الأخبار
بايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاءتناول الشاي في رمضان.. فوائد ومضار وفئات ممنوعة من تناولهالصحة: الاحتلال ارتكب 8 مجازر راح ضحيتها 81 شهيداً
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تحديات القطاع الصحي الفلسطيني المهترئ ورهانات المستقبل بقلم: أ. سلوى ساق الله

تاريخ النشر : 2016-08-28
تحديات القطاع الصحي الفلسطيني المهترئ ورهانات المستقبل  بقلم: أ. سلوى ساق الله
تحديات القطاع الصحي الفلسطيني المهترئ ورهانات المستقبل

بقلم: أ. سلوى ساق الله

ما أشبه القطاع الصحي الفلسطيني وتحديداً في قطاع غزة برجل طاعن في السن لا يقوى على شيء، في حين من المفترض أن يكون من القطاعات الحيوية التي تقدم خدمات صحية علاجية ووقائية وتأهيلية في المستشفيات والعيادات والمختبرات ومراكز الفحوصات المختلفة من أجل تلبية احتياجات الأفراد في المجتمع، باعتبار أن حصول الفرد على القدر الكافي من الخدمات الصحية هو حق تكفله جميع المواثيق المحلية والدولية.

تشير تقارير البنك الدولي عام 2015 أن النظم الصحية في البلدان النامية تعاني تحديات سهولة الوصول إلى الخدمات الصحية بمستوياتها الثلاث: الأولية، والثانوية، والثالثية، ولاشك أن عدم كفاية الموارد المالية، و وكفاءة البشرية يلعب الدور الأكبر في إعاقة تحقيق مبادئ الكفاءة والعدالة في الحقوق والخدمات الصحية المقدمة. 

يعد مفهوم جودة الخدمات الصحية من المفاهيم صعبة القياس بدقة، والوصول إلى تعريف معياري مقبول ليس بالأمر السهل. ويحكم دائما على جودة الخدمات الصحية من خلال منظور المستفيد بالوصول إلى مستوى الرضا المطلوب ابتداء من الاحترام واللطف عند تلقي الخدمة وصولا إلى تلقيها بالكم والنوع والوقت المناسبين.

في الواقع؛ يعاني مستوى جودة الخدمات الصحية في وزارة الصحة؛ والمنظمات الأهلية غير الربحية من ترهلات كثيرة. أبرزها ما يلي:

أولاً: تدني مستوى جودة الخدمة المقدمة الناتج عن عدم توظيف الكفاءات ونقص الخبرات: على صعيد الخدمة الصحية بشكل عام، وتقديم الخدمة الاستشارية بشكل خاص فمن منظور المواطن إن مستوى الخدمة في أدنى مستوياتها! فالمريض أو المستفيد لا يأخذ حقه بالكامل في تلقي خدمة التوعية الصحية، والحصول على الاستشارة الطبية والإرشادات الحقيقية التي يمكنها أن تساهم في وضع حلول مناسبة من أجل السيطرة على المشاكل الصحية من خلال تعديل الممارسات بما يضمن حماية صحته.  فمن المؤسف أن نرى عيادات الرعاية الصحية في وزارة الصحة تعاني من ضعف في برامج وأنشطة التثقيف الصحي الفعال وتحديداً التثقيف الصحي الفردي، وشح المعلومات الصحية والاستشارة الفاعلة المقدمة للحالة، وقد يرجع ذلك إلى عدم إعطاء هذا النوع من الخدمات الأولوية اللازمة أثناء تقديم الرعاية الصحية، باعتباره جهداً ضائعاً، والاستكفاء في عجالة -إلى جانب تناول الأدوية- بمعلومات شحيحة.

إن الخدمات الصحية المقدمة في المنظمات الأهلية غير الربحية لا تختلف كثيراً في تدني مستوى جودتها عن مثيلتها المقدمة في المستشفيات والعيادات الحكومية. ففي حال توفر الأجهزة الحديثة والمطلوبة من خلال مشاريع التمويل والدعم الخارجي، يبقى مستوى تقديم الاستشارة الصحية في حدوده الضيقة.

