الأخبار
38 شهيداً في عدوان إسرائيلي على حلب بسورياالاحتلال الإسرائيلي يغتال نائب قائد الوحدة الصاروخية في حزب الله17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطيني
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحوت الذهبي العينين ترجمة : حماد صبح

تاريخ النشر : 2016-08-31
الحوت الذهبي العينين ترجمة : حماد صبح
عاش في البحر البارد ، في مكان بعيد جدا من مكاننا ، حوت رمادي في لون البحر ، ولون الريح ، ولون الضباب ، لم ينسه البحارة الذين رأوه ما عاشوا ؛ ذلك أن عينيه كانتا لؤلؤتين ذهبيتين . وألف البحارة بعد أن يعودوا ويدخلوا الخانات أن يهتفوا : رأيناه ! رأينا الحوت الذهبي العينين !
وسمع الملك في قصره هتافهم ، فتمتم : أحب رؤية هاتين العينين الذهبيتين ، فلا ريب في أنهما عينان سحريتان .
ووعد أن يمنح من يأتيه بهما جائزة كبرى . واعتاد البحارة عند ركوبهم البحر ألا ينسوا أخذ حرابينهم معهم لتساعدهم في صيده غير أنه كان إذا سمع مراكبهم تمخر عباب البحر يغوص عميقا فيه ، ويمضي إلى شاطئه الآخر ، فلا يراه هناك سوى الفتى نول الذي يحبه . وكان نول هذا تعيسا يتيم الأبوين ، يعيش في كوخ مع عمته هل التي لا تحبه . وألف كلما رجع عشية أن يقعد فوق نتء صخري موهون القوى من العمل الذي كلفته به عمته ، ويشرع في انتحاب عنيف يحمل البحر صداه أحيانا إلى شاطئه الآخر ، فأتى الحوت ذات عشية وخاطب نول في صوت حنون جعل موج البحر يثور ، قال : انتظر قليلا يا نول الصغير ! ستصغر عمتك يوما ويعتريها الوهن ، وستكبر أنت وتبلغ أشدك ، وستفعل كل ما يحلو لك ، صبرا قليلا يا نول !
لكن ، واحسرتا ! تعقبت العمة هل نول ذات عشية حتى النتء الصخري ، ولما رأت العينين الذهبيتين تأتلقان في نور البدر ، صممت في الحال على أخذهما إلى الملك ، وعادت في هدوء إلى الكوخ ، فاستحمت ، وسرحت شعرها ، ولبست وشاحها ، وهرولت إلى قصر الملك ، وقالت له : تجعل ابن أخي في قصرك إن أحضرت إليك عيني الحوت الذهبيتين ؟!
فأجابها : نعم ، وسأعينه رئيسا لوزرائي ، وسأمنحك ما شئت من المال .
فقالت : إذن أرسل معي في الغد خير جندك إلى النتء الصخري !
وحين صحا نول في الغد أحضرت إليه سلطانية شيكولاتة ، وقالت مبتسمة : إذا أردت يا نول يمكن أن يكون هذا اليوم آخر عهدنا بالجوع والبرد والنوم فوق أعواد السرخس الخشنة ، وفي استطاعتك أن تكون في الغد رئيس وزراء ، ووافر الغنى . ما عليك سوى أن تنادي الحوت ، وسأنتزع أنا عينيه !
فصرخ نول : لا ! عيناه تخصانه وحده ، ولا موجب لأن يأخذهما الملك . أفضل الفقر على انتزاع عينيه !
فهزت كتفيها وصاحت : تلفق قصصا حول عينين يستحيل أن تكونا حقيقيتين ، وليستا إلا كرتين ذهبيتين لا يستعملهما الحوت أبدا .
فأعاد نول نفيه : لا ! لا !
فأخذت تبكي قائلة : حين أفكر في ما فعلت لك من خير ، وفيما كلفتني من أعباء ، وفي ضروب الرعاية التي محضتك صفوها ، وفي أطباق الطعام التي أطهوها لك ، بينما لا تحب أنت أن أحظى بفراش وثير أنام عليه ...
عندئذ قال : طيب ، قبلت !
فذهبا إلى الصخرة ، ونادى : حوت ! يا حوت !
وسمعا مثل هزيم الرعد ، وانفلق الموج وظهر الحوت ، وفي اللحظة رماه الجنود المختبئون وراء شجر الصنوبر بحرابينهم ، وحطوا عينيه في صندوق صغير دون أن يطلق أي صرخة ، وكل ما فعله أنه أخذ ينتفض ليسقط الحرابين من جسده ، ثم أطبق جفنيه الرماديين ومضى ، أما نول فلبث ساكنا في مكانه دون حراك للنظر إلى الماء البارد حتى شدته جدته من كمه قائلة : هيا ! بنا إلى قصر الملك ! ها قد صرنا من الأثرياء !
وجن الملك فرحا بعيني الحوت الذهبيتين ، وخاطهما في قبعته الفرائية ، وفي الحال رأى كل البحار الزرق والخضر والدهم ، ورأى في نظرة واحدة كل السفن التي تمخر عبابها ، وكل الأسماك السابحة فيها ، وكل الكنوز الجارية في أعماقها ، ورأى ما أسفل جبال الجليد ، والدوامات ، والمواضع التي تندفع منها الزوابع ، فصاح : قضي الأمر ! ملك البحر أنا !
وتخلص من كل المقصات الموجودة في البلاد حتى لا يستطيع أحد حل عيني الذهب بعد خياطتهما في قبعته . ومن ذلك اليوم ما فاه نول بكلمة ، ولا أكل شيئا ، وما عاد ينام ، وصار حين ينظر إلى قبعة الملك يتخيل عيني الذهب تبكيان . وفي عشية تالية اعتلى الصخرة ، وتمتم : حوت ! يا حوت !
وفي اللحظة انفلق الموج المظلم نصفين ، وظهر الحوت ، وتوجع قائلا : أعد لي عيني يا نول لو تكرمت ! إنهما الحاستان التي أبصر بهما حين تلطمني الأمواج . أعدهما ، أرجوك !
فأجابه نول : سأعيدهما لك غدا صباحا ولو كان في هذا موتي .
وعندما عاد إلى القصر شعر بتحسن في خفقات قلبه ، وبأن تنفسه زاد سرعة ، إنه سعيد ! لقد نوى أمرا . وبلغ القصر عند حلول الليل ، ودخل حجرة الملك دون جلبة ، ونزع قبعته متلطفا ، واقترب من النافذة المنارة بالبدر ، وقضى الليل في حل الغرز بيديه . وبعد حلها فائض السعادة أسرع إلى الصخرة . جرى منقطع النفس ، لكنه سمع في اللحظة صوت اندفاع فرسان الملك وراءه ، سمع صيحاتهم ، وصهيل خيلهم . والتفت ليرى إن كانوا لا يزالون بعيدين عنه ، ثم هوى من فوق الصخرة مستغيثا : حوت !
فجذب الفرسان أعنة خيلهم لإيقافها ، ثم ولجوا البحر ، ولما لم يروا سوى الأمواج الهائجة عادوا إلى القصر . ولم يعد الناس يسمعون شيئا عن نول الصغير ، ومع ذلك يقول البحارة إنهم رأوه ، وحين يدخلون خاناتهم يثرثرون حوله في أصوات منخفضة حتى لا يسمعهم الملك ؛ قائلين : رأيناه ! رأينا نول الصغير ! كان معطفه مغطى بالملح ، وتبدو عليه سيما السعادة . كان يضحك ويلهو في الموج فوق ظهر الحوت الذهبي العينين .
*موقع ل. جي . سي الفرنسي .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف