الـدُّف الـســياســـي
بـقـــلـم / حــســـن زايـــــــد
كنت قد قعطت عهداً علي نفسي ، منذ انتخاب مجلس النواب المصري ، ألا أتعرض له بانتقاد . وقد كان لذلك الموقف أسبابه ـ سواء موضوعية أو غير موضوعية ـ التي منها : أنها أول برلمان مصري يجري انتخابه دون اتخاذ موقف مسبق من نتيجتها ، فلا التدخل الحكومي ، ولا التزوير ، ولا شراء الأصوات علي نحو منهجي منظم علي مستوي قطاعات الشعب المصري طولاً وعرضاً وعمقاً . ومنها أنها جرت بعيداً عن الوجوه النيابة الكلاسيكية ، التي أعتدنا تصدرها للمشهد السياسي علي مدار سنوات بعيدة . ومنها أنه شكل كل الفئات المصرية سواء الفئات العمرية ، أو الفئات الإجتماعية ، أو الفئات الإقتصادية ، فضلاً عن تمثيل المرأة ، وتمثيل المسيحيين علي نحوغير مسبوق . كما أنه برلمان ما بعد الثورة ، واستحقاق يجري في ظل أوضاع سياسية وإقتصادية وأمنية غير مواتية . ومنها أن معظم أعضاءه يفتقرون للحنكة السياسية والبرلمانية المطلوبة في حدها الأدني . من أجل كل هذه الأسباب وغيرها قطعت عهد عدم النقد ، مقتديا بالمبدأ الإقتصادي الأشهر في نظام الإقتصاد الحر : " دعه يعمل ، دعه يمر " . رغم أن بدايات هذا البرلمان كانت تربة خصبة للعمل النقدي في المجال الصحفي ، ومعين تغترف منه ما تشاء دون أن يجف . إلا أنه لا يوجد منصف لا يقول بأن هذا البرلمان قد جاء من خلال اقتراع حر مباشر ، بإرادة حرة ممتلئة حرية ، ومحمية من جانب أجهزة أمنية يقظة ، ومعاونة القوات المسلحة ، وحرصهما علي التزام جانب الحياد الإيجابي بين المتنافسين . ولعلنا كنا نأمل في فتح صفحة جديدة بيضاء في تاريخ البرلمانات المصرية . ولعلنا كنا نأمل كذلك في خلق وإفراز شخصية برلمانية ، قادرة وفاعلة ، علي النهوض بالركن الثالث من أركان الدولة المصرية الديمقراطية الحديثة ، بالقدرة والكفاءة والفاعلية المأمولة والمرغوب فيها . إلا أنه مما يؤسف له ، أن الطين كان مبللاً بما يكفي وزيادة ، بما لم يدع للعهد الذي قطعته علي نفسي مبرراً للوجود . فبغض النظر عن مستوي الآداء البرلماني ومخرجاته ، سواء كانت إيجابية أو سلبية ، فإن لي علي البرلمان مأخذين : الأول ـ يتعلق بالبث التلفزيوني المباشر للجلسات ، فقد وُعد الشعب بذلك ، وجري بث قناة تلفزيونية علي النايل سات تحت مسمي " صوت الشعب " . وترجع أهمية البث التلفزيوني ـ علي الأقل للجلسات العامة ـ إلي ضرورة معرفة الشعب بما يدور داخل هذا المطبخ التشريعي من مناقشات من ناحية ، ومراقبة النشاط البرلماني من جانب الشعب تحقيقاً للديمقراطية الأثينية المباشرة من ناحية أخري . الثاني ـ ويتعلق بالتصويت الإلكتروني بديلاً عن التصويت برفع الأيدي . فالتصويت برفع الأيدي ، فضلاً عن كونه آلية متخلفة ، فإنه لا يرقي لمستوي الدقة والكفاءة والفاعلية ، في التعبير عن الرأي الدقيق أثناء عملية التصويت . ويكفي القول بأنه النموذج الأسوأ في إدارة الجلسات ، والتصويت . وليس