الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

البياض والسواد في ديوان "رفيق السالمي يسقي غابة البرتقال" محمود الغرباوي

تاريخ النشر : 2016-08-31
 بقلم: رائد الحواري

البياض والسواد في ديوان
"رفيق السالمي يسقي غابة البرتقال"
محمود الغرباوي
دائما الطبيعة/الظروف/الواقع يفرض ذاته على الكاتب، الشاعر "محمود الغرباوي" يقدم لنا ديوانه المنجز من داخل المعتقل، فنجد اثر السجن واضح وجلي في هذا الديوان، من خلال حديثه عن قسوة المكان وشراسة المحتل، فهناك العديد من الصور يقدمها لنا الشاعر تتحدث عن واقع المعتقل والمعتقلين، وهذا بلا شك يحمل بين ثناياه مشاهد سوداء، إن كان من خلال اللفظ أو من خلال الفكرة/المضمون.
لغة الديوان أيضا تأثرت بالواقع الذي يعيشه الشاعر، من خلال حضور لغة الخطابة المباشرة التي جاءت في العديد من القصائد كما هو الحال في "معتقدات، صاعد، أنصار، ديمومة، قلبي على بلدي" وغيرها من القصائد، ونجد هذا الأثر ايضا من خلال اهداء بعض القصائد إلى اشخاص معينين، أو من خلال تسمية بعضها بأسماء هؤلاء الأشخاص كما هو الحال في قصائد "عمر القاسم، تنور في مقابر الشهداء، شقائق على القبور الصغيرة، الشهيد الطفل محمد عيسى" وغيرها من القصائد.
سنتناول بعض مشاهد والفاظ السواد التي جاء في الديوان، لكي نستوضح اكثر حالة تأثير المكان/الظرف على الشاعر فيقول في قصيدة "جدلية الغربة والوطن":
" يتكدسون على مقابرنا
يتكدسون
وفي ولائم لحمنا نفق
هي الوحدات لن تنسى سجل الخالدين
وتل الزعتر الوصية والمصائر
والظهر لن يمسى تقاليد الخناجر
لا تغلقوا هذي النوافذ" ض 13، بداية القصيدة جاءت تحمل فعل يعطي معنى/مفهوم يتناقض والطبيعة الإنسانية "يتكدسون"، فهذا الفعل متعلق بالجماد وليس بالإنسان، لكن الشاعر أرادنا أن نعلم حجم القسوة التي يتعرض لها في المعتقل، فستخدم فعل غير إنساني للإنسان، فهو يتعارض لمعاملة الجماد، كما تعامل أكياس الطحين أو بالات الملابس.
يغوص الشاعر أكثر في وحل السواد عندما يضيف عبارة: "على مقابرنا" فهذه العبارة أيضا تعمق حالة السواد وتجعل المتلقي يشعر/يحس بظلام الواقع من خلال الألفاظ التي يثقل وقعها عليه من جهة، ومن خلال المعاني/الأفكار التي تحملها من جهة أخرى، فلا مجال للهروب إلى ظرف أو واقع آخر، وهذا يجعل المتلقي يتألم كما يتألم الشاعر.
تستمر حالة التعامل مع الإنساني بما هو غير إنساني من خلال قوله:
"وفي ولائم لحمنا نفق" هنا يقدم الشاعر قسوة غير مألوفة، من خلال جعل الولائم تتكون من لحوم إنسانية، وهذا يمثل ذروة القسوة غير الإنسانية التي يتعرض لها الفلسطيني.
يركز الشاعر على استحضار جغرافيا تثير حالة الفزع عند المتلقي (الفلسطيني)، من خلال ذكر مخيم "الوحدات وتل الزعتر" اللذين تعارضا لمجزتين، فهما يثيران فينا عاصفة الموت الذي تلاحقنا أينما نحل، وكأن دمنا مطلوب من الكل، الأعداء والأخوة معا.

المرأة
المرأة غالبا ما تمنح الرجل الراحة والسكينة، تخلصه من قسوة الواقع، وتجعله يتجاهل/ينسى/يتجاوز ما هو فيه، "محمود الغرباوي" يؤكد هذا الأمر من خلال قصيدة " القرية الطيبة" التي يخاطب فيها المرة فيقول:
" تحسست حزنك يا امرأة ما بكت
حين عاشقها ارتش في غابة
ما شاخ قنديلنا في المساء
إنما شق بابا، وآب
تحسست دربي، أضاء
وأنت إنثيال الينابيع" ص63، رغم وجود بعض الألفاظ القاسية كما هو الحال في "حزنك، بكت، شاخ" إلا أن المعنى يعطي دلالة ايجابية، كما ان بقية الألفاظ مثل "تحسست، امرأة، عاشقها، ارتش، قنديلنا، المساء، شق، الباب، تحسست، دربي، أضاء" كلها كانت ايجابية وتعطي معنى الصفاء والحياة الطبيعية، وهذا الحضور الايجابي للمرأة يشير إلى مكانتها ودورها الفاعل والمؤثر في الشاعر رغم ما يمر به من واقع قاسا.
خلاصة الديوان
بما أن موضوع الديوان هو السجن والاعتقال ومقاومة الاحتلال، اعتقد بأن خلاصة الديوان جاءت في قصيدة "إلى سجين سياسي" التي كانت تمثل خلاصة الديوان، وجاءت لغتها سهلة ووضاحة، لكنها عميقة المعنى، حيث يكمن التألق فيها من خلال بساطتها وإيصالها للفكرة بلغة تتناسب وفكرة الديوان:
"عندما أذكر وجهك
صوتك المورق
جبهتك العريضة
عندما اذكر قيدك
أخجل من نقاء الريح في صدري
وكفي الناعسة
أخجل من دفء الفراش
عندما أذكر عينك وفيض الأسئلة
أترك البيت
وأركض في الأزقة" ص120، اعتقد بأن هذه القصيدة تمثل ذروة التألق في الديوان، لما فيها من أخلاق، /تدفع/توجب المتلقي على الاحتفاظ بذكريات الألم والعذاب الذي يتعرض له السجين، فتجله يبقى متقدا بفكره وعاطفته ومتفاعل مع هؤلاء الاسرى الذي يدفعون ثمنا لحريتنا وكرامتنا، وهذا ما يجعل التفاعل والتكامل معهم واجب أخلاقي قبل أي شيء.
الديوان من نم مشورات وزارة الثقافة الفلسطينية، سلسلة أدب السجون، الطبعة الأولى 2011.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف