شرح الوضع الليبي الآن بقلم: سامح عسكر

بمناسبة ما يحدث في ليبيا الآن وسيطرة قوات حفترعلى الهلال النفطي..

هذا شرح للأحداث والواقع السياسي

أولا: ليبيا الآن مقسومة (عسكريا) إلى دولتين، الأولى في بني غازي في الشرق ويتزعمها المشير .."خليفة حفتر".. لكن كقائد عسكري وليس سياسي، وبرلمانها في طبرق غير معترف به دوليا، الثانية في الغرب والوسط ومقرها في طرابلس ويتزعمها الإخوان.

لكن مؤخرا حصل اتفاق في الصخيرات بالمغرب نتج عنه حكومة وفاق وتشكيل مجلس رئاسي بقيادة .."فايز السراج"..وأخذ موافقة المجتمع الدولي ومجلس الأمن وأصبح هو الممثل الوحيد للشعب الليبي..

أما داعش فهي مسيطرة على بعض المناطق والأحياء لكن فقدت مفهوم الدولة بعد دخول قوات الحكومة إلى مدينة سرت..

ثانيا: قام جيش حفتر (وموقعه في بني غازي) بالهجوم على موانئ.."السدرة ورأي لانوف والزويتينة"..وهي ثلاث موانئ تعرف (بالهلال النفطي) وكان التصدير فيها موقوف من سنين بقرار من .."ابراهيم الجضران"..وهو زعيم ميليشيا سيطرت على الهلال منذ سنوات..

ثالثاً: المصريين متعاطفين مع حفتر باعتباره (حامي البوابة الغربية) لمصر من داعش والإخوان، أو من حكومة الوفاق والمجلس الرئاسي الليبي المعترف به دوليا، يعني عمليا مصر بتدعم المعارضة المسلحة في ليبيا على حساب حكومة الوفاق..

رابعا: المصريين مش عارفين إن حفتر والجضران كانوا حلفاء في الماضي ضد ميلشيا (فجر ليبيا ) أو عملية ( الشروق) اللي شكلتها الإخوان في طرابلس ومصراته، يعني المسلحين اللي كانوا ماسكين الهلال النفطي ماكانوش إرهابيين..

خامسا: سبب تحالف الجضران مع حفتر إن الإخوان كانوا عاوزين يسيطروا على الهلال النفطي وبعثوا بالفعل جيش استطاع الجضران مع حفتر صده في النهاية..

سادسا: كان فيه قرار دولي ببدء تصدير النفط الليبي عن طريق حكومة الوفاق، وبالتالي على الجضران إنه يسلم الهلال النفطي للحكومة..فاستبق الجضران القرار بإعلان ولاءه لحكومة الوفاق، وبالتالي أـصبح من حق طرابلس والمجلس الرئاسي إدارة الموانئ النفطية وبالتالي الاستفادة من عائدات البترول..

في العرف السياسي إن اللي عمله الجضران هو انشقاق على حفتر وانتهى إلى شتائم واتهامات متبادلة

سابعا: حصل اتفاق بين حفتر والجضران انتهى بسيطرة جيش حفتر على الموانئ الليبية الثلاث، وغالبا مصر والإمارات هم من رعوا هذا الاتفاق، وأكبر دليل إن معركة ما تسمى.."السيطرة على الهلال النفطي"..لم يسقط فيها ضحايا، بل سميت (البرق الخاطف) حسب تعبير أنصار حفتر..

ثامنا: أدانت أمريكا والاتحاد الأوروبي سيطرة حفتر على الهلال النفطي، والسبب إنها لا تعترف به كممثل للشعب الليبي بل بحكومة فايز السراج، وطالبت فورا بنقل السيادة على الموانئ للدولة ممثل في قوات المجلس الرئاسي..

تاسعا: الإعلام المصري والإماراتي فسر ما يحدث على إنه مؤامرة على ليبيا وجيشها، وإن أمريكا وأوروبا عاوزين يسرقوا البترول، وهي إن كانت وجهة النظر دي فيها بعض الصحة، إلا إن فيها مغالطات، لأن تصدير البترول هيكون بحكومة الوفاق-مش بحكومة أجنبية- يعني عائداتها كلها رايحة للشعب الليبي بمن فيهم أنصار حفتر..

عاشرا: سبب هجوم حفتر (أو الاتفاق مع الجضران) بمعنى أدق قرار تسليم تصدير البترول اتخذ فعلا، وبالتالي لو سيطر حفتر على الهلال وبعدين سلمه للحكومة هايظهر بمظهر (البطل) والمعترف كمان بالشرعية..

وفي تقديري إن الهجوم –أو الاتفاق-على الهلال النفطي تم بموافقة بعض الأطراف في حكومة الوفاق، والسبب ربما ترضية داخلية تمهد لتوافق حقيقي وعدم صراع على النفط..

حادي عشر: فعلا سلّم حفتر الموانئ لقوات حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، وما كانش يقدر يعمل غير كدا لأن أمريكا والاتحاد الأوروبي –خصوصا إيطاليا- حذروه من تبعات ما يحدث، يعني كان ممكن تحصل ضربة عسكرية لقوات حفتر وإجباره على تسليم الموانئ بالقوة..

وفي الفقه السياسي إن القوة المسيطرة عسكريا على مناطق ثروات تصبح هي صاحبة النصيب الأكبر من العائد، يعني العملية كلها مقصود بيها (حصة أكبر) لإقليم برقة وبني غازي بقيادة حفتر من عائدات البترول، والموضوع مالوش علاقة بالتحرير لأن ليبيا انقسمت فعليا إلى قوتين متكافئتين..

وبالمناسبة هذه اللعبة السياسية قد تؤدي لتعطيل تصدير النفط مرة أخرى وعدم إمساك الحكومة بزمام الموقف، وبالتالي مفيش عائدات بترول وهاتستمر الأزمة..

ثاني عشر: المصريين ما يعرفوش إن حفتر انسحب من الموانئ النهاردة، وطبعا الإعلام المصري المضلل ساهم في خداع المصريين بحقيقة الأوضاع في ليبيا على الأرض..وصورا ما يحدث إن حفتر انتصر على الإخوان..بينما معركته بالأصل كانت مع حليفه السابق..والاتنين خصوم للإسلام السياسي..

وأنا أتحدى أي إعلامي إنه يقول للمصريين إن حفتر سلّم الموانئ للحكومة اليوم، ويشرح لهم ما هي هذه الحكومة وبتعمل لحساب مين، وان هي نفس الحكومة اللي كان بيواليها ابراهيم الجضران، يعني الموضوع ليس إلا تبديل أدوار ومصالح نفطية..

ثالث عشر: السعودية ليست لها أي دور في ليبيا الآن خصوصا بعد وقوعها في مستنقعي اليمن وسوريا، ففضلت الانسحاب من ليبيا وحل محلها الإمارات وقطر..يعني ما تقدرش تقول إن فيه ممثل لمصالح السعودية هناك..

رابع عشر: الرعاة الإقليميين لأطراف الصراع في ليبيا أربعة.."مصر والإمارات"..مع حفتر، "..تركيا وقطر"..مع حكومة الوفاق..وبالأخص ميليشيات فجر ليبيا (الإخوانية) والشروق المسيطرة عسكريا على طرابلس ومصراتة..ومؤخرا دخلوا سرت..

خامس عشر: يعني عمليا ليبيا هي ساحة صراع عربي وأيدلوجي منذ سنوات، لكن بعد تشكيل حكومة الوفاق وتدويل أزمتها في الأمم المتحدة أصبح الاتحاد الأوروبي –خصوصا إيطاليا وفرنسا- لهم دور فاعل على الأرض،ـ وأنباء إن إيطاليا هترسل 200 جندي إلى مصراتة عن قريب..

سادس عشر وأخير: ليبيا دلوقتي فيها برلمانين في طبرق وطرابلس، وجيشين في بني غازي وطرابلس، وكل واحد بيسمي قواته (الجيش الليبي) لكن بعد اتفاق الصخيرات في المغرب أصبحت فيه حكومة وحدة مدعومة (دعم مطلق) من الغرب وروسيا، يعني أي لعب لمصر في ليبيا خلاف مصلحة حكومة الوفاق قد يؤدي لردود فعل انتقامية، لذلك مصر فتحت قوات اتصال مع فايز السراج، وبتقابله ودا كويس..لكن الإعلام المصري قد يحشد الرأي العام لإشعال ليبيا من جديد..والعلم إن حفتر هناك (مش قوي) للدرجة المتخيلة، حتى الآن داعش تسيطر على أحياء في بني غازي معقل حفتر، إضافة لسيطرتها على مدينة درنة في الشرق أيضا، ودا له دلالات يفهما أي عسكري..