ذلك من باب الرفض للرفض ، ولا من باب إهالة التراب علي نظام قد سقط بالفعل ، وإنما من باب إقرار الحق . فكلما جري الإعتماد في العمل علي الأنظمة الآلية ، كلما كان أفضل ، لأن الآلة عندما تخطيء فإن خطأها مجرداً ، يسهل اكتشافه ، وتصويبه ، أما الخطأ البشري فمحكوم بمفاهيم وقضايا كثيرة ، من بينها الخطأ المقصود والمبيت النية ، ودور الهوي والمزاج الشخصي فيها ، وتوجيهها توجيهات مختلفة عن الخط العام المستهدف . وقد سعت الدولة ـ بعد سقوط نظام مبارك ـ إلي التخلص من آلية التصويت برفع الأيدي ، والإنتقال إلي آلية التصويت الإلكتروني باعتبارها آلية عصرية حديثة . وقد تم تركيب الشبكة الإلكترونية اللازمة لتشغيل هذا النظام . ثم فوجئنا بتغافل المجلس الموقر للأمرين معاً ، البث التلفزيوني ، والتصويت الإلكتروني . ولا أدري إن كانت هذه التصرفات تنطوي علي التفاف غير مبرر حول الإرادة الشعبية من أجل حرمانه من حقه في المعرفة والمراقبة أ/ لا ؟ ! . وألا يعد ذلك من باب إهدار المال العام من جانب المجلس الموقر ، المنوط به مراقبة الموازنة العامة للدولة ، وأوجه الإنفاق الحكومي ، ومحاسبتها علي ذلك ؟ ! . أم أن هذا التصرف ينطوي علي الأمرين معاً ؟ ! . ولذا ـ فإنه يتعين علي المجلس الموقر ، وضع الدف جانباً ، والبدء مع دورة الإنعقاد الجديدة ، تطبيق النظامين معاً دون إرجاء ، حتي يصدقنا الشعب فيما نقول ونفعل ، وإلا وجدناه علي إيقاع الدف يرقص . أليس كذلك ؟ .
بـقـــلـم / حــســـن زايـــــــد
كنت قد قعطت عهداً علي نفسي ، منذ انتخاب مجلس النواب المصري ، ألا أتعرض له بانتقاد . وقد كان لذلك الموقف أسبابه ـ سواء موضوعية أو غير موضوعية ـ التي منها : أنها أول برلمان مصري يجري انتخابه دون اتخاذ موقف مسبق من نتيجتها ، فلا التدخل الحكومي ، ولا التزوير ، ولا شراء الأصوات علي نحو منهجي منظم علي مستوي قطاعات الشعب المصري طولاً وعرضاً وعمقاً . ومنها أنها جرت بعيداً عن الوجوه النيابة الكلاسيكية ، التي أعتدنا تصدرها للمشهد السياسي علي مدار سنوات بعيدة . ومنها أنه شكل كل الفئات المصرية سواء الفئات العمرية ، أو الفئات الإجتماعية ، أو الفئات الإقتصادية ، فضلاً عن تمثيل المرأة ، وتمثيل المسيحيين علي نحوغير مسبوق . كما أنه برلمان ما بعد الثورة ، واستحقاق يجري في ظل أوضاع سياسية وإقتصادية وأمنية غير مواتية . ومنها أن معظم أعضاءه يفتقرون للحنكة السياسية والبرلمانية المطلوبة في حدها الأدني . من أجل كل هذه الأسباب وغيرها قطعت عهد عدم النقد ، مقتديا بالمبدأ الإقتصادي الأشهر في نظام الإقتصاد الحر : " دعه يعمل ، دعه يمر " . رغم أن بدايات هذا البرلمان كانت تربة خصبة للعمل النقدي في المجال الصحفي ، ومعين تغترف منه ما تشاء دون أن يجف . إلا أنه لا يوجد منصف لا يقول بأن هذا البرلمان قد جاء من خلال اقتراع حر مباشر ، بإرادة حرة ممتلئة حرية ، ومحمية من جانب أجهزة أمنية يقظة ، ومعاونة القوات المسلحة ، وحرصهما علي التزام جانب الحياد الإيجابي بين المتنافسين . ولعلنا كنا نأمل في فتح صفحة جديدة بيضاء في تاريخ البرلمانات المصرية . ولعلنا كنا نأمل كذلك في خلق وإفراز شخصية برلمانية ، قادرة وفاعلة ، علي النهوض بالركن الثالث من أركان الدولة المصرية الديمقراطية الحديثة ، بالقدرة والكفاءة والفاعلية المأمولة والمرغوب فيها . إلا أنه مما يؤسف له ، أن الطين كان مبللاً بما يكفي وزيادة ، بما لم يدع للعهد الذي قطعته علي نفسي مبرراً للوجود . فبغض النظر عن مستوي الآداء البرلماني ومخرجاته ، سواء كانت إيجابية أو سلبية ، فإن لي علي البرلمان مأخذين : الأول ـ يتعلق بالبث التلفزيوني المباشر للجلسات ، فقد وُعد الشعب بذلك ، وجري بث قناة تلفزيونية علي النايل سات تحت مسمي " صوت الشعب " . وترجع أهمية البث التلفزيوني ـ علي الأقل للجلسات العامة ـ إلي ضرورة معرفة الشعب بما يدور داخل هذا المطبخ التشريعي من مناقشات من ناحية ، ومراقبة النشاط البرلماني من جانب الشعب تحقيقاً للديمقراطية الأثينية المباشرة من ناحية أخري . الثاني ـ ويتعلق بالتصويت الإلكتروني بديلاً عن التصويت برفع الأيدي . فالتصويت برفع الأيدي ، فضلاً عن كونه آلية متخلفة ، فإنه لا يرقي لمستوي الدقة والكفاءة والفاعلية ، في التعبير عن الرأي الدقيق أثناء عملية التصويت . ويكفي القول بأنه النموذج الأسوأ في إدارة الجلسات ، والتصويت . وليس ذلك من باب الرفض للرفض ، ولا من باب إهالة التراب علي نظام قد سقط بالفعل ، وإنما من باب إقرار الحق . فكلما جري الإعتماد في العمل علي الأنظمة الآلية ، كلما كان أفضل ، لأن الآلة عندما تخطيء فإن خطأها مجرداً ، يسهل اكتشافه ، وتصويبه ، أما الخطأ البشري فمحكوم بمفاهيم وقضايا كثيرة ، من بينها الخطأ المقصود والمبيت النية ، ودور الهوي والمزاج الشخصي فيها ، وتوجيهها توجيهات مختلفة عن الخط العام المستهدف . وقد سعت الدولة ـ بعد سقوط نظام مبارك ـ إلي التخلص من آلية التصويت برفع الأيدي ، والإنتقال إلي آلية التصويت الإلكتروني باعتبارها آلية عصرية حديثة . وقد تم تركيب الشبكة الإلكترونية اللازمة لتشغيل هذا النظام . ثم فوجئنا بتغافل المجلس الموقر للأمرين معاً ، البث التلفزيوني ، والتصويت الإلكتروني . ولا أدري إن كانت هذه التصرفات تنطوي علي التفاف غير مبرر حول الإرادة الشعبية من أجل حرمانه من حقه في المعرفة والمراقبة أ/ لا ؟ ! . وألا يعد ذلك من باب إهدار المال العام من جانب المجلس الموقر ، المنوط به مراقبة الموازنة العامة للدولة ، وأوجه الإنفاق الحكومي ، ومحاسبتها علي ذلك ؟ ! . أم أن هذا التصرف ينطوي علي الأمرين معاً ؟ ! . ولذا ـ فإنه يتعين علي المجلس الموقر ، وضع الدف جانباً ، والبدء مع دورة الإنعقاد الجديدة ، تطبيق النظامين معاً دون إرجاء ، حتي يصدقنا الشعب فيما نقول ونفعل ، وإلا وجدناه علي إيقاع الدف يرقص . أليس كذلك ؟ .