الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

دراسة/ القدس في السينما العربية من البداية حتى الثورات العربية بقلم:أ. بسام حسن محمد حمد

تاريخ النشر : 2016-09-27
مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط

القدس في عيون السينما العربية

21-27 سبتمبر 2016م

بحث بعنوان/

القدس في السينما العربية من البداية حتى الثورات العربية

أ/ بسام حسن محمد حمد

باحث إعلامي فلسطيني


الإسكندرية

21-27سبتمبر 2016



مقدمة/

       قبل الخوض في غمار الحديث عن فلسطين وعاصمتها القدس في السينما العربية، كان لا بد من تناول السينما الفلسطينية ذاتها. فكان الارشيف الضائع للسينما الفلسطينية الذي حاولت اسرائيل محوه من التاريخ بحربها على الفلسطينيين، وهنا لا بد من تسليط الضوء على أرشيف السينما الفلسطينية([1]).

       الأرشيف الضائع قصة السينما الثورية الفلسطينية التي اعتمدت منذ بدايتها على الأفلام القصيرة لتكون بمثابة الذاكرة البصرية لفلسطين، والتي ركزت بشكل أساسي على المؤتمرات الخاصة بالثورة ونشاطات الحركات الفلسطينية وثوارها. وبنفس ذات الوقت كان للفصائل الفلسطينية وحدات إنتاج وأفلام خاصة بكل فصيل، من هنا كان الأرشيف بمثابة المصدر البصري لصناع السينما لحاجتهم للقطات التوثيقية لصناعة الأفلام التسجيلية أو الدرامية.

       وكون السينما الفلسطينية سينما وطنية فلم تقدم إلا سرداً من جانب واحد وهو جانب النكبة والجرح الفلسطيني النازف. احتوى الأرشيف السينمائي الضائع على أشرطة وأفلام للمعارك والشهادات للفلسطينيين والنقاشات والمناسبات الإجتماعية والأدبية إضافة للمؤتمرات الصحفية للقيادات السياسية الفلسطينية وتصوير لزيارات الوفود الأجنبية وإجتماعاتهم مع قادة الفصائل وزياراتهم للمخيمات، كما احتفظ الأرشيف بنسخ أصلية من الأفلام التي قام بإنتاجها معهد الفلم الفلسطيني، وأفلام تبرع بها مخرجون أجانب، كما احتوى على صورة حية عن الحياة في فلسطين قبل حرب عام 1948م تم شراؤها من مصادرها الأجنبية خاصة وكالة فيز البريطانية. أثناء الإجتياح الإسرائيلي للبنان وبسبب القصف الإسرائيلي على مواقع ومراكز منظمة التحرير الفلسطينية في الفاكهاني درس القائمين على الأرشيف إمكانية نقل المادة إلي منطقة بعيدة عن المعارك، وتم نقل الأرشيف إلي بيت في حي السادات ونتيجة للحرب ورحيل المقاومة الفلسطينية من لبنان أجبرت صاحب المنزل عمر رشيدي الخروج من لبنان، فقام الحارسان على الأرشيف بالتوجه للهلال الأحمر الفلسطيني لحماية الأرشيف. فأمن الهلال الاحمر الفلسطيني الأرشيف بنقله إلي مستشفى عكا وهنا تنتهي قصة الأرشيف حيث اختفى بعد أن تم نقله إلي المستشفى، ومنذ تلك الفترة لم يعرف عن مصير الأرشيف أي شئ سوى الشائعات، منها أن جماعة فلسطينية انشقت عن منظمة التحرير موالية لسوريا وضعت يدها على الأرشيف، وأخرى أن مسؤولاً كبيراً في حزب الله اللبناني حاز عليه، وثالثة أن عمال المستشفى خافوا على المستشفى ومصير الأرشيف فقاموا بدفنه في مقبرة فلسطينية، ورابعة أن إسرائيل أثناء اجتياحها للبنان سرقت الأرشيف([2]).

1-  من الذاكرة المفقودة للسينما الفلسطينية قبل النكبة([3])

       بعد ثلاث سنوات من إختراع الأخويين لوميير عرض الصورة المتحركة على الشاشة، ناقش المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897م بقيادة هرتزل في مدينة بازل السويسرية استثمار اختراع السينما لخدمة هدف المؤتمر بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، فأقر في إحدى توصياته استثمار هذا الفن الجديد للترويج للدعوة لإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين، فاستخدم الفن الجديد آنذاك من قبل الصهيونية كسلاح في تسويق تشريد شعب من أرضه على أنه استيطان يهدف لتعمير الأرض الجرذاء الخالية وهذا غير الحقيقة.

       أدرك الفلسطينيين أهمية السينما متأخراً في الستينيات كسلاح مقاومة نتيجة حالة الشتات، وتأسيس كيان سياسي يتبنى مشروعاً سينمائياً، وتحقق ذلك بقرار منظمة التحرير الفلسطينية التي دعمت مشاريع سينمائية لمخرجين عرب منهم المخرج العراقي قاسم حول الذي قدم عدة أفلام تسجيلية قصيرة هامة مثل النهر البارد عام 1978م، وصبرا وشاتيلا عام 1984م، والفلم الروائي الطويل عائد إلي حيفا عام 1982م الذي اعتبر أول فلم روائي فلسطيني طويل. كما أسهم المخرج قاسم حول في تأريخ السينما الفلسطينية حيث عرف أثناء عرضه أفلاماً سينمائية في مخيم شاتيلا بالمخرج إبراهيم سرحان وهو أحد مخرجي الثلاثينيات، أنتج عدداً من الأفلام التسجيلية القصيرة، التقى قاسم حول بالمخرج إبراهيم سرحان في مخيم الداعوق في بيروت وكان يعمل سمكرياً وقتها.

       قبل هذا اللقاء لم يكن هناك الكثير لدى الباحثين عن بدايات السينما الفلسطينية سوى معلومات قليلة انه كان مسبقاً رجل اسمه إبراهيم سرحان صور في فلسطين زيارات الملوك والرؤساء العرب.

       صور سرحان في ثلاثينيات القرن الماضي أفلامه الأولى ذات الطابع التسجيلي، فكان فلمه الأول يحتوى مشاهد نادرة عن فلسطين آنذاك، كما صور زيارة الملك عبدالعزيز آل سعود إلي فلسطين عام 1935م. افتتح إبراهيم سرحان استديو فلسطين بجهد ذاتي منه آنذاك وواصل تسجيل الأفلام التسجيلية حتى عام 1948م.

       اليوم بعد ما يزيد عن ثمانين عاماً من ولادة السينما الفلسطينية على يد رائدها سرحان وفقدان أرشيف ولادتها الأولى في فلسطين، تحتوي مكتبتها على المئات من الأفلام الروائية الطويلة، وأضعاف ذلك من الافلام التسجيلية والقصيرة.

2- السينما الفلسطينية 1895_1967

       وتنحصر هذه الحقبة الزمنية من1895 – 1967 (أي خلال 72 عاماً) ، أي منذ أعمال الأخوين لوميير الأولى (خروج العمال من المصنع- الخروج من مصنع لوميير)الذي عرض في إحدى المقاهي الباريسية في 25 ديسمبر 1895 وهو عام انطلاقة السينما عالمياً وصولا إلى نكسة الفلسطينيين عام 1967 على يد الإسرائيليين. وليس غريباً أن تعرض في هذه الحقبة الزمنية أعمال سينمائية عالمية في سينمات أو دور عرض فلسطينية في يافا والقدس مبكراً، وتصدر صحف دورية فلسطينية متخصصة بالفن السينمائي مثل(صحيفة "الأشرطة السينمائية" التي صدرت كدورية باللغتين العربية والانجليزية في القدس سنة 1937، وكان يرأس تحريرها إبراهيم تلحمي) كما أن الأخوين الفلسطينيين بدر وابراهيم لاما (الأعمى)من الرواد السينمائيين الأوائل الذين قاموا بالحذو حذو الأخوين لوميير([4])

3-  روّاد وأعمال سينمائية فلسطينية

أولا: الحقبة الأولى في السينما الفلسطينية 1895- 1948

 من الرواد الفلسطينيين في الانتاج السينمائي وصناعة الأفلام في فلسطين ، نذكر:

(1) إبراهيم لاما :

من الرواد الأوائل في حقل السينما الفلسطينية هو وأخيه (بدر لاما) ، والعائلة كانت تسمى (الأعمى) من القدس وبيت لحم ، ولكن في المهاجر (تشيلي)حوّلت الكنية إلى ( لاما )حسب ما ذكر لنا (الموسيقار باتريك لاما) في لقاء لنا معه في باريس (1998) وهو من أحفاد الأخوين لاما. وقد قام وأخوه بدر بانشاء ناد متخصص في السينما مطلع العشرينات من القرن العشرين (1926)في الاسكندرية(مصر) ، ثم بعد ذلك قاما بانشاء شركة انتاج سينمائي باسم(شركة كوندور فيلم) العام 1926 وقاما بإخراج أول فيلم عربي بعنوان"قبلة في الصحراء" 1927. وقد أنتجت شركتهما ما يقارب الـ (62) فيلماً في الفترة ما بين 1926 و1951.

(2) بدر لاما:

من الرواد الأوائل في حقل السينما الفلسطينية هو وأخيه (إبراهيم لاما) ، والعائلة كانت تسمى (الأعمى) من القدس وبيت لحم ، ولكن في المهاجر (تشيلي)حوّلت الكنية إلى ( لاما )حسب ما ذكر لنا (الموسيقار باتريك لاما) في لقاء لنا معه في باريس (1998) وهو من أحفاد الأخوين لاما. وقد قام وأخوه إبراهيم بانشاء ناد متخصص في السينما مطلع العشرينات من القرن العشرين (1926)في الاسكندرية(مصر)، ثم بعد ذلك قاما بانشاء شركة انتاج سينمائي باسم(شركة كوندور فيلم) العام 1926 وقاما بإخراج أول فيلم عربي بعنوان"قبلة في الصحراء" 1927. وقد أنتجت شركتهما ما يقارب الـ (62) فيلماً في الفترة ما بين 1927 و1951.

(3) إبراهيم حسن سرحان:

حاول القيام بصناعة سينما في فلسطين وهو من أهم الرواد السينمائيين الفلسطينيين ، وقد قام بصناعة أدواته السينمائية بنفسه وبتكاليف خاصة. وصنع أول فيلم عن زيارة الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود إلى فلسطين العام 1935 ومدته (20 دقيقة)وكيف تنقل بين المدن الفلسطينية : القدس و اللد ويافا وذلك برفقة الحاج أمين الحسيني الذي كان مفتياً للديار المقدسة في فلسطين(مفتي الديار الفلسطينية)، وهو من قام بمعونة المخرج جمال الأصفر باخراج أول فيلم روائي فلسطيني بعنوان "أحلام تحققت" [وهناك من يقول إن هذا الفيلم لـ للمخرج خميس شبلاق ، حسب رواية أحمد حلمي الكيلاني] وفيلم وثائقي عن "عضو الهيئة العربية العليا أحمد حلمي [باشا]عبد الباقي"، و قام إبراهيم سرحان أيضاً بتأسيس "ستوديو فلسطين" الذي أُسِّس عام 1945، وأنتج الاستوديو فيلماً قصيراً "تظهر فيه الراقصتان شمس وقمر، والمطرب الفلسطيني سيد هارون"([5]).

وقام إبراهيم سرحان بإنتاج فيلم روائي بعنوان "عاصفة في بيت" وأنتج بعض الأفلام الإعلانية القصيرة، وحسب ما تقول الروايات إنه هاجر بعد نكبة العام 1948 إلى الأردن ثم إلى لبنان ويقول الباحث السينمائي محمود روقة إن إبراهيم سرحان قد عمل في مجال السمكرة في مخيم شاتيلا في العاصمة اللبنانية بيروت.

 (4) أحمد حلمي الكيلاني:

درس السينما في القاهرة ، وتخرج من الجامعة العام 1945 / وتعاون مع كل من جمال الأصفر وعبد اللطيف هاشم في إنشاء "الشركة العربية لانتاج الأفلام السينمائية " في فلسطين.

(5) جمال الأصفر:

تعاون مع كل من أحمد حلمي الكيلاني وعبد اللطيف هاشم في إنشاء "الشركة العربية لانتاج الأفلام السينمائية " في فلسطين، ولجأ إلى الكويت بعد نكبة العام 1948. وقد أخرج جمال الأصفر فيلماً بعنوان " في ليلة العيد" "وقد مثَّل فيه [في فيلم "ليلة العيد" كل من حسن أبو قبع وأحمد الصلاح"([6]).

(6) عبد اللطيف الحاج هاشم:

تعاون مع مخرجين آخرين وهما : أحمد حلمي الكيلاني و جمال الأصفر في إنشاء "الشركة العربية لانتاج الأفلام السينمائية " في فلسطين ، ولجأ إلى الأردن بعد نكبة 1948.

(7) محمد صالح الكيالي([7])

أسَّس ستوديو للتصوير الفوتوغرافي في يافا عام 1940 ودرس السينما في ايطاليا ، وبعد عودته إلى فلسطين حاول إنجاز فيلم عن القضية الفلسطينية بالتعاون مع المكتب العربي لجامعة الدول العربية في العام 1945 ولكنه لم ينجح بسبب الأحداث في فلسطين ونكبة 1948 وغادر إلى القاهرة (مصر) وعمل هناك في حقل الانتاج السينمائي الوثائقي والتسجيلي. وقد تمكن الكيالي من إنتاج فيلم روائي طويل عام 1969 في سوريا يدعى "ثلاث عمليات في فلسطين" وكما يكتب الناقد السينمائي الفلسطيني بشار إبراهيم عن هذا الفيلم "هو فيلم روائي طويل كتب السيناريو له بالتعاون مع سمير نوار، وبطولة مجموعة من الممثلين المعروفين، حينها، أمثال خالد تاجا وهالة الشواربي([8]).

(8)  صلاح الدين بدرخان(من أصل مصري): أخرج أول فيلم روائي فلسطيني في فلسطين بعنوان " حلم ليلة " في العام 1946، وقد عرض في صالات القدس ويافا.

ثانياً: الحقبة الثانية في السينما الفلسطينية 1948-1967

روّاد وأعمال سينمائية ما بين النكبة والنكسة (1967-1948)(عشرون عاماً من الضياع والشتات)

يمتاز الرواد في الإخراج السينمائي في المرحلة الثانية (الحقبة الثانية ) 1948- 1968 بانتاجهم السينمائي القليل الذي تم إنجازه في العالم العربي بعد رحيلهم عن وطنهم فلسطين. وهذه البلدان هي دول الجوار الفلسطيني (الأردن التي كانت على علاقة مع الضفة الغربية ، ومصر التي كانت على علاقة مع غزة ، وسوريا، ولبنان ، ودول الخليج، والعراق وليبيا... وغير ذلك)

(1)إبراهيم حسن سرحان: بعد أن لجأ إلى الأردن وكانت الضفة تحت السيطرة الأردنية آنذاك، تمكّن من إنجاز فيلم شهير هو (صراع في جرش) عام 1957، ، وهو أول فيلم درامي روائي في الأردن([9]).

(2) عبد الله كعوش: أخرج فيلماً روائياً بعنوان (وطني حبيبي) عام 1964 وهو ثاني فيلم روائي طويل يتم انتاجه في الأردن.

(3) محمد صالح الكيالي :حقق فيلماً تسجيليا (وثائقياً) بعنوان (قاعدة العدوان) عام 1964، وأنجز أفلام أخرى حول مسائل مصرية في الخمسينات والستينات من القرن العشرين.

* تنويه: ان ما كتب عن مرحلة ما بين النكبة والنكسة (48-1967) قليل ونادر ولا يتعدى كتابات قليلة متناثرة هنا وهناك. وهي مرحلة حرجة وانتقالية بالنسبة للشعب الفلسطيني حيث صار كثير من صناع الأفلام يعملون ضمن الانتاج السينمائي العربي طلباً للرزق والعيش الكريم دون التفاتة لتاريخهم أو هويتهم. قس على ذلك الـ 62 فيلما للأخوين الفلسطينيين لاما اللذين عملا في مصر وأنجزا كل أفلامهما في تلك البلد الأصيلة(1926-1951) طوال ربع قرن من الزمان. لكن هذا الشح في المعلومات لن يثني الباحثين في النبش والبحث عن المعلومات السينمائية التي تخص الميراث السينمائي الفلسطيني في الداخل والخارج([10]).

4- السينما الفلسطينية في الألفية الثالثة([11])

       دخلت السينما الفلسطينية منعطفاً مهماً وتاريخياً بحلول الألفية الثالثة واندلاع الانتفاضة الفلسطينية المعاصرة الثانية (انتفاضة الأقصى). وصناعة الأفلام لم تقتصر فقط على الأعمال الدرامية الروائية وإنما انشغلت بحكم الخصوصية الوطنية وظروف الاحتلال بالفيلم التسجيلي والوثائقي الذي اشتغل فيه العديد من صانعي الأفلام الفلسطينيين. وهناك علامات مهمة في السينما الفلسطينية أهمها تجربة المخرج ايليا سليمان في فيلم (يد إلهية)(2002) والمخرج هاني أبو أسعد في فيلم (الجنة الآن)(2004)والمخرج رائد أنضوني في الفيلم التسجيلي (ارتجال) (2004)والمخرج رشيد مشهراوي في الفيلم الوثائقي التسجيلي(أخي عرفات) (2005)، والمخرج نصري حجاج في فيلم(ظل الغياب) (2006)والفيلم الوثائقي (العاصفة مرّت من هنا )(2007) للمخرج طارق يخلف([12]).

دخلت السينما في الألفية الثالثة غمارالعالمية حين تم ترشيح فيلم "يد إلهية" لمهرجان كان السينمائي الدولي 2002وحصوله على جائزة خاصة، وكذلك ترشيح فيلم "الجنة الآن" للاوسكار عام 2004وحصوله على جائزة غولدن غلوب.

أما فيلم رائد أنضوني التسجيلي(ارتجال) فيرصد المسيرة الفنية لثلاثة أخوة فلسطينيين(آل جبران) يعزفون العود في كل بقاع العالم. ورشيد مشهراوي في (أخي عرفات) رصد لحياة الأخوين عرفات :فتحي وياسر عرفات ومسيرتهما العملية وقد ماتا في زمنين متقاربين. كأن قدرهما مربوط . بينما الفيلم الوثائقي(العاصفة مرّت من هنا) فقد ظهر في وقته بعد الانقلاب في غزة ليوضح مسيرة الثورة الفلسطينية المعاصرة من خلال توثيق وتسجيل أقوال من قاموا بالدورية الأولى والعملية الفدائية الأولى في فلسطين بقيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات.

ويأسرك الفيلمان الروائيان (يد إلهية ) و(الجنة الآن) حينما تشاهدهما وتحس بالنكهة الفلسطينية للصورة، مما يبشّر بسينما فلسطينية ذات خصوصية بصرية. وهذا ينعكس أو يندرج على الافلام التسجيلية الوثائقية ، التي تقترب من النسيج الدرامي في بعض الأحيان أو ما نطلق عليه الديكيودراما([13]).

 فيلم [يد إلهية] لـ إيليا سليمان هو بحث درامي ساخر في حياة الناس في الناصرة التي اجتاحتها سكونية ورتابة تكاد تكون قاتلة بسبب الاهمال الاسرائيلي..والتي تحتاج فعلاً ليد إلهية لانقاذها من الموت البطئ في ظل التدخل الامني والضريبي الاسرائيلي الخانق للناصرة وأهلها. وجاء الفيلم الذي ابتعد عن الشعارات سلساً وساخراً يتحدث أيضاً عن علاقة حب على حاجز إسرائيلي يطلق من خلاله بالونا يحمل صورة عرفات إلى سماء القدس في تعبير رمزي لنزوع الفلسطينيين إلى مدينتهم المقدسة القدس ونزوعهم التحرري العرفاتي في آن. الفيلم حقق المشتهى بعيد المنال في رمزية بصرية كأن تقوم بزرة حبة مشمش بتدمير دبابة ...الملفت للنظر في هذا الفيلم أنه يؤسس لسينما عربية مضادة . كما قال الناقد عبد اللطيف عدنان " يعتبر شريط يد إلهية للفلسطيني إيليا سليمان من الأعمال السينمائية المتميزة التي تؤسس لجمالية سينمائية عربية تعتمد السردية المضادة"([14])، وبالتالي فهو يندرج ضمن أفلام المقاومة "شريط يد إلهية ينتمي لما يسمى بالفيلم المقاوم لغويا و اصطلاحا. فهو شريط يستهدف مقاومة وضع تاريخي معين بما فيه الاحتلال الصهيوني و تعسفه و انعكاسه على السيكولوجية الفلسطينية؛ أي ما يشكل المادة الحكائية الرئيسية للفيلم. وبهذا يندرج كإنتاج تحت أدبيات المقاومة الفلسطينية". ويلخص الفيلم كالتالي: الفيلم سجلّ حب وألم.. قصة حب بين فتي فلسطيني من سكان الأرض الفلسطينية 1948 ايليا سليمان وفتاة فلسطينية من سكان الضفة منال خضر يلتقيان في سيارة فارهة على حاجز إسرائيلي (نقطة تفتيش)، ويراقبان الوجع المتناثر والمعاناة على حواجز الاحتلال الإسرائيلية([15]).

أما فيلم[ الجنة الآن ] لهاني أبو أسعد ، فأخذ منحى آخر جدّيا حين تطرق للعمليات الاستشهادية في فلسطين ورصد الفيلم الإنساني الطابع حياة إثنين من الاستشهاديين اللذين قررا الاستشهاد من أجل فلسطين. وبمرورهما بمفارقات ما يتراجعان عن العمل الانتحاري ليعودا إلى حياتهما التي كادت تنغمس في الدم وتنتهي بلا عودة من أجل الوطن. لأول مرة يظهر الانتحاري كما هو دون تزييف، رأيناه إنساناً يحب الحياة ويعشق المرأة وليس إنساناً موتوراً أو أصولياً أو متطرفاً.

 

الملاحظ من خلال هذه الأفلام أنها تظهر قسمات من حياة الفلسطينيين في الوطن والشتات. وتورّخ لأسطورة شعب أحب الحياة وعشق الفن وتميّز بتراجيديا اللجوء داخل وخارج فلسطين. وبمشاهدة هذه الأفلام وحسب يستطيع المشاهد أن يلم بحياة الفلسطينيين ويأخذ صورة مكتملة عن معاناة هذا الشعب في مختلف مراحل حياته.

هذه الأفلام تعطي المتلقي جرعة كافية نوعاً ما من صورة الفلسطيني . وينطبق على هذه السينما قول أحد المفكرين (بالسينما يفسّر المجتمع نفسه) وهكذا يفسّر المجتمع الفلسطيني ذاته بهذه الأفلام التي تم انجازها بعد اندلاع انتفاضة الحرية في العام 2000.

لا نريد هنا وضع سجل بالعديد (العشرات ) من الافلام الفلسطينية التي أنجزت منذ مطلع الألفية الثالثة .. وأردنا فقط أن ننوّه لعينة من هذه الأفلام التي تعبّر بشكل صارخ عن حياة الفلسطينيين في الوطن والشتات([16]).

       تعاني السينما الفلسطينية من معضلة التلقي والتوزيع العربيين. فمثلاً حاول الناقد السينمائي الفلسطيني بشار إبراهيم تمرير فيلم "يد إلهية" للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان لعرضه ضمن مهرجان دمشق السينمائي الدولي ، ولكنه لم يفلح، بحجة أن الفيلم (من الناحية الانتاجية) تلقى أموالاً من الحكومة الإسرائيلية أو من ممولين إسرائيليي الهوية ( وينبغي فحص دقة هذه المسألة). فإبن الناصرة المواطن الفلسطيني في ظل الدولة الإسرائيلية نتيجة هذا الأمر وقع في فخ )إشكالية التمويل) التي أعاقت ترويج فيلمه الجميل"يد إلهية" عربياً ، علماً بأن الاحتفاء الفلسطيني في داخل الداخل(1948) والداخل(1967) كان ساطعاً ومثيراً ، وظهر ذلك من خلال شباك التذاكر ونسبة الحضور. كما أن الاحتفاء عالمياً بالمخرج الفلسطيني وفيلمه كان منقطع النظير.

مشكلة النسب والهوية باتت ملتبسة (أو مربكة) عند الخارج (خارج الداخل الفلسطيني: العربي والإسلامي)، بينما هذه المشكلة غير واردة وغير مشكوك فيها لدى الخارج الأجنبي، فمثلاً تعرّض فيلم "يد إلهية " ذاته إلى محاربة في مهرجان " كان " لهويته (الإخراجية) ذات الأصول الفلسطينية. هذه مفارقات يجب الالتفات إليها وفحص دلالاتها.

ومثال آخر نطرحه أمامكم: يندرج فيلم "الجنة الآن " للمخرج الفلسطيني(من الناصرة) هاني أبو أسعد ، إلى سينما الكاتب ، أو سينما المخرج مثلاً. وكما تعددت الأسباب فالموت واحد. ففي صناعة السينما الفلسطينية يكثر الممولون أحياناً وتبقى رؤية الكاتب أو المخرج هي القائمة والغالبة ، فشروط التمويل شروط إدارية بحتة، وقلما (أو لا ) يتدخل الممول في الحكاية إذا لم تعجبه (أو لا يستصيغ) الفكرة . وعلى العموم المسألة بحاجة إلى دراسة علمية ، لفحص مدى تأثير التمويل على الأفكار أو الرؤى الإخراجية أو حتى المضامين وآلية صياغتها([17]).

ومثال " الجنة الآن " ، خير مثال على مثل هذه الإشكالية. فالمخرج حصل على تمويل هولندي وألماني وفرنسي، وما قدّر للفيلم أن يخرج للنور وقد صنع في فلسطين وعلى أرض تحت السيادة العسكرية والأمنية الإسرائيلية دون تدخل أو إسناد (لوجستي) من منتج إسرائيلي أمّن عملية تحرك الطواقم والممثلين وسير عملية الإخراج على أكمل وجه دون تدخل قوات الإحتلال. هل إشراك فريق من الإسرائيليين في عملية الإنتاج سينتقص من هوية الفيلم الفلسطينية، أعتقد لا .

وبعد، فما هي هوية الفيلم الفلسطينية ؟ أهي في ظل العولمة ، السينما المسلحة بعلم ونشيد فلسطيني وتحمل البندقية المقاومة فقط . أم هي السينما التي تتحدث عن أوجاع وآمال وطموحات الشعب الفلسطيني.. بغض النظر عن هويتها التمويلية. ألا تحسب أفلام عربية وعالمية تتناول المسألة الفلسطينية بإيجابية(أو حتى حيادية) على الفيلم الفلسطيني (من ناحية الهوية)؟

ومثال آخر : رفض المحتل الإسرائيلي السماح للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان بتصوير لقطات من فيلمه "يد إلهية " على حاجز احتلالي إسرائيلي، فاضطر المخرج أن يبني حاجزاً بديلاً لأغراض التصوير زاد من ميزانية الفيلم وأرهق المخرج الذي اعتمد على الدعم الأجنبي([18]).

5-صناعة السينما في ظل السلطة الوطنية الفسطينية(1994-2007)

   السينما الفلسطينية: صورة المجتمع في المرآة ([19])

       تشغل السينما الفلسطينية حيزاً مهماً في حياة المجتمع الفلسطيني. فهي ما تزال تلفت انتباه واهتمام الكثيرين من الشباب وصناع السينما والعاملين في حقل التلفزيون، والهواة أيضاً. ولو لم تكن السينما كذلك لما شغلت صناع القرار الثقافي والسياسي، وباتت على رأس أولويات وزارة الثقافة الفلسطينية، ولما أعلنت الوزارة أواخر العام 2004 بأن العام 2005 سيكون عام السينما الفلسطينية. وقد بدأت وزارة الثقافة فعلاً بإعداد العدة لتقديم الجديد على هذا الصعيد، بأن قامت بحصر الأفلام الفلسطينية واستنساخها ووضعت آلية تمويل للمشاريع السينمائية الصغيرة. وقد قاموا فعلاً باستنساخ عشرات الأفلام الفلسطينية والعربية والأجنبية التي تعالج القضية الفلسطينية، على اسطوانات دي في دي.

يقول السينمائيون الفلسطينيون بصراحة، إنهم لا يراهنون كثيراً على الدعم الرسمي للثقافة، ولكن جهود وزارة الثقافة ما تزال بادرة حسن نية على الصعيد الرسمي الثقافي.

وسائل الإعلام عامة مرآة للمجتمع الفلسطيني. والسينما أفضل وسائل الإعلام في التعبير عن هذا المجتمع. ويمكن الاستناد في عملية الفهم هذه، على التحليل الميديالوجي (منهج التفسير الإعلامي). فمن خلال رصد للعديد من الأفلام الوثائقية والدرامية وتحليل موضوعاتها والمسموعة المرئية ، ومن خلال منهجية (تقنية) تحليل المضمون، سنكتشف بعد عقد مقارنات أن السينما الفلسطينية الناهضة لم تترك لا شاردة ولا واردة في الحياة الفلسطينية. وبصدق هناك غزارة انتاج في ظل السلطة الوطنية الفلسطينية ، تقوم به عدة أطراف، وقد استفاد السينمائيون من "ثورة الديجتال" في إنجاز عشرات الأفلام ذات الجودة العالية. ثورة الفيديو دخلت مبكراً إلى فلسطين وتم استخدامها بكثافة مع اندلاع الانتفاضة الأولى (1987- 1993)، فقد قام فيديويون شباب برصد فعاليات الانتفاضة ونشرها عبر وسائل الإعلام المتعددة فانتقل اللهيب الشعبي وحرارة ثورة الحجارة إلى أقصى بقاع الأرض سرعة النار في الهشيم.

عود على بدء، فإن السينما الفلسطينية قادرة على أن تقدم لنا وجبة لا بأس بها من المعرفة، عن التحوّلات والتحدّيات التي تواجه هذا المجتمع الفتي. وبالتالي فإن المجتمع يستطيع تفسير ذاته من خلال السينما ، ونؤكد على ذلك استناداً إلى نظريات إعلامية درسناها وندرسها للإجيال القادمة. واستندنا في هذه الرؤية إلى أفكار (صامويل بيكر) بهذا الخصوص عندما تعرض إلى وظائف وسائل الإعلام في المجتمعات المعاصرة([20]).

نجزم أنه لو كان لدى الفلسطينيين إمكانيات مادية (معدات وأموال) لاستطاعوا انجاز طفرة سينمائية حقيقة في الشرق الأوسط. والمسألة ليست مرتبطة بوجود الاحتلال وآثاره على الأرض فحسب، وإنما المسألة مرتبطة بالتدريب الفلسطيني الرائع وبغزارة الأفكار النابعة من هذه الأرض المقدسة وبالخبرات العالية التي يتحلّى بها السينمائيون وخبراء التلفزة في فلسطين.

تعمل جماعة السينما الفلسطينية، التي هي إطار نقابي ائتلافي طوعي يضم العاملين في حقل السينما والفيديو من مخرجين، وكتّاب سيناريو، ومنتجين، ومصورين، ونقاد سينما وتلفزيون. وقد أعيد تأسيس هذه الجماعة أواسط 2004 برئاسة المخرج الفلسطيني مصطفى أبو علي مع هيئة من المؤسسين. وهناك تاريخ سابق لجماعة السينما الفلسطينية في بيروت التي تأسست العام 1973، ولكنها لم تستمر طويلاً نتيجة عوامل موضوعية وذاتية .

أما باكورة أنشطة الجماعة فقد كانت بالمشاركة الفاعلة بإرسال 17 فيلماً وثائقياً لـ 13 مخرج فلسطيني إلى قطر للدخول في مهرجان الأفلام الوثائقية لمحطة الجزيرة في نيسان2005م.

يعرف الجميع جيداً أن الفلسطينيين يصنعون سينما فقيرة ومسرح فقير، وذلك نتيجة الظروف الاقتصادية للمجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال. وهناك هامش واسع للتجريب ، كما توجد ماكينة صناعة سينمائية وفيديوية وتلفزيونية تشتغل ليل نهار. وهناك العشرات من شركات الانتاج التلفزيوني والسينمائي الصغيرة، ولدى الفلسطينيين عشرات المصورين الذين تدرّبوا في الجامعات الفلسطينية ، ومن دائرة الإعلام والتلفزة بجامعة القدس يتخرّج سنوياً ما يقرب العشرة من الخبراء في الصناعة التلفزيونية . ومن هؤلاء، من يتوجه إلى حقل السينما والفيديو وصناعة الأفلام الوثائقية([21]).

صانعو الأفلام يشعرون بضعفهم وفقرهم في فلسطين رغم كل ذلك، نتيجة عدم اقتحامهم لحقل الدراما (السينما الروائية)، ولكن هناك محاولات ومغامرات كثيرة على هذا الصعيد. لننظر مثلاً إلى تجربة رشيد مشهراوي ، وميشيل خليفي، وإيليا سليمان ، وحنا الياس وآخرين . وقد شاركت مجموعة من المخرجين الشباب مؤخراً في ورشة كبرى في السيناريو والإخراج ، واستمرت الورشة سنة تقريباً ، قاموا إثرها بصناعة عشرة أفلام درامية للأطفال عرضت في مهرجان رام الله الدولي الأول للسينما([22]).

نشهد هنا أن عشرات الأفلام الدكيودرامية التي أنتجت في ظل السلطة الوطنية الفلسطينية ، وهي أفلام رائعة لفتيان وفتيات تقل أعمارهم عن 18 سنة، وليس غريباً أن يفوز فيلم درامي بعنوان "كرة وعلبة ألوان" للمخرجة الفلسطينية الشابة ليانا صالح (17 عاماً) بجائزة أفضل فيلم درامي فلسطيني عام 2004.

لنترك تجارب السينمائيين الفلسطينيين الشباب جانباً، و لنتابع أخبار المهرجانات العربية والدولية والأفلام الدرامية والوثائقية المشاركة ، سنتعرف على حجم وأهمية الانتاج السينمائي الفلسطيني من خلالها.

وطالما لا توجد مدن فلسطينية حقيقة ، لأنها مجموعة غيتوات متناثرة مقطعة الأوصال بفعل الحواجز الإسرائيلية الاحتلالية وجدار الفصل العنصري، يصعب الحديث عن مدن إعلامية وانتاجية في مثل هذه الظروف، أسوة بالمدن الإعلامية العربية. ولكننا نؤكد، أن عجلة الانتاج الفلسطينية المتناثرة والموزّعة قادرة على فعل المعجزات السينمائية بأبسط الإمكانات([23]).

نلفت الانتباه إلى تجارب فتية رائدة في حقل الانتاج، تقوم على استقطاب الممثلين وتدير انتاج سينمائي وتلفزيوني تسجيلي-وثائقي ودرامي، ولديها قواعد بيانات بكل ما ينتج وبصناع الفن في فلسطين.

إن الدخول في مجال الانتاج السينمائي في فلسطين عبارة عن مهرب أو "مخرج اضطراري" لكثير من الشباب الذين يؤمنون بفعالية الفن في عملية المواجهة الحضارية وقبول قفّاز التحدي الذي ألقت به "إسرائيل" أمام الطرف الفلسطيني. وهناك من يؤمن بصناعة السينما والفيديو وبثورة الديجيتال كبديل، وبأن الحل في الديجيتال في ظل ضيق الحال وضعف الحيلة([24]).

لدى الفلسطينيين جيش من الإعلاميين وصنّاع الصورة والانتاج السينمائي والتلفزيوني، ونعتقد أن الفلسطينيين يقودون معركة رابحة نوعاً ما في ظل اختلال الموازين وعثرات الوضع الأمني والسياسي وغطرسة آلة الحرب الإسرائيلية.

بالنسبة للتقنيات ، يتم استيرادها و شراؤها من الخارج أو يحصل عليها السينمائيون الفلسطينيون من داعمين أوروبيين، ويستفيد الفلسطينيون أيضاً من السوق الاسرائيلي في شراء معدات حديثة في الصوت والإضاءة والتصوير والمونتاج، ويتجاوب التجار الإسرائيليون مع النهم الاستهلاكي الفلسطيني لمعدات انتاج الصورة والصوت والضوء.

لندقق في المنتوج السينمائي الدرامي في السنوات الأخيرة(في ظل السلطة الوطنية الفلسطينية)أي في الفترة ما بين 1994ـ 2007 سنجد أن هناك قفزة نوعية في المضمون والأساليب. أنظر إلى أفلام رشيد مشهراوي وميشيل خليفي وحنا الياس وإيليا سليمان ، وهاني أبو أسعد، وتوفيق أبو وائل ،وفائق جرادة وغيرهم، ضع قائمة لأفلام كل مخرج من هؤلاء الفلسطينيين ستجد الخبرة العالية والمنتوج الأصيل والتجريب الساطع والفكرة المشوّقة والقصة المحبوكة باتقان([25]).

الحياة الفلسطينية مليئة بالقصص والحكايات والموروث العريق الممتد عميقاً في التاريخ والأسطورة والدين. والفلسطينيون شعب زاخر بالموروث والمعاصر، وتجد في كل بيت حكاية، وعلى ناصية كل شارع قصة أو مأساة ، حب أو موت، فكيف ينضب مخزون هذا الشعب من ميراثه الحزين والسعيد. قد يغفر هذا الشعب ولكنه لا ينسى كوارثه وأسبابها، وعزاءه في بقائه وصموده في وطن أجداده، في عيشه متأملاً أسطورة هبّاته وانتفاضاته المتوالية كالمتواليات الحسابية، وميراثه في المقاومة والثورة والصراع السلمي وبسلاح المعرفة أيضاً.

عشرات الأفلام الوثائقية نسجت وصنعت عن (مخيم جنين) وبطولاته الانسانية والكفاحية في مواجهة الحصار والدمار، منها ما ترك أثراً ومنها ما اندثر ، وقد تم رصد أسماء أو عناوين ما يقرب خمسة عشر فيلماً تناولت هذه القضية وحدها.

يظل المسرح رديفاً للسينما والتلفزيون. ويفيد أحدهما الآخر. فالعديد من المسرحيين الفلسطينيين يعملون في حقل السينما والدوبلاج، وينتقلون بين الفنون المتعددة دون حرج. فالممثل والمخرج الفلسطيني محمد بكري أبدع في السينما والمسرح في آن، وعمل على إخراج فيلم وثائقي بعنوان "جنين جنين" الذي أثار زوبعة في إسرائيل وخارج فلسطين([26]).

       السينمائيون الفلسطينيون في داخل الخط الأخضر(فلسطينيو أرض (1948 وبفعل احتكاكهم بالسينمائيين الإسرائيليين وبخاصة التقدميين منهم، استفادوا من التجربة ومن التقانة المتوفرة في أيديهم وتدربوا على الفنون السينمائية في المعاهد الاسرائيلية بفعل تواجدهم على أرض فلسطين المحتلة عام 48 (إسرائيل). ولا دخل للتطبيع بذلك، فالفلسطينيون مع الإسرائيليين على تماس تام في كافة المواقع على الحواجز وفي المدن والمعتقلات وعلى الأرصفة وفي الجامعات في الداخل، ولا ينطبق مفهوم التطبيع على فلسطينيي الجذور والداخل. التطبيع يأتي من الخارج ، من خارج فلسطين.

فلسطينيو ال67 يصنعون سينماهم بمعزل عن اسرائيل والسينمائيين الإسرائيليين. وبالتالي لا حديث عن تطبيع سينمائي فلسطيني إسرائيلي في نطاق هذا الإقليم بالرغم من المحاولات الأميركية الأوروبية للتقريب بين الطرفين في أعمال مشتركة. لكن معظم السينمائيين الفلسطينيين في "إسرائيل" قاموا باحتكاك مباشر مع صنّاع السينما الإسرائيلية لصناعة سينما أقرب ما تكون إلى سينما "إسرائيلسطينية" تناولت الجدل والصراع الفلسطيني الاسرائيلي من منظور متقارب نوعاً ما ، ولكنها ليست صهيونية([27]).

الجمهور الفلسطيني قام في العام 2004 بمشاهدة 18 فيلماً أسرائيلياً (منها خمسة أفلام صهيونية النزعة تقريباً)، وللعلم أنها بالرغم من أهمية مضامينها تبقى أفلاماً ساذجة لم تستقطب المشاهد الفلسطيني، وكانت دعائيتها الفجّة مثار تعليق وسخرية من جمهور المهتمين، ولكنها تبقى مهمة لدراسة وتفسير"المجتمع الإسرائيلي" القائم على الأرض الفلسطينية.

       الشعب الفلسطيني من أكثر الشعوب العربية حاجة للصورة المتحركة المتلفزة والسينمائية. وهذا ما حدث فعلاً، فبعد العام 1982 (وبخروج المقاومة الفلسطينية من لبنان وظهور ما يسمى بـ"السينما الفلسطينية المستقلة" بعد ضياع الأرشيف السينمائي في بيروت) زاد التركيز في الداخل الفلسطيني على الوثائقي و التسجيلي، وصار المخرج الفلسطيني في الخارج يرى في الفيلم الروائي حلاً وخياراً بصريا لتخليد فلسطين وشعبها الحي، وظل الداخل الفلسطيني (الضفة وغزة والقدس) أكثر من الداخل (داخل الخط الأخضر) والخارج ارتباطاً بالفن الوثائقي التسجيلي الذي بقي تطوّره مرتبطاً بالصعود الكبير للفضائيات ومحطات التلفزة العربية.. التي لاحقت الحدث الساخن الفلسطيني عن كثب.

السينمائيون الفلسطينيون في المنافي طوّروا من السينما الروائية بينما الفلسطينيون في الداخل اقتربوا أكثر من الوثائقي والتسجيلي باعتباره ملاذاً وفرصة تعبير فورية وسريعة في ظل الاحتلال الاسرائيلي الغاشم. فالصورة السريعة التسجيلية ظلت هاجس الفلسطيني الملاحق في ظل القمع وسرعة الرصاصة الصهيونية المشرعة على الدم الفلسطيني([28]).

 

6- فلسطين في السينما العربية([29])

أولاً: فلسطين في السينما المصرية

" الصورة تساوي ألف كلمة" قاعدة رئيسية في كل ما هو بصري.

       من أجل تصوير فلم عن القضية الفلسطينية هناك صور شكلية يجب أن يحتويه العرض، حرق العلم الاسرائيلي، الكوفية الفلسطينية، مظاهرات بالحجارة مفبركة وغير واقعية، صور فوتوغرافية لقبة الصخرة في خلفية المشهد، أو صور للمصلين في باحات المسجد الأقصى دون قبته الخضراء، ومحاولة حثيثة للحديث باللكنة الفلسطينية/ البدوية.

       تلك هي فلسطين في الدراما العربية حديثاً خاصة بعد انتفاضة الاقصى عام 2000م.

 تزخر الدراما العربية والمصرية تحديداً بعدة اعمال ونماذج تتناول القضية الفلسطينية منذ نشأتها، في حين حجم تلك الاعمال التي تناولت القضية الفلسطينية مقارنة مع حجم الدراما العربية محدودة رغم ما تمثله القضية الفلسطينية والقدس من أهمية في الوجدان العربي.

السينما المصرية هي الأعرق والأكثر إنتاجاً من بين هذا النوع الإنتاجي في كل الأقطار العربية، وللقضية الفلسطينية أسئلة عدة مثارة، حول أساليب وأبعاد تناولها داخل السينما المصرية. فربما لم يكن تناول قضية الكفاح الوطني الفلسطيني، سينمائياً، من أولويات صانعي السينما المصرية، عند نشأة هذه السينما أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات في القرن العشرين، فيما يعود تواضع تناول قضية فلسطين في السينما المصرية إلى ظروف هذه السينما، ليس باعتبار السينما فناً للسرد والمعالجة فحسب، بل أيضاً كصناعة ثقيلة، حميمة الارتباط بمستوى التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي، والثقافي للقطر المعني، ناهيك عن مهارات العاملين في صناعة هذه السينما.

عودة اللاجئين، القدس عاصمة فلسطين، فلسطين حرة ... هل رسخت السينما تلك العناوين أو تناولتها أم هي مجرد شعارات للتعريف بهوية العرض الخاص بفلسطين.

قبل ثورة يوليو:

ربما كانت القضية الفلسطينية أخطر القضايا السياسية التي عاشتها الأمة العربية، في تاريخها المعاصر، ولا تزال. ومعالجة هذه القضية، سينمائياً، تبقى خطوة أبعد من مجرد الدعاية، والخطابة الهشة، والفجة أحياناً، فهي تحتاج إلى رؤى ثاقبة للموقع المحوري والمصيري لهذه القضية في حياة الأمة العربية، فهذه القضية تقف وراء الكثير من التغيرات الدراماتيكية في الوطن العربي.

منذ ظهور فن السينما داخل مصر (1927)، لم تصدر معظم الأفلام التي تعرضت للقضية الفلسطينية عن خطة واضحة، وبالتالي، لم ترم إلى هدفٍ محدد، فتناولت غالبية الأفلام الصراع المصري ـ الإسرائيلي، وأرجع البعض تهميش تناول القضية الفلسطينية، خاصة في فترة الخمسينيات، إلى:

أولاً: وقوع معظم الدول العربية تحت وطأة الاستعمار، بما أعجزها عن تناول قضاياها الملِحّة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. وفي مصر كان لسيطرة البرجوازية والقصر الملكي إلى جانب الاحتلال، الأثر السلبي على القضية الفلسطينية، حيث لم يكن في وسع مجتمع تحكمه العلاقات الرأسمالية ـ الإقطاعية، وتسيطر عليه الملكية، المتحكمة في السينما، في ذاك الوقت، أن تتناول قضية الشعب الفلسطيني على النحو المرجو([30]).

ثانياً: لم يحتل الفيلم السياسي موقعاً على الخارطة السينمائية المصرية، ولا نقصد بالفيلم السياسي، الفيلم الذي يناقش، أو ينتقد موقفاً، أو أداءً، بل ذلك الفيلم النابع من مبدأ "كيف توجد استراتيجية لحياتك، وبناءً متماسكاً؟ وكيف تناقش هذا البناء؟"([31]).

يناقش الفيلم السياسي، في الأساس، قضية سياسية، ومن خلال هذه المناقشة ينتج وعياً لدى متلقي الفيلم، فيما يستحدث الموقف الذي يخلق استراتيجية، للتعامل مع الواقع.

موقع القضية:

لعل من نافل القول بأن القضية الفلسطينية تشكل جزءاً من مستقبل وواقع مصر، ومعالجة القضية الفلسطينية، سينمائياً، هي من فرضيات البقاء والاستمرار العربيين، في مواجهة  الكيان الصهيوني.

لقد اتسمت أفلام الخمسينيات القرن العشرين، بالقطرية المفرطة، ولم تكن القضية الفلسطينية ذات صدى ملموس داخل السينما المصرية. كان فلم"فتاة من فلسطين" اخراج محمود ذو الفقار باكورة الاعمال التي قدمتها السينما المصرية عن القضية الفلسطينية عام 1949م. تعرض الفلم لكثير من النقد نتيجة الدراما، والاغاني التي سيطرت عليه، وكان يفترض أن ينتهي الفلم بالتأكيد على أن مصير مصر وفلسطين مصير مشترك، غير أن النتيجة كانت غير ذلك. وقد كان فيلم "فتاة من فلسطين"، سنة 1948، إنتاج عزيزة أمير، وبطولة سعاد محمد، ومحمود ذو الفقار، وصلاح نظمي، لتحكي قصة فتاة فلسطينية، هاجرت من بلادها بعد مقتل والدها على يد عصابة عسكرية صهيونية، فترحل الفتاة إلى القاهرة، لتعيش مع خالها، ويرتبط بها ابن خالها، ضابط الطيران، عادل (محمود ذو الفقار)، تاركاً خطيبته، التي تتهم ابنة عمته (سالمة) بخطفه، ويذهب عادل للحرب، وتصاب طائرته، ويكاد يفقد حياته، ويصاب بإصابات، يتوهم بأنها تعيقه عن الزواج، لكن ابنة عمته (سالمة) تصر على أن تظل بجانبه!([32]).

وقد نال هذا الفيلم من النقد ما ناله، ربما بسبب الميلودراما التي سيطرت عليه، مع المبالغة في الأغاني، في غير مناسبة، والتي أفقدته أية دلالة إيجابية، إذ كان يفترض أن ينتهي الفيلم بالتأكيد على أن مصير مصر وفلسطين هو مصير مشترك، غير أن النتيجة جاءت على نحو ساذج، بما يخدم أغراض السوق التجاري للسينما المصرية، آنذاك.

جاء بعد ذلك فلم"نادية" الفلم الثاني تم انتاجه عام 1949م، اخراج فطين عبدالوهاب وعرض عام 1953م، وكانت فلسطين بدور ثانوي في الفلم، ولم يتم الاشارة الي طبيعة الحرب العربية/الاسرائيلية. لا يقل الفيلم الثاني، للمنتجة نفسها، (نادية)، سنة 1949، عن سابقة، حيث عانى الكثير من الثغرات، والتسطيح الفكري، فهو ينتقل من ميلودراما المعاناة والتضحية إلى ميلودراما المغامرة، دون الإشارة إلى طبيعة الحرب العربية ـ الإسرائيلية، وأسبابها، وأغراضها.

       يرجع معظم المحللين ان عدم تعرض السينما العربية للقضية الفلسطينية منذ نشأتها عام 1927م حتى الخمسينات من القرن الماضي الي وقوع معظم الدول العربية تحت الاستعمار([33]).

ثورة يوليو والتغيير:

تراكمت أسباب السخط الشعبي المصري، فمن احتلال بريطاني يجرح الكرامة الوطنية إلى فساد السراي، وبعجز الأحزاب السياسية القائمة، كل ذلك دفع بطليعة من الجيش المصري لأن تأخذ على عاتقها مهمة تخليص الشعب من كل ما يعانيه، لذا، كان من المنطقي أن تبدأ حركة الجيش، في 23 يوليو/ تموز 1952، مصرية الطابع، فتضع على رأس سلّم أولوياتها استقلال مصر، بعد تخلصها من الملكية الفاسدة، والأحزاب العاجزة. وبعد أن نجحت الثورة في عقد "إتفاقية الجلاء"، خريف 1954، تمهد السبيل كي تتطلع الثورة بأنظارها إلى خارج مصر.

ولكن، وبعد زهاء ثلاث سنوات من قيام الثورة، تكشف لها خلالها خطر الوجود الإسرائيلي في المنطقة، فبدأت في الدخول في مواجهة مع إسرائيل وأمريكا. وفي السياق نفسه، تحولت تلك الثورة من القطرية إلى البعد العربي الأوسع.

وما كان لهذا أن يتم دون أن يجد صداه في ميدان السينما المصرية، فيأتي فيلم "أرض الأبطال"، للمخرج نيازي مصطفى، أواخر 1952، الذي قام بعمله بإذن خاص من الرئيس جمال عبد الناصر نفسه، ثم فيلم "أرض السلام"، للمخرج كمال الشيخ 1957م، الذي يتحدث عن شاب مصري، يشارك في إحدى العمليات الفدائية داخل الأرض المحتلة، ليتعرف إلى شابة فلسطينية، تساعده في تنفيذ العملية، ثم إنهما يتزوجان، بعد العودة إلى مصر([34]).

إن المتفحص للنص السينمائي سيعي كم السذاجة العاطفية، وضيق الأفق، والتناول، اللتين سيطرتا على الفيلم، فلا يخلق الفيلم شكلاً سينمائياً، يعبر عن مضمون متماسك، أو حتى يحلل العلاقات والمواقف بين مصر والقضية الفلسطينية، باعتبارها تشكل جزءاً من مصير الوطن العربي كله، وهو ما يظهر، بشكل هامشي، في علاقة زواج البطل من الفتاة، وعودتهما سوياً، إلى مصر([35]).

مع فيلم "الله معنا" (1953)، تنطلق من فلسطين، خلال حرب 1948 العربية الإسرائيلية، حيث فقد عماد حمدي زملاء، ومعهم ذراعه، وهو ما ملأه بالمرارة، خاصة مع ضياع فلسطين نفسها. وفي أكثر من مشهد، وعلى نحو بالغ التأثير، يتحدث عماد حمدي بلهجة تفيض بالشجن، عن ذلك الوطن المغتصب، الذي ضاعت منه أجزاء، كما ضاعت من جسد حمدي أجزاء، نتيجة الخيانة والفساد، اللذان آن الأوان لتصفية الحساب معهما([36]).

هذا الفيلم، كغيره من الأفلام المصرية التي سبقته، يحدد، وعلى نحو قوي، مدى ارتباط الوطنيين المصري والفلسطيني. ولا تستطيع أفلام هذه الحقبة أن تحدد سياسة مرسومة لتناول القضية الفلسطينية داخل السينما المصرية، رغم أهميتها. كجزء من حركة التحرر الوطني العربية، فقسم من السينمائيين، الذين جاءوا مع ثورة يوليو/ تموز 1952، افتقدوا المنهج الفكري والسياسي في تعاملهم مع السينما، باعتبارها سلاحاً فكرياً ونضالياً، في آن، بينما تعامل قسم آخر من السينمائيين المصريين، مع السينما باعتبارها مصدراً اقتصادياً للربح فحسب.

       جاء أول الافلام التي صورت داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة "أرض السلام" للمخرج كمال الشيخ عام 1957م ليكون الاول في الافلام يصور داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة، لكنه لم يخرج من النمطية في الصورة الذهنية عن "فلسطين والقضية الفلسطينية"، وهو يصور معارك الفدائيين من أجل تحرير فلسطين.

إن المتفحص للنص السينمائي للفلم يجد أن الفلم لم يوجد شكلاً سينمائياً يعبر عن مضمون متماسك، أو حتى العلاقات والمواقف بين مصر والقضية الفلسطينية، وتتوارى فلسطين خلف عمل درامي فصارت سبب أو نتيجة لاحداث الفلم وشخص مواجهة العدوان والقوى الاستعمارية كمحور رئيسي لافلام النصف الثاني من الخمسينيات وصولاً لعام 1967م عام النكسة. جاءت بعد النكبة مجموعة افلام تعرضت لحروب مصر مع الكيان الصهيوني وضرورة الجميع وتضرر الجميع من الاحتلال الاسرائيلي ومقاومة الاستعمار كفلم"بورسعيد" عن العدوان الاسرائيلي- البريطاني- الفرنسي على السويس عام 1956م([37]).

جماعة السينما الجديدة:

لم يكن من باب الصدفة ظهور مجموعة من الشباب داخل السينما المصرية، المتطلعين إلى مزيد من الالتصاق بقضايا أمتهم برؤى حديثة، وبدرجة عالية من الوعي، وخوض التجربة، ذلك أنهم جاؤوا استجابة لاحتياجات مرحلة ما بعد النكبة (1967)، حيث انبثقت داخل نفوس هؤلاء الشباب إرادة قوية للأسئلة، وإصلاح ما كان، والبحث عن الأسباب، لمعالجتها.

هكذا ولدت "جماعة السينما الجديدة"، ومن أهم أعضائها: خيري بشارة، وداود عبد السيد، وغالب شعث، وعلي عبد الخالق، فقدمت هذه الجماعة، وغيرها من التجمعات السينمائية العربية، أول رؤية، وطرح حقيقيين لقضية الكفاح الوطني الفلسطيني، داخل السينما العربية عموماً، والمصرية خصوصاً([38]).

لعل من أهم أفلام تلك الجماعة، التي تناولت قضية النضال الوطني الفلسطيني. داخل بناء درامي، فيلم "أُغنية على الممر"، للمخرج علي عبد الخالق (1972)، فمن خلال أجزاء اجتماعية بعيدة، إلى حد ما، عن التحليل السياسي، جاء البناء الدرامي للفيلم، ولأول مرة على شاشة السينما المصرية، ليطرح فكرة المقاومة، على نحو لم يكن من قبل. كما جاءت محاولة غالب شعث جادة في طرح القضية الفلسطينية، دون افتعال، وبأسلوب بعيد عن الضجيج والثرثرة، من خلال فيلم "ظلال على الجانب الآخر" (1973)، عبر طالب فلسطيني يدرس في القاهرة، ويسكن مع أربعة من الشباب المصريين، داخل عوامة، يدرسون في كلية الفنون الجميلة، وكل منهم يروي الأحداث من وجهة نظره. ومع النهاية، يطالعنا الفيلم بصورة أقرب ما تكون للرؤية الشاملة للأوضاع، ونفاذ البصيرة لواقع بليد، متخلف، وهزيمة أوسع، وأعمق من هزيمة 1967 العسكرية نفسها، لكن الهزيمة لم تكن النهاية، بل خطوة ضرورية ألزمت الجميع بالتفكير والتدبير بأن البندقية هي التي ستفتح الطريق للمستقبل، من خلال المقاومة([39]).

رب ضارة نافعة، فكما كان لهزيمة 1967 جانبها الايجابي على السينما المصرية، وذلك في ظهور أولئك الشباب، كان في الخلفية من يستكمل بناء السينما التجارية، فجاءت نكسة 1967 مصدراً للربح الوفير، عبر الاستخفاف بعقول متلقي السينما، لتشكل وعياً مسطحاً، مشوشاً، لا يستند إلى دعائم وطنية لأجيال سابقة، ولعل أكثر الأفلام الدالة على ذلك فيلم "ثرثرة فوق النيل"، الذي فتح الباب أمام أفلام أخرى، تجاهلت واقعها، تماماً([40]).

نسجت أفلام "الكرنك" (1976)، للمخرج علي بدرخان، "وراء الشمس" للمخرج محمد راضي (1977)، و"احنا بتوع الأتوبيس"، للمخرج حسين كمال (1979)، على المنوال نفسه، الذي تعرضنا له في فيلم "ثرثرة فوق النيل".

إبان هذه الفترة، بدأت تتشكل أجيال في مصر، بعيدة، تماماً عن قضاياها الوطنية. فبعد الانتصار العسكري العربي على إسرائيل، في أكتوبر/ تشرين الأول 1973، وشق الرئيس المصري أنور السادات طريق الانفكاك عن العرب، فبدأت حالة من الانحسار، والانكفاء الذاتي، أسهمت فيه المؤسسات الحكومية، فضلاً عن التغيرات الدراماتيكية الداخلية في المجتمع المصري، مثل:

أولاً: انحسار التيار القومي، وبدء ترسيخ النزعة الفردية، لدى الشباب، والانكفاء الذاتي، "لبناء المجتمع، بعد الحرب"، مؤكدين لدى قطاع كبير من الشباب بأن الحرب قد انتهت إلى غير رجعة، وأن "حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 آخر الحروب"!

ثانياً: التسطيح الإعلامي، وعمليات تزييف الوعي، الذي مارسته وسائل الإعلام المصرية، في طرحها للقضية الفلسطينية، باعتبارها قضية الشعب الفلسطيني، ولا يترتب على أبناء الشعب المصري أي مهاماً نضالية، تضامناً أو مشاركة.

ثالثاً: ثمة سيطرة القطاع الخاص على المؤسسات وتفشي الفساد والمحسوبية داخل المجتمع المصري، فما كان من أبنائه إلا العمل، بشكل دؤوب، ليل نهار، لتحصيل قوت يومهم، فكيف لهم، والأمر كذلك، أن يفكروا في قضاياهم النضالية.

رابعاً: بدء عملية التخدير للمنطقة بأسرها، تحت مسمى "السلام"، فلا قضايا وطنية، ولا كفاح من أجل الحريات، ولا حقوق أو مستقبل لشعوب، ضحت بدمائها، ولا تزال.

قد يبدو للناظر بأن الوعي بالقضية الفلسطينية في مصر قد انحسر، تماماً، إلا أن المحاولات الجادة التي قام بها تيار آخر من المخرجين، في فترة الثمانينات، قد أسهمت، إسهاماً مجدياً، في طرح الكثير من الأسئلة، حول ما آلت إليه انتصارات أكتوبر/ تشرين الأول 1973، ومن هم الأعداء الحقيقيين للأمة العربية؟([41])

لعل أبرز مخرجي الثمانينات، والذي يمتلك رؤية وفكر ثاقبين، ليس سينمائياً فحسب، بل في المجالين الاجتماعي والسياسي، على حد سواء، المخرج عاطف الطيب، الذي أخرج أفلاماً عدة، عالجت قضايا المجتمع المصري، التي استشرت داخل نسيجه. ومن أهم أفلامه "كتيبة الإعدام" 1989، و"سواق الأتوبيس" 1983 إلا أن ما يهمنا تناوله في هذا البحث، فيلم "ناجي العلي"، في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات، ولأول مرة نجد في السينما المصرية فيلماً يتعرض لرمز ثقافي نضالي فلسطيني، هو محور السرد داخل الفيلم، من خلال استعراض أحداث وتواريخ تتعلق بفلسطين. وقضيتها الوطنية، حيث يبدأ النص السينمائي للفيلم، قبل بضعة أشهر من تاريخ اغتصاب فلسطين، ويشار إلى ذلك بجملة الإشارات الزمنية/ التاريخية، وتفجير المساكن، وتشريد أهالي القرى الفلسطينية، ثم انتهاء الانتداب البريطاني، وأخيراً إعلان الدولة الصهيونية، في 15 مايو/ أيار 1948، إلى أن يأتي ختام الفيلم، بتوقف قلب ناجي العلي، داخل مستشفى بلندن "عقب اغتياله" صيف عام 1987([42]).

يستعرض المخرج، عبر هذه الشخصية، نكسات الوطن العربي، والوضع المستشري في الدول العربية، من خلال بناء درامي محكم، ليحتل هذا المخرج موقع رائد السينما المصرية في تناول القضية الفلسطينية، بشكل مباشر وصريح، بعيداً عن الاختلافات والتزييف، رغم الانتقادات التي تعرض لها الفيلم، من كتَّاب اليمين. وبسبب سيادة قيم الفهلوة، وتراجع قيم الوطن والكفاح، فإن هذا الفيلم لم يعرض في دور العرض سوى أسبوعين، فقط

سينما التسعينيات:

مع بداية التسعينيات، لم تتعرض السينما المصرية، من قريب أو بعيد، للقضية الفلسطينية، فعلى منوال نشرات الأخبار، ووسائل الإعلام المصرية، نسجت السينما المصرية أفلامها. فلم يكن يرجى الكثير من جيل تربى على أفلام "الأكشن" الأمريكية، وعلى مفهوم الفهلوة داخل واقع استهلاكي، ونظرة للمستقبل لا تتعدى القدمين.

جاءت أفلام التسعينيات التي تناولت القضية الفلسطينية، فطالعنا فيلم "صعيدي في الجامعة الأمريكية"، إخراج سعيد حامد (1998)، بطولة محمد هنيدي، ومنى زكي، وأحمد السقا.

حيث فتى يأتي من صعيد مصر (خلف)، ليدرس في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، فتنفجر تناقضات ساخرة داخل الفيلم، عندما يشرع خلف في مطارحة فتاة ارستقراطية قاهرية الحب، فتتوالى الأحداث، في إطار فكاهي كوميدي، ويظهر زميل خلف، المسيس المستنير، الذي يحث خلف على مشاركته في هموم واقعة، والعمل معاً لإصلاحه([43]).

ومع اقتراب نهاية الفيلم، يطالعنا المخرج بمشهد مكرر، لطالما سبق استخدامه على شاشات التلفاز، من حرق للعلم الإسرائيلي، ومواجهة قوات الأمن للطلبة الثائرين. وكأن التوعية بالقضية قد تمت بإحراق العلم الإسرائيلي، أو بمشاركة خلف في هذه التظاهرة، ثم نأتي إلى نهاية الفيلم، حيث يتعرض خلف للمساءلة، في أحد الأجهزة الأمنية، حول اشتراكه في الاعتصام، ودوافعه، ويظل الصديق المسيس لخلف، طوال الفيلم، تحت مراقبة الأمن، ومطلوباً، وكل من يقترب من هذا الصديق تلتصق به التهمة نفسها، فما كانت محاولة الفيلم بالإشارة إلى القضية إلى محاولة للتنفيس والترهيب معاً، دون توعية بأن العدو، ماثل، وملِحّ([44]).

كما هو حال بعض السينمائيين في تناولهم لقضية الفدائي، جاء فيلم "أصحاب وإلا بيزنس" (2001)، إخراج علي إدريس، ليصور الفدائي باعتباره الحل الأمثل للقضية، فبتفجير نفسه تحل القضية الفلسطينية، وينتهي الحديث عنها. وقد أوجز المخرج المصري الكبير "توفيق صالح" هذه النوعية من الأفلام بقوله: "إن هذه الحلول التي تأتي على نمط (الكاوبوي)، هي حلول من داخل الفيلم، وليست من الواقع بعمقه، فليس بالتفجير، وحده، نصل للحل، أو الاستقلال والحرية". الأمر ذاته نجده في فلم "السفارة في العمارة" للمخرج عمرو عرفه، صورة فلسطين بطفل مقاوم يستشهد من أجل قضيته وبعض التعاطف من صديقه في الفلم (عادل إمام)، فتخرج المظاهرات وتظهر الصور والاحداث في الاراضي الفلسطينية على شاشات التلفزيون في الأخبار، الصورة النمطية للتعريف بالقضية الفلسطينية. في حين نجد أن صورة فلسطين قد تغيرت في فلم "الجزيرة" الجزء الثاني وتم استبدالها بغزة بدلاً من فلسطين ودعم مصر للمقاومة في قطاع غزة بالسلاح وعودة السلاح عبر الانفاق الي مصر ليصل الي ايدي المتطرفين والارهابيين، وهذه الصورة الجديدة في السينما المصرية جاءت كنتيجة للخلاف السياسي القائم بين الدولة المصرية وجماعة الاخوان المسلمين وحلفائهم في الدول العربية، الامر الذي انعكس سلباً على صورة فلسطين في السينما المصرية. في حين ما زال الاحتلال الاسرائيلي قائم على الارض الفلسطينية وأيضاً لم تتخلى مصر عن دورها القومي في القضية الفلسطينية([45]).

طرحت القضية الفلسطينية كمحور رئيسي وليس كرمز في فيلم " بركان الغضب " لتامر هجرس واخراج اللبناني مازن الجبلي  عام 2002، الذي تدور أحداثه تدور أحداث الفيلم بين مصر ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين بجنوب لبنان، البطل هو "خالد" الفدائي الفلسطيني الذي يسعى إلى حل عملي وجذري للقضية الفلسطينية، فيتوجه إلى مصر لعقد صفقة سلاح، ويتعرض في رحلته لصعوبات عديدة، ولكنه يتخطاها جميعا، لتنتهي أحداث الفيلم بتوجيه رسالة مفادها أن الفلسطينيين في حاجة إلى سلاح، ولن يتحقق ذلك إلا بيد كل العرب بعد أن يوحدوا صفوفهم.
يعد فيلم  " باب الشمس " فيلما ملحميا سجل فيه تاريخ القضية الفلسطينية وتطورها فهو  ثنائية الرحيل والعودة من خلال قصة حب بين البطل الفلسطيني يونس الذي يذهب للمقاومة بينما تظل زوجته نهيلة متمسكة بالبقاء في قريتها بالجليل. وطوال فترة الخمسينات والستينات يتسلل من لبنان إلى الجليل ليقابل زوجته في مغارة "باب الشمس" وتنجب منه ويعود مرة أخرى لينضم إلى تنظيم المقاومة في لبنان. الفيلم مأخوذ عن رواية تحمل نفس الاسم للأديب إلياس خوري، وإخراج المصري يسري نصر الله عام 2004.
إعادة بناء الصورة عن الفلسطيني كـ " بني أدم " كما يقول يسري نصر الله في أحد حواراته كانت هاجسه شبه الوحيد نظراً لما قدمته السينما المصرية والعربية من صورة الفلسطيني المتلازمة لصورة البطل/الضحية.
 نجح  فيلم " باب الشمس" في تقديم القضية الفلسطينية التي حكمت المشهد السياسي العربي طيلة ستين عاماً بشكل أنساني وعقلاني اعاد للقضية نفسها حضورها الانساني في العالم حين عرض في أوروبا والعالم العربي وأعاد التذكير بأن فلسطين ليست مجرد عمليات تفجير وقتل وليست مجرد علم اسرائيلي يحرق أو مشاهد لقتل الاطفال والنساء بل هي تاريخ من لحم ودم.

ما بالنا، والحال كذلك، أن نرى بارقة أمل في تعامل السينما المصرية مع القضية الفلسطينية، بما يخدم مصالح الأخيرة. كذلك التعامل مع السينما ودورها التثقيفي، الريادي، والكفاحي([46]).

ثانياً: فلسطين في السينما المغربية

إن المتأمل للفيلموغرافية المغربية منذ بدايتها(1958) إلى اليوم(التي تتجاوز المائتين) يلاحظ بشكل عام غياب تعاطي السينمائيين المغاربة بشكل مباشر للقضية الفلسطينية. فلا عنوان يذكر قد يشير إلى فلسطين أو إلى الاحتلال الصهيوني لها، ولا سيناريو فيلم مأخوذ عن رواية فلسطينية أو عربية أو مغربية حول معاناة الفلسطينيين، بل إن المشاهد المغربي يستعصي عليه أن يتذكر شريطا مغربيا يحتوي على مشاهد لواقع الاحتلال أو للمقاومة الفلسطينية أو غيرها. إلا ما كان في شريط "حلاق درب الفقراء"عام (1982) لمحمد الركاب، الذي وظف الصورة الإخبارية/التلفزيونية للتطرق لمذبحة صبرا وشاتيلا، في مشهد معبر عن الحالة التي يوجد عليها الوضع العربي، حيث يبين المشهد بطل الفيلم وصديقه الذي يدعوه إلى احتساء زجاجة خمر وهما يتحدثان عن همومهما اليومية و رغبة الصديق في  العيش في ظروف اقتصادية مريحة (مال، صديقة، نزوات…) في حين صور القتل والمذبحة تمر أمامهما على الشاشة. وهذا المشهد يتكرر مرتين أو ثلاثة لعمق مغزاه([47]).

ثم هناك الشريط المتميز "جنة الفقراء" للمخرجة إيمان المصباحي التي تطرقت من خلال موضوع الهجرة إلى أوروبا ومعاناة العرب هناك وإلى معاناة الفلسطينيين مع الاحتلال الصهيوني، عن طريق أغاني جيل الجيلالة الملتزمة التي وظفت بطريقة جيدة في الفيلم والتي تذكرنا بالسبعينات والثمانينات حيث القضية كانت حاضرة بقوة في جميع المجالات الفنية. للأسف الشريط لم يلق الدعم الكافي لإنجاحه جماهيريا. مما يدفعنا للتساؤل عن الجهات التي تستفيد من تهميش مثل هذه الأفلام الملتزمة([48]).

       تناولت السينما المغربية القضية الفلسطينية في فترة متأخرة، فنجد الآن العديد من الأفلام المغربية التي تنافس في مهرجانات الأفلام التسجيلية والروائية وتحمل الهم الفلسطيني وأحداث القضية الفلسطينية والقدس بصور متفاوتة من الجدية في التعاطي مع فلسطين، فنجد العديد من الأفلام التسجيلية المغربية التي تحمل هم القضية الفلسطينية تشارك في الكثير من المهرجانات المحلية والدولية.

 

 

 

 

 

 

ثالثاً: القضية الفلسطينية في السينما السورية([49])

المخرج العراقي- الفلسطيني الهوى قيس الزبيدي حدثنا عن تاريخ السينما السوريةوأهم الأفلام التي تناولت القضية الفلسطينية بالقول: يمكننا الإشارة أولاً إلى أن المؤسسة العامة للسينما أنتجت أول أفلامها الروائية القصيرة عن فلسطين الذي هو «إكليل الشوك لنبيل المالح» عام 1968 وتناول القضية الفلسطينية من خلال مأساة فتاة تعيش في مخيم اللاجئين الفلسطينيين في سبينة- ريف دمشق. وفيلمها الثاني الروائي القصير أيضاً «الزيارة لقيس الزبيدي» عام 1970 وهو فيلم شاعري عن المناطق المحتلة. ويتضمن قصائد لمحمود درويش وتوفيق زياد وسميح القاسم، ورسوماً لنذير نبعة. وفيلم «اليد لقاسم حول» وهو محاولة سينمائية رمزية للتعبير عن الانتماء إلى المقاومة. يتخذ من مجزرة أيلول/سبتمبر 1970 خلفية له، مؤكداً أن البحث عن اليد في الفيلم، بحث عن الذات كسبيل للخلاص. وكان أول فيلم سوري بعد «سائق الشاحنة» الذي أخرجه اليوغسلافي بوشكو فتشينكش عام 1966 هو فيلم ثلاثية «رجال تحت الشمس»/ نبيل المالح/محمد شاهين/مروان مؤذن» عام 1969.
ومن ثم أتت بعدئذ مجموعة من الأفلام الروائية المهمة مثل «المخدوعون لتوفيق صالح» عن رواية غسان كنفاني «رجال في الشمس» عام 1972 و«مئة وجه ليوم واحد لكريستيان غازي» عام 1972 كإنتاج مشترك مع الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في بيروت و«كفر قاسم لبرهان علوية» عام 1974 كإنتاج مشترك مع لبنان وبلجيكا و«السكين لخالد حمادة» عن رواية غسان كنفاني, و«ما تبقى لكم» عام 1972 الذي شاركت فيه الممثلة المصرية سهير المرشدي, و«الأبطال يولدون مرتين لصلاح دهني» عام 1977 عن قصة علي زين العابدين الحسيني, و«الليل لمحمد ملص» عام 1992 الذي نال جائزة التانيت الذهبي في مهرجان قرطاج وجوائز أخرى عالمية. وأخيراً فيلم «بوابة الجنة» لماهر كدو عن رواية حسن سامي يوسف عام 2009.
أيضاً بدأ التلفزيون العربي السوري ينتج أول أفلامه الوثائقية عن القضية الفلسطينية: «نعم أنا عربية» لخالد حمادة عام 1969 و«بعيداً عن الوطن» لقيس الزبيدي عام 1969 الذي فاز بأول جائزة دولية لسورية في مهرجان لايبزغ و«نحن بخير» لفيصل الياسري 1970 الذي نال جائزة الحمامة الفضية في مهرجان لايبزغ السينمائي الدولي، 1970 وجائزة أفضل فيلم قصير عن فلسطين في مهرجان دمشق السينمائي الأول 1972 وجائزة مهرجان فلسطين، بغداد، 1973, وهما فيلمان فاز كل منهما بجائزة الحمامة الفضية في مهرجان لايبزغ السينمائي الدولي وكان لهما شأن عربي ودولي.
والثالث «نداء الأرض/ قيس الزبيدي» عام 1976 الذي نال الجائزة الفضية وجائزة النقاد المصريين وجائزة اتحاد السينمائيين التسجيليين العرب في مهرجان فلسطين/ بغداد، 1976 وتابع التلفزيون إنتاج أفلام عن مواضيع فلسطينية في أفلام أمين البني «دروس في الحضارة» عام1974 الذي نال الجائزة الفضية من مهرجان فلسطين، بغداد، 1976 و«اليوم الطويل» عام 1977 و«مذكرات فلسطينية» عام 1991.
وفي مجال الأفلام التسجيلية أنتجت المؤسسة «عيد سعيد» لمروان مؤذن عام 1970 الذي عرض في مسابقة أفلام مهرجان لايبزغ و«شهادة الأطفال الفلسطينيين في زمن الحرب» لقيس الزبيدي عام 1972 الذي نال الجائزة الذهبية في أول مهرجان أفلام وبرامج فلسطين 1973 في بغداد([50]).
ويضيف «الزبيدي»: هل كان الأمر محض مصادفة؟ لا أعتقد فقد كانت سورية دائماً منشغلة في تاريخها السياسي العربي بمصير الوطن الفلسطيني ونضال شعبه العادل ليس فقط في السينما إنما في أغلب أجناس وأنواع فنونها وآدابها.
وعما إذا كانت السينما السورية قد عالجت موضوع القضية الفلسطينية أكثر أم أقل مما قدمته السينما العربية يقول الزبيدي:  من المهم أن نعيد إلى الأذهان أن السينما السورية فتحت الباب أمام السينمائيين العرب ليقدموا أو يساهموا في «ملف سينما القضية الفلسطينية» من دمشق ولنرجع إلى أسماء كثيرة من السينمائيين من العراق ولبنان ومصر وتونس, أرى على الأقل من هذه الناحية أن السينما السورية عالجت «موضوع القضية السينمائية» برؤية فنانين عرب وسوريين وهي ظاهرة لم تحصل في أي بلد عربي وهي بهذا قدمت أكثر مما قدمته أي سينما عربيةأخرى.
أما بخصوص السينما الصهيونيّة فيرى الزبيدي أن إنتاج الكيان الصهيوني لعشرين فيلماً روائياً سنوياً يتناول مواضيع عديدة ومختلفة منها ما هو نوع شعبي مزيج من الميلودراما والكوميديا التهريجية أو موسيقي أو نوع حربي يخص جيش الاحتلال الإسرائيلي أو اجتماعي يتعلق بالصراع الاجتماعي الذي ينشأ بين الصهاينة «الاشكناز» والصهاينة «السفارديم» أو بين الأغنياء والفقراء, يجعل لها حضوراً واسعاً وناجحاً في المهرجانات السينمائية العالمية.
أما بالنسبة للسينما العربية فإن مصر التي تعد مؤسس الصناعة السينمائية, وتنتج في سنة واحدة أكثر ما تنتجه الدول العربية مجتمعة في سنوات, فإنها لم تقدم فيلماً واحداً بمستوى الأفلام التي أنتجها «القطاع العام» في سورية لا من ناحية المضمون ولا من ناحية الشكل. وتبقى الأفلام العربية الجادة عن القضية الفلسطينية مجرد بضعة أفلام نذكر منها مثلاً الفيلم الجزائري «نهلة» لفاروق بلوفا عام 1977 والفيلم التونسي «السنونو لا يموت في القدس» لرضا الباهي عام 1994 والفيلم المصري «باب الشمس» ليسري نصر الله عن رواية الياس خوري عام 2004 وهم من إنتاج مصري/ فرنسي مشترك([51]).

 

 

وثيقة سينمائية

بدوره الكاتب والناقد السينمائي بشار إبراهيم يرى أن السينما السورية اهتمت دائماً بالقضايا العربية، وفي مقدمتها قضية فلسطين باعتبارها قضية العرب المركزية. ومنذ نهاية ستينيات القرن العشرين، لم تتردّد السينما السورية في تناول القضية الفلسطينية في أفلامها الروائية الطويلة، وأفلامها الوثائقية، وأفلامها الروائية القصيرة.
ويضيف يمكننا القول: إن عدداً وافراً من الأفلام السينمائية، التي تناولت جوانب مختلفة من واقع الحياة السورية، اهتمت بإبراز تشابك وترابط الحياة السورية وتعلقها بالقضية الفلسطينية، ولعل أفلام المخرج الكبير عبد اللطيف عبد الحميد، أبرز هذه الأمثلة، إذ على الرغم من تناوله تفاصيل متنوعة من بيئة شديدة المحلية، كان الموضوع الفلسطيني حاضراً في حياة أولئك الريفيين البسطاء.
وفيما إذا كانت السينما السورية قد عالجت موضوع القضية الفلسطينية أكثر أم أقل مما قدمته السينما العربية يقول إبراهيم: يمكن القول إنه من الصعب لأيّ سينما عربية منافسة ما قدّمته السينما السورية في هذا المجال، بما فيها السينما الفلسطينية ذاتها. فقد قدمت السينما السورية أهم الأفلام التي تناولت القضية الفلسطينية، وهي أفلام باتت من كلاسيكيات السينما العربية، كما في فيلم «المخدوعون»، الذي يعد أحد أهم الأفلام العربية على الإطلاق، وفيلم «كفر قاسم»، الذي استطاع تقديم وثيقة سينمائية تفضح جرائم الصهاينة.
أما فيما إن كانت القضية الفلسطينية قد أخذت حقها من خلال السينما العربية والسورية مقارنةً بالسينما الصهيونية, فيرى إبراهيم أن القضية الفلسطينية سياق تاريخي يمتد على مدى قرابة قرن من الزمان، منذ بدايات الهجرة الاستيطانية إلى فلسطين، وصولاً إلى النكبة عام 1948، وتتفاعل حتى اليوم. وتالياً فإن مواكبة السينما للقضية الفلسطينية عملية مستمرة ومتواصلة، قد تتقدم حيناً، وقد تخفت حيناً آخر. ولكنها في الأحوال كلها تحضر بصيغة أو بأخرى.
ويضيف: ربما لم نحقق نجاحات مماثلة للسينما الصهيونية التي وجدت دعماً عالمياً واسعاً، لاسيما من اللوبيات الصهيونية والغربية المعادية، ولكن يمكن القول إن السينما حاولت، وما زالت تحاول، الإبقاء على حضور القضية الفلسطينية، في المشهد العالمي([52]).

7- المطلوب من السينما

حول كيف يمكن أن تُصاغ المشاهد السينمائية الحزينة للواقع الفلسطيني سينمائياً؟ وكيف يمكن أن تُعبر الصورة بكاميرا مبدعين عرب عن هذا الواقع؟ يرى الكاتب والناقد السينمائي محمد عبيدو أن السينما تمثل جزءاً لا يتجزأ من الذاكرة ومن فضاء الحلم والألم, والأفلام التي قاربت الألم الفلسطيني هي محاولة لجمع شتات ذاكرة تعرضت للضياع والفقدان من أجل المحافظة عليها. وهذه المقاربة، سينمائياً، حاولت في عدد من الإنتاجات العربية أن تكون خطوة أبعد من مجرد الدعاية، والخطابات الهشة، والفجة أحياناً، عبر إبداع يحمل إرادة قوية للأسئلة وصياغة الافكار والرؤى ابداعياً وجمالياً. في صراع بالغ الجذرية وعالي الكلفة بالدماء والآلام البشرية كالصراع العربي- الإسرائيلي، ما الذي تستطيع أن تفعله السينما؟ لا شيء، أو لا شيء تقريباً، إذا كان المقصود تغيير مجرى التاريخ, لكنها تستطيع بالمقابل أن تفعل شيئاً، وربما شيئاً كثيراً، إذا كان مطلوب منها أن تخلق «حساسية جديدة» و«أسئلة جديدة» و«تمرداً جديداً على الظلم».
وعما إذا كانت السينما السورية قد قاربت موضوع القضية الفلسطينية بشكل كافٍ يقول عبيدو: أعتقد أن فلسطين كانت حاضرة في أغلبية الإنتاج السينمائي التسجيلي والروائي القصير والطويل الذي قدمته المؤسسة العامة للسينما في سورية منذ إنشائها عام 1963, فالأفلام التي أنتجتها مؤسسة السينما السورية عن القضية الفلسطينية نراها تضم قائمة كبيرة من أفضل ما قدم في تاريخ السينما العربية منها «المخدوعون» لتوفيق صالح و«كفر قاسم» لبرهان علوية و«السكين» لخالد حمادة و«الليل» لمحمد ملص.بينما احتاج المخرج المصري يسري نصرالله للتمويل الفرنسي لإخراج فيلمه «باب الشمس» الذي يؤرخ للقضية نفسها.

 

8- القدس في السينما

       في البداية لابد من القول ان موضوع القدس فى السينما هو موضوع شائك فمن ناحية لاتوجد دراسات موثقة تحصى كل الافلام ( سواء التسجيلية اوالروائية ) التى تم تصويرها فى القدس ,  أو عن تلك المدينة التاريخية التى تغيرت على مر العصور منذ ظهور السينما وحتى هذة اللحظة . كذلك فإن اغلب الافلام التى صورت عن القدس وفى القدس هى افلام اسرائيلية تم انتاجها بعد عام 1948 ولم تشاهد منها العين العربية الا القليل وبالتالى من الصعب التعرف على   موضوعات تلك لاأفلام ,  ومعرفة  كيف تمت صياغتها ،  ومامدى تاثيرها النفسى  على العقل اليهودي من ناحية  ، وعلى العقل العربي والهوية العربية  من ناحية اخرى([53]). ولان الموضوع له اكثر من جانب سنقوم بالتركيز فى هذا المقال على اهم الافلام التى تم تصويرها فى القدس او عن القدس منذ ظهور السينما ،  وكيف ظهرت القدس فى تلك الافلام ؟! .كيف ظهر الناس والشوارع والبيوت .  ولتسهيل الامر يمكن الحديث عن الافلام التى تم انتاجها قبل عام 1948 والافلام التى تم انتاجها بعد هذا التاريخ . نقل صورة مشرفة عن فلسطين واليهود الذين يبنون الوطن القومي الجديد كان واحدا  من أهم المهام الملقاة على عاتق السينما التى لعبت  دورا محوريا في سياسة الدعاية الصهيونية بجانبها الوثائقي ثم الروائي منذ ظهورها وحتى قيام دولة إسرائيل في عام 1948.دخلت السينما أرض فلسطين مع ظهور هذا الاختراع الجديد ومع أول بعثة أرسلها الأخوين لوميير إلى الأراضي الفلسطينية لتصوير الأراضى المقدسة، حيث قام ألكسندر بروميو مصور الأخوين لوميير بتصوير رحلة القطار من عكا لبيت لحم.

تعددت وتنوعت التجارب السينمائية على أرض فلسطين بعد ذلك حيث قام أف أورميستون - سميث بتصوير عدة أفلام في الأراضي المقدسة بداية من عام 1905، في حين أخرج المصور ليو ليفيفر في عام 1908 فيلم  (القدس) لصالح شركة باتيه الفرنسية. وفى عام 1910 قامت مجموعة إكلير الفرنسية بتصوير فيلمين في فلسطين  , ويعتبر أحدهما هو أول فيلم روائي يتم تصويره في الأراضي المقدسة يحمل اسم ( عودة التمساح للحياة) من إخراج سيدنى أولسكوت. و يعد أولسكوت أول مخرج أمريكي تحتوى أفلامه على مشاهد تصوير خارجي، حيث أحتوى فيلمه (بن هور)  على مشاهد صورت في القدس. وصور أولسكوت في العام 1912 فيلما  عن حياة السيد المسيح على الأراضي الفلسطينية وقد أكتسب الفيلم شهرة كبيرة وظل يعرض في الولايات المتحدة الأمريكية حتى العام 1940 بالرغم من أنه فيلم صامت، كما أستمر عرضه في الكنائس على المصلين حتى عام 1960([54]).و قامت مجموعة إديسون في الشرق الأوسط بتصوير فيلمين في فلسطين خلال عام 1914 هما ( القدس والأراضي المقدسة وعكا) و(الميناء البحرى والقدس وزراعة البرتقال) وهما من الأفلام التسجيلية السياحية التي تروج لصورة فلسطين كموقع تاريخي واقتصادي صالح للتوطن و أقامه وطن جديد يليق بيهود العالم.وحازت تلك الأفلام على إعجاب الجمهور اليهودي في كافة أنحاء العالم خاصة وانها تحمل العديد من الصور والمشاهد  عن القدس ومعالمها التاريخية وكانت الصور والمشاهد مطلوبة لمداعبة المخيلة الصهيونية التى تؤسس فى الخفاء مشروعها لتحويل هذة المدينة الى  عاصمة ابدية للدولة المنتظرة([55]).

كان مورى  روزنبرج الانجليزى الاصل قد اشترى  كاميرا باتيه فى العام 1911 وذهب إلى فلسطين  حاملا رسالة توصية من ديفيد ويلفسون رئيس المؤتمر الصهيوني.وقام بتصوير  فيلم (فلسطين، عودة اليهودي من المنفي) الذي خصص جزء منه عن مدرسة الفنون بالقدس مع بعض المشاهد التي تظهر المصور و السينمائي الصهيوني ياكوف بن دوف وهو يقوم بالتقاط بعض الصور الفوتوغرافية. حقق  الفيلم نجاحا كبيرا بعد توزيعه تجاريا فى كافة أنحاء العالم , واهدى روزنبرج نسخة من الفيلم للمكتبة اليهودية القومية في إسرائيل والموجودة في الجامعة اليهودية في القدس. واشرف روزنبرج بنفسه على تجديد نسخة الفيلم التي حملت اسم (أول فيلم في فلسطين) وأعيدت التجربة في عام 1913 بعد فيلم مورى روزنبرج حين قدم نوح سكولوفيسكى طلبا للمؤتمر الصهيوني بعمل فيلم ضخم في فلسطين([56]).

قدمت الطلب مؤسسة مزراتش الروسية ليتم الموافقة عليه وتم انجاز فيلم  (حياة اليهود في فلسطين) وقد صورت اغلب مشاهده فى القدس  وهو من الأفلام الشهيرة في تاريخ السينما الصهيونية ،  وقد تم فقده ولكن عثر عليه في فرنسا وتم تجديده وإهداء نسخة منه للسينماتيك الإسرائيلي في عام 1998.بدأ تصوير الفيلم في مايو 1913 وتم عرضه في كل أوروبا في عام 1914. وتحول أسم المخرج على العناونين من سوكولوفسكى Sokolowsky إلى المخرج الأمريكى سوكولوفسك Socolofsk، وهذا دليل على أن الدعاية الصهيونية لم تكن جماهيرية فى ذلك الوقت فتحتم تغير أسم المخرج ليكون أميركيا حتى يقدم الجمهور على مشاهدة الفيلم، وهو نفس الوضع الذى كان عليه الممثلون الأميركيون من أصل يهودى عند لجوئهم لاستعارة أسماء أوروبية حتى يخفوا أصولهم اليهودية.

وكانت كل الأفلام المنتجة عن اليهود فى فلسطين حتى تلك اللحظة من إنتاج أفراد غير مقيمين فى فلسطين. ويعتبر اكيفيه أريه ويز هو أول منتج سينمائى يهودى مقيم فى فلسطين. وقد وصل اريه  لأرض فلسطين فى عام 1906 ليؤسس فى عام 1914 شركة (أورا هداشا) والتى تعنى(  النور الجديد )  من أجل عمل أفلام عن اليهود فى فلسطين باللغة العبرية.  وينسب إلى ويز مبادرة صنع أول أفلام بالعبرية عن يهود فلسطين كما هو وارد فى المراجع التاريخية([57]).

شخصيه مهمة

يعتبر جوزيف جال أزير من الشخصيات المهمة فى تاريخ السينما التى صورت القدس قبل قيام دولة اسرائيل ، وقد ولد جوزيف جال أزير فى فيينا فى عام 1890 وذهب لفلسطين كعضو من أعضاء المنظمة الصهيونية الفلسطينية وقرر البقاء ليصبح أستاذا فى الآداب بالجامعة العبرية وكان أزير يطمح لإقامة صناعة سينما كبرى على أرض فلسطين لما تتمتع به من مناخ مشمس وأماكن تاريخية حقيقية يسعى الكثيرون لرؤيتها على الطبيعة وبالذات كانت تلك الفترة فى تاريخ السينما هى فترة الأفلام الدينية والتاريخية.سعى أزير  للترويج لفكرته لدى شركات السينما الأمريكية من أجل الحصول على تمويل ونجح فى عام 1922 فى جذب انتباه شركة(  جولدوين بيكتشر كوربورايشن )  والتى أرسلت فريق عمل لفلسطين من أجل تصوير لقطات اختباريه لتصوير فيلم دينى كبير مستمدة أحداثه من الإنجيل.,  وكانت توجهات ازير  الرئيسية تسعى لعدم حصر النشاط السينمائى الصهيوني في السينما الدعائية فقط. ، ويذكر ان  الصندوق القومي لليهود لعب  دورا كبيرا في دعم النشاط السينمائي الصهيوني على أرض فلسطين  , وقد مول الصندوق إنتاج واحد من أهم الأعمال السينمائية المعروفة في تلك الفترة وهو فيلم (الربيع في فلسطين) وقد حفل بالكثير من المناظر التى صورت فى القدس وشارك في صنعه جال أزير([58]).

 

 

الجيل الثانى

بدأ الجيل الثاني من السينمائيين اليهود المهاجرين لفلسطين العمل بالتعاون مع الجيل الأول , ومن أهم رموز هذا الجيل  يوروشاليم سيجال الذى تركزت  إسهاماته  في مجال الإنتاج والتوزيع حيث أسس شركة سينمائية لإنتاج الأفلام الوثائقية في الفترة من 1927 حتى 1934. وقد عرضت الأفلام في صالات العرض في فلسطين وتم بيعها بعد ذلك للصندوق القومي لليهود وصورت اغلب تلك الافلام فى القدس ..ويعتبر ناتان أكسيلرود من شخصيات الجيل الثانى ايضا  وقد  بدأ نشاطه السينمائي في فلسطين من خلال شركة يوروشاليم سيجال. وعمل على إنتاج العديد من الأفلام الدعائية للأفراد والشركات ،  وكذلك الأفلام الدعائية لحركة توطين اليهود في القدس وفى عموم فلسطين  . تعد أفلام ناتان أكسيلرود شاهدا على تلك الفترة التاريخية التى تمتد من 1920 حتى 1950.أما باروخ أجاداتى فقد  تخصص فى الأفلام التسجيلية التى تصور الفنون الشعبية فى فلسطين بما فيها الفنون الفلسطينية وبالذات الرقص الشرقي([59]).

سافر باروخ للعديد من الدول الأوروبية لعرض أفلامه والتى كانت تعتبر افلاما طليعية بالنسبة لجمهور اليهود فى فلسطين حيث ينسب إليه أول فيلم تحريك يهودى على أرض فلسطين.وجاءت محاولات صنع فيلم صهيونى روائى صامت على يد شايم هالاشمى تحت عنوان (أوديد التائه) ،. و يعتبر الكثير من النقاد أن الفيلم هو أول فيلم يهودى روائي طويل صور على أرض فلسطين. وفى الفيلم . سعى هالاشمى إلى تقديم علاقات التفاعل بين اليهودي (المهاجر - الغريب - الضال) وعناصر الطبيعة و السكان العرب فى القدس وفى بقية المدن الفلسطينية. دشن خروج هذا الفيلم عصرا جديدا  للسينما الصهيونية في فلسطين..ومن الأفلام الدرامية الأولى ليهود فلسطين فيلم (  استيقاظ فلسطين  ) الذي يحكى عن قدوم سائح يهودي أمريكي إلى فلسطين يفاجأ بالتنوع العرقي لليهود المهاجرين لفلسطين (من اليمن - أوكرانيا - روسيا - العراق... الخ) ولكنه يقرر مع ذلك البقاء في فلسطين والتبرع بمبلغ 100 آلف دولار للصندوق  القومي لليهود في فلسطين .نال الفيلم الكثير من النقد لوجهة النظر السياحية التي يعكسها دون أن يتعمق في أحوال يهود فلسطين.وقد مول الصندوق القومي لليهود في فلسطين العديد من الأفلام الروائية ولكنها ظلت نسخة من فيلم (استيقاظ فلسطين)..واذا كان  قدوم الصوت للسينما المنتجة في فلسطين لم يبدأ ألا في عام 1935 فان الأفلام الصامتة ظلت تعرض فئ الصالات حتى إعلان دولة إسرائيل في عام 1948 .

 ومنذ ذلك الوقت بدأ ظهور أفلام تمثل السينما الإسرائيلية لأول مرة في العام 1953 مولت هوليود فيلم "الحاوي" من إخراج "إدوارد ديمتريل" من بطولة الممثل "كيرك دوغلاس"، وتدور أحداث الفيلم حول شخصية اليهودي الألماني "هانز موللر" الذي فقد أسرته أثناء الحرب العالمية الثانية، ثم هجرته الى فلسطين، وكانت القدس هناك كاحدى محطات المكان فى رحلة الهجرة([60]).

ومنذ قيام الكيان الصهيوني وحتى العام 1967 شهدت السينما العالمية  إنتاج عدة أفلام صهيونية بتمويل من هوليود  ، ولكن أضخمها على الصعيد الدعائي كان فيلم "الخروج" للمخرج الصهيوني "أوتو بريمنجر" الذي تضمن جملة من المغالطات وتزوير الحقائق لتشويه صورة العرب وتصويرهم كمجموعة من المتوحشين المتعطشين للدماء وقتل اليهود.

بعد حرب يونية عام 1967 التي قادت الى تشريد جزء جديد من الفلسطينيين واحتلال أراض عربية جديدة وقعت السينما الصهيونية في مأزق تراجع شعبيتها لدى الجمهور الغربي الذي شاهد صور الفظائع الصهيونية في فلسطين، فعمدت السينما الصهيونية الى اتباع خط جديد متمثل في إظهار الصهاينة كضحايا لـ "الإرهاب" العربي، فتجاوزت أهدافها لعبة الترويج للكيان الصهيوني  , وتشويه التاريخ وصورة العربي، الى إظهار قدرات الكيان الصهيوني الأمنية وقدرته على ردع من يحاول المس بالكيان الصهيونى .

القدس حاضره في" الناصر صلاح الدين"

تدور الحرب الصليبية بين المسلمين والصليبيين فينتصر صلاح الدين على ملك القدس ويتم توقيع معاهدة سلام بينهما إلا أن قائد الجيش الصليبى رينول قام بذبح جماعة من الحجاج الذاهبين إلى مكة، لذلك أراد صلاح الدين الانتقام منه إلا أنه وجنوده كانوا فى موقع استراتيجى مما يصعب الهجوم عليهم .

يرسل صلاح الدين مجموعة من الفدائيين لتدمير خزانات المياه مما دفع الصليبيين إلى الخروج من مخبئهم ودارت المعركة وانتصر المسلمون، كان عيسى العوام فارسا عربيا قريبًا من إحدى الترع حيث وجد فتاة توسلت إليه أن ترتدى ملابسها قبل القبض عليها، لكنها خدعته وقذفته بسهم أصاب كتفه وهربت وكانت تدعى لويزا دى لوزينيون رئيسة الممرضات لدى الصليبيين وسقط صليبها منها فوضعه عيسى العوام حول رقبته إذ كان فارسا عربيا مسيحيا يقاتل مع صلاح الدين، بعد هزيمة الصليبيين، بدأت فرجينى بتجميع الجيش لمحاربة المسلمين فاتصلت بالأمير كونراد لمساعدتها وبملك إنجلترا ريتشارد قلب الأسد الذى وافق على أن يكون على رأس الصليبيين. تم ذلك بمساعدة آرثر مستشار ريتشارد وقد وعدته فرجينى بعرش القدس. يصل الصليبييون إلى قلعة  سان جوم بمساعدة حاكمها الذى خان شعبه .

هكذا تدور الاحداث فى فيلم ( الناصر صلاح الدين)  الذى قدمه المخرج الراحل يوسف شاهين عام 1963 وكانت القدس حاضرة فى فيلم يعتبر من اهم كلاسيكيات السينما العربية "مملكه الجنه "اذا كان يوسف شاهين فى  ( صلاح الدين )  لم يهتم كثيرا بالقدس التاريخ والمكان ، ولم يحاول بالقدر الكافى استحضار القدس القديمة كما كانت فى الزمان القديم ،  فقد نجح المخرج العالمى ريدلى سكوت فى فيلمه ( مملكة الجنة )  فى استعادة  الاجواء واسترجاع الصور كما كانت بعد ان اطلق فيها روح السينما  ويصور الفيلم  معركة وقعت في القرن الثاني عشر بين المسلمين والصليبيين من أجل السيطرة على بيت المقدس([61]).

فيلم مملكة الجنة                                         

لم يجمع كل من شاهدوا الفيلم في الشرق الأوسط على الإشادة بسكوت ، حيث اعترض البعض ، على مشهد تظهر فيه الشخصية الرئيسية وهي فارس صليبي يسمى "بليان" ويلعب دوره أورلاندو بلوم ، وهو يعلم الفلاحين العرب كيفية حفر آبار لري الأراضي الزراعية كأنهم لم يكونوا يقومون بهذا الأمر منذ قرون"  كما اعترض البعض الاخر على تصوير شخصية صلاح الدين وظهورة بشكل مخالف للصورة التى ظهر عليها فى فيلم شاهين([62]).

على صعيد السينما الفلسطينية بقيت القدس دوماً محط اهتمام الفلسطينيين في الحياة، كما في وسائل تعبيرهم الأدبية والفنية، من الرسم والشعر والمسرح، إلى القصة والرواية.. وحتى عندما ولدت السينما لديهم، كانت القدس فاتحتها، وكما ذكرنا فان أول فيلم سينمائي أُنتج في فلسطين عام 1935، كان عن زيارة الملك سعود للقدس.. والسينمائيون الفلسطينيون، لعلهم لم يتركوا ركناً فيها، أو حجراً، لم يقلّبوه ويتأملوا فيه بكاميراتهم السينمائية.. ولعلهم لم يفلتوا قصة، أو حكاية، إلا قالوها.. سجلٌّ طويل من الأفلام الوثائقية، والروائية القصيرة والطويلة، قائمة تستعصي على من يحصي، وتصعب على من يرصد، وليس لنا إلا المرور على بعض ملامحها .

المحاولة..الأولى                                                                                                                بدأ حضور القدس فى السينما الفلسطينية، مع نكستها الفاجعة العام 1967. ومن هنا سيبدو فيلم «القدس»، الذي حققه الفنان التشكيلي فلاديمير تماري، عام 1968، مدته 18 دقيقة، أول محاولة سينمائية تواكب ولادة زمن «سينما الثورة الفلسطينية»، على الرغم من أن إنتاج هذا الفيلم تمّ بمبادرة من «رابطة الخامس من حزيران في بيروت». وقد توافق إنتاج هذا الفيلم مع نشاط فني تعبيري، شاء تناول كارثة سقوط القدس في براثن الاحتلال، تلك المحاولات التي بلغت ذروتها الفنية في مرثية غنائية ملحمية حملت عنوان «زهرة المدائن»، قدمتها المطربة فيروز، والأخوان رحباني، وصاغها المخرج علي صيام في عمّان، فيلماً.

ظهر خلال السبعينيات، فيلم «فلسطين في العين»، ومدته 30 دقيقة، عن المصور السينمائي الشهيد هاني جوهرية، تضمن آخر اللقطات التي صورها لمدينة القدس وقدم قيس الزبيدي فيلمه «صوت من القدس»، عام 1977، وهو يتناول لقاءً مع المغنّي الفلسطيني «مصطفى الكُرد»، الذي استطاع أن يلهب بأغانيه الوطنية الملتزمة والجادة حماس الناس، وأضحى، من ثم، منشد انتفاضات الفلسطينيين في الأرض المحتلة، خلال عقدي السبعينات ومطلع الثمانينات، في القرن العشرين لم تأخذ القدس مكانتها اللائقة في السينما الفلسطينية، إلا عندما بدأت «السينما الفلسطينية الجديدة»، تجربتها، وتقديم منجزهم السينمائي، بمعزل عن «سينما الثورة الفلسطينية»، فكانت التجربة المميزة بفيلم «الذاكرة الخصبة/ صور من مذكرات خصبة»، الذي حققه المخرج ميشيل خليفي عام 1980، ومدته 100 دقيقة، والذي تم تصويره كاملاً في الأرض الفلسطينية المحتلة، خصوصاً في مدن الناصرة ورام الله ونابلس والقدس([63]).

       في العام 1982، قدم قيس الزبيدي فيلمه الشهير «فلسطين سجل شعب»، مدته 110 دقيقة، وفيه قراءة للقضية الفلسطينية، تمتد منذ أوائل القرن العشرين حتى منتصف السبعينات منه، اتكاء على وثائق بصرية نادرة، مأخوذة من أرشيفات عالمية،.. في هذا الفيلم ثمة كشف لأول مرة عن العديد من الصور السينمائية لمدينة القدس، منذ مطلع القرن العشرين، والتي تبين أن القدس كانت مأهولة بأهلها من الفلسطينيين دائماً. قدم المخرج ناظم الشريدي فيلمه «مسلسل صيف فلسطيني حار»، عام 1988، المكون من خمسة أجزاء تعالج مختلف القضايا والمشاكل التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال.. فيتناول الجزء المعنون «ما بين الحلم والذاكرة» حكاية عائلة من قرية «لفتا» على مدخل القدس، فقدت بيتها ومعظم أراضيها سنة 1948، فأعادت تأسيس نفسها على ما تبقى لها من أراض على جبل الزيتون، حتى جاء احتلال 1967 ليأتي على ما تبقى ويترك بيت العائلة محاصراً بالمستوطنات الإسرائيلية. وفي فيلم «القدس تحت الحصار»، للمخرج جورج خليفي، عام 1990، مدته 15 دقيقة، ثمة صورة عن واقع مدينة القدس، المهددة بالمستوطنات الصهيونية، ومحاولات المستوطنين احتلال بيوت الفلسطينيين في البلدة القديمة.. ينقل الفيلم شهادات فلسطينيين مقدسيين، ورجال دين مسيحيين ومسلمين، إضافة إلى تصريحات مستوطنين صهاينة، كما يعرض الفيلم لأهمية المدينة عند الفلسطينيين، وأهميتها على المستويات كافة.

الفيلم يقول: إن القدس ستكون الصخرة التي يمكن أن تتحطم عليها أحاديث التسوية , ويصور «بيان من مآذن القدس»، للمخرج جمال ياسين، عام 1993، مدته 50 دقيقة، الاعتداءات الوحشية على المتعبدين في رحاب الأقصى.. ثمة شهادات بصرية ترقى إلى درجة الوثيقة التي لا تُدحض، فيرصد الفيلم موقع الأقصى وأهميته في التاريخ العربي الإسلامي، ورمزية القدس ومكانتها في وجدان عموم المسلمين والمسيحيين، من جهة أولى، كذلك يفضح ادعاءات اليهود بوجود الهيكل، ويكشف عن الحفريات التي أجريت تحت الأقصى، دون أن تدعم المزاعم الصهيونية([64]). 

ويدخل فيلم «القدس.. أبواب المدينة»، للمخرج فرانسوا أبو سالم، عام 1995، ومدته 15 دقيقة، مدينة القدس عبر ثلاث شخصيات مقدسية: أولهم نحات حجر يعمل في ترميم الحرم القدسي، وثانيهم يعمل في صنع حلويات مقدسية شهيرة، وثالثهم صحفية من سكان البلدة القديمة في القدس.. يحاول الفيلم، من خلال نماذجه، تقديم صورة عن مدينة القدس، وأصالتها.

من ناحيته، فإن فيلم «أنت، أنا، القدس»، للمخرج جورج خليفي بالاشتراك مع ميشا بيليد، عام 1996، ومدته 52 دقيقة، يتناول شخصيات مقدسية، من شرق المدينة وغربها، ومن مختلف الديانات، لينتهي إلى مقولته المتلخصة بأن القدس ستكون العقبة أمام أي اتفاق سلام، ما لم تؤخذ خصوصيتها وأهميتها بعين الاعتبار.. 

 أما فيلم «القدس احتلال مثبت في الحجر»، للمخرج مارتي روزنبلوث، عام 1995 ، أنتجته «حركة حقوق الانسان الفلسطينية»، فهو تحية إلى الآلاف من الفلسطينيين الذين يعيشون في شرق القدس، دون حق الحصول على معظم مرافق وضروريات العيش الأساسية. ويبين الفيلم الآثار التدميرية تجاه القدس وهويتها وسكانها  .

 وفي فيلم «النار القادمة»، للمخرج محمد السوالمة، عام 1997، عرض لممارسات المستوطنين الصهاينة، ضد العرب،. ويفضح الفيلم سياسة قضم الأراضي الفلسطينية عبر الاستيطان المتواصل والمستمر، بالقسر وبالقوة، وفي المقدمة مدينة القدس  .   

أما فيلم «ومحوطة بالسور»، للمخرج وليد بطراوي، عام 1998، ، فإنه يرصد وقته للحديث عن العلاقات فيما بين المسلمين والمسيحيين في القدس، لينتهي إلى أن الجميع منهم يواجه مأزق الاحتلال، دون أن يفرِّطوا أبداً بمبدأ العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين.. ويقوم فيلم «كوشان موسى»، للمخرجة عزة الحسن، عام 1999، ومدته 28 دقيقة، برصد مصير أوراق ومستندات الملكية الفلسطينية (الكواشين) للبيوت والأرض، خاصة وأن الأرض شكّلت دائماً جذر وجوهر الصراع، وبؤرته.. ويأخذ الفيلم مستوطنة «معاليه أدوميم» نموذجاً ترصد من خلاله السياسات الاستيطانية الصهيونية تجاه القدس. وفي فيلم «القدس يوم إلك ويوم عليك»، للمخرج ليون وليامز بالاشتراك مع تينوس كرارم، عام 1998، ، يتذكّر الفلسطينيون، الذين طُردوا من القدس بسبب الاحتلال الصهيوني للجزء الغربي منها في العام 1948، ومن ثم الجزء الشرقي منها في العام 1967، ما جرى لهم، ويتحدثون عن حياتهم في القدس، قبل أن يقتحم الاحتلال مدينتهم وحياتهم، ويعيث فيها بؤساً وتعباً([65]).

ويبني المخرج إياد الداوود أولى أفلامه فيلم «القدس وعد السماء»، عام 1999، ، يتناول التاريخ العريق لمدينة القدس، المؤكد على عروبتها، والظروف القاسية، التي تتعرض لها هذه المدينة على أيدي الصهاينة.. في الفيلم وثائق بصرية، ومستندات، لا يمكن دحضها، فضلاً عن حوارات مع رجال دين مسيحيين ومسلمين، وعاملين في لجان حفظ التراث، والأوقاف، إضافة لمواطنين مقدسيين يتعرضون، أو تعرضوا بشكل مباشر، للطرد والتهجير من مدينتهم.. كما يعرض الفيلم لتجربة «مخيم الرباط والصمود والعودة»، الذي أقامه المقدسيون عام 1997، للحفاظ على ملكيات أراضيهم، التي تريد الجامعة العبرية مصادرتها، كذلك تطويق القدس بالمستوطنات مثال مستوطنة «جفعات زئيف»، ومستوطنة «هارحوما» على جبل أبو غنيم([66]).            

 خلف الأسوار     

     ويقدم المخرج رشيد مشهراوي فيلمه «خلف الأسوار»، عام 2000، ، يعتبر وثيقة تفضح المحاولات الصهيونية للاستيلاء على مدينة القدس، من خلال احتلال البيوت واغتصابها، ومضايقة الفلسطينيين المقدسيين، ومحاولة طردهم من بيوتهم التي ولدوا وترعرعوا وعاشوا فيها، وإسكان مهاجرين يهود بدلا منهم .  ويصور  «جوهر السلوان»، للمخرجة نجوى النجار، عام 2001، ، الحياة الاجتماعية في القدس، خلال الفترة ما بين عقدي الخمسينات والثمانينات، وذلك من خلال تناول حكاية «سينما الحمراء»، التي عملت من سنة 1952 إلى سنة 1989، فتكون صالة السينما هذه بوابة للحديث عن تفاصيل الحياة الاجتماعية المقدسية.

إن حضور العروض السينمائية، كان واحداً من الطقوس الاجتماعية الدالة على أبعاد ثقافية واقتصادية وسياسية لشرائح عديدة في المجتمع. ويستعين الفيلم بوثائق بصرية تبين طبيعة الاحتلال الداهم الذي تعرضت له مدينة القدس عام 1967، وما حصل جراء هذا الاحتلال من تدمير للكثير من تفاصيل الحياة فيها ([67]).

 وخلال أحداث انتفاضة الأقصى، يعود المخرج حازم البيطار، في فيلمه «القدس: الثمن الصعب للعيش»، عام 2001، إلى مدينة القدس ليستكشف بعض الجوانب  من صورتها وحالتها.. فيتوقف عند الساعات الأولى من اندلاع الانتفاضة، وحال التوتر والقلق والترقب والانتظار لمعرفة أخبار من أستشهد أو جرح.. أما فيلم «آخر الصور»، للمخرج أكرم الصفدي، عام 2001، فيتناول ثلاث شخصيات، من جنسيات مختلفة، عاشت في فلسطين، وجمعها حب المدينة المقدسة، والبحث القلق عن المستقبل: علي جدة، الذي جاءت أسرته من تشاد واستقرت قرب الحرم الشريف في مدينة القدس. والمغنية ريم تلحمي التي جاءت القدس من مدينة شفا عمرو، في فلسطين المحتلة عام 1948، وفاروق الدزدار المتحدر من عائلة من العسكريين الأتراك ([68]).

 بينما يتناول فيلم «ولد اسمه محمد»، للمخرجة نجوى النجار، عام 2002، يوميات فتى فلسطيني، في الثانية عشرة من عمره، يأتي من مخيم قلنديا إلى القدس، ليعمل في نقل بضائع المواطنين عبر الحاجز العسكري الذي يغلق أفق القدس أمام القادمين إليها  .

وفي فيلم «فورد ترانزيت»، للمخرج هاني أبو أسعد، عام 2002، ، يرافق المخرج سائق التاكسي رجائي وركابه على طريق رام الله القدس الشرقية، على طول الحواجز والمتاريس والطرق المختصرة. يشكل الركاب جماعة متغايرة، آراؤها وأفكارها تختلف وتتقاطع حول الوضع في فلسطين وحول النزاع مع إسرائيل ومن ضمن الركاب شخصيات عامة، مثل السياسية حنان العشراوي والدكتور عزمي بشارة .

 ويمنح فيلم «عبور قلنديا»، للمخرج صبحي الزبيدي، عام 2002، ، جزءاً من وقته للحديث عن الفلسطينيين بعد 53 عاماً من النكبة،  فما زال خطر الرحيل يتهددهم، وما زالت الأسئلة ذاتها.. وزاد عليها أن الأسرة الواحدة صارت تتشتت ما بين طرفي حاجز يعزل القدس"حاجز قلنديا " ما بين القدس ورام الله، وأصعب خمسين مترا في حياة كل من يعيش في هذا المكان، أو يريد التنقل.. الاسرائيليون يعرفون مدى تأثير هذا الحاجز، وكل أسبوع تقريباً يخترعون له نظاماً جديداً، أحياناً مكعبات اسمنت، وأحياناً أخرى قواطع حديد، ومن ثم أسلاك شائكة، أو دبابات، والوضع يزداد سوءاً   .

 وتتناول المخرجة سها عراف في فيلمها «صباح الخير يا قدس»، عام 2004، ، قصة شاب مقدسي (شعبان نصار)، يعيش صراعاً بين المشاكل اليومية، والوضع الاقتصادي، وبين تطلعاته الشخصية، بأن يصبح مغنياً، وكفاح مدينته من أجل البقاء في وجه المحاولات لمحو هويتها العربية. وتتألق المخرجة أن ماري جاسر في فيلمها «كأننا عشرون مستحيل»، عام 2003، من خلال رصد حكاية فريق فيلم فلسطيني يحاول تخطي الحواجز والدخول إلى القدس، فيواجه المشاكل مع جنود الاحتلال، إلى درحة أنه يتعرضون للتنكيل بهم. تحاول المخرجة القادمة من أمريكا أن تحتج، لتمنع الجنود من اعتقال طاقمها. ويأخذ فيلم «ناطرين صلاح الدين»، للمخرج توفيق أبو وائل، عام 2001، أسلوباً ساخراً بمرارة للحديث عن الواقع المأساوي للفلسطينيين تحت الاحتلال، من خلال عدة نماذج من فلسطينيين مقدسيين.. النرجيلة وألعاب الورق وجلسات القهوة المرة، والانتظار الملول، وصولاً لممارسات المحتل التي باتت جزءاً من الحياة اليومية . و يحكي فيلم «القدس الشرقية»، للمخرج محمد العطار، عام 2007، قصة مدينة القدس منذ احتلال الجزء الغربي منها عام 1948، وحتى سقوط الجزء الشرقي عام 1967. ويفضح هدم منازل الفلسطينيين، وإرغام الاهالي من الفلسطينيين على الرحيل([69]).

 ويتحدث«القدس ذكريات الأجيال» عن القدس من خلال ثلاثة أجيال من المصوّرين الأرمن. الجد ايليا قهوجيان جاء إلى القدس عام 1920 يتيماً ناجياً من المذابح العثمانية واحترف التصوير والتقط آلاف الصور للقدس في النصف الأول من القرن العشرين. بينما يواصل ابنه وحفيده اليوم إدارة محل تصوير في القدس القديمة.

هذه هي قصة الفيلم الذي يبدو نموذجاً لوثائقيات تقدّم القدس وفق رؤية إسرائيلية. فالقدس لا تظهر محتلّةً، بل تبدو كأنّها مدينة إسرائيلية تعيش فيها قوميات مختلفة، بينها بعض الصراعات! يقول الابن جورج: «لدي أصدقاء مسلمون ويهود وسريان وكاثوليك، القدس مدينة عالمية»! أمّا الحفيد روبين، فيقول: «أصدقائي الإسرائيليون يرون أنني محايد لأنني لا أرى الأمور من وجهة نظرهم أو من وجهة نظر الفلسطينيين([70]).

خطاب انعزالي بامتياز يتحدث عن القدس باعتبارها «وطناً» منفصلاً لبعض السكان كأنّ القدس تجريد جغرافي طوباوي، وليست جزءاً من بلاد محتلة تُسمى فلسطين. الفيلم يجرّد القدس من هويتها العربية، وبمقدار ما يهمّش أهل المدينة الفلسطينيين، فهو يسيء إلى أبنائها الأرمن الذين يرى المجتمع الفلسطيني أنّهم جزء من مكوّناته، مثلما رأت المجتمعات العربية لبلاد الشام أنّهم أبناء لها.. والنموذج الذي قدّمه الفيلم إلى الأرمن يجرّد الشخصية من عمقها الإنساني والقيمي ويجعلها مجرد حالة إنسانية في مهب زمن استعماري، بل يجعلها متواطئة معه. نرى الأرمني ينظر إلى نفسه في مرآة الزمن الإسرائيلي، غاضّاً الطرف أنّه زمن احتلال.

 هكذا تتابعت صور القدس ( الناس والشوارع والبيوت) وهكذا تم  استدعاء الصور والوثائق من خلال الشرائط الفيلمية سواء تلك التى شوهت وزيفت واخفت الحقائق وامتهنت الكذب والتزوير وتلك التى ارادت ان تعيد الجمال والبهاء للزمان والمكان([71]).

السينما العربية بعد الثورات العربية كان ينتظر منها الكثير لتقدمه للقضية الفلسطينية بشكل عام، ولكن ما لم يكن متوقعاً أن نجد تراجعاً سينمائياً عربياً في التعاطي مع القضية الفلسطينية، حيث اختفت السينما السورية تماماً، وتراجعت السينما المصرية بشكل ملحوظ في تناول القضية الفلسطينية، في حين ما زالت السينما المغربية في حالة صعود في تناولها للقضية الفلسطينية، فهل هذا ما كان متوقعاً للقضية الفلسطينية في السينما العربية بعد ثورات ما عرف بالربيع العربي؟

 

ما المطلوب من السينما العربية/

1-  أن السينما تمثل جزءاً لا يتجزأ من الذاكرة ومن فضاء الحلم والألم, والأفلام التي قاربت الألم الفلسطيني هي محاولة لجمع شتات ذاكرة تعرضت للضياع والفقدان من أجل المحافظة عليها، وبالتالي مطلوب ما هو أكثر من المحافظة على ذاكرة الألم الفلسطيني من الضياع ففلسطين والقدس ما زالت تعاني الكثير من الإرهاب الإسرائيلي الذي يحاول أن يطمس الهوية الفلسطينية.

2-  حاولت السينما العربية في عدد من الإنتاجات العربية عبر إبداع يحمل إرادة قوية للأسئلة وصياغة الافكار والرؤى ابداعياً وجمالياً لتمس القضية الفلسطينية، الا أن تلك الأفلام التي صنعت عربياً ما زالت لا تغطي الجوانب المختلفة للمعاناة الفلسطينية، ولا زالت ليس لديها الكم الذي يحمي فلسطين والقدس من السينما المضادة التي تقودها اسرائيل مع حلفاؤها في الغرب.

3-  القدس كانت حاضرة في الإنتاج السينمائي التسجيلي والروائي القصير والطويل الذي قدمته السينما في الدول العربية ولكن بصورة نمطية جاءت من خلال صور القدس والمسجد الأقصى والمصلين والاشتباكات المفبركة سينمائياً دون الخوض الحقيقي في ما تعانيه القدس بصورة شبه واقعية الا في أفلام معدودة.

4-  أن الافلام التسجيلية ومعها الروائية المحدودة الفلسطينية تناولت القدس بشكل أوسع وبطريقة تلامس معاناة القدس والمقدسيين، وهذا الامر يضع السينما العربية في موقف يفرض عليها الخوض أكثر في ما تتعرض له القدس والمقدسيين ومعاناتهم اليومية.

5-  يتأثر الانتاج التسجيلي والروائي العربي بالظروف السياسية لكل دولة وحجم المساحة المتاحة لها في التعبير عن القضايا العربية، وبالتالي إن الثورات العربية قد أثرت على تناول ومعالجة القضية الفلسطينية بشكل عام بالاتجاه السلبي، فلم نعد نجد السينما العربية التي تطرح القضية الفلسطينية، فنجد مثلاً فلم "الجزيرة" الجزء الثاني قد تناول ولأول مرة في أحد المشاهد مصطلح "غزة" وموضوع تهريب السلاح بدلاً من فلسطين التي تمثل أول ركيزة في ركائز الأمن القومي العربي التي كانت تتناولها السينما المصرية رغم حالة التفاوت من فلم لآخر في مستوى الجدية، الا انها كانت تطرح كقضية فلسطينية. والحال لا يختلف في السينما السورية التي اختفت فيها القضية الفلسطينية والقدس بشكل عام نتيجة ما تمر به سوريا من أحداث داخلية عصفت بكل شئ.

6-  لا بد من العمل على تعزيز التعاون بين العاملين في الانتاج الروائي والتسجيلي في السينما العربية مع العاملين في نفس المجالات في فلسطين، للمصلحة المزدوجة في هذا المجال، بتنمية مهارات العاملين في هذا المجال في فلسطين من ناحية، ومن ناحية أخرى استفادة السينما العربية بالمعرفة الحقيقية بالقضية الفلسطينية، وبالتالي تناول صورة فلسطين والقدس والمعاناة بصورة أكثر قرباً للواقع.

7-  يعمل الطرف الاخر "الكيان الاسرائيلي" على إنتاج كم هائل من الافلام الروائية والتسجيلية التي تتناول بشكل خاص القدس والمقدسات وإظهار أن الاسرائيلي   المستضعف يحاول الحفاظ على مقدساته المزعومة في ظل مجتمع ومحيط رافض لوجودهم، وكسب تعاطف المجتمعات الغربية، فنجد الكم الكبير من الافلام الاسرائيلية والاسرائيلية المشتركة مع دور السينما الغربية التي تعزز الرؤية الاسرائيلية، فنجد مثلاً فلم"WORD WAR2" المنتج في هوليود والمصور أجزاء كبيرة منه في مدينة القدس الغربية، يظهر أن السور الواقي الذي أقامته إسرائيل حول القدس استخدم في الفلم كحامي للبشرية من الشر القادم من المقيمين خارج السور المصابين بأويئة فتاكة،و هذا يدلل من ناحية على حجم التزييف الذي مارسته اسرائيل لتغيير الحقائق وإظهار أن اليهود الجنس الذي لا بد من حمايته وأحقية إسرائيل في إقامة الصور الواقي لحمايتها من "الشر" القادم من غير اليهود المقيمين في القدس والمقصود في الفلم الفلسطينيين والعرب، ومن ناحية أخرى استغلال اسرائيل للسينما من أجل دعم رؤيتها التي تتبناها. فأين العاملين في السينما العربية لاظهار حقيقة ما يجري للقدس والمقدسيين من تهويد يومي، وأين هم من طرح القدس في السينما العربية؟

8-  القدس والمقدسات والمقدسيين بحاجة لسينما تنقل ما يحدث على الأرض من إرهاب إسرائيلي يومي يقتل كل شئ في القدس ويدمر حتى الحجر الشاهد على التاريخ.


المراجع/

1-  ابراهيم درويش: السينما الفلسطينية:أرشيف ضائع محته الحروب والشائعات، مؤسسة القدس للثقافة والتراث، نشر في القدس العربي بتاريخ 22/3/2011م.

2-  مهند صلاحات، من الذاكرة المفقودة للسينما الفلسطينية.

3- تيسير مشارقة: مقترح تأريخ السينما الفلسطينية 1895م-2007م. متوفرة على موقع سينماتك على الرابط:

Cinematech

4-  سليم أبو جبل:"سينما الثورة إلى سينما الديجيتال"، متوفرة على موقع بيتنا، 

5-  حسان أبو غنيمة، فلسطين والعين السينمائية. ط1، 1981م.

6-  بشار إبراهيم مقال بعنوان: السينما الفلسطينية في موقع الحقائق، منشورة بتاريخ 17/11/2004م.

7-  أنظر: في الموسوعة الفلسطينية مادة "السينما الفلسطينية.

8-  تيسير مشارقة: دراسةالسينما الفلسطينية في الالفية لثالثة (2000-2008)، منشورة على موقع دنيا الوطن على رابط/ http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2008/02/08/121918.htm

9-  إيليا سليمان : مقال، مشروع سينما عربية مضادة، بقلم عبد اللطيف عدنان (هيوستن – تكساس)، منشورة في موقع جماعة السينما الفلسطينية ،
10-                    تيسير مشارقة: قراءة نقدية في فيلم"يد إلهية" للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان، منشور في موقع جماعة السينما الفلسطينية
11-                    مقالة متوفرة على الموقع/ cinematechhaddad

12-                    بيسان عدوان: فلسطين في السينما العربية: 67 عاماً من الاستهلاك المحلي، موقع ايلاف، تاريخ النشر 29 ابريل 2015م.

13-                    فايز غالي، "الانعكاس المباشر وغير المباشر لفلسطين رواية في السينما العربية"، شؤون فلسطينية، بيروت، العدد 45، أيار/ مايو 1975، ص 97-113

14-                    توفيق صالح، "نشرة نادي السينما"، القاهرة، 1992، ص 212-215

15-                    كمال رمزي، "فلسطين في السينما المصرية"، البيادر، تونس، عدد 2، ربيع 1990.

16-                    وليد شميط، "السينما وقضية فلسطين"، شؤون فلسطينية، بيروت، العدد 41/42، كانون الثاني- شباط/ يناير- فبراير، 1975

17-                    سحر منصور، السينما المصرية والقضية الفلسطينية، مجلة رؤية، السنة الثالثة، العدد الخامس والعشرون، تشرين الثاني 2003م.
18-                    فاضل الأسود، "السرد السينمائي (خطابات الحكي- تشكيلات المكان- مراوغات الزمن)"، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 1996

19-                    معاذ الخطيب: القضية الفلسطينية في السينما العربية: المصرية والمغربية، الراصد السينمائي، بتاريخ 24 نوفمبر 2010م، 
20-                    ديما الخطيب: كيف عالجت السينما السورية القضية الفلسطينية، منشورة على موقع تشرين بتاريخ 9/9/2013، 
21-                    عماد النويري القدس فى السينما : تاريخ من الصور والحقائق المزوره، دراسة منشورة، موقع الميدان، 
22-                    قاسم حول: السينما الفلسطيني، دار العودة، بيروت، 1979م.

23-                    السينماالفلسطينية فى الارض المحتلة – سلسلة افاق السينما  عام 1997م.

24-                    بشار ابراهيم: مقال، القدس في السينما، مجلة العربي، مايو 2009م.

25-                    محمد رضا: هوليود والعرب، مطبوعات مهرجان السينما العربية الاول، البحرين، 2000م

26-                    محمد رضا: هوليود والعرب، مطبوعات مهرجان السينما العربية الاول – البحرين 2000م.

27-                    أحمد رأفت بهجت:اليهود والسينما فى مصر، ابريل، 2005م.

 

[1] - ابراهيم درويش: السينما الفلسطينية:أرشيف ضائع محته الحروب والشائعات، مؤسسة القدس للثقافة والتراث، نشر في القدس العربي بتاريخ 22/3/2011م.

[2] - نفس المرجع السابق.

[3] - مهند صلاحات، من الذاكرة المفقودة للسينما الفلسطينية.

[4] - تيسير مشارقة: مقترح تأريخ السينما الفلسطينية 1895م-2007م. متوفرة على موقع سينماتك على الرابط:

/Cinematech

 

[5] - سليم أبو جبل:"سينما الثورة إلى سينما الديجيتال"، متوفرة على موقع بيتنا، 

[6] - نفس المرجع السابق.

[7] - حسان أبو غنيمة، فلسطين والعين السينمائية. ط1، 1981م.

[8] -  بشار إبراهيم مقال بعنوان: السينما الفلسطينية في موقع الحقائق، منشورة بتاريخ 17/11/2004.

[9] -  أنظر: في الموسوعة الفلسطينية مادة "السينما الفلسطينية.

 

[10] - نفس المرجع السابق.

[11] - تيسير مشارقة: دراسةالسينما الفلسطينية في الالفية لثالثة (2000-2008)، منشورة على موقع دنيا الوطن على رابط/ http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2008/02/08/121918.htm

[12] - نفس المرجع السابق.

[13] - نفس المرجع السابق.

[14] - إيليا سليمان : مقال، مشروع سينما عربية مضادة، بقلم عبد اللطيف عدنان (هيوستن – تكساس)، منشورة في موقع جماعة السينما الفلسطينية ،
[15] - تيسير مشارقة: قراءة نقدية في فيلم"يد إلهية" للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان، منشور في موقع جماعة السينما الفلسطينية 
[16] - نفس المرجع السابق.

[17] - تيسير مشارقة: دراسة السينما الفلسطينية في الالفية لثالثة (2000-2008)، مرجع سابق.

[18] - نفس المرجع السابق.

[19] - دراسة تيسير مشارقة: السينما الفلسطينية في الالفية الثالثة، مرجع سابق.

[20] - هذه المادة للكاتب د. مشارقة، تم إعادة صياغة بنيتها لاحتياجات هذه الدراسة.. وقد تم صياغتها في المراحل الأولى ومع انطلاقة جماعة السينما الفلسطينية العام 2004 في احتفالية مرور 10 سنوات على إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية.

[21] - نفس المرجع السابق.

[22] - نفس المرجع السابق.

[23] - نفس المراجع السابق.

[24] - نفس المرجع السابق.

[25] - تيسير مشارقة: السينما الفلسطينية في الألفية الثالثة(2000ــ2008)، مرجع سابق.

[26] - نفس المرجع السابق.

26- مقالة متوفرة على الموقع/ cinematechhaddad.

[28] - نفس المرجع السابق.

[29] - بيسان عدوان: فلسطين في السينما العربية: 67 عاماً من الاستهلاك المحلي، موقع ايلاف، تاريخ النشر 29 ابريل 2015م.

[30] - فايز غالي، "الانعكاس المباشر وغير المباشر لفلسطين رواية في السينما العربية"، شؤون فلسطينية، بيروت، العدد 45، أيار/ مايو 1975، ص 97-113.

[31] - توفيق صالح، "نشرة نادي السينما"، القاهرة، 1992، ص 212-215.

[32] - كمال رمزي، "فلسطين في السينما المصرية"، البيادر، تونس، عدد 2، ربيع 1990، ص 116-131

[33] - نفس المرجع السابق.

[34] - وليد شميط، "السينما وقضية فلسطين"، شؤون فلسطينية، بيروت، العدد 41/42، كانون الثاني- شباط/ يناير- فبراير، 1975، ص 389-396.

[35] - نفس المرجع السابق.

[36] - سحر منصور، السينما المصرية والقضية الفلسطينية، مجلة رؤية، السنة الثالثة، العدد الخامس والعشرون، تشرين الثاني 2003م.
[37] - نفس المرجع السابق.

[38] - نفس المرجع السابق.

[39] - نفس المرجع السابق.

[40] - وليد شميط، "السينما وقضية فلسطين"، مرجع سابق.

[41] - نفس المرجع السابق.

[42] - فاضل الأسود، "السرد السينمائي (خطابات الحكي- تشكيلات المكان- مراوغات الزمن)"، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 1996، ص 310.

[43] - سحر منصور، السينما المصرية والقضية الفلسطينية، مرجع سابق.

[44] - نفس المرجع السابق.

[45] - نفس المرجع السابق.

[46] - نفس المرجع السابق.

[47] - معاذ الخطيب: القضية الفلسطينية في السينما العربية: المصرية والمغربية، الراصد السينمائي، بتاريخ 24 نوفمبر 2010م، 
 

[48] - نفس المرجع السابق.

[49] - ديما الخطيب: كيف عالجت السينما السورية القضية الفلسطينية، منشورة على موقع تشرين بتاريخ 9/9/2013، 

 

[50] - نفس المرجع السابق.

[51] - نفس المرجع السابق.

[52] - نفس المرجع السابق.

[53] - عماد النويري القدس فى السينما : تاريخ من الصور والحقائق المزوره، دراسة منشورة، موقع الميدان، 
[54] - قاسم حول: السينما الفلسطيني، دار العودة، بيروت، 1979م.

[55] - نفس المرجع السابق.

[56] - عماد النويري، القدس فى السينما : تاريخ من الصور والحقائق المزوره، مرجع سابق.

[57] - السينماالفلسطينية فى الارض المحتلة – سلسلة افاق السينما  عام 1997م.

[58] - عماد النويري القدس فى السينما : تاريخ من الصور والحقائق المزوره، مرجع سابق.

[59] - بشار ابراهيم: مقال، القدس في السينما، مجلة العربي، مايو 2009م.

[60] - عماد النويري: القدس فى السينما : تاريخ من الصور والحقائق المزوره، مرجع سابق.

[61] - محمد رضا: هوليود والعرب، مطبوعات مهرجان السينما العربية الاول، البحرين، 2000م.

[62] - نفس المرجع السابق.

[63] - نفس المرجع السابق.

[64] - عماد النويري: القدس فى السينما : تاريخ من الصور والحقائق المزوره، مرجع سابق.

[65] - نفس المرجع السابق.

[66] - نفس المرجع السابق.

[67] - محمد رضا: هوليود والعرب، مطبوعات مهرجان السينما العربية الاول – البحرين 2000م.

[68] - أحمد رأفت بهجت:اليهود والسينما فى مصر، ابريل، 2005م.

[69] - نفس المرجع السابق.

[70] - نفس المرجع السابق.

[71] - عماد النويري: القدس فى السينما : تاريخ من الصور والحقائق المزوره، مرجع سابق.

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف