الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

نمر سعدي: الشعراء فوضويون وقصائدهم رسائل شخصية

نمر سعدي: الشعراء فوضويون وقصائدهم رسائل شخصية
تاريخ النشر : 2016-09-22
نمر سعدي: الشعراء فوضويون وقصائدهم رسائل شخصية
يكتب الشاعر رسالته في شعره؛ تلك الكلمات التي تحفظها القصائد تكون بمثابة عصارة لروحه ورسالته في الحياة التي عاشها، فرغم الحياة الفوضوية التي قد يعيشها الكثير من الشعراء إلا أن الإبداع الحقيقي الذي يقدمونه هو رسالتهم الحقيقية، فالشاعر يسير في خطين متوازيين؛ أحدهما التحرر من قيود التابوهات والأفكار المُسبقة لتقديم إبداع حقيقي، والآخر هو رسالته في أن يكون أداة للثورة على السائد والرتيب. “العرب” التقت الشاعر نمر سعدي في حديث عن آفاق الشعر ومحركاته ودوره.

حنان عقيل: كاتبة من مصر
تعد تجربة الشاعر نمر سعدي من أكثر التجارب الشعرية الفلسطينية ثراء إذ يكتب في أشكال شعرية مختلفة سواء العمودي أو التفعيلة أو غيرهما، يسعى في قصيدته لأن يُصوّر البيئة العربية الجليلية، نسبة إلى قريته الواقعة في ضواحي حيفا، والتي لا تخلو من مسحة تميل إلى البداوة تتقلص في شعره لصالح هموم وقضايا إنسانية، متكئا على حمولات معرفية عدة يستقي منها تناصات مستندة إلى موروثات ثقافية وأخرى رمزية وأسطورية، وعبْر موسيقى شعره الهادئة تنساب الأفكار والرؤى والأحاسيس الشفافة. صدرَ للشاعر عدد من الدواوين الشعرية منها “موسيقى مرئية”، “كأني سواي”، “وقتٌ لأنسنةِ الذئب”، “تشبكُ شَعرها بيمامة عطشى”، “تقاسيم على مقامِ الندم”.
كتب سعدي لسنوات عدة في صحف ومجلات محليَّة، وكانت انطلاقته في صحيفة الإتحاد الحيفاوية، فيما بعد نشر في صحيفتين تصدران في الناصرة هما صحيفة "كل العرب" و"الأخبار"، ليتجه بعدها للكتابة في أهم الصحف والمواقع الالكترونية العربية كالقدس العربي والنهار اللبنانية وعكاظ السعودية والخليج الاماراتية وغيرها من الصحف العربيَّة الرائدة.

يتحدث نمر سعدي عن بدايات اتجاهه صوب الكتابة الشعرية قائلا “الشعر بالنسبة إلي كان ذلك الحلم الأعزل الذي طالما ظننتُ أنه سيغيِّر شيئا جوهريا في حياتي، ولذلك لم أتردد في إشهارهِ في وجه اللحظات القاسية التي كانت تطلُّ عليّ من وراء حجاب لتمهرَ قصيدتي برماد الفجيعة. في بداياتي كنتُ واقعا تحت تأثير شعراء لم يكن الافلات من سطوتهم أمرًا يسيرًا، كامرئ القيس والمتنبي وأبو نواس وابن الرومي والمعري، تكوّنت شبه صداقة متينة بيني وبين نصوصهم التي أراها تتعدَّى حدود الزمان والمكان وتتبنَّى كثيرًا من أفكار الحداثة وما بعدها، بالإضافة إلى انحيازي النفسي المطلق إلى شعراء عرب كانت حساسيتهم الموسيقية عالية".
ويتابع "لا أخفي أنني في البدايات تأثرت كثيرا بالشاعر المصري أحمد شوقي الذي سيطر على مزاجي الشعري زمنا ليسَ قصيرا ربما غطَّى فترة مراهقتي كلها إلى أن اكتشفت عوالم جديدة في تجارب شعراء الحداثة العرب كالسياب ومحمود درويش وسعدي يوسف والبياتي وغيرهم، ويحضرني هنا أن أشير أيضا إلى أن محمود درويش والسياب كانا مشدودين الى الشاعر المصري الكبير أحمد شوقي ويعتبرانه من أهمِّ شعراء العربية على مرِّ العصور. وذلك يرجع بنظري الى اللغة الموسيقية التي كان يتقنها شوقي بمهارة فذّة".
قلق الشاعر
يرى سعدي أن القلق هو المحرك الأساسي للإبداع؛ فالقلق الذي كان يلازم شاعرا مثل فيرناندو بيسوا برأيه هو الحافز الأهم لكتابة القصيدة الجديدة، موضحا “لا أتخيَّل نفسي أكتب من غير أن أكون مدفوعاً بهذا القلق الروحي، الذي كان المحرِّك الأساسي لتجارب شعرية عظيمة عربية وغربية. الطمأنينة هي ما يقتل النص أو يجعله يبهت، ومن النماذج العالية لأجمل الكتابات التي تعبِّر عن القلق الحديث أحلام كافكا السوداوية، وكتابات الشاعر البرتغالي بيسوا خصوصا كتابه اللاطمأنينة”.

ويتابع “شغفي بالكتابة لم ينكسر. كانت الكتابة تلك الفسحة الجميلة التي أداوي بها جراحا خفيَّة ترفض أن تشفى، كانت المعادل الموضوعي لمعنى حياتي التي لم تكن مفروشة بالورود وبالحرير، كلما عشت أكثر كلما انفتحت قصيدتي على أبعاد قصيَّة وتفتَّحت وردة روحي على جمرة المطلق على عكس ما كنت أظن في الماضي بأنه ستخف حدة هذا الشغف أو الرغبة مع مرور الزمن، وكلَّما قرأت أيضا كلَّما امتلأتُ بقلق الصعاليك وحكمة الصوفيين، أراهن على الشعر الصافي لا يهم إن كان تفعيلة أو نثرا أو عموديا، الشعر الذي تحس وأنت تقرأه أن الفراشات تدغدغ بطنك وأن قلبك يتأهب للطيران”.
وانتقالا للحديث عن شعر التفعيلة الذي يصفه ضيفنا بأنه الوريث الشرعي الوحيد للشعر العربي، يُبين سعدي “مع أنني لست ضد أي شكل من الأشكال الأدبية ولا أتعصَّب لقصيدة معيَّنة، ولكنني في فترة ما كنت أعتبر التفعيلة الوريثة الشرعية الأجدر بالاهتمام من غيرها، لأنَّ قصيدة النثر لم تستطع أن تخلق تلك الحساسية الإيقاعية التي يحتاجها الشِعر حتى الآن، ولم تطرح ذلك الإشكال النقدي الذي قدَّمته التفعيلة، بعض النقاد أيضا اعتبر قصيدة النثر وافدة علينا من الشعر الغربي، هذا رأي غير صحيح، فمنجز النفري والصوفيين يفيض بالنثر الشعري، أيضا لأن من يكتبون قصيدة النثر والذين يتمتعون بموهبة قادرة على تحويل النثر إلى شعر قليلون جدا، نادرا ما نستطيع أن نميِّز بين موهبة كبيرة وأخرى مازالت تتعثَّر في بداياتها. افتقار قصيدة النثر للوزن يضعها في امتحان صعب لا يجتازه إلا أصحاب القامات الشعرية العالية والمواهب الحقيقية”.
وفي ما يتعلق بالقصيدة الرقمية وما حققته من انتشار يقول سعدي “أعتقد أن هناك حالة من فوضى النشر، نلاحظ اختلاط الشعري باللاشعري في نصوص كثيرة. قبل حمى النشر الرقمي كان هناك محررون أدبيون صارمون في الصحف، التحرير الأدبي الصارم في الماضي كان بمثابة مصفاة من المستحيل أن يجتازها نص لا يرقى إلى الذوق العام أو يفتقر إلى مقوِّمات الكتابة الجيِّدة”.
خيمياء الإبداع
نتطرق مع الشاعر إلى الحديث عن مصادره الشعرية والمعرفية في الكتابة ليشدد على أنه قارئ بالدرجة الأولى، به شغف حقيقي للأدب الجميل الذي تشكِّل علاقته به شبه خيمياء حيوية. يتابع “هناك كتب لم أستطع إكمالها وتركتها في المنتصف، ولكن بالمقابل قرأت كتبا وودت لو أنها لم تنته لروعتها وقيمتها الجمالية، لم يسحرني كاتب أو شاعر عربي أو أجنبي ولم أقرأ له كتابا واحدا على الأقل. شُغفت بمنجز الشعر العربي القديم إضافة إلى شعر الحداثة بكل ما يحمله من فتوحات وتخييلات ورؤى وأحببت أدب أميركا اللاتينية خصوصا بورخيس وماركيز ويوسا”.
هموم وقضايا إنسانية
أما في ما يتعلق بنوعية القارئ الذي يكتب له يوضح سعدي أن هناك من القراء من اعتبره شاعر حريَّة وهناك من اعتبره شاعر حب إنساني، وفي الأخير هو لا يضع نفسه ضمن توصيفات معيَّنة أو بين قوسين، فهو في النهاية يكتب لنفسه، صحيح أن زمن الشاعر الفرد انتهى، فالشاعر أصبح صوتا من مجموعة أصوات لا نهائية تشكل الكورس الجماعي للحالة الإبداعية الإنسانية، ولكن الاهتمام النقدي بتجربة معيَّنة كثيرا ما يتأتى بعد اكتمال هذه التجربة أو رحيل صاحبها.
ويستطرد “تجربة بدر شاكر السياب الشاعر العراقي العظيم لم تكتسب أهميتها إلا بعد رحيل بدر بسنوات، وأعتقد أن أهم الدراسات التي سلَّطت الضوء العربي عليه كانت دراسة الناقد الفلسطيني الكبير إحسان عباس والمنشورة في 1969 بينما عاش بدر شاعرا شبه مجهول عربيا وتحت وطأة المرض والفقر، وهناك إحصائيات تشير إلى أن الدراسات التي أُنجزت حول أدبه عربيا وعالميا قد تتجاوز الألف دراسة”.

وفي ما يتعلق بالزمن في تجربته الشعرية يقول سعدي “تجربتي هي حصيلة ما عشته، أي أنني أستند على سماء منخفضة من الذكريات وأعيش حالة نوستالجيا عميقة بيني وبين الزمن”. ومن ناحية أخرى يُبيّن سعدي أن لكل شاعر رسالة شخصية تحملها قصيدته؛ فهناك شعراء عاشوا حياتهم بصورة فوضوية ولكن التاريخ حفظ لهم منجزهم الإبداعي وأيضا شعراء عاشوا في ظلال حكومات طاغية في الماضي ولكنهم قدَّموا إبداعاً عصيا على المحو، كما يقول، إذ يرى أنه على الشاعر أن يؤمن برسالة ما ولكن في الوقت ذاته عليه أن يكتب نفسه بحريَّة تامة وبانفلات واضح من قيود التابوهات والمسلّمات والأفكار المسبقة.
ويوضح “تشارلز بوكوفسكي كان شاعرا بوهيميا وسكِّيرا من وجهة نظر اجتماعية ولكنه قدَّم أدبا صادقا وحقيقيا، يعبِّر عنه هو نفسه ولا يعبِّر عن أي شخص آخر، كانت قصيدته لصيقة به، أيضا عزرا باوند الشاعر الأميركي الكبير لم تخل بعض مواقفه من التطرف، فبالرغم من مواقفه التي كانت كثيرا ما تقف مع الدكتاتوريات ضد الشعوب المقموعة إلا أنه احتفظ بهالته كأحد أهم الأصوات التي شكلت ظاهرة الشعر الأميركي الجديد. لكن رأيي أن الشاعر عليه أن يكون مع الضحية الذي يرزح تحت سوط الطاغية، ما دام يؤمن بالحرية وبالخير المطلق. فالشعر أداة تغيير قبل كل شيء، وأداة انقلاب وبوق للثورة على السائد الرتيب”.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف