قبل أن يموت الجلاد / سيره مختلفة
قبل أن يموت الجلاد "سيره مختلفة" للمناضل محمد أبو شاويش...هي سيره مختلفة في سردها...رواها بطريقته وأسلوبه الخاص...بعفويته...وبساطته...بأحاسيسه العميقة...بتفاصسيلها العنيدة...بدون رتوش..وبدون جزالة اللغة العربية والبلاغة وفخامة الكلمات...وبدون حنكة الراوي...هي السيرة كما هي...كما كانت بالواقع...هي ذاتها...كما لو أنه لم يخطها بقلمه وأحاسيسه وذاكرته...هي سيره مختلفة لأنها سبقت موت الجلاد ليكون شاهداً على هزيمته...فكانت هي الحقيقه التي عاشت معه ولم يزل يحتضنها بين أضلاعه التي أتعبها الجلاد...بين ذاكرته التي اختزنت كل تلك المعاناة...هي ليست فكره...بل هي معاناة ومشوار قهري يصنع فكرة وألف فكرة...هو لا يأخذك إلى عالم الخيال...ولا إلى عالم أجاثي كريستي...إنما يأخذك إلى عوالم الحرب والسلام والسجون...ومن لم يعش هذه العوالم...تنقصه معرفة الحياة وتضاريسها...سيرة فيها الإنسان...وسخرية الحياة وسخرية الموت...فيها العبث والجد...فيها الصعلكة...وفيها القوة والإرادة...فيها الحنكة والعفوية...فيها النضال وساحاته...والوطن وفضائه...هي بنيان روائي محكم...لإنه بنيان كان واقعا معاشاً.
قد تكون سيره متكرره في حياة شعبنا...لكنهاسيرة مختلفة لإن صاحبها أزاح عنها التابوهات والمحرمات...عرّى الحقيقة إلا من لونها الحقيقي...كتبها بقلمه وفكره وذاكرته ومعاناته ودمه ووجعه وظرفه وجّده وسخريته...وبكل ألوان الحبر...لم يفتعل أحداثها...ولم يشأ أن يحسّن من وقائعها...كاشفة لكل الأسرار والخفايا الشخصية لدى صاحبها...أراد أن يقول ها هو أنا كما خلقتني يا رب...الأنا المتعبة المعذّبة المقهوره المتمردّة..الأنا الوجودية...لقد طهّر نفسه أمام نفسه وليس أمام اللاهوت.
في سيرته وجدته كما هو منذ عرفته في اللقاء الأول...ولأنني عرفته وخبرته وصادقته...فإنني أقطع بصدق سيرته.
ينقلك من عالم إلى عالم بقدرة هائله من ذاكرة لم يثلم نصلها...من عالم الحزن والألم إلى عالم النكته والظرف...إلى عالم السجن وأهواله وظلامه وعذاباته...ثم يفتح طاقة أمل ومرح وموسيقى بين جدران وزنازين وممرات السجون...فارضاً روحه...وقوة شخصيته المتعددة المواهب...هو الرياضي والفنان الشعبي الذي يدندن على العود...أو يضغط على الأكارديون...والمغني بدون جمال الصوت وطغيان جمال الروح.
يأخذك إلى عالمه...ولا يترك لك مجال إلا ان تبتسم...شخصية مختلفة بكل مواهبها...فلا عجب أن لاعب الجلاد...ولا عجب أن انتصر عليه مرات...فقد مارس معه "جنون الفميلة" أو الفنون الجميلة...فأعطب قدراته وتفوقه في لحظات...وفي لحظة الضعف الإنساني ينتصر الجلاد عليه دون أن يهزمه...لم ينسى جلاّديه واحداً واحداً...واصفاً إياهم...قارئاً شخصياتهم...متنبهاً لذكائهم...يجادلهم يحاورهم بالهزل...يضع جلاّده في متاهة دون بوصلة.
غنّى للمناضلين...كي يطرد رهبة الموت...بعد إعدام العملاء في الزنازين...وصمت الموت المخيف...وهو لا يعشق الصمت ولا الموت...يحب الحياة...يعشق المرح فيملأ المكان فرحاً لوداع أبو عاذره " ما في رواح وانت معانا للصباح"
سردية واقعية تؤرخ لمرحلة نضالية في الأسر الصهيوني..تعيد ذاكرتك إلى ذلك الزمن الجميل والزمن المرعب...هو ابن ذلك الزمن.
ابو علي حسن
28/ 8/ 2016
قبل أن يموت الجلاد "سيره مختلفة" للمناضل محمد أبو شاويش...هي سيره مختلفة في سردها...رواها بطريقته وأسلوبه الخاص...بعفويته...وبساطته...بأحاسيسه العميقة...بتفاصسيلها العنيدة...بدون رتوش..وبدون جزالة اللغة العربية والبلاغة وفخامة الكلمات...وبدون حنكة الراوي...هي السيرة كما هي...كما كانت بالواقع...هي ذاتها...كما لو أنه لم يخطها بقلمه وأحاسيسه وذاكرته...هي سيره مختلفة لأنها سبقت موت الجلاد ليكون شاهداً على هزيمته...فكانت هي الحقيقه التي عاشت معه ولم يزل يحتضنها بين أضلاعه التي أتعبها الجلاد...بين ذاكرته التي اختزنت كل تلك المعاناة...هي ليست فكره...بل هي معاناة ومشوار قهري يصنع فكرة وألف فكرة...هو لا يأخذك إلى عالم الخيال...ولا إلى عالم أجاثي كريستي...إنما يأخذك إلى عوالم الحرب والسلام والسجون...ومن لم يعش هذه العوالم...تنقصه معرفة الحياة وتضاريسها...سيرة فيها الإنسان...وسخرية الحياة وسخرية الموت...فيها العبث والجد...فيها الصعلكة...وفيها القوة والإرادة...فيها الحنكة والعفوية...فيها النضال وساحاته...والوطن وفضائه...هي بنيان روائي محكم...لإنه بنيان كان واقعا معاشاً.
قد تكون سيره متكرره في حياة شعبنا...لكنهاسيرة مختلفة لإن صاحبها أزاح عنها التابوهات والمحرمات...عرّى الحقيقة إلا من لونها الحقيقي...كتبها بقلمه وفكره وذاكرته ومعاناته ودمه ووجعه وظرفه وجّده وسخريته...وبكل ألوان الحبر...لم يفتعل أحداثها...ولم يشأ أن يحسّن من وقائعها...كاشفة لكل الأسرار والخفايا الشخصية لدى صاحبها...أراد أن يقول ها هو أنا كما خلقتني يا رب...الأنا المتعبة المعذّبة المقهوره المتمردّة..الأنا الوجودية...لقد طهّر نفسه أمام نفسه وليس أمام اللاهوت.
في سيرته وجدته كما هو منذ عرفته في اللقاء الأول...ولأنني عرفته وخبرته وصادقته...فإنني أقطع بصدق سيرته.
ينقلك من عالم إلى عالم بقدرة هائله من ذاكرة لم يثلم نصلها...من عالم الحزن والألم إلى عالم النكته والظرف...إلى عالم السجن وأهواله وظلامه وعذاباته...ثم يفتح طاقة أمل ومرح وموسيقى بين جدران وزنازين وممرات السجون...فارضاً روحه...وقوة شخصيته المتعددة المواهب...هو الرياضي والفنان الشعبي الذي يدندن على العود...أو يضغط على الأكارديون...والمغني بدون جمال الصوت وطغيان جمال الروح.
يأخذك إلى عالمه...ولا يترك لك مجال إلا ان تبتسم...شخصية مختلفة بكل مواهبها...فلا عجب أن لاعب الجلاد...ولا عجب أن انتصر عليه مرات...فقد مارس معه "جنون الفميلة" أو الفنون الجميلة...فأعطب قدراته وتفوقه في لحظات...وفي لحظة الضعف الإنساني ينتصر الجلاد عليه دون أن يهزمه...لم ينسى جلاّديه واحداً واحداً...واصفاً إياهم...قارئاً شخصياتهم...متنبهاً لذكائهم...يجادلهم يحاورهم بالهزل...يضع جلاّده في متاهة دون بوصلة.
غنّى للمناضلين...كي يطرد رهبة الموت...بعد إعدام العملاء في الزنازين...وصمت الموت المخيف...وهو لا يعشق الصمت ولا الموت...يحب الحياة...يعشق المرح فيملأ المكان فرحاً لوداع أبو عاذره " ما في رواح وانت معانا للصباح"
سردية واقعية تؤرخ لمرحلة نضالية في الأسر الصهيوني..تعيد ذاكرتك إلى ذلك الزمن الجميل والزمن المرعب...هو ابن ذلك الزمن.
ابو علي حسن
28/ 8/ 2016