ومن اللافت أن الخدمات الصحية الطبية وتحديداً الاستشارية المقدمة في القطاع الصحي الخاص تبقى في نطاق جودة يعتمد على مدى الجهود الفردية للقائمين عليها، والخبرة الشخصية لكل طبيب في تقديم الاستشارة. ويبقى مستوى الخدمة هنا في نطاق أفضل من القطاع الحكومي، والمنظمات الأهلية غير الربحية نظراً تقديم خدمة على مستوى عالٍ من الجودة لضمان استمرارية واستدامة العمل داخل عيادات الأطباء.

كما أن مستوى جودة الخدمة المتدني يتزامن مع الممارسات السيئة التي يتعرض لها المستفيدين عند تلقيهم الخدمات الصحية وتحديداً في القطاع الحكومي كالإهمال واللامبالاة ونظرة الاستعلاء من الطواقم العاملة، وبأسلوب يخلو من الاحترام في كثير من الأحيان، وكأن المستفيدين قطعان من الماشية أو جاءوا لتلقي صدقة، وليس الانتفاع بحقوقهم التي تقرها كل من القوانين المحلية والمواثيق الدولية.

إن الكثيرين ممن يعتبرون أنفسهم مهنيين وبما فيهم الأطباء يتعاملون مع المستفيدين بأسلوب يعج بالفظاظة ويخلو من الاحترام، ضاربين بعرض الحائط الأسس الأخلاقية في احترام المستفيد الذي يعتبر أساس وجودهم في أماكنهم الوظيفية!! كما أن نقص الخبرات الفنية في تقديم الاستشارات الفردية للمريض، وزيادة مستوى وعيه بالشكل الأمثل حول حالته الصحية وأليات التدخل اللازمة؛ هي أحد نقاط الضعف شديدة الوضوح في القطاع الصحي الفلسطيني.

ثانياً: الفساد: تتجلى صور الفساد في مجموعة من السلوكيات التي يتولاها أصحاب المناصب كالواسطة والمحسوبية والمحاباة وعدم المساواة بين المواطنين في فرص الاستفادة من هذه الخدمات داخل المستشفيات وعياداتها، والدوائر ذات العلاقة كدائرة العلاج بالخارج!

ثالثاً: تدني مستوى الرضا الوظيفي: إن الرضا الوظيفي وتطور الفرد في وظيفته وحصوله على الترقية علاقة بمستوى أداء العاملين في القطاع الرعاية الصحية، وهو ما أثبتته الدراسات العديدة المنشورة في هذا السياق، والتي أظهرت علاقة طردية قوية بين مستوى الرضا الوظيفي وجودة الخدمات الصحية، حيث أنه كلما كان رضا الموظف واضحاً، فإنه ينعكس بشكل إيجابي على مستوى أدائه أثناء تأدية مهامه الوظيفية.

رابعاً: فقر الموارد ونقص مستمر في الأدوية والعلاجات على الرغم من الموازنات الضخمة التي تصرف على هذا القطاع سواء الحكومي أو العيادات الصحية التابعة للمنظمات الأهلية غير الربحية مقارنة بقطاعات أخرى. لا شك أن أعداد المستفيدين الكبيرة -مقارنةً بالإمكانيات- تشكل العائق الأكبر أمام تقديم الخدمة بالمستوى المهني الأمثل. في ذات الوقت؛ يذكر أن مئات المرضى وتحديداً في القطاع الحكومي يعانون من فاجعة تحديد مواعيد العمليات الجراحية والتي تصل مدة التأجيل إلى ما يزيد عن عامين !!!!! فهل هذا يعقل؟؟ هل يُفترض أن يموت المريض، أو أن يتطور مرضه، أو أن ينتظر عامين كاملين لعلاج مشكلته الصحية وإجراء العملية الجراحية؟؟؟

خامساً: ضعف خدمات التأمين الصحي.

إن القطاع الصحي بحاجة منا إلى وقفة. والسؤال: هل يمكننا أن نراهن على تطوير الخدمة ومستوى جودتها في القطاع الحكومي، والمنظمات الأهلية غير الحكومية؟ إن قطاع الخدمات الصحية الفلسطيني وفي غزة تحديداً بحاجة إلى إصلاحات عديدة من أجل الارتقاء، وفيما يلي بعض التوصيات:

1. الاستنهاض الحكيم لدور المستويات الرفيعة والعليا في وزارة الصحة في الإشراف اللصيق على الخدمات الصحية من أجل ضمان جودة الخدمة المقدمة والاستعمال الجيد للموارد المتوفرة، ومراقبة أداء الطواقم الفنية وتحسين خبراتهم. 

2. وجود خطة وطنية شاملة للخدمات الصحية تبرز سياسات واستراتيجيات وخطط وطنية حقيقية لتحسين مستوى جودة خدمات الرعاية الصحية.

3. الارتقاء بالمعايير وانتهاج الأخلاقيات المهنية في مجال تقديم الخدمات الصحية، وتيسيرها للمواطنين بعيدا عن المحسوبية وأشكال الفساد الأخرى بما يضمن تعزيز النزاهة والشفافية في هذا القطاع، والتشديد على تطبيق آليات المسائلة، وأخلاقيات العمل.

4. إعادة قياس وتقييم النظم الصحية الفلسطينية بشكل عام، وبرامج الخدمات الصحية بما فيها الاستشارات والتوعية بشكل خاص من أجل تحديد الفجوات - وإن كانت واضحة – ليكن التحديد أكثر دقة، وبالتالي تنفيذ وتطبيق السياسيات والبرامج والخطوات الإجرائية والعلاجية اللازمة.

5. إعادة تقييم الطواقم الفنية ابتداء من الأطباء وصولاً إلى طواقم التمريض، فأولئك الذين لا يشعرون الرضا الوظيفي عن استحقاقهم المالي، أو درجتهم الوظيفية ولا يؤدون واجبهم على الوجه الأكمل، ولا يحترمون المعايير الأخلاقية والمهنية في عملهم يجب أن يُقالوا من وظائفهم، فلا مكان لذوي الضمائر الميتة في مواقع الاحتكاك المباشر بالمستفيدين من خدمات في غاية الأهمية كالخدمات الصحية. فمن المفترض أن يتمتع جميع العاملين في القطاع الصحي من أطباء وممرضين، وفنيين بالكفاءة والمهنية المطلوبة من أجل تحقيق الاستجابة الكافية لحاجات المجتمع الصحية، إلى جانب تطبيق مبادئ الاحترام كمسؤولية أخلاقية واجبة في التعامل مع المستفيدين.

6. توظيف الكفاءات وتطوير القدرات: المطلوب أن يكون التعيين والترقية على أساس مبدأ الاستحقاق والجدارة، إلى جانب تعزيز الاستثمار في العنصر البشري، حيث طالما أن الاستثمار لم يشمل العنصر البشري، وتطويره بالشكل اللازم والمطلوب فسوف تبقى خدمات الرعاية الصحية بمستوياتها الثلاث تعاني من تدني مستوى الجودة، وعدم رضا المواطن عنها بشكل عام على الإطلاق. لذا ينبغي أن تُشغل برامج بناء وتطوير القدرات حيزاً كبيراً من الموازنات الخاصة في القطاع الصحي سواء العام الحكومي أو في المؤسسات الأهلية غير الربحية.

يتطلع المجتمع إلى أخذ الجهات المسؤولة ما ورد في هذا المقال على محمل الجد من أجل تحقيق العدالة في المجال الصحي، فلا شك أن التنمية في القطاع الصحي تساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية. 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف