الأخبار
سيناتور أمريكي: المشاركون بمنع وصول المساعدات لغزة ينتهكون القانون الدوليالدفاع المدني بغزة: الاحتلال ينسف منازل سكنية بمحيط مستشفى الشفاء38 شهيداً في عدوان إسرائيلي على حلب بسورياالاحتلال الإسرائيلي يغتال نائب قائد الوحدة الصاروخية في حزب الله17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

في زمن الهذيان المستبد بقلم: محمد البشري

تاريخ النشر : 2016-09-25
في زمن الهذيان المستبد بقلم: محمد البشري
في زمن الهذيان المستبد

بقلم: محمد البشري.. ليبيا

قارِئي العزيز.. أرجو أن تكون في أحسن حال من هذا الهذيان, وأن لا تكون بك سعارات هذه الفوضى، وإلا سأقلق بشأن ما ستفهمه -الآن- من كلامي. دعني أشترط عليك بعض الشروط لتفهم المطلوب، فأنا أودّ لو كان عقلك القادر على التحكم والمبادرة في جعل عاطفتك تنصاع للمنطق، وإلا فلن يجدي حديثي نفعا.

ما رأيك بأن يكون حديثنا في مسرحٍ يعرض مسرحية مملة، ولكنها قد تساعدنا على تذكر حزمة ضخمة من الهذيان المتمرّد دون توقف، الهذيان الذي لطخ العديد ممن لا نعهدهم يوما سيصابون به، لأني قد اعتدت شعراء أو ساسة أو نخبة ورقية تصاب بالهذيان، ولكن ما أن يسدل الستار أمامنا حتى يبدأ المشهد المعتاد.

آه!.. نسيت.. علينا أن نُحضّر بعض الأشياء التي تسلّي أحاديثنا المملة المبكية من الضحك. ستجد في الفصل الأول - ولعل كل الفصول متشابهة - ستجد طوابير طويلة من الشعوب، صوتها عالٍ في الحديث عن إشراقة الأمل، وأنهم سادة الكون لا الكوكب فقط، وهذا لن يدوم، فقريبا ستصل أرغفة الخبز إلى المصطفين أمام المخابز، وسيصل المال إلى صفوف المصارف، والغاز أيضا سيصل، وسيصل الغسيل من خلف الصفوف، وفي فصل آخر نفس الممثلين ستسمع نواحهم وصرخاتهم بأنهم أسوء البشر، وأقل مرتبة من أن يعيشوا القدر بكامل خياراته العظيمة. ولكن لا تقلق، إن كل هذا سينتهي في حضور الخبز مجددا.

الفصل الثاني سيبدأ، وأغلب الجمهور نائم، أو يفكر في النوم، ولن تجد من يرغب بالمغادرة، فالكل مجبرون على الحضور في هذا الفصل، حيث الجميع يشتم المسؤول والسياسي، لأن الكل لم يقبضوا ثمن تصويتهم له، لا مال ولا جاه ولا صلة قرابة ولا قبيلة تجمعهم به.

على ذكر القبيلة؛ هنا الهذيان الحقيقي الذي يبدأ فيه تفسير الأمور من القلب لا من العقل، وهنا نحرق كل خلايا المنطق في عقولنا ومعها مواقفنا وصراخنا في تلك الطوابير. يبدو أنني سأنام لأنني أعلم باقي الفصل والفصول الأخرى، بل أحفظ أوقات الضحك فيها، وكل حرف سيقال، وإن جد جديد فلن يكون بالكثير.

دعني قارئي العزيز آخذ بيدك إلى آخر القاعة، بما أننا مجبرون على حضور هذه المسرحية المملة المقززة، على الأقل ندعي الحضور ونستطيع رفع صوت عقولنا عاليا. بربك ما هذا الانفصام القاتل؟ ما هذا التناقض الصارخ؟ ما هذا التشتت المرهق في أفكارنا وعقائدنا ورغباتنا وميولنا؟ ما هذا بربكم!..

فنحن نكره أمريكا ونكره الأوروبيين لأنهم عرابيد خمر وأصحاب فحش ولواطه ومغرمون بالدعارة!. أليست تفاجئنا الأخبار معلنة أن شيخا (في مظهره) يرتكب فاحشة اللواط!.. ألسنا من ندل على من يتقي الله في صنع الخمر ولا يغشنا فيه! (1). ألسنا لا نستطيع في مخيلتنا تصوّر رجال الساسة إلا بحنان الحنونات!. أليس في رموزنا السياسيين ما يبعث على الخزي والعار والفضيحة!. أخبرني من مع من، ومن على من!. أخبرني من نحن عنهم، إنه لأمر مخيفُ حقا، هذا القناع المحمول خلف الظهور. بربك تعال أشكوك الصور و‘‘متصوريها’’، أرني هاتفك المحمول، هل تضع صورة والدك، هل تضع صورة قدوة لك، أم تضع صورة سياسي أو فنان يكرهك، أيها العربي؟ أم ماذا؟!.

