الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تأمّلات في الزمن: رُبَّمَا..بقلم: د. عبد اللطيف الركيك

تاريخ النشر : 2016-09-24
تأمّلات في الزمن: رُبَّمَا..بقلم: د. عبد اللطيف الركيك
تأمّلات في الزمن: رُبَّمَا...

بقلم: د. عبد اللطيف الركيك

علمها عند الله...نعم...الناس في أيامنا هاته، وفي القرون الخوالي عاشوا إلى أن ماتوا وهم دائما يتوقعون حدوث أكبر حدث مزلزل منذ أن كان الخلق الأول. ظل هذا الانشغال يسكن أفكار الناس باعتباره غيبا من الغيوب التي استعصت على الأذهان. يتعلق الأمر بحدث قيام الساعة كتيمة مركزية شغلت التفكير الإنساني منذ الأزل، فقد اعتقد الناس منذ الأزمنة السحيقة أن هناك نهاية للوجود والكون مثلما هنالك بداية.

تعاقبت الشعوب على عمارة الأرض، أبيدت بعضها واستمرت أخرى على مر ملايين السنين، وكل منها تضع علامات وأمارات لهذا الحدث الذي لا مثيل له، وهي لا تزال في طور التوقع الأزلي إلى يومنا هذا لحدث لا بد منه ولا إبان له. وربما نعيش نحن ونموت، ويأتي بعدنا أناس آخرين بعد آلاف السنين وربما ملايين السنين مما نعد. لربما يأتي يوم، بعد انصرام كل هذا الزمن الممتد ويكون الانتظار هو المسيطر على الآفاق، ونكون نحن الذي عشنا في الألفية الثالثة بعد الميلاد تماما مثل إنسان العصور الحجرية، فيأتي من ينقب عن آثارنا بالمعاول، وينبش قبورنا، ويُخضعنا للدراسة والبحث مثلما نفعل نحن اليوم بالنسبة لبقايا إنسان العصور القديمة، فيختلف الباحثون حول أحوالنا وحضارتنا وثقافتنا وقدر مساهمتنا في البناء الحضاري الإنساني. وذلك يوم نستحيل إلى مجرد عظام متناثرة مدفونة تحت الأرض توضع في مختبرات الدرس.

ربما لا يبقى من حضارتنا غير بضع لقى أثرية يزين بها الإنسان الذي سيخلفنا بها واجهات متاحفه، أو يخضعها للدراسة بأدوات غير أدوات زماننا نحن اليوم. ربما يُنظر إلينا بنفس نظراتنا لإنسان العصور الحجرية، فيعتبروننا متخلفين عنهم، وربما أقل مكانة وتطورا من زمانهم الذي سيأتي. ربما ستتغير التحقيبات الكبرى للتاريخ عندئذ، وربما يصنفوننا في حقبة أقل شأنا في سلم الارتقاء الحضاري، ربما تكون مساحة المجاهيل عنا أوسع بكثير من مساحة المعلوم.

فهل كان إنسان العصور الحجرية الذي صنع الأدوات من عظام ثم حجارة ثم من طين وابتكر النار على أساس أنه حقق إنجازات لا نظير  ولا سابق لها ولا لاحق يدري بأنه سيأتي إنسان آخر من نفس فصيلته بعد انقضاء ملايين السنين ليصنف إنتاجه الحضاري باعتباره مجرد طور بدائي من تطور الحضارة؟ هل كان إنسان تلك العصور البعيدة في الزمن يتوقع لمجرد التوقع ما سيحققه خلفائه في عصرنا الراهن وبعد كل ذلك الزمن من إنجازات مذهلة وصلت إلى حد سبر أغوار الكون والنزول على سطح القمر الذي كان بالنسبة لإنسان العصور الحجرية ظاهرة طبيعية غامضة حيّرت الألباب إلى الدرجة التي جعلتهم يعتبرونه إلاها أحق بالعبادة. فهل بوسعنا نحن كذلك في زماننا هذا أن نتوقع ما سينجزه الإنسان بعد مرور مئات القرون إذا ظل الحدث النهائي للوجود في طور التوقع؟ قد لا تقوى عقولنا على تصور وتصديق ما قد يحدث إذا نحن أخذنا العبر من التطور المدهش الذي حصل منذ العصور القديمة.

إن القاعدة المستخلصة مما كان من أمر الإنسان القديم وحالنا الراهن وما قد يكون عليه الأمر في المستقبل في إطار وعاء زمني لا نعرف له بداية ولا نعلم له سقف أو نهاية، هو أن كل موجة من الموجات البشرية والحضارية ربما اعتقدت أنها قد بلغت بإنجازاتها الحضارية منتهى الكمال إلى أن تأتي موجات بشرية تالية لتعتبر صنيع الأولى مجرد مساهمة متواضعة في مسير التطور الإنساني والحضاري.

ربما يعتقد إنسان اليوم بأنه وصل بما حققه من ثورات متلاحقة على صعد كثيرة بأنه تُوّج واعتلى منصة الحضارة بلا منازع، وأنه قد لا يوجد من ينافسه مستقبلا فيما هو عليه من تقدم مضطرد، وربما يعتقد بأن بلغ ببعض عناصر الحضارة إلى أوج تطورها.

لكن، في نهاية الأمر، وباستحضار قاعدة التطور التي تسري على إنسان الماضي والحاضر والمستقبل، فإننا ربما نتحول ولو بعد أحايين بعيدة إلى مجرد ذكرى غابرة مستعصية على فهم إنسان المستقبل، وربما تكون كل منجزاتنا مجرد لبنة بسيطة في البناء الحضاري الإنساني الكوني تماما بنفس اعتقادنا بمساهمات إنسان العصور الحجرية وما تلاها.

ربما...لا ندري.

بقلم: د. عبد اللطيف الركيك
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف