الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

كلمة الأستاذ فوزي فريج في ندوة "مركز الحوار العربي"

تاريخ النشر : 2016-09-21
نص كلمة الأستاذ فوزي فريج في ندوة "مركز الحوار العربي" بمنطقة العاصمة الأميركية،

يوم الأربعاء 14-9-2016

***

سأبدأ أولاً بالرواية ثم أسرد بعض الملاحظات حول قاموس المصطلحات.

روايتي المسمّاة “وزهر الرمّان إن حكى” هي عمل نابع من الحنين والمحبّة….. الحنين إلى مسقط رأسي، إلى قريتي الفلسطينية التي اندثرت كلّية بعدما هدمتها الجرّافات الإسرائيلية في ربيع عام ١٩٤٩، والمحبّة لوطن لا ولن يُنسى. وإذا أردتم دليلاً دامغاً على ذلك فما عليكم إلا أن تزوروا مخيماً للاجئين الفلسطينيين في لبنان أو سوريه أو الأردن كما فعلت أنا في زياراتي العديدة للمنطقة، واسئلوا طفلاً في السادسة من عمره يلعب في الزقاق المترب في الصيف، والموحل في الشتاء: إنت من وين؟ "أنا من صفّورية". طيب وين هادي صفورية،؟ "صفورية، في فلسطين". ثم اسئلوا طفلاً آخر يحاول امتطاء درّاجة عتيقة متهالكة: إنت من وين؟ "أنا من سعسع". طيب وين هادي سعسع،؟ "سعسع، بفلسطين". هؤلاء الأطفال ولدوا في المخيمات، آباؤهم ولدوا في المخيمات، أجدادهم اقتلعت جذورهم وباتوا في المخيمات. ولكن قلوبهم وجوانحهم وأحلامهم تظلّ دائماً وأبداً في مكان محدّد اسمه بلد الشيخ قرب حيفا أو الشونه قرب صفد أو الجاحوله قرب طبريا أو أي بقعة في ذلك الوطن السليب.



وقد يسأل سائل: لماذا شجرة الرمّان عنواناً للرواية؟ الشجر المثمر والأرض هما رمز الصمود في فلسطين. منذ مطلع القرن الماضي وحتّى يومنا الحاضر. وعندما تضيع الأرض ويضيع الشجر، يضيع كل شيء. الشاعر الفلسطيني يقول: كلّ ليمونة ستنجب طفلاً ومحال أن ينتهي الليمون. الحركة الصهيونية أدركت ذلك منذ قيام دولة إسرائيل؛ ولذلك تعمّدت على الدوام دكّ الحجر واقتلاع الشجر في نفس الوقت. في قريتي في الجليل الأعلى، اقتلعت الأشجار والبساتين قبل دكّ البيوت. وفي هذه الأيام نرى شغف المستوطنين الصهاينة باقتلاع أشجار الزيتون في الضفّة الغربية. هذا ليس عملاً عشوائياً. إنه مخطّط مبيّت.

الصحفي اللبناني المخضرم سمير عطالله يكتب بصورة منتظمة في "الشرق الأوسط" و"النهار"، ذكر قبل بضعة أسابيع أنه عاش في قريته اللبنانية ثلاث أو أربع سنوات ولكن ذكريات سني طفولته في تلك القرية تظلّ محفورة في روحه، وأصبحت بمثابة لوحة زاهية معلٌقة على جدار. هذا هو شعوري بالضبط. قريتي لم تعد موجودة. محيت كلية من الوجود وقامت مكانها مدينة صناعية غربية لا علاقة لي بها إطلاقاً. عشت في قريتي أول ١٢ سنة من حياتي قبل عام النكبة، وذكرياتها هي لوحة أرنو إليها كلما اشتدّ بي الحنين. وقد حاولت أن أرسم هذه اللوحة في روايتي قدر الإمكان. أتذكّر خضرة سهل الحوله على امتداد البصر وقطعان الجواميس تتهادى قرب القنوات وأهازيج الرعيان في ذلك السهل، وموسم الحصاد… حصاد القمح والذرة، والسهرات التي تعقب موسم الحصاد. أتذكّر زهر اللوز والمشمش في الربيع ودوالي العنب وأكواز التين في الصيف والرمّان في الخريف. أتذكّر أيضاً خبز الذرة وطعمه اللذيذ. كان يخبز دائماً على الصاج فوق الحطب الموقدة.