نتحد في انقطاع الكهرباء، ونتحد في انقطاع الماء وغلاء الأسعار، وفي الانتقاد والسب والشتيمة، ولكننا أيضا نتفرق عند نظافة الشارع وعبور إشارات المرور الحمراء واحترام الطبيبة، وتقديس الأشخاص الخاطئين.  ألسنا نتحد في العلم واحترام العلماء، ما بنا إذا نجمع جثث المفكرين والكتٌاب من مياه الصرف الصحي؟ إذا كنا نحب الدين!. فلماذا نكثر الطعن والترهيب بدلا من الترغيب؟ وإذا كنا نعلم أن الغرب يكذب علينا فمتى نصدق أننا صدقنا الكذبة بدل المرة مرتين، وابتلعنا حبة المباشر (2) بدل المائة مرة، ألف.

ما بنا وقد ساء حالنا، ويزداد سوءا ولازلنا نقرأ في سجلات مخابراتنا نفس التقرير؛ تخابروا علينا أخوة عرب، والأمر يا سيدي كله خطأ، وأعدك أن لا يتكرر، وأن هذه المؤامرة مجددا لن تُدبر، في زمن الهذيان المستبد المتسارع كالسرطان في انتشاره. وكلما أردت أن تضربه أصاب طبقة جديدة في المجتمع.

ما بالنا نربي أجيالنا على التصفيق يوم يترشح المرشحون، ونربيهم على سبّه وشتمه، وندم حظهم يوم يسرقهم هؤلاء اللصوص القوّادين الخائنين البائعين لضميرهم ووطنهم. أينفع الضرب في الميت أو ينفع  بكاءٌ أو نحيبٌ على موتى يمشون أمام أضواء المحطات التلفزيونية!. أتصدق أن هذا الهذيان لا يأخذ حتى سنوات كثيرة ليصبح مرضا في مرحلته الخطيرة!، أتعلم بأننا في زمن الأرشيف و‘‘الدي في دي’’ في زمن قد يشاهدك الملايين، وتجد المزيد من المرضى وكنا نتوقع أن التقنية الحديثة ستقلل من أعراض الكثير منهم، فيحدث العكس، يخرجون هذا اليوم على التلفاز مهللين منتصرين فرحين يعدوننا بالكثير، ولا يمضي الوقت ونجدهم في الأسبوع القادم عبوسين معتذرين يرضخوننا للقليل من الكثير الكثير. أحقاً هؤلاء مرضى، أم أن لديهم متلازمة التنفيذ الورقي والاجتماع الفوقي والانهاء الشفهي:

‘‘حاضر سيدي، نحن في زمننا قد اقتلعنا الخيار من الحديقة وقتلنا كل من يأكله’’.

أو:

‘‘حطمنا حناجرهم بما يأكلون، في حين العنب الأسود القارص المستورد من بلاد الفقر والجهل، يقتل الحديقة التي حرمها نور الشمس وحرمها من الماء وأذاب البطيخ الأحمر أمام الجميع ونحن نسقيه الماء من هنا، ولا نستطيع أن نوقف الماء من هناك، ولازلنا نلعن الخيار وآكليه، ونغض الطرف عن العناقيد السوداء’’.

أسائلكم للمرة المائة بعد الألف بربكم:

أرأيتم مثل هذا الحجم من الانفصام؟ انفصام المنطق وتحكم العاطفة في زمن التفتت الجائز لأجل كسب لقمة العيش!. إذا أردت أن تفكر الآن، فكر وبصوت عالٍ عن هذه الأشياء، كيف؟ ولماذا؟ وإلى متى؟.

تعالى يا صديقي قبل أن تنتهي المسرحية، وينتبه من يختبئون في ظلمات المسرح إلينا وإلى حديثنا،  فهم لا يهتمون بمن ينام كثيرا. تعال أخبرك بأنك إذا ما آمنت بالتغيير أو رفضت في شرعك وفي شرع دينك، تعال أخبرك إذا ما كنت تنتقد وطنك أو نفسك أو الآخرين، تعال نتفق أننا في زمن مريب.

لولا كل هذه الحوادث في تاريخ الوطن التي قدرها المولى لما اكتشفنا المزيد من هؤلاء المجانين المعتوهون في صورة الصخرة الجلمود.

تعالى نتفق أخيرا أننا في زمن اللاحياء من أفعالهم، طالما يبتغون بها رضوان جيوبهم ورضا عشيقاتهم، ويبقى السؤال:  

متى نشاهد مسرحية جديدة خالية من هؤلاء الممثلين المملين.

(1): ظاهرة انتشرت عبر صفحات التواصل الاجتماعي، بعد أن تم دس السم في الخمر، ما تسبب في تسمم شاربيه ووفاة أكثرهم..

(2): التدليس الإعلامي الذين تسبب في غزو العراق وتدمير دول.  
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف