الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الكواكبي والاستبداد بقلم:د. أنيسة فخرو

تاريخ النشر : 2016-08-28
الكواكبي والاستبداد بقلم:د. أنيسة فخرو
ولد المفكر والمصلح عبدالرحمن الكواكبي في حلب عام 1854، واغتيل في مصر عام 1902.

وقد أمضى حياته داعياً للنهوض بالأمة العربية، ومقاوماً الاحتلال العثماني، درس علوم الفقه والشريعة والطبيعة والأدب، وأصدر كتابه «طبائع الاستبداد مصارع الاستعباد» قبيل اغتياله بفترة وجيزة، وكنت قد قرأته منذ زمن طويل، لكنه وقع بين يدي وأنا أرتب مكتبتي، فأعدت قراءته من جديد، وأيقنت لماذا تم قتل هذا المفكر العظيم بالسم وهو في قمة عطائه، فكل حرف وكل كلمة وكل سطر في هذا الكنز «الكتاب» له قيمة ثمينة جدا.

وليسمح لي القارئ أن أقتطف بعض المقولات لهذا العبقري المبدع الذي يقول:

«الله عادل مطلق لا يظلم أحدا، والمستبدون يتولاهم مستبد، والأحرار يتولاهم أحرار، وهذا صريح معنى الحديث: (كما تكونون يولى عليكم)، ما أليق بالأسير في أرض أن يتحول إلى حيث يملك حريته، فإن الكلب الطليق خير حياة من الأسد المربوط».

كنت أسأل نفسي دوماً: لماذا يناصر أغلب رجال الدين، المستبد؟ مع أن الدين جاء رسالة إلهية وثورة بشرية ضد الظلم والطغيان، ويأتي الجواب من الكواكبي قائلاً: «ما من مستبد سياسي إلا ويتخذ له صفة قدسية يشارك بها الله، تعطيه مقام ذي علاقة مع الله، ويتخذ بطانة من خدمة الدين يعينونه على ظلم الناس باسم الله، لتفريق الأمة إلى مذاهب وشيع متعددة تقاوم بعضها بعضا، فتتهاتر قوة الأمة ويذهب ريحها، فيخلو الجو للاستبداد يبيض ويفرخ».

والآيات الكريمة التي تدين الظلم كثيرة جداً، منها قول بلقيس ملكة سبأ من عرب تُبع تخاطب أشراف قومها: «يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون». وكما ورد في قصة موسى مع فرعون «قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى»، أي أفضت مذكراتهم العلنية إلى النزاع، فأجروا مذاكرة سرية كما يجري حاليا في مجالس الشورى، وفي قوله تعالى (وأمرهم شورى بينهم)، (وشاورهم في الأمر).

وعن الاستبداد والدين يقول الكواكبي: «عبيد المستبد من رجال الدين وخدامه يحولون ويحورون ويفسرون الآيات الكريمة على هواهم بما يخدم المستبد، فالآية الكريمة (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم) فسر تجار الدين (أولى الأمر) بأنه المستبد وأعوانه، في حين يُقصد بها أصحاب الرأي والعلم وأشراف القوم، ويأتي تضليل رجال دين المستبد ليُسقطوا عمدا كلمة (منكم) التي تعني من المؤمنين وليس المستبد.

أكثر أعمال الأشرار تبقى مستورة يلقي عليها الاستبداد رداء، خوفاً من الناس من تبعة الشهادة فهم يذكرون الآية (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول) ويغفلون بقية الآية (إلا من ظلم)».

«العدل أساس الحكم، والآيات تؤكد: (إن الله يأمر بالعدل)، (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)، وعاظ السلاطين أفتوا أن لفظ العدل، يعني الحكم بما قاله الفقهاء، وليس التساوي بين الناس.

(وإذا أردنا أن نهلك قرية أِمرِنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليهم القول فدمرناها تدميرا) أِمرِنا وليس أمرنا بالفتحة، أي جعلنا أُمراءها مُترفيها ففسقوا فيها، أي ظلموا أهلها، فحق عليهم العذاب.

(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)، هذه الآية لا تعني سيطرة المسلمين على بعضهم البعض، بل إقامة فئة تسيطر على الحكام كمجالس النواب في الدول المتقدمة.

(المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) حرّفوا معنى الآية على ولاية الشهادة دون الولاية العامة، وغيروا مفهوم اللغة وبدلوا الدين وطمسوا على العقول».

«والحديث (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، يعني كل منكم سلطان ومسؤول عن الأمة. كذلك الحديث (الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى) والتقوى ليست بكثرة العبادة، بل الابتعاد عن رذائل الأعمال اتقاء لعقوبة الله.

وعاظ السلاطين يتفننون في تعظيم المستبد في قولهم: (هو ظل الله على الأرض)، ويتناسون الآيات الكريمة (ألا لعنة الله على الظالمين)، (فلا عدوان إلا على الظالمين)».

رحمك الله يا الكواكبي، لو كنت حياً الآن لكتبت مجلدات في فنون المستبد وخدامه من رجال الدين وغيرهم في التلفيق والكذب، لكنك تركت كتاباً يغني عن ألف كتاب.

[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف