الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

فتاه من مدريد - بقلم م . نواف الحاج علي

تاريخ النشر : 2016-09-24
فتاه من مدريد - بقلم م . نواف الحاج علي
كانت تسير أمامي مسرعة نحو سلم الطائره - طول فارع وشعر طويل فاحم يتدلى خلف ظهرها حتى يجاوز خصرها - لقد كانت مثلي تماما متأخره عن موعد الاقلاع ، أخذنا مقاعدنا داخل الطائره – أخرجت من جيبي كتيبا باللغة العربيه وأخذت أتصفح ما فيه ---
وجهت نظرها نحوي ولعلها كانت مثلي تداري توتر الأعصاب الذي أصابها نتيجة التأخر عن موعد الطائره - وسألتني بعد أن رأت الكتابه العربيه -:
هل أنت عربي ؟
أجبتها باللغة الاسبانيه ( سي سنيوريتا )
انطلقت بالحديث معي باندفاع باللغة الاسبانيه – فقلت بسرعه توقفي- توقفي- فأنا لا أعرف من اللغة الاسبانيه الا بضع كلمات تعلمتهما من زوجتي –
وهل زوجتك اسبانيه - ؟
لا ولكن حماتي اسبانيه ، كما ان زوجتي تلقت تعليمها في مدرسة الاسبانيول بالقدس .
هي : اذن أنت فلسطيني ؟
نعم أنا فلسطيني – وماذا تعرفين عن فلسطين ؟
هي : ان صديقي في الجامعه فلسطيني –
أنا : اذن لا داعي لأشرح لك عن فلسطين فلا بد أن صديقك قد شرح لك ما فيه الكفايه – لكن ماذا تدرسين ؟
هي : في كلية علم النفس بجامعة مدريد واسمي " ريمي " ومعناها ( نسيت بالضبط - لعلها قالت شئ يتعلق بأدوات الخياطه )
أنا: اسمي نواف
هي : وما معنى نواف ؟
أنا : لم افكر في معناها سابقا لكني أظن أن معناها شئ مرتفع أو متفوق لا أدري بالضبط -
هي : وهل هذه هي المرة الأولى التي تزور فيها اسبانيا ؟
أنا : نعم – لقد مكثت في مدريد بضعة أيام فقط
هي : وماذا زرت في مدريد ؟
أنا : ان الزائر لمدريد كما أظن لابد أن يشاهد عرض رقصة الفلامنكو ومصارعة الثيران ، وهذا ما فعلت -- ( كانت لغتها الانجليزيه ضعيفه جدا - بالكاد تكاد تفهم ما أقول ولم تفهم معنى مصارعة الثيران حتى رسمت لها ثورا على ورقه ) .
هي : فهمت الآن ولكني أكره هذه الرياضه الوحشيه --- لماذا أنت ذاهب الى فلنسيا ؟
أنا : لزيارة بعض الأصدقاء وسأعود بعد ثلاثة أيام الى مدريد .
هي : أنا ذاهبة لأرسل بعض المطبوعات وسأعود غدا وهذه المرة الأولى التي ازور فيها فلنسيا ---- اني أريد ان اقترح عليك شيئا – ما رأيك لو أخذتك عند عودتك في جولة لأطلعك على معالم مدريد الأساسيه ؟؟؟؟؟؟
أنا : ومن يرفض مثل هذا العرض -سنيوريتا -------؟؟
هي : اذن هذا رقم هاتفي ، وعند عودتك اتصل بي لنحدد مكان وموعد اللقاء ---
اخذت الطائرة بالهبوط التدريجي وذهب كل في طريقه ----
كان ذلك في أوائل ثمانينات القرن الماضي وقد سافرت في زيارة عمل الى مدريد ثم قررت زيارة صديقين لي في فلنسيا -
اتصلت بالفتاه بعد عودتي لمدريد وحددنا اللقاء في الساعة الثانيه بعد الظهر ، على أن أنتظرها على الرصيف أمام فندق البرنسيسا الذي كنت أنزل فيه ---
انتظرت على الموعد فلم تحضر ، وقلت لعلها خدعتني – انتظرت عشر دقائق اضافيه ثم هممت بالمغادره ، واذا بها تنزل من سيارة تكسي ، وتتجه نحوي بالاعتذار وتسلم علي بالسلام الاسباني الذي اخذوه عن العرب وهو تقبيل الوجنات – وكأنها تعرفني منذ زمن طويل ----
أمسكت بيدي وأخذت تطوف بي في شوارع مدريد ، وكلما مررنا عن دوار او شارع أو معلم هام تشرح لي عنه بعض المعلومات --- هذا القصر الملكي --- وهذا تمثال الكاتب الشهير " سيرفينتس " الذي كتب الرواية الشهيره -- طواحين الهواء ------- وهذا شارع كذا - وهذا وهذا --- حتى أصابنا التعب – عرجنا على مقهى صغير وشربنا عصير الليمون – فأخرجت النقود وهمت أن تدفع ثمن العصير ، فقلت لها ان من العيب عندنا أن تدفع الفتاة عن الشاب ، وأخرجت محفظتي من جيبي فقالت -- حينما تكون في اسبانيا فيجب أن تفعل ما يفعله الاسبان --- وتحت اصراري دفعت هي ثمن العصير ، والتقطت من محفظتي والتي كانت بيدي قطعة نقدية صغيره وناولتها للنادل (الجرسون ) ---
أرادت العوده وكان يدور في رأسي سؤال محير ؟ لماذا تحملت هذه الفتاه كل هذا العناء ؟؟؟؟ قلت لها سأدفع لك أجرة التكسي لاختبر ان كان هدفها المال -- فقالت انها تسكن في شارع المطار ، وسوف تعود في قطار الانفاق وأجرته ضئيله ، ورفضت رفضا قاطعا ؟؟؟؟؟
ازدادت حيرتي ؟؟ لا بد أن أعرف لم قامت الفتاه بتقديم هذه الخدمة كدليلة سياحيه وبالمجان لشاب لا تعرفه ، فوجهت لها السؤال مباشرة لماذا ؟؟؟؟
لقد أصابني جوابها بالذهول --؟؟؟؟
هي : لقد فعلت ما فعلته من أجل وطني ؟؟؟
قلت : وما علاقة وطنك بالموضوع ؟؟؟
قالت : ان بلدي اسبانيا تعتمد كثيرا على السياحة في دخلها القومي ، وأنت حين تعود لبلدك لا بد أن تتحدث لأصدقائك ومعارفك عن الاخلاق الاسبانيه والمعامله الحسنه التي تلقيتها هنا - وهذا يشجعهم على القدوم للسياحة ، مما يزيد في عدد السياح وذلك ينعكس على دخلنا القومي --- لقد تعلمنا حب الوطن منذ نعومة أظافرنا – ألا يستحق هذا الوطن الذي نتنفس هواءه ونشرب ماءه ونتغذى على خيراته ، ألا يستحق منا أن نظهره بالمظهر الجميل الذي يليق به و لكل زائر - ونعطي عنه الانطباع الجيد – ماذا تساوي بضع ساعات من وقتي في سبيل ولو بناء لبنة واحده في جسم هذا الوطن ---- ودعتني بمثل ما استقبلتني به من الحفاوة والتكريم ؟؟
ألا تعطي هذه الفتاه درسا بليغا وغريبا في حب الاوطان والانتماء الحقيقي للوطن - غادرت وأنا افكر في هذه الفتاة الأصيله التي تقدم خدمة لوطنها بطريقة لا تخطر على بال الكثيرين ، ودون أن يطلب منها أحد أو يكيل لها المديح أو يدفع لها المقابل المادي – ليتنا نقدم جزءا من جهدنا وعرقنا وبالطريقة التي نراها مناسبة لخدمة وطننا كما فعلت هذه الفتاه ولو بأساليب مختلفه - وكل حسب موقعه وامكانياته والكل يستطيع ذلك
وبشتى السبل ؟؟؟
أرجو ذلك ؟؟
(( نواف الحاج علي ))
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف