الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تــحـــدي بقلم:حسن زايد

تاريخ النشر : 2016-09-24
تــحـــدي بقلم:حسن زايد
تــحـــدي
قـصــة قصـــيرة
بـقــلم : حـــســـن زايـــــــد

كنت أعلم ـ واقعاً ـ أن الإنسان بتقدم العمر، يهن العظم منه . وتلك سنن كونية لا تتبدل ولا تتغير . يصل الإنسان إلي حالة الوهن مبكراً قليلاً ، أو متأخراً قليلاً . ولكنه حتماً مدفوعاً إلي النهاية . ولولا الأمل في البقاء ، ومجهولية الموعد والمكان ، لكان للبشرية شأن آخر .
تعبت قليلاً ، تعباً ـ مع تقدم العمرـ أقعدني . انتاب القلق الجميع ، العيال وأم العيال . ويبدو أن القلق من المرض مع الشيخوخة ، يكون أشد ، للعلاقة الجدلية بين الشيخوخة والمرض والموت . لقد قرأت القلق علي وجوههم ، واستنتجته من تصرفاتهم ، التي لا تخلو من التوتر ، والحيرة ، والإرتباك . اجتمع الرأي ـ فيما بينهم ـ علي طلب الإسعاف ، وإدخالي إلي المستشفي ، أشرت إلي أم العيال ، ففهمت أني استدعيها ، فأمسكت بعكازها ، وجعلت تدفع بجسدها بهمة ناحيتي ، حتي اقتربت مني ، فأشرت إليها بالإقتراب أكثر ، فوضعت أذنها بالقرب من شفتي ، فهمست لها :
ـ فيما اجتماعكم ؟.
قالت :
ـ العيال قرروا الذهاب بك إلي المستشفي .
قلت :
ـ ألهذه الدرجة ؟
قالت بصوت مطمئن واثق :
ـ من باب الإطمئنان .
قلت ضاحكاً :
ـ آلباقي من عمري يستحق ما ينفق عليه ؟ .
أشاحت بوجهها غاضبة :
ـ حسك في الدنيا ، يا ابو العيال .
فزادت ضحكتني ، وهي تضربني في صدري مستطردة :
ـ يجعل يومي قبل يومك .
فأمسكت عن الضحك ، قائلاً بجدية :
ـ بعد الشر عنك يا أم العيال .
فقالت معاتبة :
ـ أتتركني في الدنيا وحدي ؟ .
هجم العيال وزوجاتهم وأبناءهم علي . وأحاطوا بالسرير إحاطة السوار بالمعصم ، فقلت مرحباً :
ــ أهلاً . أهلاً . أهلاً .
تداخلت الأصوات ، وهم يرددون :
ـ سلامتك يا بابا . سلامتك يا جدي .
ما قطع الحديث سوي صوت سيارة الإسعاف ، وهو يقترب سريعاً ، ثم يتوقف بالقرب من باب الفيلا علي نحو مفاجيء . ويتم إخلاء المكان من حولي ، ويدخل المسعفون . يرفعونني بهدوء وروية من سريري إلي سرير طبي متحرك . وأم العيال ممسكة بيدي . وفي الممر المؤدي إلي الباب الخارجي ، طلبت التوقف ، وملت بجذعي ، وألقيت نظرة خاطفة علي الفيلا ، والأحفاد ، وزوجات الأولاد ، والأشجار ، وحمام السباحة . ثم أشرت بيدي ، لا أدري إن كنت محيياً أم مودعاً . ركبت أم العيال معي في سيارة الإسعاف ، وركب العيال سياراتهم . وانطلقت السيارات مسرعة .
لا أدري كم مر من الوقت ، وأنا أرقد داخل سيارة الإسعاف ، وهي تمخر عباب الطريق وسط الزحام ، وقد جري توصيل جسدي بالأجهزة ، ووضعوا علي أنفي وفمي كمامة جهاز التنفس الصناعي . ويدي أم العيال تمسك بيدي ، تدلكها ، وعيناها لم تغادر عيني . أشعر بدفء أصابعها ، يسري في جسدي ، فتنبعث فيه الحياة . تبتسم عيناي لعينيها الدامعتين بلا دموع .
وجدتني نائما علي سرير طبي ، بعد الفحص والتحاليل والأشعات ، وكوكبة من الأطباء يلتفون من حولي ، يتناقشون همساً ، وباللغة الإنجليزية ، فلم أفهم منهم شيئاً . ما زالت الأجهزة ملتصقة بجسدي ، وعيناي تتابعان المشهد . أشار أحدهم إلي أم العيال ، ليسرها أمراً ، فأرهفت السمع ، وصوته كان هامساً ، إلا أنه مسموع . قال لها :
ـ الحالة ضعف عام في جميع الأجهزة .
ردت بانفعال :
ـ فليعالج هذا الضعف ، علي أي نحو .
قال بهدوء :
ـ ليس مرضاً . وهناك اشتباه في وجود سرطان .
وجدتها قد سكتت ، واستطرد هو قائلاً :
ـ جسده لا يحتمل جرعات الكيماوي لو كان هناك سرطاناً .
نزعت الكمامة ، ونزعت الأجهزة الملتصقة بجسدي ، ونهضت بجزعي ، وتحدثت إليهم قائلاً :
ـ هذا ما وصل إليه علمكم .
ففزعوا ، والتفوا حولي يهدئون من انفعالي ، فصرخت فيهم :
ـ أما علمي أنا ، أن إرادة الحياة تهزم المرض ، أما الموت فهو أجل لا يحتاج حلوله إلي أمراضكم ، ولا يتعلق بمشيئتي ، ولا بمشيئتكم ، وإنما يتعلق بالمشيئة العليا التي لا يشذ عن مرادها أمراً من أمور الكون .
تفاجأوا من كلامي ، كما تفاجأت أم العيال ، وقرروا استكمال رحلة العلاج .
شفيت تماماً من المرض ، بعد تردد ما بين المستشفي والمنزل بانتظام ، وتناول العلاج والجرعات ، وكنت ألعب مع أحفادي في حديقة الفيلا ، طوال فترة العلاج . وإن كان للمرض من حسنة ، فهي أنه قد جمع العيال من حولي من جديد ، هم وأبنائهم وزوجاتهم ، وأعاد التماسك إلي علاقاتهم ببعضهم البعض . وبعد عشر سنوات ، ماتت أم العيال . وجدتني وحيداً دونها رغم زحمة الحياة . وانهزمت بداخلي إرادة التحدي .
حــســــن زايــــــــــد
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف