هذا هو الإسلام
((( ... وأخذن منكم ميثاقا غليظاً ... )))
الشيخ الدكتور تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين/رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي سابقاً أمين سر الهيئة الإسلامية العليا بالقدس
في كل يوم أتلقى أسئلة كثيرة حول الزواج وما يتعلق به من حيث أركانه وشروطه وأنواعه ، فأردت أن أبين ذلك اليوم للقراء الكرام في هذا المقال وما يليه ، فأقول :
الزواج ميثاق غليظ وعقد متين يجمع بين الرجل والمرأة في أسمى علاقة وأقدس رابطة يمكن أن تنشأ بينهما في هذا الكون ، قال تعالى { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } الروم 21 ، وهو أهم عقد يبرمه الإنسان في حياته ، لذا قال الله تبارك وتعالى في معرِض الحديث عن أحقّيّة الزوجة بمهرها { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً } النساء 21 .
والزواج وإن كان في أصله عقد يربط بين اثنين هما الزوجان ، لكنه في الحقيقة يجمع بين أسرتين في علاقة مصاهرة تسهم في بناء مجتمع مترابط متماسك بوشائج قوية لا تنفصم عراها ، قال تعالى { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً } الفرقان 54 ، لذا كان لا بد من حضور الأهل ومباركتهم هذا العقد ليشاركوا أبناءهم البهجة والسعادة ، فإذا ما أبرم الزواج من وراء ظهورهم فإنه دليل علاقة مشبوهة تكسر قلوبهم وتجرح كرامتهم وتقتل فرحتهم .
وأنواع عقد الزواج من حيث توفر أركانه وشروطه ثلاثة :
1- الزواج الصحيح : هو الزواج المشروع بأصله ووصفه ، وتتوفر فيه جميع أركانه وشروطه .
2- الزواج الفاسد : هو الزواج المشروع بأصله لا بوصفه ، فأركانه متوفرة وبنيته العقدية الأساسية سليمة ، لكن اختلت بعض الأوصاف في جوانبه الفرعية وهي الشروط . واعتبر فاسداً غير باطل للخلاف بين العلماء على تلك الشروط ؛ فرتبوا عليه بعض آثاره للشبهة فيه .
3- الزواج الباطل : وهو غير المشروع لا بأصله ولا بوصفه ، فاختلَّت أركانه وبُنْيَتُه الأساسية غير سليمة ، ولا فرق في هذه الحالة بين توفر شروطه المطلوبة وعدم توفرها .
ولا فرق بين الزواج الباطل والفاسد من حيث المآل ، فالنتيجة حرمة البقاء عليهما ، بل يجب الحكم بانحلالهما بالفسخ أو بغيره فوراً في المحكمة الشرعية .
وللتفريق بين العقد الفاسد والباطل فائدتان :
الأولى أن العقد الباطل لا تترتب عليه آثار أو نتائج أو التزامات سواء وقع به دخول أو لم يقع ، أما قانوناً فيترتب عليه الجزاء المنصوص عليه في قانون العقوبات بسبب مخالفته الحكام الشرعية المنصوصة في قانون الحوا الشخصية .
* والثانية أن العقد الفاسد تترتب عليه بعض آثاره إن وقع به دخول لوجود الشبهة ، أما إن لم يقع به دخول فلا يفيد حكماً أصلاً ، ومن الآثار المترتبة على العقد الفاسد مثلاً وجوب العدة على المرأة وثبوت النسب للصغار .
أركان عقد الزواج
الركن هو حقيقة الشيء وجزء من تكوينه وتركيبه وماهيَّته بحيث لا يقوم إلاَّ به ، فالركوع والسجود مثلاً ركنان من أركان الصلاة ، والوقوف بعرفة هو الركن الأكبر في الحج .
ولعقد الزواج ركن واحد هو رضا العاقدين ( الخاطبين ) التام والصادر عنهما بمقتضى إرادتهما العقدية المحضة غير المعيبة بشائبة الإكراه أو التردد ، لكن الرضا أمر نفسي لا يمكن معرفته أو الاطّلاع عليه إلاَّ بما يعبر عنه ؛ من قول أو كتابة أو إشارة أو غيرها ، فالعبارات الصادرة عن كل من الخاطبين هي دليل رضاهما ورغبتهما في إنشاء العقد ، وهذه العبارات هي الإيجاب ( طلب إنشاء العقد ) من أحدهما ، والقبول ( الموافقة على إنشاء العقد ) من الآخر .
شروط عقد الزواج
الشرط هو وصف ظاهر منضبط يستلزم عدمُه عدمَ الحكم ، ولا يستلزم وجودُه وجودَ الحكم . وهو أمر خارج عن حقيقة الشيء ، فطهارة البدن أو الثوب أو المكان مثلاً هي من شروط الصلاة .
وعقد الزواج كغيره من العقود الشرعية لا بد من توافر مجموعة من الشروط فيه ، قسمها العلماء على النحو التالي :
* شروط الصحة : وهي الشروط التي إذا لم تتوفر يختل العقد في بعض جوانبه الفرعية وليس في بنيته الأساسية ، ويكون في هذه الحالة فاسداً يجب أن يفسخه القاضي ، وفي هذه الحالة تترتب عليه بعض آثاره وهما شرطان فقط : خلو صيغة العقد من التأقيت ، وحضور الشهود في مجلس العقد .
* شروط النفاذ : وهي الشروط التي يتوقف عليها ترتب آثار العقد والتزاماته منذ انعقاده صحيحاً لحظة اتصال القبول بالإيجاب ، فإن لم تتوفر هذه الشروط فالعقد موقوف ، أي أن نتائجه متوقفة على وجود الشرط ، ومن شروط نفاذ عقد الزواج رضا العاقدين ، فلو زوّج الأب ابنته الكبيرة بغير إذنها فالعقد موقوف على إجازتها فإن لم تجزه فيفسخه القاضي ، ولو زوَّجت البكر الرشيدة نفسها بغير كفء دون إذن وليها فالعقد موقوف على إجازة الولي ، فإن لم يجزه فله طلب الفسخ.
* شروط اللزوم : وهي الشروط التي يجب توفرها حتى تترتب آثار العقد ونتائجه بصفة دائمة وفي جميع الأوقات ، بحيث لا يكون عرضة للفسخ أو الاعتراض أو التراجع عنه ، فإذا اختل أحد تلك الشروط فالعقد غير لازم رغم توفر شروط الانعقاد وشروط الصحة وشروط النفاذ .
من هذه الشروط مثلاً السلامة من العيوب التي تمكّن الطرف الآخر من الطلب إلى القاضي فسخ العقد عند اكتشافها إذا لم يرض بالعيب ، وكذلك ألاَّ يزوج الصغار غير الأب أو الجد . فلو زوج رجل ابن عمه الصغير مثلاً فالعقد غير لازم ، فإذا بلغ الصغير فله خيار البلوغ إن شاء أمضى العقد وإن شاء طلب الفسخ .
* شروط الانعقاد : وهي الشروط التي إذا لم تتوفر فالزواج غير منعقدٍ أصلاً على الرغم من وجود صورته العقدية القولية بصدور الإيجاب والقبول من المتعاقدين ، وبالتالي لا تترتب عليه آثاره ولا أحكامه فكأنه لم يكن ، ولذلك يجب على القاضي الشرعي أن يحكم ببطلانه .
ومن هذه الشروط ما يرجع إلى العاقدين ، ومنها ما يرجع إلى صيغة العقد ، ومنها ما يرجع إلى محل العقد (المرأة المعقود عليها) .
1- ما يرجع إلى العاقدين وهما شرطان :
الأول : أهلية العاقدين وتمتعهما بالقدرة على مباشرة العقد وإنشائه ، فالقاصر مثلاً لا يتمكن من إبرام العقد لنفسه .
الثاني : أن يفهم كل من العاقدين معنى ما يصدر عن الآخر من عبارة أو إشارة سواء بالإيجاب أو بالقبول ، وأن القصد من هذه العبارات إنشاء عقد الزواج .
2- ما يرجع إلى الصيغة وهي ثلاثة شروط :
الأول : اتحاد مجلس العقد بحيث لا يكون هناك فاصل بعد الإيجاب يدل على إعراض العاقد الآخر عنه ؛ وأن يظل الإيجاب صحيحاً بعدم تراجع قائله عنه حتى صدور القبول واتصاله به ، لكن لا تشترط الفورية .
الثاني : التوافق بين الإيجاب والقبول حتى يتلاقيا على شيء واحد ، لأن العقد اتفاق بين الإرادتين .
الثالث : أن تكون صيغة العقد منجزة تفيد معناها في الحال ، فلا يصح التعليق أو الإضافة إلى المستقبل .
3- ما يرجع إلى المحل وهما شرطان :
الأول : أن تكون المرأة المعقود عليها أنثى محققة ، لأن زواج غير الأنثى لا ينعقد ، فالخنثى ليس محلاً لعقد الزواج .
الثاني : ألاَّ تكون المرأة محرمة تحريماً قطعياً لا شبهة فيه ، لأن وجود شبهة التحريم تجعل العقد فاسداً لا باطلاً . مثل شبهة الرضاع .
* الشروط القانونية : وهي الشروط الشكلية التي استحدثتها القوانين والتشريعات المعاصرة بهدف تحقيق مصالح عامة للناس وهي من باب السياسة الشرعية ، ومخالفة هذه الشروط لا تؤثر في حلِّيَّة عقد الزواج ، ولكن من يخالفها يعرض نفسه للعقوبات المنصوصة في قانون العقوبات لأنه لم ينفّذ النظم والتعليمات التي شرعها ولي الأمر .
ومنها على سبيل المثال توثيق عقد الزواج لدى الجهات الرسمية كالمحكمة الشرعية ، واشتراط الفحوص الطبية للخاطبين ، وقد يترتب الفسخ على عدم التزام بعض هذه الشروط في حالات محددة كما في شرط رفع سن أهلية الزواج .
((( ... وأخذن منكم ميثاقا غليظاً ... )))
الشيخ الدكتور تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين/رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي سابقاً أمين سر الهيئة الإسلامية العليا بالقدس
في كل يوم أتلقى أسئلة كثيرة حول الزواج وما يتعلق به من حيث أركانه وشروطه وأنواعه ، فأردت أن أبين ذلك اليوم للقراء الكرام في هذا المقال وما يليه ، فأقول :
الزواج ميثاق غليظ وعقد متين يجمع بين الرجل والمرأة في أسمى علاقة وأقدس رابطة يمكن أن تنشأ بينهما في هذا الكون ، قال تعالى { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } الروم 21 ، وهو أهم عقد يبرمه الإنسان في حياته ، لذا قال الله تبارك وتعالى في معرِض الحديث عن أحقّيّة الزوجة بمهرها { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً } النساء 21 .
والزواج وإن كان في أصله عقد يربط بين اثنين هما الزوجان ، لكنه في الحقيقة يجمع بين أسرتين في علاقة مصاهرة تسهم في بناء مجتمع مترابط متماسك بوشائج قوية لا تنفصم عراها ، قال تعالى { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً } الفرقان 54 ، لذا كان لا بد من حضور الأهل ومباركتهم هذا العقد ليشاركوا أبناءهم البهجة والسعادة ، فإذا ما أبرم الزواج من وراء ظهورهم فإنه دليل علاقة مشبوهة تكسر قلوبهم وتجرح كرامتهم وتقتل فرحتهم .
وأنواع عقد الزواج من حيث توفر أركانه وشروطه ثلاثة :
1- الزواج الصحيح : هو الزواج المشروع بأصله ووصفه ، وتتوفر فيه جميع أركانه وشروطه .
2- الزواج الفاسد : هو الزواج المشروع بأصله لا بوصفه ، فأركانه متوفرة وبنيته العقدية الأساسية سليمة ، لكن اختلت بعض الأوصاف في جوانبه الفرعية وهي الشروط . واعتبر فاسداً غير باطل للخلاف بين العلماء على تلك الشروط ؛ فرتبوا عليه بعض آثاره للشبهة فيه .
3- الزواج الباطل : وهو غير المشروع لا بأصله ولا بوصفه ، فاختلَّت أركانه وبُنْيَتُه الأساسية غير سليمة ، ولا فرق في هذه الحالة بين توفر شروطه المطلوبة وعدم توفرها .
ولا فرق بين الزواج الباطل والفاسد من حيث المآل ، فالنتيجة حرمة البقاء عليهما ، بل يجب الحكم بانحلالهما بالفسخ أو بغيره فوراً في المحكمة الشرعية .
وللتفريق بين العقد الفاسد والباطل فائدتان :
الأولى أن العقد الباطل لا تترتب عليه آثار أو نتائج أو التزامات سواء وقع به دخول أو لم يقع ، أما قانوناً فيترتب عليه الجزاء المنصوص عليه في قانون العقوبات بسبب مخالفته الحكام الشرعية المنصوصة في قانون الحوا الشخصية .
* والثانية أن العقد الفاسد تترتب عليه بعض آثاره إن وقع به دخول لوجود الشبهة ، أما إن لم يقع به دخول فلا يفيد حكماً أصلاً ، ومن الآثار المترتبة على العقد الفاسد مثلاً وجوب العدة على المرأة وثبوت النسب للصغار .
أركان عقد الزواج
الركن هو حقيقة الشيء وجزء من تكوينه وتركيبه وماهيَّته بحيث لا يقوم إلاَّ به ، فالركوع والسجود مثلاً ركنان من أركان الصلاة ، والوقوف بعرفة هو الركن الأكبر في الحج .
ولعقد الزواج ركن واحد هو رضا العاقدين ( الخاطبين ) التام والصادر عنهما بمقتضى إرادتهما العقدية المحضة غير المعيبة بشائبة الإكراه أو التردد ، لكن الرضا أمر نفسي لا يمكن معرفته أو الاطّلاع عليه إلاَّ بما يعبر عنه ؛ من قول أو كتابة أو إشارة أو غيرها ، فالعبارات الصادرة عن كل من الخاطبين هي دليل رضاهما ورغبتهما في إنشاء العقد ، وهذه العبارات هي الإيجاب ( طلب إنشاء العقد ) من أحدهما ، والقبول ( الموافقة على إنشاء العقد ) من الآخر .
شروط عقد الزواج
الشرط هو وصف ظاهر منضبط يستلزم عدمُه عدمَ الحكم ، ولا يستلزم وجودُه وجودَ الحكم . وهو أمر خارج عن حقيقة الشيء ، فطهارة البدن أو الثوب أو المكان مثلاً هي من شروط الصلاة .
وعقد الزواج كغيره من العقود الشرعية لا بد من توافر مجموعة من الشروط فيه ، قسمها العلماء على النحو التالي :
* شروط الصحة : وهي الشروط التي إذا لم تتوفر يختل العقد في بعض جوانبه الفرعية وليس في بنيته الأساسية ، ويكون في هذه الحالة فاسداً يجب أن يفسخه القاضي ، وفي هذه الحالة تترتب عليه بعض آثاره وهما شرطان فقط : خلو صيغة العقد من التأقيت ، وحضور الشهود في مجلس العقد .
* شروط النفاذ : وهي الشروط التي يتوقف عليها ترتب آثار العقد والتزاماته منذ انعقاده صحيحاً لحظة اتصال القبول بالإيجاب ، فإن لم تتوفر هذه الشروط فالعقد موقوف ، أي أن نتائجه متوقفة على وجود الشرط ، ومن شروط نفاذ عقد الزواج رضا العاقدين ، فلو زوّج الأب ابنته الكبيرة بغير إذنها فالعقد موقوف على إجازتها فإن لم تجزه فيفسخه القاضي ، ولو زوَّجت البكر الرشيدة نفسها بغير كفء دون إذن وليها فالعقد موقوف على إجازة الولي ، فإن لم يجزه فله طلب الفسخ.
* شروط اللزوم : وهي الشروط التي يجب توفرها حتى تترتب آثار العقد ونتائجه بصفة دائمة وفي جميع الأوقات ، بحيث لا يكون عرضة للفسخ أو الاعتراض أو التراجع عنه ، فإذا اختل أحد تلك الشروط فالعقد غير لازم رغم توفر شروط الانعقاد وشروط الصحة وشروط النفاذ .
من هذه الشروط مثلاً السلامة من العيوب التي تمكّن الطرف الآخر من الطلب إلى القاضي فسخ العقد عند اكتشافها إذا لم يرض بالعيب ، وكذلك ألاَّ يزوج الصغار غير الأب أو الجد . فلو زوج رجل ابن عمه الصغير مثلاً فالعقد غير لازم ، فإذا بلغ الصغير فله خيار البلوغ إن شاء أمضى العقد وإن شاء طلب الفسخ .
* شروط الانعقاد : وهي الشروط التي إذا لم تتوفر فالزواج غير منعقدٍ أصلاً على الرغم من وجود صورته العقدية القولية بصدور الإيجاب والقبول من المتعاقدين ، وبالتالي لا تترتب عليه آثاره ولا أحكامه فكأنه لم يكن ، ولذلك يجب على القاضي الشرعي أن يحكم ببطلانه .
ومن هذه الشروط ما يرجع إلى العاقدين ، ومنها ما يرجع إلى صيغة العقد ، ومنها ما يرجع إلى محل العقد (المرأة المعقود عليها) .
1- ما يرجع إلى العاقدين وهما شرطان :
الأول : أهلية العاقدين وتمتعهما بالقدرة على مباشرة العقد وإنشائه ، فالقاصر مثلاً لا يتمكن من إبرام العقد لنفسه .
الثاني : أن يفهم كل من العاقدين معنى ما يصدر عن الآخر من عبارة أو إشارة سواء بالإيجاب أو بالقبول ، وأن القصد من هذه العبارات إنشاء عقد الزواج .
2- ما يرجع إلى الصيغة وهي ثلاثة شروط :
الأول : اتحاد مجلس العقد بحيث لا يكون هناك فاصل بعد الإيجاب يدل على إعراض العاقد الآخر عنه ؛ وأن يظل الإيجاب صحيحاً بعدم تراجع قائله عنه حتى صدور القبول واتصاله به ، لكن لا تشترط الفورية .
الثاني : التوافق بين الإيجاب والقبول حتى يتلاقيا على شيء واحد ، لأن العقد اتفاق بين الإرادتين .
الثالث : أن تكون صيغة العقد منجزة تفيد معناها في الحال ، فلا يصح التعليق أو الإضافة إلى المستقبل .
3- ما يرجع إلى المحل وهما شرطان :
الأول : أن تكون المرأة المعقود عليها أنثى محققة ، لأن زواج غير الأنثى لا ينعقد ، فالخنثى ليس محلاً لعقد الزواج .
الثاني : ألاَّ تكون المرأة محرمة تحريماً قطعياً لا شبهة فيه ، لأن وجود شبهة التحريم تجعل العقد فاسداً لا باطلاً . مثل شبهة الرضاع .
* الشروط القانونية : وهي الشروط الشكلية التي استحدثتها القوانين والتشريعات المعاصرة بهدف تحقيق مصالح عامة للناس وهي من باب السياسة الشرعية ، ومخالفة هذه الشروط لا تؤثر في حلِّيَّة عقد الزواج ، ولكن من يخالفها يعرض نفسه للعقوبات المنصوصة في قانون العقوبات لأنه لم ينفّذ النظم والتعليمات التي شرعها ولي الأمر .
ومنها على سبيل المثال توثيق عقد الزواج لدى الجهات الرسمية كالمحكمة الشرعية ، واشتراط الفحوص الطبية للخاطبين ، وقد يترتب الفسخ على عدم التزام بعض هذه الشروط في حالات محددة كما في شرط رفع سن أهلية الزواج .