د. أحمد يوسف: فكر ناضج وقلم سيال وتجربة عريقة
د. نبهان سالم أبو جاموس
مستشار قانوني ومحكم دولي ممارس
أستاذ القانون الدولي
ترددت كثيراً في الكتابة عن المفكر الفذ د. أحمد يوسف، فهو شخصية فلسطينية مثيرة للجدل في الوسط الإسلامي والوطني، وهو يوصف بتواضعه الجم وسمته الحسن وقلمه السيَّال، وكذلك بفهمه العميق للسياسة الدولية، ولكن محبة الناس وتقديرهم تبقى هي المدخل الحقيقي النافذ مباشرة إلى لبِّ شخصيته وجوهر أدبه، فهو يعتبر من الجيل الأول المخضرم، الذي عاش بدايات تأسيس الحركة الإسلامية في الستينيات عندما كان شاباً، ثم اكتسب الكثير من تجارب دراسته وعمله في العديد من الدول العربية والغربية، ثم كانت تجربة العمل في الحكومة في قطاع غزة للعديد من السنوات، والذي مكنته من معايشة الإسلاميين في مشهد الحكم والسياسة ضمن السياق المحلي والإقليمي والدولي، فخرج بتجربة ثرية خلقت منه مفكراً سياسياً فذاً لا يشق له غبار، فهو الذي جاب الأرض وتجول في عوالمها كثيراً، وهو من استطاع أن يلمَّ بتجارب الكثير من حركات التحرر الوطني في الوطن العربي والعالم الإسلامي، وكذلك في بعض الدول الغربية.
لقد جاب د. أحمد يوسف الكثير من حواضر الشرق والغرب، وجال في معظم أرجاء المعمورة، حيث التقى بقادة العديد من الدول، والكثير من رؤساء الأحزاب العربية والإسلامية والبرلمانات الأوروبية، بحثاً وإثراءً لتجربته في فهم واستيعاب منظومة العلاقات وخرائط السياسة الدولية، حتى لا يكون حبيس الجدران وعقلية الحصار، التي تحد من مساحات الرؤية وإعمال الفكر والتحليل، وتعطل عملية استيعاب الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية الوطنية والإقليمية والعالمية والوعي بها..
لقد تمكن د. يوسف من تقديم حلولٍ للتساؤلات المطروحة بشأن القضية الفلسطينية، والشأن الفلسطيني المرتبط بالجانب العربي والإسلامي والغربي، ونجح في امتطاء صهوة أمواج السياسة الدولية العاتية التي لا تعرف إلا لغة المصالح، وفهم كيف يخاطب هذا العالم الغربي بلغته وثقافته، ونجح في توصيل ما يهم القضية الفلسطينية بدون تنازل عن قيمه ومبادئه التي تربى عليها، وكان حسه الإسلامي والوطني دائم الحضور في كل خطواته، فقد جمع بين الثقافتين الاسلامية والغربية في عرض آرائه، وكان يتحدث باللغة التي يعرفها العالم الغربي ويستوعبها..
وبهذا العمق الفكري والسياسي، حاور الكثير من قادة ورؤساء الدول والأحزاب العربية والغربية دون أن يتنازل قيد أنملة عن حق شعبنا الفلسطيني في مقاومته المشروعة للاحتلال. ولكنَّ إسرائيل بدعم الغرب لها، استطاعت وعبر ماكينتها الإعلامية الرهيبة أن تقنع العالم بأنها الضحية!! وعجزنا نحن الفلسطينيين – للأسف – أن نثبت للعالم بأننا نحن الضحية، وأن إسرائيل هي السفاح الحقيقي؟!!
إنني أعتبر د. أحمد يوسف من القلائل في المجتمع الفلسطيني الذي يجمع بين الإصالة والمعاصرة في فهمه الصحيح للإسلام ووقعنا المعاش، وقد استطاع أن يدخل على خط المحظورات التنظيمية، والتي يحذر الحوم حولها، كونها تقع في دائرة الخطر، و"ممنوع الاقتراب" منها، كالسلك الكهربائي المكشوف والموصول بالتيار، فمن يلمسه يصاب بصعقة كهربائية قوية؛ إما أن تقتله أو تصيبه بجلطة تشله، ولكنَّ هذا الشخصية استطاعت أن تخوض في تلك القضايا، التي تعتبر من المحظورات أو المحرمات في القضية الفلسطينية، وهي مسائل حساسة ومصيرية يتداولها همساً الكثير من الإخوة على خوف أو تردد، فما أن يقوم بطرحها د. يوسف حتى تطاله الألسنة والأقلام ما بين منتقد أو مؤيد، واتهامات البعض له بأنه يغرد خارج السرب!!
من الواضح أن هذا وذاك لا تتوفر لهم المعلومات أو المعطيات التي يتكلم من خلالها د. يوسف، ولو أنهم راجعوا أنفسهم وفكروا فيما سمعوه من تصريحات، لوجدوا أنهم يغالطون ما أضحى قناعات لهم، والتي هي في كثير من تفاصيلها أقرب لما يتحدث به د. يوسف، ولكنهم – وهذه حقيقة - لا يستطيعون التعبير عنها خشية المحاسبة التنظيمية والعقاب.
وهنا أسجل شهادةَ حقٍ أقولها، بأن الإرث الفكري والثقافي والسياسي الإسلامي الذي يتركه د. يوسف اليوم ستنكب على قراءته الأجيال القادمة، وسيبقى – بلا شكَّ - نوراً يستهدي به الجميع بشأن فهم أفضل للقضية الفلسطينية وكيفية العمل معها، وبالأخص الفكر الإسلامي الواعد، حيث لم يسبق – حسب ظني – أن تناول فلسطيني إسلامي هذه القضايا بمثل هذا النضج الفكري والقلم المستنير، وبهذه القوة والوضوح والجرأة في الطرح والاعتراف بالآخر ضمن ضوابط السياسة الشرعية.
ان د. يوسف سيبقى بهذا المخزون الثقافي والمعرفي مدرسةً فكرية واعدة، وسيكتب لها النجاح والانتشار مستقبلاً.
د. نبهان سالم أبو جاموس
مستشار قانوني ومحكم دولي ممارس
أستاذ القانون الدولي
ترددت كثيراً في الكتابة عن المفكر الفذ د. أحمد يوسف، فهو شخصية فلسطينية مثيرة للجدل في الوسط الإسلامي والوطني، وهو يوصف بتواضعه الجم وسمته الحسن وقلمه السيَّال، وكذلك بفهمه العميق للسياسة الدولية، ولكن محبة الناس وتقديرهم تبقى هي المدخل الحقيقي النافذ مباشرة إلى لبِّ شخصيته وجوهر أدبه، فهو يعتبر من الجيل الأول المخضرم، الذي عاش بدايات تأسيس الحركة الإسلامية في الستينيات عندما كان شاباً، ثم اكتسب الكثير من تجارب دراسته وعمله في العديد من الدول العربية والغربية، ثم كانت تجربة العمل في الحكومة في قطاع غزة للعديد من السنوات، والذي مكنته من معايشة الإسلاميين في مشهد الحكم والسياسة ضمن السياق المحلي والإقليمي والدولي، فخرج بتجربة ثرية خلقت منه مفكراً سياسياً فذاً لا يشق له غبار، فهو الذي جاب الأرض وتجول في عوالمها كثيراً، وهو من استطاع أن يلمَّ بتجارب الكثير من حركات التحرر الوطني في الوطن العربي والعالم الإسلامي، وكذلك في بعض الدول الغربية.
لقد جاب د. أحمد يوسف الكثير من حواضر الشرق والغرب، وجال في معظم أرجاء المعمورة، حيث التقى بقادة العديد من الدول، والكثير من رؤساء الأحزاب العربية والإسلامية والبرلمانات الأوروبية، بحثاً وإثراءً لتجربته في فهم واستيعاب منظومة العلاقات وخرائط السياسة الدولية، حتى لا يكون حبيس الجدران وعقلية الحصار، التي تحد من مساحات الرؤية وإعمال الفكر والتحليل، وتعطل عملية استيعاب الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية الوطنية والإقليمية والعالمية والوعي بها..
لقد تمكن د. يوسف من تقديم حلولٍ للتساؤلات المطروحة بشأن القضية الفلسطينية، والشأن الفلسطيني المرتبط بالجانب العربي والإسلامي والغربي، ونجح في امتطاء صهوة أمواج السياسة الدولية العاتية التي لا تعرف إلا لغة المصالح، وفهم كيف يخاطب هذا العالم الغربي بلغته وثقافته، ونجح في توصيل ما يهم القضية الفلسطينية بدون تنازل عن قيمه ومبادئه التي تربى عليها، وكان حسه الإسلامي والوطني دائم الحضور في كل خطواته، فقد جمع بين الثقافتين الاسلامية والغربية في عرض آرائه، وكان يتحدث باللغة التي يعرفها العالم الغربي ويستوعبها..
وبهذا العمق الفكري والسياسي، حاور الكثير من قادة ورؤساء الدول والأحزاب العربية والغربية دون أن يتنازل قيد أنملة عن حق شعبنا الفلسطيني في مقاومته المشروعة للاحتلال. ولكنَّ إسرائيل بدعم الغرب لها، استطاعت وعبر ماكينتها الإعلامية الرهيبة أن تقنع العالم بأنها الضحية!! وعجزنا نحن الفلسطينيين – للأسف – أن نثبت للعالم بأننا نحن الضحية، وأن إسرائيل هي السفاح الحقيقي؟!!
إنني أعتبر د. أحمد يوسف من القلائل في المجتمع الفلسطيني الذي يجمع بين الإصالة والمعاصرة في فهمه الصحيح للإسلام ووقعنا المعاش، وقد استطاع أن يدخل على خط المحظورات التنظيمية، والتي يحذر الحوم حولها، كونها تقع في دائرة الخطر، و"ممنوع الاقتراب" منها، كالسلك الكهربائي المكشوف والموصول بالتيار، فمن يلمسه يصاب بصعقة كهربائية قوية؛ إما أن تقتله أو تصيبه بجلطة تشله، ولكنَّ هذا الشخصية استطاعت أن تخوض في تلك القضايا، التي تعتبر من المحظورات أو المحرمات في القضية الفلسطينية، وهي مسائل حساسة ومصيرية يتداولها همساً الكثير من الإخوة على خوف أو تردد، فما أن يقوم بطرحها د. يوسف حتى تطاله الألسنة والأقلام ما بين منتقد أو مؤيد، واتهامات البعض له بأنه يغرد خارج السرب!!
من الواضح أن هذا وذاك لا تتوفر لهم المعلومات أو المعطيات التي يتكلم من خلالها د. يوسف، ولو أنهم راجعوا أنفسهم وفكروا فيما سمعوه من تصريحات، لوجدوا أنهم يغالطون ما أضحى قناعات لهم، والتي هي في كثير من تفاصيلها أقرب لما يتحدث به د. يوسف، ولكنهم – وهذه حقيقة - لا يستطيعون التعبير عنها خشية المحاسبة التنظيمية والعقاب.
وهنا أسجل شهادةَ حقٍ أقولها، بأن الإرث الفكري والثقافي والسياسي الإسلامي الذي يتركه د. يوسف اليوم ستنكب على قراءته الأجيال القادمة، وسيبقى – بلا شكَّ - نوراً يستهدي به الجميع بشأن فهم أفضل للقضية الفلسطينية وكيفية العمل معها، وبالأخص الفكر الإسلامي الواعد، حيث لم يسبق – حسب ظني – أن تناول فلسطيني إسلامي هذه القضايا بمثل هذا النضج الفكري والقلم المستنير، وبهذه القوة والوضوح والجرأة في الطرح والاعتراف بالآخر ضمن ضوابط السياسة الشرعية.
ان د. يوسف سيبقى بهذا المخزون الثقافي والمعرفي مدرسةً فكرية واعدة، وسيكتب لها النجاح والانتشار مستقبلاً.