وأنهكتِ الوشاياتُ بقايا بدرٍ على وجهي
منْ يكتبُ خاتمة تليقُ بتائه؟
حيث خبَّأني الجبُّ
لا فصول تخبرْني عن دَهشةِ الماء...
لا غيوم تصفحُ عن يباسي.
كلُّ البراءاتِ جرَّبتني
صعدتْ بي أعالي النذورَ ورمتْني...
في الجُبِّ.
أين أخوتي أيها الظامىءُ للحاناتِ في مدائن الضوء؟
منْ يُنطِقُ الخدَرَ في صمتي
ويعيدُ لي قميصًا... لم تمزّقه يدُ الغواية؟
انتشلني أيُّها العابرُ...
إنّي أجمل التائهين في نهاراتِ الزمان.
الشاعر محمد علي سرور
لبنان