مغترب في موطنه
بقلم: فاطمة فحيل بوم.. ليبيا
في بلدي أصبح الجميع مغترب في موطنه. أصبح الجميع يخاف العيش في هذا البلد، البلد الذي نرتمي في أحضانه كما يرتمي الرضيع في حضن أمه. الجميع في موطني يخاف المستقبل الذي ينتظره هنا، المستقبل الذي مات قبل أن يولد.
أحدهم يخاف، فتتمرد أفكاره الجنونية على عقله الناضج، ليلجأ بها للهروب إلى بلدٍ آخر، إن كان بطريقة قانونية -إذا سمحت له الظروف- أو بهجرة غير شرعية، وليس في باله من أفكار إلا الخروج من هذا الوطن التائه، الذي يلملم أنفاسه ويومه كمغترب فيه. يرمي بكل شيء خلف ظهره، ويضرب به عرض الحائط، ليركب ذلك القارب الذي يظن تفكيره أنه زورق النجاة نحو حياة مستقبلية جميلة.
يعرّض حياته للخطر، يشق أمواج البحر العاتية بقلبه قبل قاربه، تهف عليه نسمات الليل ببردٍ قارس، يرتعد قلبه من هول المشهد.. ماذا لو مِت الآن؟!
يستقر المركب قليلاً، يصل إلى منتصف البحر، أظن أن الإجابة غير نافعة الآن.
أمواج تأتي كبيرة، رياح تثلج قلبه أكثر، قارب صغير يضمه، ماذا لو انقلب وبات وجبة عشاء لحوت قرش؟!..
بعد نهار طويل مات خلاله قلبه ألف مرة، ليعود مثلها متشبتا بالحياة، لاح له شاطئ بلد آخر، بلد لا يعرف أحداً فيه سوى نفسه. بلد لا يتكلم لغة سكانه، أو بالأحرى لا يفهمها أيضاً. بلد لا يملك فيه سوى قلبه الذي أتى به إلى هناك.
أخذ يرمق الشاطئ وهو يقترب، ويلحظ غروب الشمس؛ فهل ستغرب من حياته للأبد.. أم أنها ستخرج من الجهة المقابلة مبشرة بأمل يوم جديد؟!.
يتأمل البلاد على مد بصره، يا ترى.. هل القرار صائب ليبدأ حياة جديدة، وأن القارب الذي سلك به طريق المشقة والعذاب هو حقاً قارب النجاة.. أم عبر به طريق التهلكة!؟..
الأيام كفيلة بالإجابة على كل التساؤلات.
بقلم: فاطمة فحيل بوم.. ليبيا
في بلدي أصبح الجميع مغترب في موطنه. أصبح الجميع يخاف العيش في هذا البلد، البلد الذي نرتمي في أحضانه كما يرتمي الرضيع في حضن أمه. الجميع في موطني يخاف المستقبل الذي ينتظره هنا، المستقبل الذي مات قبل أن يولد.
أحدهم يخاف، فتتمرد أفكاره الجنونية على عقله الناضج، ليلجأ بها للهروب إلى بلدٍ آخر، إن كان بطريقة قانونية -إذا سمحت له الظروف- أو بهجرة غير شرعية، وليس في باله من أفكار إلا الخروج من هذا الوطن التائه، الذي يلملم أنفاسه ويومه كمغترب فيه. يرمي بكل شيء خلف ظهره، ويضرب به عرض الحائط، ليركب ذلك القارب الذي يظن تفكيره أنه زورق النجاة نحو حياة مستقبلية جميلة.
يعرّض حياته للخطر، يشق أمواج البحر العاتية بقلبه قبل قاربه، تهف عليه نسمات الليل ببردٍ قارس، يرتعد قلبه من هول المشهد.. ماذا لو مِت الآن؟!
يستقر المركب قليلاً، يصل إلى منتصف البحر، أظن أن الإجابة غير نافعة الآن.
أمواج تأتي كبيرة، رياح تثلج قلبه أكثر، قارب صغير يضمه، ماذا لو انقلب وبات وجبة عشاء لحوت قرش؟!..
بعد نهار طويل مات خلاله قلبه ألف مرة، ليعود مثلها متشبتا بالحياة، لاح له شاطئ بلد آخر، بلد لا يعرف أحداً فيه سوى نفسه. بلد لا يتكلم لغة سكانه، أو بالأحرى لا يفهمها أيضاً. بلد لا يملك فيه سوى قلبه الذي أتى به إلى هناك.
أخذ يرمق الشاطئ وهو يقترب، ويلحظ غروب الشمس؛ فهل ستغرب من حياته للأبد.. أم أنها ستخرج من الجهة المقابلة مبشرة بأمل يوم جديد؟!.
يتأمل البلاد على مد بصره، يا ترى.. هل القرار صائب ليبدأ حياة جديدة، وأن القارب الذي سلك به طريق المشقة والعذاب هو حقاً قارب النجاة.. أم عبر به طريق التهلكة!؟..
الأيام كفيلة بالإجابة على كل التساؤلات.