الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المجزرة في دير الزور ...ليست صدفة أو خطأ بقلم: د.بهيج سكاكيني

تاريخ النشر : 2016-09-22
المجزرة في دير الزور ...ليست صدفة أو خطأ
الدكتور بهيج سكاكيني
المجزرة التي ارتكبتها طائرات "التحالف الدولي" التي تقوده الولايات المتحدة الاميركية والتي ذهب ضحيتها أكثر من 60 شهيدا عسكريا سوريا في محيط دير الزور والمرابطين على التلال المحيطة بمطار دير الزور العسكري لم تكن صدفة أو خطا في قراءة احداثيات الموقع أو التباس ان كان هذا الموقع لحثالة الأرض من الدواعش أم للمدافعين عن الإنسانية الاخيار في الجيش العربي السوري وشتان ما بين الثرى والثريا.
هنالك العديد من الحقائق التي تشير الى أن هذه الحادثة المجزرة كانت متعمدة وارتكبت مع سبق إصرار وتخطيط بشكل مباشر أم غير مباشر مع داعش، وتأتي ضمن المحافظة على هذا التنظيم الإرهابي الدموي على الأقل في بعض المناطق، لان الولايات المتحدة ما زالت بحاجة له لتنفيذ مخططاتها وحماية مصالحها الاستراتيجية في المنطقة والى حين أن تأتي اللحظة التي تقرر بها أجهزة الاستخبارات الامريكية القضاء على التنظيم أو السماح له بالانتقال الى مناطق أخرى في العالم لا بد من حمايته ورعايته.
الموقع التي أغارت عليه الطائرات الامريكية لا يمكن باي حال من الأحوال أن يكون موقعا لإرهابي داعش نظرا لتواجد الجيش السوري فيه على الأقل لمدة سنتين دون انقطاع. هذا بالإضافة الى أن القيادة الامريكية المركزية الوسطى التي تدير العمليات في كل من العراق وسوريا تدعي أن هذه الموقع كان تحت المراقبة لعدة أيام قبل الهجوم عليه. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا إذا كان هذا الكلام صحيحا فكيف لطائرات الاستطلاع التي تستطيع أن تصور النملة التي تمشي على الأرض تخطأ في معرفة من الذين يتحركون على الأرض ولا تستطيع التمييز بين اليات الجيش العربي السوري وتلك التي تنتمي الى داعش؟ ولكن هذا الامر بالطبع ليس بالأمر الجديد على "طائرات الاستطلاع" هذه فهي غضت النظر عن جحافل قاطعي الرؤوس الدواعش عند تقدمهم الى تدمر عبر أراضي منبسطة كالكف في الصحراء السورية، وكذلك عند قطعهم مسافة 400 كم ضمن الاراضي الصحراوية المنبسطة من العراق الى مدينة عين العرب السورية. ذاكرة بعضنا ما زالت حية والحمدلله. هذه الطائرات ترى فقط ما تريد أن تراه وتغمض عينيها عما لا تريد أن تراه.
الطائرات التي استخدمت اثنتان من ف-16 القاذفة بالإضافة الى طائرتين أ-10. وبحسب التقارير العسكرية فقد تم اقفال الأجهزة الألكترونية التي من وظيفتها التدليل على هوية الطائرة عند استقبالها إشارة من الأرض، هذا بالإضافة الى أن طائرات أ-10 قامت بالتشويش على الرادارات في المنطقة. والسؤال الذي طرحته بعض الدوائر العسكرية والمحللين العسكريين لماذا قامت هذه الطائرات بإقفال الأجهزة التي تستجيب للتعريف بهويتها؟ وما هي الرادارات التي كانت تسعى الطائرات تعطيلها ان لم تكن رادارات الجيش العربي السوري؟ وزيادة على ذلك فان طائرات أ-10 تستخدم لدعم القوات المهاجمة لأنها تستطيع الطيران على علو منخفض جدا وتقوم بإطلاق الصواريخ على الهدف لا بل واستخدام الرشاشات لقتل العدو على الأرض من مسافات قليلة جدا تمكنها من رؤية جنود العدو بالعين المجردة. هذا ما ذكره الخبراء العسكريين عن طبيعة هذه الطائرة. أما طائرة ف-16 فهي ترسل صواريخها على الهدف المرجو تحطيمه من ارتفاعات شاهقة.
من معرفة هذه المعلومات عن طبيعة هذه الطائرات كان من الممكن استخدام طائرات ف-16 فقط فلماذا استخدمت طائرات أ-10 . والجواب هنا يتأتى من معرفة أن هنالك كان تزامنا بين القصف لمرابض مدافع الجيش السوري والياته العسكرية والجنود المتواجدين في تلك التلال والهجوم الذي شنته قوات داعش مباشرة بعد الهجوم مما مكنها من الاستيلاء على بعض التلال التي كانت بحوزة الجيش العربي السوري. هذا التزامن يدلل بشكل واضح وجود تخطيط مسبق لهذه العملية لإتاحة الفرصة لتنظيم داعش للسيطرة على هذه المواقع الاستراتيجية. بمعنى أن التزامن لا يمكن أن يكون مصادفة على الاطلاق بل تم التحضير والاعداد له بالعتاد والعدة اللازمة لإحداث هذا الخرق.
ولم يكن غريبا بعد ان توفرت الأدلة للجانب الروسي أن تتهم وزارة الخارجية الروسية ووزارة الدفاع الروسية الولايات المتحدة بالتواطؤ مع تنظيم داعش بشكل علني وبعبارات شديدة اللهجة، وعلى أن الجيش الأمريكي يعمل على حماية هذا التنظيم الإرهابي على أرض الواقع في الوقت الذي تدعي فيه الإدارة الامريكية على أنها تحارب الارهاب. وربما سرعة الرد الروسي في الاسناد بالدعم الجوي المكثف في تلك المنطقة أتاح للجيش السوري استعادة بعض التلال التي سيطر عليها الارهابيون وما زالت المعارك مستمرة لاسترجاعها بالكامل حيث يعمل الطيران السوري والروسي على تدمير مقرات واليات الإرهابيين الى جانب تدمير مخازن أسلحة وحاويات نفطية لهم.
ويبقى السؤال لماذا الان وما هو الغرض والهدف الذي تريد ان تحققه الولايات المتحدة من هذه المجزرة ودعم داعش في تلك المنطقة؟
أولا لا بد لنا من التنبيه ان هذا العدوان المباشر على مواقع الجيش السوري يأتي قبل ربما يومين من موعد إقامة "المركز التنفيذي المشترك" الذي من خلاله كان من المفترض ان يتم التنسيق والعمل المشترك بين القوات الروسية والأمريكية في محاربة داعش والنصرة على الأراضي السورية كما نصت عليه بنود الاتفاق التي وقع من قبل لافروف وكيري في التاسع من هذا الشهر في جنيف. ولا شك أن هذا الحادث الاجرامي الذي دلل بشكل واضح تواطؤ الإدارة الامريكية مع تنظيم داعش سينعكس سلبا على تطبيق بنود الاتفاق الذي ما زالت الولايات المتحدة تصر على إبقاء العديد من بنوده سرية وعدم الإفصاح عنها  ليعطيها هامش من الحرية في نقده والتملص من أية التزامات أو استحقاقات قادمة. ان هذا الحدث الاجرامي قبل يومين من انشاء غرفة العمليات المشتركة يثير العديد من الشكوك حول أهدافه. فالمنطقة كانت منطقة مسيطر عليها من قبل الجيش العربي السوري.
كما ويأتي هذا العمل الاجرامي في اللحظة التي ظهر فيها تباين واضح بين السلطة السياسية الممثلة بإدارة أوباما ووزير خارجيته وربما مجلس الامن القومي الذين يؤيدون الاتفاقية مع روسيا ولو بدرجات متفاوتة ووجود بعض التحفظات والذي يبدو فيه على الأقل من خلال التصريحات أن الإدارة عازمة على تنفيذ الاتفاق، وبين وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" الذي في غالبيته ضد هذا الاتفاق الموقع من قبل وزير الخارجية كيري. وهذا الخلاف والعداء للاتفاق أصبح حديث الصحافة الرسمية الامريكية التي أخذت موقفا مناصرا للجيش والبنتاغون. وعلى ما يبدو أن الامر قد وصل الى درجة من الجدية وهذا ما يمكن استخلاصه من العديد من التصريحات الرسمية من وزارتي الخارجية الامريكية والبنتاغون. فوزير الخارجية كيري صرح في احدى مقابلاته على الهواء لإحدى المحطات بانه " يعتقد أن البنتاغون على استعداد أن يلتزم باتفاقية مصادق عليها من قبل رئيس الولايات المتحدة" أما صحيفة نيو يورك تايمز (13th Sept 2016) المقربة من دوائر القرار في واشنطن فقد كتبت " الاتفاقية التي أعلنها وزير الخارجية جون كيري وروسيا لخفض مستوى العنف وكذلك اعداد القتلى في سوريا، أدت الى زيادة الهوة والانقسامات العامة بين السيد كيري ووزير الدفاع آشتون كارتر الذي لديه العديد من التحفظات على خطة مشاركة القوات الامريكية والروسية معا لاستهداف المجموعات الإرهابية". وربما هذا ما حدا بالتصريحات الروسية التي تساءلت بدورها من يحكم الولايات المتحدة هل هي الإدارة الامريكية أم البنتاغون؟
العديد من الصحف ذهب للتركيز على هذا الخلاف القائم بين السلطة السياسية في واشنطن والبنتاغون وفي تقديري المتواضع أن هذا خطأ فادح في التحليل لان ذلك قد يوحي بأن إدارة أوباما هي الحمل الوديع الذي يريد فعلا السلام وتجنب مزيد من الضحايا في سوريا أو أية منطقة أخرى في العالم ويلقي اللوم على المؤسسة العسكرية. ما يجب أن نتداركه أن الاستراتيجية الامريكية في المنطقة قائمة على ركائز أساسية ثابتة لا تتغير بتغيير الوجوه أو الشخصيات أو من هو الحزب الحاكم ديمقراطيا كان أم جمهوريا، وهذه الركائز في منطقتنا هي ضمان أمن دولة الكيان الصهيوني والسيطرة على منابع النفط والتحكم بخطوط امداداته الى الأسواق العالمية وضمان أسعار مناسبة في هذه الأسواق متناسب مع الاقتصاد الرأسمالي الغربي. وهذه الخطوط العريضة للاستراتيجية الامريكية تتطلب اليات عملية لتنفيذها وهنا قد نجد تفاوتا حول السبل المتبعة لتحقيق هذه الاستراتيجية. وضمن هذا السياق تأتي سياسة "تغير الأنظمة" وتدمير القدرات العسكرية والاقتصادية للبلدان المناوئة للسياسات الأميركية في المنطقة ومحاولة تحويل دولها الى كانتونات طائفية وعرقية ومتقاتلة فيما بينها.
ان الهجوم على مواقع الجيش السوري في دير الزور يأتي ضمن هذه الرؤية الاستراتيجية الامريكية وخاصة بعد الفشل التي منيت به المجموعات الإرهابية في حلب التي كانت قد جهزت بأحدث الأسلحة والذخائر عن طريق الحدود التركية ودربت مع حشد عشرات الالاف من المسلحين للانقضاض على مواقع الجيش السوري والاستيلاء على مدينة حلب بالكامل. كما وفشلت المجموعات الإرهابية المتواجدة في القنيطرة في دحر الجيش السوري في تلك الجبهة بالرغم من عمليات الدعم التسليحي واللوجيستي والاسناد الجوي من قبل الطائرات الإسرائيلية. ومن هنا جاء الاعتداء على مواقع الجيش العربي السوري المتمركزة على جبل ثردة ومحيط المطار العسكري بأربع غارات على الأقل حيث يعتبر موقعا استراتيجيا كونه يطل على مطار ديرالزور ويشكل أخر خطوط الدفاع عن القاعدة الجوية.
لو تمكن تنظيم داعش من السيطرة على جبل ثردة، وكان هذا هو الهدف الرئيسي لاستهداف مواقع الجيش العربي السوري فان ذلك يعني ببساطة السيطرة النارية على مطار دير الزور العسكري الذي ما زال يستخدم من قبل الطائرات السورية لإمداد المحاصرين داخل المدينة بالمواد الأساسية، وبالتالي فان السيطرة على المرتفعات المحيطة به يعني ان ما يقرب من 150000 من المحاصرين سيقعون تحت رحمة تنظيم داعش الإرهابي.
كما وأن هذا الاستهداف التي قامت به طائرات "التحالف الدولي" الذي تقوده الولايات المتحدة كان بمثابة خطوة استباقية لعرقلة مخططات الجيش العربي السوري وحلفاءه لتحرير مدينة ديرالزور بالكامل وفك الحصار المفروض عليها من قبل تنظيم داعش. الولايات المتحدة تريد أن تحتفظ لنفسها بعملية "تحرير" أو بالأحرى إعادة احتلال دير الزور والسيطرة عليها من خلال أدواتها بهدف قطع التواصل الجغرافي بين إيران والعراق وسوريا وهو طريق رئيسي لمحور المقاومة.
قطع هذا التواصل الجغرافي هو الذي يفسر أيضا السياسة التي تتبعها الإدارة الامريكية في العراق فيما يختص بمحاربة داعش فهي عمدت ولا زالت تسعى الى تعطيل وتأخير تحرير الموصل والانبار والمناطق الحدودية مع سوريا تحت كافة الذرائع والحجج تارة بالتشكيك بقدرات الجيش العراقي وجهوزيته وتارة في خلق المشاكل بين المكونات والقوى السياسية العراقية داخل الحكومة العراقية وخارجها وخاصة في موضوع مشاركة قوات الحشد الشعبي في التحرير والذي أبدى قدرات قتالية عالية. وجانب من أهداف هذه الاستراتيجية المتبعة من قبل الإدارة الأميركية هي خلق بديل عن الحكومة العراقية يكون حليفا للولايات المتحدة ويستلم إدارة منطقة الانبار والحدود مع سوريا لقطع التواصل الجغرافي بين إيران والعراق وسوريا وحزب الله في لبنان خدمة للكيان الصهيوني. لكن بالإضافة الى هذا فان التحكم بهذا الطريق قد يفقد هذه الدول إمكانية تنفيذ الاتفاقية بشأن مد خط أنابيب لنقل البترول والغاز الطبيعي من إيران الى شواطئ سوريا على البحر الأبيض المتوسط لتصديره الى الدول الاوروبية وغيرها وهي الاتفاقية التي وقعت بين هذه الدول قبل بدء الازمة السورية.
ومن هنا نرى لماذا تعول الولايات المتحدة السيطرة على دير الزور وأهميتها الاستراتيجية ضمن المخططات الجهنمية للولايات المتحدة للمنطقة ككل لضمان مصالحها وحماية "أمن" الكيان الصهيوني. ومن هنا أيضا نستطيع أن نجزم أن الحدث الذي ارتكبته طائرات "التحالف الدولي" لم تكن مصادفة أو خطأ كما تروجه هذه الإدارة بل هو متعمدا ومنسقا مع تنظيم داعش الإرهابي لأنه يأتي متطابقا مع الرؤيا الاستراتيجية الأميركية بمجملها.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف