المالنخوليا الفلسطينية
هناك خلل كبير حاصل في الاستحقاقات القانونية والإنسانية والسياسية خلال السنوات الماضية على حساب الشعب الفلسطيني الذي ما زال يتألم ويعيش واقع سياسي وإنساني خانق، ويعود هذا بشكل أساسي إلى سلسلة الجرائم الإسرائيلية التي تأتي في حلقة متواصلة ومبرمجة للنيل من الأرض والشجر والبشر.
فلسطينياً، يُلاحظ أن التوجه العام في تناول القضية الفلسطينية بات يتركز إما على الجانب الحقوقي وتصوير الفلسطينيين كضحايا يتم انتهاك حقوقهم أو على الجانب النفسي وكشف الآثار النفسية الناجمة عن تفاصيل الاحتلال اليومية. وعلى الرغم من أن المقاومة بكافة أشكالها هي حق مكفول للفلسطينيين في القانون الدولي، إلا أن هناك تقصير فلسطيني ليس في انتهاجها فحسب، بل في تسليط الضوء على مداخلها و التي يمارسها كل فلسطيني وكل عائلة فلسطينية ضد السياسات الإسرائيلية وبالأخص الحيوية منها عبر إفشال تفتيت اللحمة الاجتماعية للمجتمع الفلسطيني وتشتيت شملهم عبر تقسيمات : الضفة، غزة، الأراضي المحتلة عام 1948، وغيرها.
يقول هاري أيرسون فوزديك في كتابه ( القدرة على الإنجاز ) : " الذين اعتادوا الرثاء لأنفسهم سيواصلون الرثاء لأنفسهم ولو قاموا على الحرير وتقلبوا في الدمقس.." ومن هنا لم أجد أفضل توصيف من " *المالنخوليا الفلسطينية" للحالة الفلسطينية اليوم. ولكن للأسف لم يتوقف الحال على رثاء النفس فحسب، بل أن البعض استخدموا الألم الفلسطيني ليدر لهم المال، فقاموا بتأسيس "جمعيات رثاء فلسطينية" من أجل منافع شخصية خالصة، وليس من أجل إبراز القضية إعلامياً أو من أجل المصلحة العامة.
لم تُجدي سياسة المالنخوليا الفلسطينية نفعاً، وما زال العالم أصماً أبكماً لا يكترث لما يجري في فلسطين، وأصبحت قصة أعلى شمعة باطون في العالم هي القصة الأكثر إثارة مقارنة بقصة صاحب أطول إضراب عن الطعام في التاريخ !.
لا أقول أننا يجب أن نمتنع عن كشف انتهاكات "إسرائيل" بحقنا، ولكن كفانا رثاءً لأنفسنا بهذه الطريقة المذلة. . . علينا أن نقوم بالتركيز على كل مدخل يتناول المقاومة، فالتركيز على هذه القضية يسهم في نشر ثقافة الثقة بالنفس وبتاريخ هذه الأمة العظيم وبقدراتها الذاتية.
لنستر عورة البكاء في عيوننا ، ونعمل سوياً من أجل تأسيس حسّ أكاديمي ، يقوم بربط النتاج النضالي والوطني الخاص بنا كفلسطينيين بالإستراتيجية الوطنية وذلك من أجل رسم مسار وطني سليم يخدم المشروع الوطني الفلسطيني برمته.
أجيال بأكملها مهددة بالإصابة بمرض المالنخوليا الفلسطينية، لن يكون علاجها سوى بحقن الثقافة الوطنية في دمائها. إن أعظم مصدر طاقة حالياً هي الإيمان المطلق والراسخ والأصيل بقضيتنا والتمسك بالعقيدة التي تقوم على ثقافة المقاومة والثوابت الوطنية الواضحة، فهذه الثقافة هي الدواء المضاد لفيروس المالنخوليا.
يجب أن نُقنع أنفسنا أولاً أننا الأقوى، فنحن أصحاب الحق، وحينما نقوم بفرض موقف موحّد ووحيد وواضح، ستدرك "إسرائيل" في النهاية أنها لن تحقق أهدافها بالقوة الغاشمة في فلسطين، وحينها فقط ستنتصر فلسطين.
نمتلك قضية عادلة بامتياز، لذا علينا إبرازها بامتياز وبالشكل الذي تستحقه. . فلنكافح من أجل فلسطيننا بإتباع منهج التفكير الوطني السليم. . فلسطين ستنتصر عندما يكون لها رابطة إنقاذ حقيقة وليس رابطة شحادين مُنتحبين!.
فادي قدري أبو بكر
[email protected]
* المالنخوليا: مرض تطغى فيه الكآبة على نفسية المريض فتتملكه الأفكار السوداء ويستولي عليه اليأس.
هناك خلل كبير حاصل في الاستحقاقات القانونية والإنسانية والسياسية خلال السنوات الماضية على حساب الشعب الفلسطيني الذي ما زال يتألم ويعيش واقع سياسي وإنساني خانق، ويعود هذا بشكل أساسي إلى سلسلة الجرائم الإسرائيلية التي تأتي في حلقة متواصلة ومبرمجة للنيل من الأرض والشجر والبشر.
فلسطينياً، يُلاحظ أن التوجه العام في تناول القضية الفلسطينية بات يتركز إما على الجانب الحقوقي وتصوير الفلسطينيين كضحايا يتم انتهاك حقوقهم أو على الجانب النفسي وكشف الآثار النفسية الناجمة عن تفاصيل الاحتلال اليومية. وعلى الرغم من أن المقاومة بكافة أشكالها هي حق مكفول للفلسطينيين في القانون الدولي، إلا أن هناك تقصير فلسطيني ليس في انتهاجها فحسب، بل في تسليط الضوء على مداخلها و التي يمارسها كل فلسطيني وكل عائلة فلسطينية ضد السياسات الإسرائيلية وبالأخص الحيوية منها عبر إفشال تفتيت اللحمة الاجتماعية للمجتمع الفلسطيني وتشتيت شملهم عبر تقسيمات : الضفة، غزة، الأراضي المحتلة عام 1948، وغيرها.
يقول هاري أيرسون فوزديك في كتابه ( القدرة على الإنجاز ) : " الذين اعتادوا الرثاء لأنفسهم سيواصلون الرثاء لأنفسهم ولو قاموا على الحرير وتقلبوا في الدمقس.." ومن هنا لم أجد أفضل توصيف من " *المالنخوليا الفلسطينية" للحالة الفلسطينية اليوم. ولكن للأسف لم يتوقف الحال على رثاء النفس فحسب، بل أن البعض استخدموا الألم الفلسطيني ليدر لهم المال، فقاموا بتأسيس "جمعيات رثاء فلسطينية" من أجل منافع شخصية خالصة، وليس من أجل إبراز القضية إعلامياً أو من أجل المصلحة العامة.
لم تُجدي سياسة المالنخوليا الفلسطينية نفعاً، وما زال العالم أصماً أبكماً لا يكترث لما يجري في فلسطين، وأصبحت قصة أعلى شمعة باطون في العالم هي القصة الأكثر إثارة مقارنة بقصة صاحب أطول إضراب عن الطعام في التاريخ !.
لا أقول أننا يجب أن نمتنع عن كشف انتهاكات "إسرائيل" بحقنا، ولكن كفانا رثاءً لأنفسنا بهذه الطريقة المذلة. . . علينا أن نقوم بالتركيز على كل مدخل يتناول المقاومة، فالتركيز على هذه القضية يسهم في نشر ثقافة الثقة بالنفس وبتاريخ هذه الأمة العظيم وبقدراتها الذاتية.
لنستر عورة البكاء في عيوننا ، ونعمل سوياً من أجل تأسيس حسّ أكاديمي ، يقوم بربط النتاج النضالي والوطني الخاص بنا كفلسطينيين بالإستراتيجية الوطنية وذلك من أجل رسم مسار وطني سليم يخدم المشروع الوطني الفلسطيني برمته.
أجيال بأكملها مهددة بالإصابة بمرض المالنخوليا الفلسطينية، لن يكون علاجها سوى بحقن الثقافة الوطنية في دمائها. إن أعظم مصدر طاقة حالياً هي الإيمان المطلق والراسخ والأصيل بقضيتنا والتمسك بالعقيدة التي تقوم على ثقافة المقاومة والثوابت الوطنية الواضحة، فهذه الثقافة هي الدواء المضاد لفيروس المالنخوليا.
يجب أن نُقنع أنفسنا أولاً أننا الأقوى، فنحن أصحاب الحق، وحينما نقوم بفرض موقف موحّد ووحيد وواضح، ستدرك "إسرائيل" في النهاية أنها لن تحقق أهدافها بالقوة الغاشمة في فلسطين، وحينها فقط ستنتصر فلسطين.
نمتلك قضية عادلة بامتياز، لذا علينا إبرازها بامتياز وبالشكل الذي تستحقه. . فلنكافح من أجل فلسطيننا بإتباع منهج التفكير الوطني السليم. . فلسطين ستنتصر عندما يكون لها رابطة إنقاذ حقيقة وليس رابطة شحادين مُنتحبين!.
فادي قدري أبو بكر
[email protected]
* المالنخوليا: مرض تطغى فيه الكآبة على نفسية المريض فتتملكه الأفكار السوداء ويستولي عليه اليأس.