من المُبكر الحديث عن تحول جذري في الموقف التركي تجاه الازمة السورية حسب التصريحات الاخيرة لرئيس وزراء أردوغان , وبالتالي ليس هنالك أي تبدل هام في الدور القيادي لتركيا ليس فقط في توجيه المعارك الطاحنة التي تدور الآن في حلب وأريافها الجنوبية والجنوبية الغربية , بل كذلك في الدعم الشامل والمستمر الى هذه اللحظة للفصائل التكفيرية المسلحة وعلى رأسها جيش الفتح ..... كما يبدو من خلال المعارك العنيفة التي إندلعت مُؤخراً في الحسكة بين الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية التي تُنسق عسكريا مع الولايات المُتحدة , أن الولايات المُتحدة تسعى بوضوح في الوقت الذي يخوض فيه الجيش السوري أعنف المعارك الشرسة في حلب, الى إشغال الجيش السوري وتشتيت جهوده العسكرية التي تتركز في احكام الحصار على مواقع جيش الفتح والفصائل المُسلحة الاخرى في الاحياء الشرقية لحلب وفي احباط سلسلة الهجمات العنيفة والمتتابعة التي تخوضها هذه الجماعات لفك الحصار عن معاقلها بتوسيع ثغرة الراموسة جنوبي حلب والتي تقع بالكامل في مرمى النيران المُباشرة للجيش السوري, وهي الثغرة التي نجحت الجماعات المُسلحة باحداثها في جنوب حلب بعد سيطرة الجيش السوري على طريق الكاستيلو الاستراتيجي شمال حلب , هذا في الوقت الذي ما زالت فيه هذه الفصائل تُتابع جهودها المُستميتة للسيطرة على مجمع الكليات العسكرية وتحديداً كليتي المدفعية والجوية الفنية ومساكن ال 1070 وتهديد الاحياء الغربية لحلب ...... ومن الملاحظ أن معارك الحسكة التي انتهت منذ أيام قد بدأت بالتزامن مع الفشل المُتواصل لجيش الفتح والمقاتلين الانتحاريين للحزب الاسلامي التركستاني والفصائل الاخرى في فك الحصار عن أحياء حلب الشرقية عن طريق الريف الجنوبي والجنوبي الغربي لحلب والمُتواصل مع الريف الشمالي الشرقي لمحافظة إدلب التي تَشكل خزان الامداد الرئيسي لمعارك حلب من مقاتلين وأسلحة وذخائر ومعدات عسكرية ومدرعات ...الخ ...... وهنا يبدو من الواضح أن التكتيك العسكري الامريكي في الحسكة لا يهدف فقط الى فرض التعاون والتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية التي تُشكل وحدات الحماية الكردية عمودها الفقري في مواجهة المحاولات الروسية للتنسيق مع هذه القوات , بل أيضاً الى إضعاف وتشتيت جهود الجيش السوري وحلفائه في المقاومة اللبنانية في معارك حلب الضارية ...... لقد وقع الاشقاء الاكراد في قوات سورية الديمقراطية للاسف في فخ الوصاية العسكرية الامريكية, التي تهدف الى تدميرالنظام والدولة وتمزيق سوريا الى كيانات عديدة , ومن ضمنها تشجيع أكراد سوريا في شمال وشمال شرق سوريا بالانفصال عن الدولة المركزية التي تجمع كافة المكونات العرقية السورية ..... هذا من جهة , ومن جهة أخرى فقد فشل الاشقاء الاكراد في قوات سوريا الديمقراطية الى الآن في التعاون مع الجهود الروسية الرامية الى المحاربة الفعالة للارهاب التكفيري , أو في التنسيق مع الجيش العربي السوري في قتال داعش والجماعات التكفيرية الاخرى كما حدث في معارك سابقة ..... فهل سيستفيق الاشقاء الاكراد أخيراً من أحلامهم اللاواقعية ؟؟ بعد الوقوع بالكامل في الفخ الامريكي , ولا سيما بعدما قام الجيش التركي وفصائل من جيش الفتح ونور الدين زنكي( بموافق وتنسيق ميداني مع الولايات المتحدة) بدخول مدينة جرابلس التي تم اخلائها طوعاً ودون أي قتال من قبل داعش , وذلك في عملية عسكرية واسعة تستهدف بوضوح قوات سوريا الديمقراطية ووحدات الحماية الكردية . فالولايات المتحدة لا تُعير أي اهتمام لمستقبل الاكراد في المنطقة ولطموحاتهم المشروعة , ولا هم لها سوى دمار سوريا وتمزيقها وتحويلها الى كيانات ضعيفة متشرذمة في اطار الاستراتيجيه المرسومة للمشرق العربي والشرق الاوسط .