سهل الحوله الذي تدور فيه أحداث الرواية هو الطرف الشمالي لمنخفض جيولوجي يمتد من أقصى شمال فلسطين إلى الأغوار في أقصى الجنوب. سكان هذا المنخفض يتميزون بلهجة خاصة وملابس وتقاليد وموسيقى وأغاني لها طابعها؛ وحتّى البشرة مميّزة…. فهي بشرة سمراء داكنة تشبه بشرة أهالي صعيد مصر. سهل الحوله أيضاً يعتبر في الجليل الأعلى ومتاخم للحدود اللبنانية والسورية. ولهذا تحدثت في الرواية عن دورة الحياة الواحدة بين سهل الحوله وجبل عامل في جنوب لبنان وهضبة الجولان وسهل حوران في سورية. الأهالي البسطاء لم يسمعوا بسايكس- بيكو ولا بترسيم الحدود المصطنعه. كانوا يعبرون تلك الحدود كل يوم ولا من حسيب ولا رقيب. مرّة أو مرتين في السنة، تمرّ دوريات بريطانية أو فرنسية تبحث عن فارّين مطلوبين للعدالة. وما عدا ذلك، فإن تلك المناطق كانت مجتمعاً متكافلاً معيشياً واجتماعياً.

جرت العادة في معظم الروايات أن تكون هناك قصّة حب كعنصر تشويق. وقصة الحب في روايتي هي بين شاب من عائلة فلاحين وبين إبنة الزعيم الإقطاعي لسهل الحوله. وفي ثنايا الحبكة، نتلمّس التوتر والاختلاف بين جيلين: جيل عاصر نهاية العهد العثماني ويريد المهادنة والتعايش مع التطورات المستجدّة وقبول الأمر الواقع، وجيل الشباب الذي يريد الانعتاق من مخلّفات الماضي والثورة على الظلم والإقطاع والهجمة الصهيونية المتزايدة. والسرد في الرواية لا يحكم على أي منهما. إنه يدع القارئ يحكم. تبيّن الرواية أيضاً الفوارق الهائلة بين محدودية إمكانيات الفلسطينيين في تلك المرحلة المصيرية وبين مقدّرات الصهاينة ونفوذهم في أنحاء العالم. التوقيت أيضاً لعب دوراً بالغ الأهمية في انتصار الحركة الصهيونية. تعاطف العالم مع اليهود بعد المحرقة النازية. الدول العربية المستقلة كانت لا تزال هشّة وطرية العود، فضلا عن أنها كانت تخضع لنفوذ السيطرة الأجنبية. المتطوعون العرب في فلسطين لعبوا دوراً بطولياً مشهوداً وقدّموا التضحيات الغالية في سبيل إنقاذ جزء غال من الوطن الأكبر، ولكنهم لم يكونوا موحّدين في خططهم وهجماتهم ناهيك عن شحّ الذخيرة. هل كانت المعركة محسومة من الأساس؟ جميع الشواهد تدل على ذلك. ولكن الرواية رغم ذلك تبيّن أن الفلسطينيين بتفرقهم ونزاعهم الداخلي بين جماعة الحاج أمين الحسيني وجماعة آل النشاشيبي ضيّعوا فرصاً تاريخية لا تعوّض. وليس أدلّ على ذلك من أننا أصبحنا في هذه الأيام نستجدي العدو 22 بالمئة من أرضنا وننسى تاريخاً من الكفاح والتضحيات. والتاريخ أيضاً يعيد نفسه حينما نرى في هذه الأيام التناحر الذي يخبو حيناً ويتأجّج أحياناً بين فتح وحماس في الضفّة والقطاع.

وأودّ أن أختتم كلمتي عن الرواية بقراءة المقطع الذي يسرد تدمير قريتي في الجليل الأعلى: ........

---------------
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف