وزيرة الثقافة الإسرائيلية و" المريب "
في الأمثال الشهيرة : " يكاد المريب يقول : خذوني ! " ، وقد جسدت ميري ريجيف وزيرة الثقافة الإسرائيلية جوهر هذا المثل الجمعة الماضية في مدينة أسدود الفلسطينية الساحلية حين انسحبت من حفل توزيع جوائز " أوفير" للأفلام والإنتاج السينمائي ؛ احتجاجا على غناء مغني الراب الفلسطيني تامر نفار قصيدة " بطاقة هوية " لمحمود درويش ، وهي آخر قصائد ديوانه الأول " أوراق الزيتون " الذي ظهر في 1964 . ويقول المقطع الذي اعترضت الوزيرة الليكودية على غنائه : " سجل ! برأس الصفحة الأولى :
أنا لا أكره الناس ،
ولا أسطو على أحد ،
ولكني إذا ما جعت آكل لحم مغتصبي ،
حذارِ ، حذارِ من جوعي ومن غضبي ! " .
ريجيف لم ترَ في المقطع سوى " آكل لحم مغتصبي " ،
واعتبرته تهديدا بأكل لحم اليهود مع أنه تعبير مجازي يبين قوة الإصرار على الانتقام ممن سبب جوع الفلسطيني وجوع أولاده باغتصاب أرضه وقمحها وزيتونها ، " لو يذكر الزيتون غارسه لصار الزيت دمعا " مثلما يقول محمود في قصيدة " عن الصمود " من نفس الديوان . ورؤية ريجيف لهذا الجزء فقط من المقطع المغنى يعري شعورها العميق ، وشعور كل المستوطنين اليهود في فلسطين بأنهم اغتصبوا أرض الفلسطينيين ظلما وعدوانا ، وأن كل رواياتهم ودعاياتهم وخطاباتهم لأنفسهم ولغيرهم لم تكفِ لانتزاع هذا الشعور الغائر في أعماقهم . لم تجاهلت الوزيرة قول محمود في ذات المقطع : " أنا لا أكره الناس " بما فيه من براءة وصدق " طفوليين " ، ويقصد كل الناس بمن فيهم اليهود ؟! ولم تجاهلت سلميته وبعده عن العدوانية والأذية في قوله : " ولا أسطو على أحد " ؟! مع إقرارنا بأنه هنا يلمح إلى المستوطنين اليهود الذين سطوا على كل الوجود الفلسطيني . ما من تفسير حقيقي دقيق لكل موقفها من قصيدة درويش سوى شعورها مثل غيرها من الإسرائيليين اليهود بأنهم سرقوا وطن الشعب الفلسطيني . وموقفها في تشدده جزء طبيعي من التشدد الإسرائيلي الكلي نحو كل ما هو حق فلسطيني . بدؤوا روايتهم بإنكار الوجود البشري والحضاري الفلسطيني في فلسطين ، وواصلوا إنكارهم انسجاما مع تلك الرواية حتى اضطرتهم الأحداث في فلسطين ذاتها ، في الضفة وغزة وال 48 19، إلى الاعتراف في تردد ونفور بالحقيقة البشرية الفلسطينية ، ولكنهم لم يجرؤوا حتى الآن على المضي بذلك الاعتراف إلى ما يجب أن ينتهي إليه ، أي الإقرار الرسمي بأن حق الشعب الفلسطيني في فلسطين حق تاريخي وقانوني ، ولا مفر من تجسيده في كيان سياسي كامل ، وأنه لن تنجح أي رواية باطلة مهما تسلحت بحنكة التزوير وبطش القوة في القضاء عليه . وانشغال الإسرائيليين الدائم بشعر محمود درويش وما فيه من إشارات وتلميحات أو توضيحات تخصهم شاهد كبير على وهن قناعتهم بشرعية حقهم في فلسطين . ومشهورة مذكورة الزلزلة التي رجتهم بها قصيدته " عابرون في كلام عابر" في 1988 في الانتفاضة الأولى ، والتي وصفتها "يديعوت أحرونوت " ب " القصيدة التي وحدت الكنيست " ، ودفعت الكاتب الإسرائيلي اليساري الراحل عاموس كينان للقول لمحمود دروش : " لا حوار بيننا إلا بالبندقية ". الواثق من عدالة حقه لا ترعبه قصيدة شعر تنفي هذه العدالة أو تشكك فيها ، وفي مقابل وهن القناعة الإسرائيلية وتزعزعها الذي تظهر تجلياته كل حين ، نرى قوة القناعة الفلسطينية وصلابتها التي لا تتوقف تجلياتها عن الظهور مهما كانت ترديات الواقع الفلسطيني ومساوئه ، وأخطرها غياب قيادة وطنية جامعة للشعب الفلسطيني .
في الأمثال الشهيرة : " يكاد المريب يقول : خذوني ! " ، وقد جسدت ميري ريجيف وزيرة الثقافة الإسرائيلية جوهر هذا المثل الجمعة الماضية في مدينة أسدود الفلسطينية الساحلية حين انسحبت من حفل توزيع جوائز " أوفير" للأفلام والإنتاج السينمائي ؛ احتجاجا على غناء مغني الراب الفلسطيني تامر نفار قصيدة " بطاقة هوية " لمحمود درويش ، وهي آخر قصائد ديوانه الأول " أوراق الزيتون " الذي ظهر في 1964 . ويقول المقطع الذي اعترضت الوزيرة الليكودية على غنائه : " سجل ! برأس الصفحة الأولى :
أنا لا أكره الناس ،
ولا أسطو على أحد ،
ولكني إذا ما جعت آكل لحم مغتصبي ،
حذارِ ، حذارِ من جوعي ومن غضبي ! " .
ريجيف لم ترَ في المقطع سوى " آكل لحم مغتصبي " ،
واعتبرته تهديدا بأكل لحم اليهود مع أنه تعبير مجازي يبين قوة الإصرار على الانتقام ممن سبب جوع الفلسطيني وجوع أولاده باغتصاب أرضه وقمحها وزيتونها ، " لو يذكر الزيتون غارسه لصار الزيت دمعا " مثلما يقول محمود في قصيدة " عن الصمود " من نفس الديوان . ورؤية ريجيف لهذا الجزء فقط من المقطع المغنى يعري شعورها العميق ، وشعور كل المستوطنين اليهود في فلسطين بأنهم اغتصبوا أرض الفلسطينيين ظلما وعدوانا ، وأن كل رواياتهم ودعاياتهم وخطاباتهم لأنفسهم ولغيرهم لم تكفِ لانتزاع هذا الشعور الغائر في أعماقهم . لم تجاهلت الوزيرة قول محمود في ذات المقطع : " أنا لا أكره الناس " بما فيه من براءة وصدق " طفوليين " ، ويقصد كل الناس بمن فيهم اليهود ؟! ولم تجاهلت سلميته وبعده عن العدوانية والأذية في قوله : " ولا أسطو على أحد " ؟! مع إقرارنا بأنه هنا يلمح إلى المستوطنين اليهود الذين سطوا على كل الوجود الفلسطيني . ما من تفسير حقيقي دقيق لكل موقفها من قصيدة درويش سوى شعورها مثل غيرها من الإسرائيليين اليهود بأنهم سرقوا وطن الشعب الفلسطيني . وموقفها في تشدده جزء طبيعي من التشدد الإسرائيلي الكلي نحو كل ما هو حق فلسطيني . بدؤوا روايتهم بإنكار الوجود البشري والحضاري الفلسطيني في فلسطين ، وواصلوا إنكارهم انسجاما مع تلك الرواية حتى اضطرتهم الأحداث في فلسطين ذاتها ، في الضفة وغزة وال 48 19، إلى الاعتراف في تردد ونفور بالحقيقة البشرية الفلسطينية ، ولكنهم لم يجرؤوا حتى الآن على المضي بذلك الاعتراف إلى ما يجب أن ينتهي إليه ، أي الإقرار الرسمي بأن حق الشعب الفلسطيني في فلسطين حق تاريخي وقانوني ، ولا مفر من تجسيده في كيان سياسي كامل ، وأنه لن تنجح أي رواية باطلة مهما تسلحت بحنكة التزوير وبطش القوة في القضاء عليه . وانشغال الإسرائيليين الدائم بشعر محمود درويش وما فيه من إشارات وتلميحات أو توضيحات تخصهم شاهد كبير على وهن قناعتهم بشرعية حقهم في فلسطين . ومشهورة مذكورة الزلزلة التي رجتهم بها قصيدته " عابرون في كلام عابر" في 1988 في الانتفاضة الأولى ، والتي وصفتها "يديعوت أحرونوت " ب " القصيدة التي وحدت الكنيست " ، ودفعت الكاتب الإسرائيلي اليساري الراحل عاموس كينان للقول لمحمود دروش : " لا حوار بيننا إلا بالبندقية ". الواثق من عدالة حقه لا ترعبه قصيدة شعر تنفي هذه العدالة أو تشكك فيها ، وفي مقابل وهن القناعة الإسرائيلية وتزعزعها الذي تظهر تجلياته كل حين ، نرى قوة القناعة الفلسطينية وصلابتها التي لا تتوقف تجلياتها عن الظهور مهما كانت ترديات الواقع الفلسطيني ومساوئه ، وأخطرها غياب قيادة وطنية جامعة للشعب الفلسطيني .